
حكم تمثيل يوم القيامة
س/ أود أن أسأل عن حكم تمثيل يوم القيامه؟؟ علماً أنه هذا المشهد لتمثيل حديث نبوي؟؟ وأه بث من قبل قناه موثق بها؟؟
شكراً..
الجواب :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
لا يجوز بِحال من الأحوال تمثيل مشاهد يوم القيامة ، بل ولا تمثيل ولا تجسيد الأمور الغيبية .
لأن تمثيلها يتضمّن عِدّة محاذير ، منها :
1 – تصوير الأمور الغيبية بصورة مُشاهَدة ، والأمور الغيبية لا عَهد للإنسان بها ، فكيف يُصوّرها أو يتخيّلها .
2 – تَجرئة السفهاء على تمثيل الجنة والنار ، بل قد تجرأ بعض السفهاء على تمثيل النبي صلى الله عليه وسلم ، وتمثيل جبريل عليه الصلاة والسلام .
3 – ما في هذا من الاستهزاء والاستخفاف بأهوال يوم القيامة ، أو بأمور الآخرة .
4 – ذهاب هيبة ذلك اليوم من النفوس ، وقد جَعَل الله لذلك اليوم هيبته ، وساق به النفوس ، فإن الله لما ذَكَر الربا قال بعد ذلك : (وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ)
وتكرر في السنة النبوية كثيرا : من كان يؤمن بالله واليوم الآخر ...
كل ذلك لكي يبقى لذلك اليوم هيبته في النفوس ، ولكي ترتدع وتَنْزَجِر النفوس الجامحة ، إذا علِمتْ أن هناك يوم آخر فيه جزاء وحساب ، وطول وقوف ، وأهوال وأحوال لا يَعلم حقيقتها إلا الله .
والعلماء إذا تكلّموا في أحاديث الوعيد أجروها على ظاهرها ، لأنهم يَرون أن هذا أردع وأبلغ في النفوس .
هذا وهو تفسير للنّصّ وشرح للمعنى ، فكيف به وهو تمثيل وتجسيد ليوم القيامة ؟
فلا يجوز تمثيل ما يتعلق بالغيبيات ، سواء كان ذلك مما يتعلّق بالقبر وأهواله ، أو ما يتعلّق بِيومِ القيامة ، أو ما يتعلّق بالأعمال والجزاء والثواب والعقاب والحساب .
كما لا يجوز تمثيل الأنبياء ولا الصحابة ولا العلماء والصالحين ؛ لأن حقيقة التمثيل استخفاف واستهزاء .
وما يُطلَق عليه " مسلسلات تاريخية " هي تشويه للتاريخ ، وتصوير الصالحين والقادة بِصور مُغايرة للواقع تماما .
والله المستعان .
الشيخ / عبد الرحمن السحيم - حفظه الله -
المصدر

فيلم ( رب ارجعون ) المنتشر في المنتديات .. ماذا عنه ..؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة
أحسن الله اليكم يا شيخ
لقد شاهدت هذا الفيلم ( رب ارجعون ) منتشر في المنتديات
وهو يصور ملك الموت ولا نعلم هل يجوز مشاهدة مثل هذه الافلام
ام لا..؟
وهذا هو الموضوع اقتبسته لكم ..
اقتباس
(جاء في حديث النبي صلى الله عليه وسلم عن وصف لنزع الروح بأن من كانت في حياته اعمال صالحه نزعت روحه وهي مثل قطرة الماء على ورق الشجر و من كان غير ذلك فيكون نزع روحه مثل القطن اذا علق في الشوك كيف تكون شعيرات القطن ....الله يحسن خواتيم اعمالنا
منقول)
وجزاكم الله خيراً ..
الجواب :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وجزاك الله خيرا
أحسن الله إليك .
لا يجوز تمثيل الملائكة الكرام ؛ لأنهم عالَم غيبي ، والموت أيضا مما له تعلّق بِعالَم الغيب .
وتمثيل الملائكة كُفر بالله ؛ لأنه استخفاف بِهم ، ولذا وَجب علينا الإيمان بالملائكة جُملة وتفصيلا .
