. ^ فأما الذين آمنوا فيعلمون أنه الحق من ربهم ^ أما حرف تفصيل يفصل ما أجمل ويؤكد ما به صدر ويتضمن معنى الشرط ولذلك يجاب بالفاء قال سيبويه أما زيد فذاهب معناه مهما يكن من شيء فزيد ذاهب أي هو ذاهب لا محالة وأنه منه عزيمة وكان الأصل دخول الفاء على الجملة لأنها الجزاء لكن كرهوا إيلاءها حرف الشرط
فأدخلوها على الخبر وعوضوا المبتدأ عن الشرط لفظا وفي تصديره الجملتين به إخماد لأمر المؤمنين واعتداد بعلمهم وذم بليغ للكافرين على قولهم والضمير في أنه للمثل أو لأن يضرب و الحق الثابت الذي لا يسوغ إنكاره يعم الأعيان الثابتة والأفعال الصائبة والأقوال الصادقة من قولهم حق الأمر إذا ثبت ومنه ثوب محقق أي محكم النسج . ^ وأما الذين كفروا فيقولون ^ كان من حقه وأما الذين كفروا فلايعلمون ليطابق قرينه ويقابل قسيمه لكن لما كان قولهم هذا دليلا واضحا على كمال جهلهم عدل إليه على سبيل الكناية ليكون كالبرهان عليه . ^ ماذا أراد الله بهذا مثلا ^ يحتمل وجهين أن تكون ما استفهامية وذا بمعنى الذي وما بعده صلته والمجموع خبر ما وأن تكون ما مع ذا اسما واحدا بمعنى أي شيء منصوب المحل على المفعولية مثل ما أراد الله والأحسن في جوابه الرفع على الأول والنصب على الثاني ليطابق الجواب السؤال والإرادة نزوع النفس وميلها إلى الفعل بحيث يحملها عليه وتقال للقوة التي هي مبدأ النزوع والأول مع الفعل والثاني قبله وكلا المعنيين غير متصور اتصاف الباري تعالى به ولذلك اختلف في معنى إرادته
فقيل إرادته لأفعاله أنه غير ساه ولا مكره ولأفعال غيره أمره بها فعلى هذا لم تكن المعاصي بإرادته وقيل علمه باشتمال الأمر على النظام الأكمل والوجه الأصلح فإنه يدعو القادر إلى تحصيله والحق أنه ترجيح أحد مقدوريه على الآخر وتخصيصه بوجه دون وجه أو معنى يوجب هذا الترجيح وهي أعم من الاختيار فإنه ميل مع تفضيل وفي هذا استحقار واسترذال و مثلا نصب على التمييز أو الحال كقوله تعالى ^ هذه ناقة الله لكم آية ^ .
^ يضل به كثيرا ويهدي به كثيرا ^ جواب ماذا أي إضلال كثير وإهداء كثير وضع الفعل موضع المصدر للإشعار بالحدوث والتجدد أو بيان للجملتين المصدرتين بإما وتسجيل بأن العلم بكونه حقا هدى وبيان وأن الجهل بوجه إيراده والإنكار لحسن مورده ضلال وفسوق وكثرة كل واحد من القبيلتين بالنظر إلى أنفسهم لا بالقياس إلى مقابليهم فإن المهديين قليلون بالإضافة إلى أهل الضلال كما قال تعالى ^ وقليل ما هم ^ ^ وقليل من عبادي الشكور ^ ويحتمل أن يكون كثرة الضالين من حيث العدد وكثرة المهديين باعتبار الفضل والشرف كما قال قليل إذا عدوا كثير إذا شدوا وقال إن الكرام كثير في البلاد وإن قلوا كما غيرهم قل وإن كثروا