كنت حينها لا أفقه شيئا عن تلك النظرات الغريبة
كان يرقبني و أنا أتّجه نحو مدرستي ...
ابتسامته العذبة لا زالت تراود ذاكرتي .. هل تراه طيف راحل كغيره أم أنه حلم جميل اختفى
مضت أيام الشقاوة و ها هي ترتسم في الذاكرة كصور عابرة يشتدّ وهجها كلما حن القلب
|
 |
كنت حينها لا أفقه شيئا عن تلك النظرات الغريبة
كان يرقبني و أنا أتّجه نحو مدرستي ...
ابتسامته العذبة لا زالت تراود ذاكرتي .. هل تراه طيف راحل كغيره أم أنه حلم جميل اختفى
مضت أيام الشقاوة و ها هي ترتسم في الذاكرة كصور عابرة يشتدّ وهجها كلما حن القلب
تعلقت صورٌ من الذكريات على حبلِ الحنين..
ويلتقطها النفس شهيقاً من الشوقٍ ذبيح..!
صورٌ تحكــــي العناق والترابــط عــبرالسنين..
أيامُ أبي وأقوامٌ من المـاضي لاتشيح ..!
فــــــ أين ذلك الماضي لايعود؟!.
لروحك الورد
شذا الغالية ازدانت المساحة رونقا بمقدمك غاليتي
فلعلّ الماضي هنا سيرتسم و إن لم يعد
لروحك عناقيد ياسمين
كلّما ارتسمت لي ملامح الطفولة و أنا أقلّب صوري أبتسم
أذكر جيّدا تلك الرفقة الحلوة و الصداقة البريئة التي كانت تجمعني بها
كنا لا نفترق إلا عند النوم ... كانت زميلتي في مقاعد الدراسة
تخاصمنا .. ضحكنا .. صمنا معا و أفطرنا معا .. لعبنا لهونا و غنّينا سويا
نجحنا معا و كنا نتنافس على المراتب الأولى
ترى لم اختفت تلك الصور حين كبرنا ؟؟
لتشرين ذكرى عطرة في حياتي تمتزج بطعم الوجع ... لست أدري هل سأنساك يوما
سأرويك يوما لمن يقرؤون ...
ما زال ذاك اليوم مرسوما في ذاكرتي ... حينها كنا نجتمع سويا نروي قصصا و نغنّي و ننشد
كانت البراءة تعلو المحيّا
لم تراها رحلت تلك الأيام الحلوة و بقيت مجرد ذكريات ما بين دمعة و ابتسامة
كلّما نزل المطر تبادرت إلى ذهني تفاصيل تلك الأيام
جافاني النوم حينها كثيرا و كان قلمي مؤنسي الوحيد
و اليوم تنقر زخات المطر زجاج نافذتي لتعود الذكرى من جديد
فما بال قلمي يجافيني ؟؟
هناك دوما مساحات في الذاكرة لا نرغب في سردها
و ذاكرتي مليئة بلحظات مؤلمة لا زالت تؤرق أيامي .. لا تفارقني أعيشها في عالمي الخاص
ربّما سيحين الوقت للتخلّص منها ...
و لنا موعد على مراجيح الذكرى
وفي غيابهم
أركض الى غار الذكريات
وأناجي وحي سموات الماضي
وحيداً أسكب أغلى الدمعات
أملؤ بها فناجين المكان
وأحفظها في زاويةٍ من زوايا الوقت
فقد ينفد بكاء العين
فأستعينُ بما خبئتُه في تلك الفناجين
وهكذا الى أن ألتقي بهم
اليَوم تُبحرُ بي ذكرياتي لِبداياتي هنا
لاَ أَدْري لمَ ولكن أَظنُّ بِأنَّهُ الحنين لا شيءَ سواه !