جُمْلَة بأنهم خَلْق كِرام خَلَقهم الله مِن نُور ، لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون ، يُسبِّحون الليل والنهار لا يفتُرون ، وأنهم لا يَعلم عددهم إلاّ الله .
وتفصيلا بِما جاء في أسمائهم ووظائفهم ، وما جاء في ذِكر أعداد بعضهم ، مِن مثل حَمَلة العرش ، وخزنة جهنم ، مما جاء في الكِتاب وصحّ في السنة .
وما عدا ذلك خوض فيما لا يجوز الخوض فيه .
وأبشع ما يَكون أن يُقصد بذلك التمثيل دعوة الناس ، ودعوة الناس وحثّهم على الطاعات , ترك المنكرات ، لا يكون بهذه الصورة .
ولا يجوز مُشاهدة مثل هذا التمثيل ، ولا الرضا به .
ومثله يُقال في تمثيل الأنبياء الكرام عليهم الصلاة والسلام .
وقد منع العلماء تمثيل أدوار الصحابة الكرام .
وفي فتاوى اللجنة الدائمة في المملكة ما نصّه :
تمثيل الصحابة أوْ أحَد منهم مَمْنوع ; لِمَا فِيه مِن الامْتِهان لهم والاسْتِخْفَاف بِهم وتعريضهم للـنَّيْل مِنهم ، وإن ظن فيه مصلحة فما يَؤدي إليه مِن الْمَفَاسِد أرْجَح ، وما كانت مفسدته أرْجَح فهو مَمْنُوع ، وقد صَدر قرار من مجلس هيئة كبار العلماء في منع ذلك . اهـ .
وقَرَّرَت هيئة كبار العلماء في دورتها الثالثة المنعقدة فيما بين 1 / 4 / 1393 هـ ، ما يلي :
1 – إن الله سبحانه أثْنَى على الصَّحَابَة ، وبَيَّن مَنْزِلَتهم العَالية ومَكَانَتَهم الرَّفِيعة، وفي إخراج حَياة أي واحد منهم على شكل مسرحية أو فيلم سينمائي مُنَافَاة لهذا الثناء الذي أثنى الله عليهم به، وتَنْزِيل لَهم مِن الْمَكَانة العَالِية التي جعلها الله لهم وأكْرَمَهم بها .
2- إن تمثيل أي واحِد منهم سَيَكُون مَوْضِعًا للسُّخْرِية والاستهزاء ، ويَتَولاَّه أُنَاس غالبا ليس للصَّلاح والتقوى مَكان في حَياتهم العَامة والأخْلاق الإسِلامية مَع َما يَقْصده أرْبَاب الْمَسَارِح مِن جَعْل ذلك وَسِيلة إلى الكَسْب المادي ، وأنه مَهما حَصَل مِن الـتَّحَفُّظ فَسَيَشْتَمِل على الكذب والغيبة ، كما يَضَع تمثيل الصحابة رضوان الله عليهم في أنْفُس الناس وَضْعًا مُزْرِيًا ، فَتَتَزَعْزَع الـثَّقَة بأصْحَاب الرسول صلى الله عليه وسلم ، وتَخِفّ الْهَيْبَة التي في نفوس المسلمين من الْمُشَاهِدِين ، ويَنْفَتِح باب التشكيك على المسلمين في دِينهم ، والْجَدَل والْمُنَاقَشَة في أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ، ويتضمن ضَرورة أن يَقِف أحد الْمُمَثِّلِين مَوْقِف أبي جهل وأمثاله ، ويَجْرِي على لِسَانِه سَبّ بِلال وسَبّ الرسول صلى الله عليه وسلم ، وما جاء به الإسلام ، ولا شك أن هذا مُنْكَر ، كما يَتخذ هَدَفا لِبَلْبَلة أفكار المسلمين نحو عَقيدتهم وكِتاب رَبهم وسُنة نَبِيِّهم محمد صلى الله عليه وسلم .
