وقاتلوا في سبيل الله جاهدوا لإعلاء كلمته وإعزاز دينه الذين يقاتلونكم ^ ^
قيل كان ذلك قبل أن أمروا بقتال المشركين كافة المقاتلين منهم والمحاجزين وقيل معناه الذين يناصبونكم القتال ويتوقع منهم ذلك دون غيرهم من المشايخ والصبيان والرهبان والنساء أو الكفرة كلهم فإنهم بصدد قتال المسلمين وعلى قصده ويؤيد الأول ما روى أن المشركين صدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الحديبية وصالحوه علىأن يرجع من قابل فيخلوا له مكة شرفها الله ثلاثة أيام فرجع لعمرة القضاء وخاف المسلمون أن لا يوفوا لهم ويقاتلوهم في الحرم أو الشهر الحرام وكرهوا ذلك فنزلت ولا تعتدوا بابتداء القتال أو بقتال المعاهد أو المفاجأة به من غير دعوة أو المثلة أو قتل من نهيتم عن قتله إن الله لا يحب المعتدين لا يريد بهم الخير . واقتلوهم حيث ثقفتموهم حيث وجدتموهم في حل أو حرم وأصل الثقف الحذق في إدراك الشيء علما كان أو عملا فهو يتضمن معنى الغلبة ولذلك استعمل فيها قال فأما تثقفوني فاقتلوني فمن أثقف فليس إلى خلود ^ ^ وأخرجوهم من حيث أخرجوكم أي من مكة وقد فعل ذلك بمن لم يسلم يوم الفتح والفتنة أشد من القتل أي المحنة التي يفتتن بها الإنسان كالإخراج من الوطن
أصعب من القتل لدوام تعبها وتألم النفس بها وقيل معناه شركهم في الحرم وصدهم إياكم عنه أشد من قتلكم إياهم فيه ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام حتى يقاتلوكم فيه أي لا تفاتحوهم بالقتال وهتك حرمة المسجد الحرام فإن قاتلوكم فاقتلوهم فلا تبالوا بقتالهم ثم فإنهم الذين هتكوا حرمته وقرأ حمزة والكسائي ولا تقتلوهم حتى يقتلوكم فيه فإن قتلوكم والمعنى حتى يقتلوا بعضكم كقولهم قتلنا بنو أسد كذلك جزاء الكافرين مثل ذلك جزاؤهم يفعل بهم مثل ما فعلوا . فإن انتهوا عن القتال والكفر فإن الله غفور رحيم ^ يغفر لهم ما قد سلف ^ وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة شرك ويكون الدين لله خالصا له ليس للشيطان فيه نصيب فإن انتهوا عن الشرك فلا عدوان إلا على الظالمين أي فلا تعتدوا على المنتهين إذ لا يحسن أن يظلم إلا من ظلم فوضع العلة موضع الحكم وسمي جزاء الظلم باسمه للمشاكلة كقوله فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم أو أنكم إن تعرضتم للمنتهين صرتم ظالمين وينعكس الأمر عليكم والفاء الأولى للتعقيب والثانية للجزاء .