الأمشاج: ويشير الحديث النبوي الشريف إلى أن الإخصاب لا يحدث من كل ماء الذكر، وفي ذلك يقول رسول الله (ما من كل الماء يكون الولد) وهكذا فإن الخلق من الماء يتم من خلال اختيار خاص، والوصف النبوي يحدد بكل دقة كل هذه المعاني التي كشف عنها العلم اليوم
ثالثاً: النطفة الأمشاج:
تأخذ البييضة الملقحة شكل قطرة، ( نطفة الأمشاج) أي قطرة مختلطة من مائين. تعرف علميًا عند بدء تكونها( بالزيجوت = البييضة الملقحة)
ويشير القرآن الكريم إلى النطفة الأمشاج بقوله تعالى: { إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج } [سورة الدهر]:
فكلمة أمشاج من الناحية العلمية دقيقة تماماً وهي صفة جمع تصف كلمة نطفة المفردة، التي هي عبارة عن كائن واحد يتكون من أخلاط متعددة تحمل صفات الأسلاف والأحفاد لكل جنين
.
وتواصل هذه المرحلة نموها، وتحتفظ بشكل النطفة، ولكنها تنقسم إلى خلايا أصغر تدعى قسيمات جرثومية =(قسيمة أروميةblastomeres ). وبعد أربعة أيام تتكون كتلة كروية من الخلايا تعرف التوتية(morula) وبعد خمسة أيام من الإخصاب تسمى النطفة كيس الجرثومة = كيسَةٌ أُرَيمِيَّة blastocyst) (مع انشطار خلايا التوتية إلى جزئين )
الصورة تم تصغيرها تلقائيا. انقر على هذا الشريط لعرض الصورة بحجمها الأصلي. ابعاد الصورة الأصلية هي 800×635 وحجمها 72 كيلوبايت.
المصطلح القرآني (النطفة ) أدق من المصطلح العلمي ( تويته)
وبالرغم من انقسام النطفة في الداخل إلى خلايا فإن طبيعتها ومظهرها لا يتغيران عن النطفة لأنها تملك غشاءً سميكا يحفظها ويحفظ مظهر النطفة فيها.
وخلال هذه الفترة ينطبق مصطلح ( نطفة أمشاج ) بشكل مناسب تمامًا على النطفة في كافة تطوراتها، إذ إنها تظل كيانًا متعددًا. فهي إلى هذا الوقت جزء من ماء الرجل والمرأة، وتأخذ شكل القطرة فهي نطفة، وتحمل أخلاطًا كثيرة فهي أمشاج
بينما لا يسعفنا مصطلح توتة ( هذا المصطلح الــذي يعنى جسماً مصمتاً لا سائلاً ) بهــذا المعني، كمــا لا تعبر الأرقــام المستعملة الآن عن هذه المعاني
نتاج تكوين النطفة الأمشاج:
أ- الخلق:
وهو البداية الحقيقية لوجود الكائن الإنساني فالمنوي يوجد فيه(23) حاملاً وراثيًا، كما يوجد في البييضة(23) حاملاً وراثيًا أيضًا. ويندمج المنوي في البييضة لتكوين الخلية الجديدة التي تحوي عددًا من الصبغيات ( الكروموسومات ) مساويا" للخلية الإنسانية (46)، وبوجود الخلية التي تحمل هذا العدد من الصبغيات يتحقق الوجود الإنساني، ويتقرر به خلق إنسان. جديد لأن جميع الخطوات التالية ترتكز على هذه الخطوة وتنبثق منها، فهذه هي الخطوة الأولى لوجود المخلوق الجديد.
ب التقدير (البرمجة الجينية):
وبعد ساعات من تخلق إنسان جديد في خلية إنسانية كاملة تبدأ عملية أخرى، تتحدد فيها الصفات التي ستظهر على الجنين في المستقبل ( الصفات السائدة ) كما تحدد فيها الصفات المتنحية التي قد تظهر في الأجيال القادمة، وهكذا يتم تقدير أوصاف الجنين وتحديدها.
وقد أشار القرآن إلى هاتين العمليتين المتعاقبتين ( الخلق والتقدير ) في أول مراحل النطفة الأمشاج في قوله تعالى: { قتل الإنسان ما أكفره ¤ من أي شئ خلقه ¤ من نطفة خلقة فقدره } [سورة عبس] الآيات 17-19.
جـ – تحديد الجنس:
ويتضمن التقدير الذي يحدث في النطفة الأمشاج تحديد الذكورة والأنوثة، وإلى هذا تشير الآية الكريمة: { وأنه خلق الزوجين الذكر والأنثى ¤ من نطفة إذا تمني } سورة النجم الآيتان( 45-46 ) فإذا كان المنوي الذي نجح في تلقيح البييضة يحمل الكروموسوم y كانت النتيجة ذكرًا، وإذا كان ذلك المنوي يحمل الكروموسوم x كانت النتيجة أنثى .
هل تصور أحد من البشر أن نطفة الرجل حال الإمناء يتقرر مصيرها وما يخرج منها ذكرا كان أو أنثى ؟! هل يخطر هذا بالبال ؟ من أخبر محمدا أن النطفة بأحد نوعيها (X) أو Y)) هي المسؤولة عن تحديد جنس الجنين ؟ هذه لم تعرف إلا بعد إكتشاف المايكروسكوب الإلكتروني في القرن الماضي !! حيث عرفوا أن الذكورة والأنوثة تتقرر في النطفة وليس في البويضة ، يعني كنا في أوائل القرن العشرين وكانت البشرية بأجمعها لا تعلم أن الذكورة والأنوثة مقررة في النطفة لكن القرآن الذي نزل قبل أربعة عشر قرنا يقرر هذا في غاية الوضوح!
رابعاً: الحرث:
تبقى النطفة إلى ما قبل طور الحرث ( الانغراس ) متحركة وتظل كذلك حين تصير أمشاجًا وبعد ذلك، وبالتصاقها بالرحم تبدأ مرحلة الاستقرار التي أشار إليها الحديث النبوي( يدخل الملك على النطفة بعدما تستقر في الرحم بأربعين أو خمسة وأربعين يومًا….)
، وفي نهاية مرحلة النطفة الأمشاج ينغرس كيس الجرثومة = كيسَةٌ أُرَيمِيَّة في بطانة الرحم بما يشبه انغــراس البذرة في التربة في عملية حـرث الأرض، وإلى هذه العملية تشير الآية الكريمة: { نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم } [البقرة 222]
وبهذا الانغراس =التعشيش يبدأ طور الحرث ويكون عمر النطفة حينئذ ستة أيام. وفي الحقيقة تنغرس النطفة( كيس الجرثومة blastocyst) في بطانة الرحم بواسطة خلايا تنشأ منها تتعلق بها في جدار الرحم والتي ستكون في النهاية المشيمة كما تنغرس البذرة في التربة