3- ما يُقَال مِن وُجُود مَصلحة ، وهي إظهار مكارم الأخلاق ومحاسن الآداب مع التحري للحقيقة وضبط السيرة وعدم الإخلال بشيء من ذلك بِوَجْهٍ مِن الوُجُوه رغبة في العبرة والاتعاظ ؛ فهذا مُجَرّد فَرْض وتَقْدِير ، فإنَّ مَن عَرَف حَال الْمُمَثِّلِين ومَا يَهْدِفُون إليه عَرَف أنَّ هذا النوع من التمثيل يأباه واقِع الْمُمَثِّلِين ورُوَّاد الـتَّمْثِيل ، وما هو شأنهم في حياتهم وأعمالهم .
4 - مِن القَواعِد الْمُقَرَّرة في الشريعة : أنَّ مَا كان مَفْسَدَة مَحْضَة أوْ رَاجِحَة فإنه مُحَرَّم ، وتَمْثِيل الصحابة على تقدير وجود مصلحة فيه فَمَفْسَدَتُه رَاجِحَة ، فَرِعَايَةً للمَصْلَحَة وسَدًّا للذَّرِيعَة وحِفَاظًا على كرامة أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم مُنِع ذلك . اهـ .
وسبق :
ما حكم تمثيل يوم القيامة ؟؟
http://www.almeshkat.net/vb/showthre...threadid=40365
وأما الحديث المشار إليه في النص المقتبس ، فهو حديث البراء بن عازب رضي الله عنه ، وهو حديث طويل ، وليس فيه أن روح المؤمن تسيل كما تسيل القطرة على ورق الشجر ، بل فيه : " كما تسيل القطرة مِنْ فِيّ السقاء " .
قال صلى الله عليه وسلم :" إن العبد المؤمن إذا كان في انقطاع من الدنيا وإقبال من الآخرة نزل إليه ملائكة من السماء بِيضُ الوجوه كأن وجوههم الشمس ، معهم كفن من أكفان الجنة ، وحَنُوط من حَنُوط الجنة ، حتى يجلسوا منه مَدّ البصر ، ثم يجئ ملك الموت عليه السلام حتى يجلس عند رأسه فيقول : أيتها النفس الطيبة أخرجي إلى مغفرة من الله ورضوان . قال : فتخرج تسيل كما تسيل القطرة مِنْ فِيّ السقاء ، فيأخذها ، فإذا أخذها لم يدعوها في يده طرفة عين حتى يأخذوها ، فيجعلوها في ذلك الكفن ، وفي ذلك الْحَنُوط ، ويخرج منها كأطيب نفحة مسك وُجِدَتْ على وجه الأرض .
وليس في الحديث أن روح الكافر مثل القطن إذا كان في الشوك ، بل مثل انْتِزَاع الصوف المبلول من السّفّود ، وهي حديدة ذات شُعَب مُعَقّفة ، يشوى بها اللحم . كما قال أهل اللغة .
قال عليه الصلاة والسلام : وإن العبد الكافر إذا كان في انقطاع من الدنيا وإقبال من الآخرة ، نَزَل إليه من السماء ملائكة سُود الوجوه ، معهم الْمُسُوح ، فيجلسون منه مَدّ البصر ثم يجئ ملك الموت حتى يجلس عند رأسه ، فيقول : أيتها النفس الخبيثة ، أخرجي إلى سخط من الله وغضب .
قال : فَتَفَرَّق في جسده ، فينتزعها كما يُنْتَزَع السُّفُّود من الصوف المبلول ، فيأخذها فإذا أخذها لم يدعوها في يده طرفة عين حتى يجعلوها في تلك المسوح ، ويخرج منها كأنْتَنِ رِيحِ جيفة وُجِدَتْ على وجه الأرض .
وكان عمرو بن العاص رضي الله عنه يقول : عجبا لمن نَزَل به الموت وعقله معه ، كيف لا يَصِفه ؟
فلما نزل به قال له ابنه عبد الله بن عمرو : يا أبت إنك كنت تقول : عجبا لمن نزل به الموت وعَقْله معه ، كيف لا يَصِفه ؟ فَصِفْ لنا الموت وعَقلك معك ، فقال : يا بني ، الموت أجلّ من أن يُوصَف ، ولكني سأصف لك منه شيئا ؛ أجِدُنِي كأنّ على عُنُقِي جبال رَضْوى ، وأجدني كأنّ في جوفي شوك السلاء ، وأجدني كأن نفسي تخرج من ثُقب إبرة .
