قرأت في صحيفة <الحياة<الصادرة يوم الثلاثاء 4(ابريل)2006العدد15705
خبر وفاة الشاعر و الكاتب السوري محمد الماغوط عن عمر يناهز (72)عاما,
اثر تعرضه لهبوط حاد في القلب ..




العيون الحزينة في باب توما



لم. ‬يعثر محمد الماغوط على تلك. «‬التلة المرتفعة.» ‬التي. ‬ظل. ‬يبحث عنها ليعلن عليها راية استسلامه،. ‬لم. ‬

يجدها في. ‬الوطن ولا في. ‬مكان آخر.. ‬وظلت العيون الحزينة في. «‬باب توما.» ‬ترمقه. ‬،. ‬بينما دموعه زرقاء

من كثرة ما نظر إلى السماء،. ‬وصفراء من طول ما حلم بالسنابل الذهبية..‬ رحل. «‬البدوي. ‬الأحمر.»‬،. ‬وبقيت

قصيدة النثر بمجموعاته الشعرية الأولى الثلاث ناجية من كل من حاول. ‬أن. ‬يروضها،. ‬كانت قصيدته من

البرية والانعتاق ما. ‬يجعلها في. ‬لحظة رعوية لكنها لا تعرف إلا المدن،. ‬ولا تخرج إلا من. ‬غرف صغيرة. ‬

يسلخ عن جدرانها ثيابه كما. "الثوار المشبوهين.". ‬شاعر مسكون بالأزقة والمقاهي. ‬والحانات،. ‬ومتبوعاً. ‬

بلعنة قريته السلمية،. ‬دون أن. ‬يقوى على مفارقة دمشق،. ‬التي. ‬حين. ‬غادرها إلى باريس لإجراء عمل جراحي. ‬

وضبط متلبساً. ‬في. ‬مقاهيها. ‬غارقاً. ‬بملذات ما. ‬يناهض وضعه الصحي،. ‬قال. "ليس في. ‬مقدوري. ‬هنا أن اكتب

رسالة. " الشاعر أولا وأخيرا،. ‬وبعيداً. ‬عن المسرح ودريد لحام و"العصفور الأحدب." ‬الذي. ‬سيندرج ثانياً،. ‬

وصاحب مقالات لن تنسى ما دامت تشبه وضع. "‬أليس في. ‬بلاد العجائب."‬،. ‬عنوان مقاله الشهري. ‬في. ‬مجلة.

"المستقبل."،. ‬والتي. ‬أمضى في. ‬واحدة. ‬منها. ‬يتشكى من كافة الأمراض النفسية والسياسية والاجتماعية

والثقافية التي. ‬يعاني. ‬منها بوصفه عربيا،. ‬إلى أن وصل عيادة وزير الخارجية الأميركي. ‬كسينجر على أمل

أن. ‬يشفيه ليقول له. «‬اختصاصي. ‬معالجة الأنظمة لا الشعوب.»‬،. ‬كان الماغوط مأزقاً. ‬لكل مطبوعة. ‬يكتب

فيها،. ‬وتهكماً. ‬حاداً. ‬وثاقباً. ‬يحفر عميقاً. ‬ف. «‬الجبهة المركزية.» ‬هي. ‬نفسها. «‬التدفئة المركزية.» ‬ولا نجاة من

البرد في. ‬هذا الوطن الممتد من الماء إلى الماء..‬ لم. ‬يكن معنياً. ‬بأي. ‬قالب نظري،. ‬وظلت مساهمته في. ‬مجلة. «‬

شعر.» ‬عبر القصيدة والقصيدة فقط لا. ‬غير،. ‬مشغولا حينها كما. ‬يقول بجوع أبدي. ‬كان. ‬يدفعه إلى. ‬التهام كل

ما تحتويه ثلاجة. ‬يوسف الخال بينما. ‬ينغمس الخال وأدونيس وانسي. ‬الحاج وشوقي. ‬ابي. ‬شقرا وباقي. ‬الجوقة

بحوارات وتنظيرات. ‬القصيدة العربية الحديثة التي. ‬كانت تتشكل في. ‬خميس. «‬مجلة شعر.».‬ كان الماغوط

أغصانا مجبولة على الأنين. ‬،. ‬وأخرى. ‬يتسلقها الأطفال،. ‬بقدرة. ‬غرائبية علىاجتراح الضحك المتبوع

بتجهم،. ‬هو الذي. ‬قالها. «‬سأخون وطني.»‬،. ‬وكان. ‬يضحك ويضحكنا محاصراً. ‬ب. «‬غرفة بملايين الجدران.» ‬

ومصراً. ‬على أن. «‬الفرح ليس مهنتي.» ‬وأنه صاحب. «‬حزن في. ‬ضوء القمر.»‬،. ‬كانت ضحكته مجلجلة بينما. ‬

يعد ملفاً. ‬ضخماً. ‬عن العذاب العربي..‬‏‏





*غربة: إحدى المسرحيات التي كتبها الشاعر ..



تحية للجميع ..


http://www.o2publishing.com/_new_arc...20060405061641