رحلَ الغريبُ مكفَّنا بعذابِهِ
مذْ شرَّدَ الإعصارُ طهرَ سحابِِهِ

في الغربة السوداءِ كان يخبئ الأبناءَ

والأصحابَ في أهدابِِـهِ

نضبتْ مياهُ الحلمِ بين ضلوعِِهِ

إذْ أطفأَ المنفى اشتعالَ ثقابِـهِ

ذَبُلَتْ ليالِكُ دربِه .. واساقطتْ

كل الحمائمِ من غصونِ شبابِِهِ

حملَ الحقائب واقتفى أثر الغرو

بِ .. يخطُّ فوق الأرضِ سِفْرَ إيابِهِ

ترك المدينةَ .. واختفتْ آثارُهُ

لم يبقَ في الطرقاتِ غيرُ غيابِهِ

ومضى .. يضيء إلى الوجود ببسمة

والمسك يعبق من بياض ثيابِهِ

رحل الغريبُ .. ولم يجد مأوى له

فاختار أن يرتاح تحت ترابِهِ

لم يدخرْ للقبرِ إلا دمعة

سُكِبتْ بظهرِ الغيب في محرابِهِ

وسحابةً بيضاء ظلت في السما

ء لتستظل الأرض في أعتابِهِ