والله تعالى أعلم .
الشيخ/ عبد الرحمن السحيم - حفظه الله تعالى -
المصدر
حكم رسم ابليس بقصد التوعية
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
في احد المنتديات رأيت موضوعا عن ابليس ( مجموعة من الكريكاتير )
اولها البطاقة الخاصة فيه ومن ثم مشاهد تبين وسوسته للناس مثل واحد نائم والمنبه يرن للصلاة وابليس بجانبه يقول له نم في عندك وقت
وصورة اخرى تبين احوال ابليس مع الناس
وصورة واحد يمشي ورائه ابليس يوسوس له وهو يقول اعوذ بالله
وصورة اخرى لرجل وامرأة وحوليهم مجموعة من الشياطين .....الخ
وابليس مرسوم بطريقة انه له قرون ولونه احمر
عندها تم الاعتراض على الموضوع لأنه يمثل عالم غيبي عنا ولأن فيه صور أرواح
فهل اعتراضنا في محله ؟
وهل هذا الهزل يخدم الدين ويوعي الناس ؟
افتونا مأجورين مشكورين
الجواب :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وُفِّقْتُم وهُديتم .
الاعتراض في محلّه من عدة وجوه :
الأول : من الذي رأى إبليس فصوّره ؟!
الثاني : أن إبليس داخل في عموم ذوات الأرواح – هذا لو عُلِمتْ صورته – !
الثالث : أنه تكرّر في الكتاب والسنة التحذير من إبليس ، وبيان عداوته ، ولم يَحتَج الأمر إلى تصوير ! وموعظة القرآن أبلَغ .
الرابع : أن هذا الْهَزَل والْهُزال لا يَخدم دِين الله ، ولا يَخدم الدعوة إلى الله .
والله تعالى أعلم .
الشيخ عبد الرحمن السحيم - حفظه الله تعالى -
المصدر

حكم تمثيل الأحاديث النبوية، ووضع صور توضيحية أثناء قراءة القرآن
السؤال : هناك قنوات تأتي ببعض الأحاديث ، وتمثلها ، وتأتي ببعض الآيات ، وتكون الخلفية على نفس الآية ، يعني : إذا كانت الآيات تتحدث عن الجنَّة ، فيأتون بصور حدائق، ما حكم ذلك؟
الجواب :
الحمد لله
أولاً :
قد اطلعنا على جملة من مقاطع مصورة فيها تمثيل لأحاديث نبوية ، ويمكن تقسيم ما رأيناه إلى أقسام ثلاثة :
الأول :
مقاطع ساعدت الصورة فيها على فهم الحديث ، وليس فيها محظور شرعي
ومن أمثلة ذلك مما رأيناه :
أ. عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : (مَثَلِى كَمَثَلِ رَجُلٍ اسْتَوْقَدَ نَارًا فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهَا جَعَلَ الْفَرَاشُ وَهَذِهِ الدَّوَابُّ الَّتِى فِى النَّارِ يَقَعْنَ فِيهَا وَجَعَلَ يَحْجُزُهُنَّ وَيَغْلِبْنَهُ فَيَتَقَحَّمْنَ فِيهَا ...) رواه مسلم (2248) .
وفي المقطع المرئي : رجل أوقد ناراً ، وفراشات ، ودواب ، اجتمعن عليها ، ووقعن فيها ، وهو يذبها عن النار ، وهو أمر مطابق لما أخبر عنه النبي صلى الله عليه وسلم من أمرٍ يتكرر مع كل من يوقد ناراً في صحراء ، أو فضاء .
ب. عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (مَثَلُ الْقَلْبِ مَثَلُ الرِّيشَةِ تُقَلِّبُهَا الرِّيَاحُ بِفَلَاةٍ) رواه ابن ماجه ( 88 ) ، وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه .
وفي المقطع المرئي : ريشة تتقلب في فلاة بفعل الرياح ، وليس في هذا محظور شرعي .
