هو اللبث في المسجد بقصد القربة والمراد بالمباشرة الوطء وعن قتادة كان الرجل يعتكف فيخرج إلى امرأته فيباشرها ثم يرجع فنهوا عن ذلك وفيه دليل على أن الاعتكاف يكون في المسجد ولا يختص بمسجد دون مسجد وأن الوطء يحرم فيه ويفسده لأن النهي في العبادات يوجب الفساد تلك حدود الله أي الأحكام التي ذكرت فلا
تقربوها نهى أن يقرب الحد الحاجز بين الحق والباطل لئلا يداني الباطل فضلا عن أن يتخطى عنه كما قال عليه الصلاة والسلام إن لكل ملك حمى وإن حمى الله محارمه فمن رتع حول الحمى يوشك أن يقع فيه /ح/ وهو أبلغ من قوله فلا تعتدوها ويجوز أن
يريد ب حدود الله محارمه ومناهيه كذلك مثلذلك التبيين يبين الله آياته للناس لعلهم يتقون مخالفة الأوامر والنواهي . ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل أي ولا يأكل بعضكم مال بعض بالوجه الذي لم يبحه الله تعالى وبين نصب علىالظرف أو الحال من الأموال وتدلوا بها إلى الحكام عطف على المنهي أو نصب بإضمار أن والإدلاء الإلقاء أي ولا تلقوا حكومتها إلى الحكام لتأكلوا بالتحاكم فريقا طائفة من أموال الناس بالإثم بما يوجب إثما كشهادة الزور واليمين الكاذبة أو ملتبسين بالإثم وأنتم تعلمون أنكم مبطلون فإن ارتكاب المعصية مع العلم بها أقبح روي أن عبدان الحضرمي ادعى على
امرىء القيس الكندي قطعة من أرض ولم يكن له بينة فحكم رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن يحلف امرؤ القيس فهم به فقرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا الآية فارتدع عن اليمين وسلم الأرض إلى عبدان فنزلت وفيه دليل على أن حكم القاضي لا ينفذ باطنا ويؤيده قوله عليه الصلاة والسلام إنما أنا بشر وأنتم تختصمون إلي ولعل بعضكم يكون ألحن بحجته من بعض فأقضي له على نحو ما أسمع منه فمن قضيت له بشيء من حق أخيه فإنما أقضي له قطعة من نار /ح/ يسألونك عن الأهلة سأله معاذ بن جبل وثعلبة بن غنم فقالا ما بال الهلال يبدو دقيقا كالخيط ثم يزيد حتى يستوي ثم لا يزال ينقص حتى يعود كما بدا قل هي مواقيت للناس والحج فإنهم سألوا عن الحكمة في اختلاف حال القمر وتبدل أمره فأمره
الله أن يجيب بأن الحكمة الظاهرة في ذلك أن تكون معالم للناس يؤقتون بها أمورهم ومعالم للعبادات المؤقتة يعرف بها أوقاتها وخصوصا الحج فإن الوقت مراعى فيه أداء وقضاء والمواقيت جمع ميقات من الوقت والفرق بينه وبين المدة والزمان أن المدة المطلقة امتداد حركة الفلك من مبدئها إلى منتهاها والزمان مدة مقسومة والوقت الزمان المفروض لأمر وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها وقرأ أبو عمرو وورش وحفص بضم الباء والباقون بالكسر ولكن البر من اتقى وقرأ نافع وابن عامر بتخفيف ولكن ورفع البر كانت الأنصار إذا أحرموا لم يدخلوا دارا ولا فسطاطا من بابه وإنما يدخلوا من نقب أو فرجة وراءه ويعدون ذلك برا فبين لهم أنه ليس ببر وإنما البر من اتقى المحارم والشهوات ووجه اتصاله بما قبله أنهم سألوا عن الأمرين أو أنه لما ذكر أنها مواقيت الحج وهذا أيضا من أفعالهم في الحج ذكره للاستطراد أو أنهم لما سألوا عما لا يعنيهم ولا يتعلق بعلم النبوة وتركوا السؤال عما يعنيهم ويختص بعلم النبوة عقب بذكره جواب ما سألوه تنبيها عل ىأن اللائق بهم أن يسألوا أمثال ذلك ويهتموا بالعلم بها أو أن المراد به التنبيه على تعكيسهم في السؤال بتمثيل حالهم بحال من ترك باب البيت ودخل من ورائه والمعنى وليس البر بأن تعكسوا مسائلكم ولكن البر من اتقى ذلك ولم يجسر على مثله وأتوا البيوت من أبوابها إذ ليس في العدول بر فباشروا الأمور من وجوهها واتقوا الله في تغيير أحكامه والاعتراض على أفعاله لعلكم تفلحون لكي تظفروا بالهدى والبر .