الحمد لله وحده والِصلاة والسلام على من لا نبي بعده سيدنا محمد وعلى اله وصحبه,,,
بداية عندما التحقت بالعمل الحكومي في القطاع الصحي لم أكن آنذاك أخصائي إدارة مستشفيات, وقد تنقلت بين عدة مستشفيات ولم يكن من تلك المستشفيات أي مستشفى يدار من قبل أشخاص مؤهلين إداريا إنما تدار عن طريق التكليف لبعض الأطباء والأخصائيون غير الأطباء والفنيون مما جعلني أظن أننا بحاجة ماسة لأخصائيي إدارة المستشفيات أكثر من حاجتنا لاستشاريي الجراحات الدقيقة والتخصصات النادرة طبعاً ثبت لي مؤخراً أن الموضوع ليس موضوع عجزٍ في المؤهلات بل أسباب أخرى تحتاج إلى وقفاتٍ كثيرة إذا ما أردنا الحديث عنها وليس هذا مجال ذكرها, المهم وحتى لا نذهب بعيداً عن موضوعنا الرئيسي فقد أكملت دراستي وفي أثناء دراستي انتقلت للعمل بمستشفى صامطه العام, أكملت دراستي ولله الحمد و استفدت كثيراً من العلوم الإدارية التي نهلت منها علماً صافيا, وخلال الفترة الماضية وقبل أن اقترب أكثر من الشأن الإداري كنت مثلي مثل غيري من المغردون خارج السرب اعتقد أن هؤلاء المدراء فاسدون, سلبيون, لصوص, غير ملمون بالعمل الإداري, سبب في تأخر المستشفيات المدارة من قبلهم.
لكنني و بعد لكنني هذه سأخص بحديثي هذا مستشفى صامطه العام وإدارتها, فبعد حصولي على المؤهل الإداري أصبحت مهتماً أكثر بالشأن الإداري ومراقباً عن كثب للنواحي الإدارية بالمستشفى وان لم أكن أمارس العمل الإداري فعلاً, ومما لاحظت خلال هذه الفترة بل أصبحت مؤمناً به بأن مؤهلي الإداري لا يساوي ربع خبرة الأستاذ/ إبراهيم جبيلي ونائبه سابقاً الأستاذ/ يحيى مذكور ( أبو عصام ) بل إنني إذا ما أردت وضع نفسي في مقارنة من الأجدر بإدارة المستشفى مع هاذين الهرمين الإداريين فإنني احتاج شهادتين أعلى (ماجستير و دكتوراه ) في مجال الإدارة الصحية مع بعض سنين الخبرة لكي اقترب من خبرتهم الإدارية.
سأخص هذا الجزء من مقالي بالحديث عن الأستاذ/ إبراهيم جبيلي والأستاذ/ يحيى مذكورأبدأ بالأستاذ/ يحيى مذكور لأنه الأكبر سناً, ولأنه أصبح بعيدا عن الساحة الإدارية لتقاعده, هذا الرجل عرفته قبل أن التحق العمل بمستشفى صامطه العام فقد جمعني به الحظ مرةً أو مرتين شرفت خلالها بالحديث إليه و السماع أكثر لدروسٍ من نتاج خبرته الإدارية, وعندما عرفته أكثر بعد انتقالي للعمل بمستشفى صامطه العام وجدته أكثر احتراماً وتواضعاً وخفة ضلٍ مع الجميع فلم أره يوماً يمر بموظف دون أن يسلم عليه ويجاذبه أطراف الحديث والدعابات الخفيفة الجميلة, لم احضر فرحاً أو ترحاً لأحد الزملاء الموظفين صغيراً كان أو كبيراً إلا و أجد الأستاذ يحيى يسبقنا إلى ذلك, رجلٌ رغم تواضع مؤهله العلمي إلا انه بحرٌ لا ينضب من الدراية بالأنظمة والقوانين وإجراءات العمل بل انه أول من يطلعنا على الجديد من التعاميم و اللوائح, أخيرا ورغم أن موضوع بدل الحرب خلق بعض الحواجز بينه وبين معظم الموظفين إلا إنني .أرى فيه إداريا ناجحاً, وأستاذا في التواضع وحسن الخلق فله مني كل الشكر
الأستاذ/ إبراهيم جبيلي ولا أخفيكم إعجابي بهذه الشخصية القيادية, ولا أظن أنني سأوفيه حقه مهما كتبت, فتاريخه الإداري يشهد له, ووضع المستشفى قبل أن يأتي وخلال فترة إدارته تحكي قصصاً من عبقريته, سأورد بعض الشواهد على سبيل المثل وليس على سبيل الحصر, الأستاذ/ إبراهيم يضع رقم جواله على لوحاتٍ موزعة بإنحاء المستشفى لاستقبال الشكاوى والاقتراحات وقد جاء احد المرضى في إحدى الليالي إلى قسم الطوارئ ولم يكن راضياً عن مستوى الخدمة المقدمة له ولديه بعض الملاحظات على قسم الطوارئ وطلب مني رقم المسئول عن المستشفى فأشرت له إلى تلك اللوحة فقام بتسجيل رقم المدير والاتصال عليه وفي الحال وجه المدير بعمل الإجراء المناسب ليس ذلك فحسب بل أنني وجدته وبعد بضعة دقائق يقف أمامي بكل تواضع يلقي التحية ويمسك بيدي لعمل جولة على قسم الطوارئ رصد خلالها بعض الملاحظات ووجه على الفور بتلافيها وشدد علي كإداريٍ مناوب حينها بالتنبه لمثل تلك الملاحظات البسيطة التي لن يشغل باله بها أي مدير آخر قليل الذمة, بل انه سلم على بعض المرضى واستمع لحاجاتهم بكل سعة صدر وعمل على حلها وتذليل صعبها.
المشهد الآخر وهو بشكلٍ عام مع معظم الموظفين, فعلى مدى أعوام من العمل في مستشفى صامطه العام لا اذكر أنني انتظرت أكثر من دقيقة أو دقيقتين لتوقيع أي ورقة من قبل الأستاذ إبراهيم, نعم انه فرقٌ شاسع.
أخيرا, وهنا أوجه حديثي للأستاذ إبراهيم شخصياً فأقول له, يقول الشاعر:-
فإذا أتتك مذمتي من ناقصٍ .... فهي الشهادة لي بأني كامل
وأنا أقول لك:-
فإذا أتتك مذمةٌ من ناقصٍ .... فهي الشهادة لك بأنك كامل
وإرضاء الناس غايةٌ لا تدرك, وفي المجال الصحي لا تدرك بل تستحيل.
التوقيع/ أخصائي إدارة مستشفيات لازال يدرس بالصف الأول الابتدائي في مدرسة خبرتكم الطويلة.