ج. عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (مَثَلُ المُؤْمِنِ مَثَلُ النَّخْلَةِ مَا أَخَذْتَ مِنْهَا مِنْ شَيْءٍ نَفَعَكَ) رواه الطبراني (12/411) وصححه الألباني في "السلسلة الصحيحة" (2285) .
وفي المقطع المرئي : نخلة يؤخذ منها أجزاء منها ، وتستعمل فيما ينتفع به الناس ، وهو أمر مطابق يقرِّب الصورة لذهن من يستمع الحديث ، ويراه واقعاً عمليّاً .
والأمثلة على هذا القسم كثيرة .
القسم الثاني :
مقاطع لم تفد الصورة كثيراً في تقريب معنى الحديث ؛ للبعد عن الصورة الحقيقية ، وبين المشهد التمثيلي .
ومن أمثلة ما رأيناه في ذلك :
أ. عَنْ أَبِي مُوسَى رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (مَثَلُ الْبَيْتِ الَّذِي يُذْكَرُ اللَّهُ فِيهِ وَالْبَيْتِ الَّذِي لَا يُذْكَرُ اللَّهُ فِيهِ مَثَلُ الْحَيِّ وَالْمَيِّتِ) رواه مسلم (779) .
والمقطع المرئي وإن كان فيه صورتان متقابلتان لبيت يُذكر الله فيه ، وآخر فيه غفلة عن ذلك: لكنه لم يظهر فيه الفرق بين الحياة ، والموت .
ب. عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : (مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى) رواه مسلم (2585) .
والمقطع المرئي لم يعبِّر عن حقيقة تداعي البدن لشكوى عضو منه ، بل كانت الصورة لمريض لم تظهر عليه أعراض الحمى ، ولا السهر ، بل كان نائماً ! .
القسم الثالث :
ومن أسوء ما رأيناه ، وقفَّ شعرنا من مشاهدته : هو مقطع تمثيلي لرجل ذهب يغرس فسيلة ، فصوِّر وقوع يوم القيامة ! فاستمر في غرسها ، وفي ظنِّ القائمين على إنشاء هذا المقطع أن الأمر مطابق لحديث أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (إِنْ قَامَتْ السَّاعَةُ وَبِيَدِ أَحَدِكُمْ فَسِيلَةٌ فَإِنْ اسْتَطَاعَ أَنْ لَا يَقُومَ حَتَّى يَغْرِسَهَا فَلْيَفْعَلْ) رواه أحمد (20/296) وصححه محققو المسند .
وقد سئل الشيخ العلامة عبد الرحمن البرَّاك حفظه الله ، عن هذا المقطع تحديداً ، فأنكره ، وبيَّن السبب ، فنكتفي بذِكر ما قاله الشيخ حفظه الله :
نص السؤال :
في قناة " المجد " مقطع بعنوان (أمثال الحديث النبوي) وقد عرضوا فيه صورة رجل يحمل معه فسيلة نخل ، ثم عرضوا في السماء بروقاً ، وسحاباً أسود ، وأصواتاً ، ورعوداً ، ثم ظهر على الشاشة نص حديث : (إذا قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة فليغرسها) ، ثم قام الرجل بغرس النخلة ، وانتهى المقطع ، فما حكم هذا العمل؟
فأجاب :
"الحمد لله ، من الأمور المسلَّمة أن حسن القصد لا يُسوِّغ الوسيلة ، بل غاية ما يحصل : رفع الإثم ، إذا لم تكن المخالفة الشرعية مشوبة بهوى ، وحقائق الغيب من الماضي ، والحاضر ، والمستقبل لا يمكن تصورها ، فضلاً عن تصويرها ! ومِن ذلك : أحوال القيامة ؛ كالبعث ، والصراط ، والميزان ، وما يسبق ذلك من النفخ في الصور ، وما ينشأ عنه من فزع ، وصعق ، وتغيرات في العالم العلوي ، والسفلي ، وما يصاحب ذلك من أهوال .