أذكر تفاصيله جيدا كأنما يقف أمامي الآن
لا تغيب عني ابتسامته التي لطالما زرعت في قلبي الأمان
كان ذلك منذ بضع سنين في رحاب الثانوية
أستاذي في مادة العلوم الإسلامية (( عبد الرحمن )) ... نعم الأستاذ هو
بارع في تلاوة القرآن .. عذب في محاورتنا و في جذبنا لمادته الطيّبة
التقيته ذات مساء في باحة الثانوية و هناك لمحت ذات الابتسامة لم تتغيّر .. لكنه رحل عنها
و لم أسمع عنه منذ ذلك الحين .. حفظه الله أينما كان
لم تدم صداقاتي طويلا مع من عرفتهم في طفولتي أو حتى أثناء دراستي الثانوية ثم الجامعية
لكني حين ولجت عالم الشبكة العنكبوتية تعرّفت على أشخاص من أنحاء العالم كانوا لي
نعم الأصدقاء و عوّضوني عن خيبات كثيرة عشتها في واقعي المقيت
كانت تلك فتاة فلسطينية يافعة مرحة .. جميلة الروح حلوة الحضور أنيقة في تعاملها
كنت أرقب ما تكتب و تنثر من خلال منتدى انتمينا إليه سويّا ...
تشبهني إلى حدّ كبير .. أحببتها جدا و تعرّفت عليها
عن قرب فأضحت توأمة للروح ..
صديقتي اسمها " نسمة " و هي فعلا كالنسيم لطيفة و رائعة
لا زلت في تواصل معها منذ ما يقارب الست سنوات
حفظها الله أينما كانت
أخذتني الذاكرة و أنا أتبادل أطراف الحديث مع رفيقة لي من المغرب إلى لحظات جميلة كنّا
نقضيها في المرح و تبادل الأخبار ...
لكن اليوم ضاعت هاتيك اللحظات في غياهب الزمن ، فقدنا حلاوة اللقيا و خيّمت علينا
سحائب الفراق و الغياب .. لم أعد أسمع شيئا عنهم إلا مصادفة ... فهل هم بخير ؟
سحقا للفراق يا ريت ما كان في دنيانا موجود ..
هديّة
زارني طيف إنسان لا زالت ذاكرتي تحمل له صورا رائعة
أستاذي في مادّة اللغة الإنجليزية " عزيز " .. كنت أراه دوما مثال الرتابة و النظام
جميل الخلق حسن التعامل مع طلّابه ، راقٍ أسلوبه في التعليم .. يكفي أنه حبّبنا
في دراسة الأدب الإنجليزي و كان لنا أخا أكبر
أذكر ذلك اليوم جيدا عندما قرّرت و زميلتي في الصف أن نهديه هديّة و أرفقناها وقتها
برسالة كتبتها كلّ منا على حدة ...
و كم كان فرحه عظيما بهديّتنا ...
عاد بعد أيّام و ناداني و رفيقتي و هو يبتسم شاكرا إيانا و قدّم لنا بدوره هديّة كانت عبارة
عن كتاب لتعلّم اللغة الإنجليزية مرفقة برسالة ...
لا زلت إلى يومنا هذا أقرأ كلماته الرقيقة التي كتبها مادحا إيّاي ... واضعا في نهايتها توقيعا
باسمه ...
جميلة ذكرياتي أيّام الثانوي ...
كنت في كلّ مرة أجلس فيها مع عائلتي الكبيرة أذكره
يا ليته لا زال بيننا و لم تأخذه يد الموت مبكّرا
لم تفارقه الابتسامة ... كان حنونا و واصلا لرحمه .. يحبّه الجميع
يكفي أنّ جدتي و والدي و كلّ عائلتي حينما يذكرونه تدمع أعينهم ...
