ما صحة ما يُذكر عن مصّ الماء وعلاقته بالوقاية من التليف الكبدي ؟
ما صحة هذه المعلومة ؟
التليف الكبدي و مصّ الماء عند شربه معلومة قيّمة جدا
روى عبد الله بن المبارك ، والبيهقي ، وغيرهما عن النبي صلى الله عليه وسلم: ( إذا شرب أحدكم فليمص الماء مصا ، ولا يعب عباً ، فإنه من الكباد )
والكباد - بضم الكاف وتخفيف الباء - هو وجع الكبد ، وقد علم بالتجربة أن ورود الماء جملة واحدة على الكبد يؤلمها ويضعف حرارتها ، وسبب ذلك المضادة التي بين حرارتها ، وبين ما ورد عليها من كيفية المبرود وكميته . ولو ورد بالتدريج شيئا فشيئا ، لم يضاد حرارتها ، ولم يضعفها ، وهذا مثاله صب الماء البارد على القدر ، وهي تفور لا يضرها صبه قليلا قليلا .
وقد روى الترمذي في " جامعه " عنه - صلى الله عليه وسلم : (لا تشربوا نفسا واحدا كشرب البعير ، ولكن اشربوا مثنى وثلاث ، وسموا إذا أنتم شربتم ، واحمدوا إذا أنتم فرغتم ) .
تم الإثبات علميا أن المسئول عن الشعور بالعطش هو "الكبد" وعند شرب الماء دفعة واحدة يتساقط الماء بطريقة مفاجئة إلى الكبد، فيصاب بما يعرف "بالتليّف الكبدي" ! أما إذا تم شرب الماء على ثلاثة مرات تعمل الأولى على إنذار الكبد وإشعاره أن الماء قادم فيستعد بابتلاله وليونه فلا يسبب للكبد التآكل!!
وهي سُنـّة ٌ محمّديّة ٌ وحقيقة ٌ علميّة فسبحان الله ، ما أعظم نعمة الإسلام
 وما أعظم تطبيق سنن حبيبنا رسول الله (عليه الصلاة والسلام) فلا تحرم غيرك من هذه المعلومة القيـّمة


الجواب :
لا أظن أن هذه المعلومة صحيحة ؛ لأن تَليُّف الكبد له أسباب معروفة طبيّا .

وشُرب العطشان دُفعة واحدة قد يضرّ بالكبد ، أما غير العطشان فلا يضرّ به ، وإن كان الأفضل أن يشرب على دفعتين أو على ثلاث دفعات .
فقد ثَبَت في حديث أَنَسٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَتَنَفَّسُ فِي الإِنَاءِ ثَلاثًا . رواه البخاري ومسلم .
وفي رواية البخاري : كَانَ أَنَسٌ يَتَنَفَّسُ فِي الإِنَاءِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاَثًا، وَزَعَمَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَتَنَفَّسُ ثَلاَثًا .
قال النووي : مَعْنَاهُ فِي أَثْنَاءِ شُرْبِهِ مِنَ الإِنَاءِ ، أَوْ في أثناء شُرْبه الشَّرَابَ . اهـ .
وأحاديث : مصّ الماء ضعيفة .
روى عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ ابْنِ أَبِي حُسَيْنٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إِذَا شَرِبَ أَحَدُكُمْ فَلْيَمُصَّ مَصًّا، وَلا يَعُبَّ عَبًّا، فَإِنَّ الْكُبَادَ مِنَ الْعَبِّ .
ومِن طريق عَبْد الرَّزَّاقِ رواه : البيهقي ، وقال : هَذَا مُرْسَلٌ . اهـ .
والحديث الْمُرْسَل مِن أقسام الحديث الضعيف .
قال الألباني : وهذا إسناد ضعيف لإرساله أوْ إعضاله ؛ فإن ابن أبي حسين - واسْمُه عبد الله بن عبد الرحمن - تابعي صغير ثقة . اهـ .
ورواه أبو نُعيم في " الطب النبوي " من طريق عبد الله بن المبارك، عَن معمر، عَن ابن أبي حسين ، به .
وقال الحافظ العراقي : حديث ( كان يَمص الماء مصا ولا يَعُبّه عَبا ) : البغوي والطبراني وابن عدي وابن قانع وابن مَنْدَه وأبو نعيم في الصحابة مِن حديث بَهْز ( كان يستاك عرضا ويشرب مَصّا ) وللطبراني مِن حديث أم سلمة ( كان لا يَعُبّ ) ، ولأبي الشيخ من حديث ميمونة ( لا يَعُبّ و لا يلهث ) وكُلّها ضعيفة . اهـ .
وضعّفها الألباني .

وكذلك حديث : " لا تَشْرَبُوا وَاحِدًا كَشُرْبِ البَعِيرِ، وَلَكِنْ اشْرَبُوا مَثْنَى وَثُلاثَ، وَسَمُّوا إِذَا أَنْتُمْ شَرِبْتُمْ، وَاحْمَدُوا إِذَا أَنْتُمْ رَفَعْتُمْ " رواه الترمذي ، وقال : هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ وَيَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ الجَزَرِيُّ هُوَ أَبُو فَرْوَةَ الرُّهَاوِيُّ .
وأبو فروة هذا ضعيف .
وضعّف الألباني هذا الحديث .
والله تعالى أعلم .
المجيب الشيخ / عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
عضو مكتب الدعوة والإرشاد