وما تضمنه هذا الحديث المذكور في السؤال : يفهمه كل مَن يفهم العربية ، فإنه يعرف معنى النخلة ، ويعرف معنى الغرس ، ومعنى الرجل ، وإن كان لا يتصور حقيقة الهول ، فلا معنى لتوضيح الواضح ! ولا يمكن تصور الهول عند قيام الساعة ، وهذا الحديث إن كان صحيحاً : فمقصودة : المبالغة في الحث على غرس الشجر المثمر ؛ لما فيه مِن النفع العام ، والأجر المترتب على ذلك .
ومعلوم أنه إذا قامت الساعة : فلن يُستطاع غرس ، ولا يُرجى ، ولا يُجنى ثمر ، فقد ذهب ما هنالك ، وانشغل كلٌّ بنفسه .
إذا ثبت هذا : فنحب من إخواننا القائمين على "قناة المجد" وفقهم الله أن يتجنبوا تمثيل الغيبيات ، ويكتفوا بذِكر النصوص ، وتفسير ، وشرح ، ما تدعو إليه الحاجة ، فجزاهم الله خيراً على ما أرادوا ، وقدموا من الخير ، وعفا عما يقع من أخطاء ، إنه تعالى سميع الدعاء ،
ومما يلاحظ على هذا المقطع : أن عنوانه غير مطابق لمضمونه ، وكأن الذي وضع العنوان اختلط عليه المثل بالتمثيل الاصطلاحي ، فإن هذا الحديث ليس من " أمثال الحديث " ، وإنما أضيف إليه التمثيل ، وصلَّى الله وسلم على محمّد" انتهى .
وفي ظننا أن أحاديث الأمثال هي أبعد ما يكون عن الوقوع في المحذور الشرعي ؛ فلا حرج من تصويرها وتقديمها للمشاهد ؛ لتقريب الصورة لذهنه ، بخلاف غيرها من الأحاديث ، فقد يوقع في شيء من المحظور ، مع كونه لم يفد كثيراً ـ كما سبق ـ ، في تقريب المعنى لمن يسمعه ويشاهده ، وإن كان الحديث في أمرٍ غيبي مما لا يمكن تصويره على الحقيقة : صار الوقوع في المحظور حتميّاً ، فالابتعاد عن القسم الثالث : واجب ، وعن الثاني : أسلم .
وفي جوابي السؤالين ( 14488 ) و ( 10836 ) بيان شروط التمثيل ، فلتُنظر لمن أراد أن يمثِّل غير ما ذكرناه من أحاديث " الأمثال " ؛ خشية الوقوع في الإثم .
ثانياً :
قد قرأنا لمن يُنكر ذلك التمثيل لأحاديث الأمثال ، ولم يظهر لنا صواب قوله ، وبيان ذلك من وجوه :
1. أن الفعل نفسه ليس بعبادة يفعلونه من أجل التقرب إلى الله .
2. أن الأمثال بحد ذاتها هي لتقريب الشيء مراد إيصاله للناس ، فما يحصل من تمثيل لذلك المثال ليس فيه ما يُنكر ، وهو مؤدٍ لدور المثال نفسه .
3. استعمل النبي صلى الله عليه وسلم طرقاً كثيرة من أجل إيصال معانٍ جليلة للصحابة ، ومن ذلك :
أ. تقريب معنى رحمة الله تعالى بالعباد بصورة واقعية لامرأة وابنها :
فعَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال : قَدِمَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَبْيٌ ، فَإِذَا امْرَأَةٌ مِنْ السَّبْيِ قَدْ تَحْلُبُ ثَدْيَهَا تَسْقِي إِذَا وَجَدَتْ صَبِيًّا فِي السَّبْيِ أَخَذَتْهُ فَأَلْصَقَتْهُ بِبَطْنِهَا وَأَرْضَعَتْهُ ، فَقَالَ لَنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (أَتُرَوْنَ هَذِهِ طَارِحَةً وَلَدَهَا فِي النَّارِ؟ قُلْنَا : لَا ، وَهِيَ تَقْدِرُ عَلَى أَنْ لَا تَطْرَحَهُ ، فَقَالَ : لَلَّهُ أَرْحَمُ بِعِبَادِهِ مِنْ هَذِهِ بِوَلَدِهَا) رواه البخاري (5653) ومسلم (2754).
ب. تقريب معنى رؤية الله تعالى برؤية شيء محسوس مشاهَد .
فعَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه قَالَ : كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَظَرَ إِلَى الْقَمَرِ لَيْلَةً يَعْنِي الْبَدْرَ فَقَالَ : (إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ كَمَا تَرَوْنَ هَذَا الْقَمَرَ ، لَا تُضَامُّونَ فِي رُؤْيَتِهِ) رواه البخاري (529) ومسلم (633) .
4. استعمال النبي صلى الله عليه وسلم للرسم لتوضيح الصورة في أذهان من يراه .
ومن أمثلة ذلك :
أ- عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ : خَطَّ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطًّاً ثُمَّ قَالَ : (هَذَا سَبِيلُ اللَّهِ) ثُمَّ خَطَّ خُطُوطًا عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ ثُمَّ قَالَ : (هَذِهِ سُبُلٌ مُتَفَرِّقَةٌ عَلَى كُلِّ سَبِيلٍ مِنْهَا شَيْطَانٌ يَدْعُو إِلَيْهِ ، ثُمَّ قَرَأَ : ( إِنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ) رواه أحمد (7/208) وحسَّنه المحققون .
ب- عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بنِ مسْعود رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : خَطَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطًّا مُرَبَّعًا وَخَطَّ خَطًّا فِي الْوَسَطِ خَارِجًا مِنْهُ وَخَطَّ خُطَطًا صِغَاراً إِلَى هَذَا الَّذِي فِي الْوَسَطِ مِنْ جَانِبِهِ الَّذِي فِي الْوَسَطِ ، وَقَالَ : ( هَذَا الْإِنْسَانُ وَهَذَا أَجَلُهُ مُحِيطٌ بِهِ - أَوْ قَدْ أَحَاطَ بِهِ - وَهَذَا الَّذِي هُوَ خَارِجٌ أَمَلُهُ وَهَذِهِ الْخُطَطُ الصِّغَارُ الْأَعْرَاضُ فَإِنْ أَخْطَأَهُ هَذَا نَهَشَهُ هَذَا ، وَإِنْ أَخْطَأَهُ هَذَا نَهَشَهُ هَذَا) رواه البخاري ( 6054 ) .
فهذان الحديثان فيهما أن النبي صلى الله عليه وسلم أحياناً كان يستعمل ما نسميه الآن "الرسم التوضيحي" لبيان معنى بعض الأحاديث .
ثالثاً :
أما جعل لوحات خلفية تعبيرية وتصويرية مع قراءة القرآن : فينبغي ترك ذلك ؛ لأسباب ، منها :
1. الغالب على الآيات القرآنية أنها تحوي معانٍ متعددة ، وفي كل كلمة من القرآن إعجاز بلاغي ، فالصورة التي ستكون مع القراءة ستعطل التأمل في الآية ، وسينحصر الذهن في كلمة فيها ، كصورة فاكهة ، أو نهر ، ويترك ما عداها .
2. وجود صورة مع قراءة الآيات قد يأتي بغير المراد من الآية ، فمثلاً : وضع صورة جبل مع قراءة قوله تعالى : ( وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنْسِفُهَا رَبِّي نَسْفاً ) طـه/ 105 : من شأنه أن يصرف الذهن عن المراد من التهويل بما يحدث يوم القيامة ، فالجبل لا يكاد يجهله أحد ، وأما النسف له : فهي الصورة التي لا يمكن لأحدٍ أن يصورها في ذهن الناس ، فضلاً عن تصويرها ! .
3. وضع الصور مع القراءة لا يطابق الواقع في الآخرة ، فصورة الأشجار ، والفاكهة ، والأنهار ، وغيرها مما يشبهها : ليست هي ذاتها التي في الآخرة ، وإنما الاشتراك بينهما في الأسماء ، لا غير ، فصار وضع تلك الصور مع القراءة لا يعبِّر عن الحقيقة .
4. قد تشتمل الآية على معنيين متقابلين ، فكيف يمكن جمع ذلك في وقت واحد أثناء قراءة الآية ؟! وذلك مثل قوله تعالى : (نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ) الحجر/ 49 ، 50 ، مثل قوله تعالى : ( رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً ) النساء/ 165 .