أراه أمامي دوما حينما جاءنا زائرا يوما و تلك الابتسامة الرقيقة تعلو شفتيه .. كان والدي
يومها يرمّم سقف منزلنا .. لم أره غير مشمّر عن كمّ قميصه الأبيض و صاعدا نحو
والدي ... هههههه سلّم عليه و عانقه هنآك و باشر بإصلاح السقف برفقته
كان يداعبني و إخوتي و نحن صغار و يمازحنا ... يا الله ما أحلاه و ما أجمل روحه الطيّبة
اغتالته يد الغدر ذات يوم ذات زمن و لم نعرف لجثّته مكانا ... غصّة تخنقني و أنا أكتب الآن
أسأل الله أن يرحمه و يغفر له و يجمعنا و إياه في جنّات النعيم ...
كان ذلك عمّي " سعيد " رحمة الله عليه
للذكرى وقعٌ تارة أليم و تارة حلو عذب
يرحل أصحاب الذاكرة و تبقى الأشياء و الأماكن لتحدثنا عنهم
كتبت أحلام مستغانمي قائلة " ذاكرة الأشياء أكثر إيلاما من جثث أصحابها "
ربّما كانت تخاطبني في حديثها ذاك ... فلم تزل هداياه في البيت تذكّرني به .. بحديثه
بطيب قلبه ...
لكنه القدر شاء أن نفترق و تلعب أحكام الأسرة دورها في الحكاية
و للمراجيح نهاية
اممممم
لا زلت أقف أحيانا لأتجوّل في صورٍ ماضية ...
أبتسم حينا و أحزن آخر
كم مرّ الوقت سريعا
كنّا صغارا نلعب سويّة و نتبادل القصص
كبرنا و افترقنا
ذهبت كلٌّ منا في دربها
أجلس و أنا أقلّب في أوراق ذاكرتي فأشتمّ عبق صورهم
أحنّ إليهم و إلى أيام جمعتنا سويّا
يا ترى ما يصنعون اليوم و كيف حالهم ....
و للذكريات بقيّة
كان يوم الأربعاء الحادي و العشرين من مايو العام 2003
يومها كنت في الحيّ الجامعي و الساعة تقارب الثامنة ليلا ... هممت للوضوء للصلاة و إذ
بالأرض تهتز لم ندرك حينها ما يحدث فقط سمعت صرخات الفتيات و ركضنا و السلالم تأرجحنا
كنا تقريبا في آخر طابق من بناية الحيّ ..
يومها لم أعرف كيف وصلت سالمة للأسفل لكني لا أنسى الذعر الذي دبّ في أوصالي
بعدها بدأت تتوالى الأخبار ... كان زلزالا ضرب مدينتي الأصل " بومرداس " في عمق البحر
و خلّف الكثير من الخسائر نظرا لموجة التسونامي التي نشأت حينذاك ...
مآت العديد من الناس و لا زلنا إلى اليوم نعاني أثر الزلزال حيث بات ذكرى جماعية
يتقاسمها الجزائريون و خاصة سكان العاصمة و مدينة بومرداس ..
الحمد لله أني ما فقدت أحدا من أهلي .... فقد انقطعت عنهم حينها لمدة أسبوع كامل
بسبب انقطاع الطرقات و انعدام الاتصالات .. تضرر بيتنا و سقطت منه أجزاء عديدة
قمنا بترميمها لاحقا
لا أذكر جيدا كثيرا من تفاصيل الأيام الماضية لكني ما زلت ألمح صورا عابرة بين الفينة و الأخرى
تمرّ بي أطياف من كانوا هنا يوما يزيّنون أيامنا بالبسمات و يزرعون في قلوبنا الضحكات ...
و ها قد رحلوا .. إلى أين لا أدري فحتى الذكرى باتت مرهقة تنزف وجعا ..
كان عابر سبيل ... خفيف الظل مرحا ... جميل الخصال غرس في روحي الأمل ثم اختفى
سحقا لذاكرة تصرّ على الاختفاظ بلحظات الفراق
ضوابط المشاركة
رد مع اقتباس