وكثير من آيات القرآن الكريم تذكر المقابلة بين جزاء أهل الجنة وجزاء أهل النار ، فكيف سيتم المقابلة بينهما في الصورة ؟
5. وأخيراً : فقد أمر المسلمون عند سماع القرآن بالاستماع والإنصات ، ومن شأن النظر في الصور والمشاهد أن يمنع من تفكر القلب ، والتدبر بآيات الله تعالى ، ومثل هذا ليس مأموراً به من استمع لحديث النبي صلى الله عليه وسلم .
والله أعلم
الإسلام سؤال وجواب

حكم تمثيل شخصيات الصحابة في التمثيل
اختلفت مع بعض الناس في جواز تمثيل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في الأفلام والتمثيليات ، كما هو موجود الآن بكثرة . وكان من كلامه إن هذا فيه مصلحة وهي الدعوة للإسلام وإظهار مكارم الأخلاق الإسلامية . فما هو رأي فضيلتكم في هذا ؟.
الحمد لله
الصحابة لهم المكانة العليا في الإسلام بحكم معاصرتهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقيامهم بواجب نصرته وموالاته ، وتفانيهم في سبيل الله ببذلهم أموالهم وأنفسهم . ولهذا اتفق أهل العلم على أنهم صفوة هذه الأمة وأفضلها ، وأن الله شرفهم بصحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأثنى عليهم في كتابه الكريم بقوله: (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلا مِنْ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ) الفتح/29 .
وأثنى عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله : (خَيْرُ أُمَّتِي قَرْنِي ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ) البخاري (3650) ومسلم (2535) .
وتوعد النبي صلى الله عليه وسلم من ينتقصهم أو يسخر منهم أو يسبهم ، فقال : ( من سب أصحابي فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين) السلسلة الصحيحة (2340) .
وفي إخراج حياة أي واحد منهم على شكل مسرحية أو فيلم سينمائي منافاة لهذا الثناء الذي أثنى الله تعالى عليهم ، وتنزيل لهم من المكانة العالية التي جعلها الله لهم وأكرمهم بها .
لأن تمثيل أي واحد منهم سيكون موضعاً للسخرية والاستهزاء به ، ويقوم بالتمثيل أناسٌ غالباً ليس للصلاح والتقوى والأخلاق الإسلامية مكان في حياتهم العامة ، مع ما يقصده أرباب المسارح من جعل ذلك وسيلة للكسب المادي ، وأنه مهما حصل من التحفظ فسوف يشتمل على الكذب والغيبة .
كما يؤدي تمثيل الصحابة رضوان الله عليهم إلى زعزعة مكانتهم في نفوس المسلمين ، وينفتح باب التشكيك على المسلمين في دينهم ، ويتضمن ضرورةً أن يقف أحد الممثلين موقف أبي جهل وأمثاله من الكفار ، ويجري على لسانه سبُّ بلال ، وسبُّ الرسول صلى الله عليه وسلم ، وما جاء به الإسلام ، ولا شك أن هذا منكر عظيم .
وما يقال من وجود مصلحة وهي الدعوة إلى الإسلام ، وإظهار مكارم الأخلاق ومحاسن الآداب ، فهذا مجرد فرض وتقدير ، فإن من عرف حال الممثلين وما يهدفون إليه عرف أن هذا النوع من التمثيل يأباه واقع الممثلين ورواد التمثيل ، ويأباه أيضا شأنهم في حياتهم وأعمالهم .
ومن القواعد المقررة في الشريعة الإسلامية أن الشيء إذا كان فيه مصلحة ومفسدة ، وكانت مفسدته أعظم من مصلحته فإنه يحرم . وتمثيل الصحابة على تقدير وجود مصلحة فيه فمفسدته أكثر من مصلحته.
فرعايةً للمصلحة ، ومنعاً للمفسدة ، وحفاظاً على كرامة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يجب منع ذلك .
فبناءً على ما سبق يحرم تمثيل أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في الأفلام أو المسرحيات أو غيرها .
والله تعالى أعلم . وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
اللجنة الدائمة في مجلة البحوث الإسلامية 1/223-248.
أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعة..