التحذير من التقصير في الصلاة والسلام على البشير النذيرالكـاتب : صلاح عامر
أولاً: تأمين الرسول -صلى الله عليه وسلم- على دعاء جبريل –عليه السلام- برغم أنف من لم يصل عليه حين ذكره: عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه -: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- ارْتَقَى الْمِنْبَرَ فَقَالَ: ((آمِينَ آمِينَ آمِينَ، فَقِيلَ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّه! مَا كُنْتَ تَصْنَعُ هَذَا؟ فَقَالَ: «قَالَ لِي جَبْرَئِيلُ - عليه السلام-: رَغِمَ أَنْفُ عَبْدٍ أَدْرَكَ وَالِدَيْهِ أَوْ أَحَدَهُمَا فَلَمْ يَدْخُلِ الْجَنَّةَ فَقُلْتُ: آمِينَ، ثُمَّ قَالَ: رَغِمَ أَنْفُ عَبْدٍ دَخَلَ عَلَيْهِ رَمَضَانُ فَلَمْ يُغْفَرْ لَهُ، فَقُلْتُ: آمِينَ، ثُمَّ قَالَ: رَغِمَ أَنْفُ عَبْدٍ ذُكِرْتَ عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْكَ، فَقُلْتُ: آمِينَ))(1) قال ابن القيم: قالوا: ولهذا دعا عليه النبي -صلى الله عليه وسلم- برغم أنفه، وهو أن يُلصق أنفه بالرغام وهو التراب؛ لأنه لما ذُكر عنده فلم يُصَلَّ عليه استحق أن يذله الله، ويلصق أنفه بالتراب.(2)
ثانيًا: وصفه بأنه أبخل الناس: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن عَلِيِّ بن الْحُسَيْنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: ((الْبَخِيلُ مَنْ ذُكِرْتُ عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيَّ)).(3) وعن أبي ذر: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إن أبخل الناس من ذكرت عنده فلم يصل علي)). (4) يقول ابن القيم - رحمه الله -: قالوا: "ولأن الأمر بالصلاة عليه في مقابل إحسانه إلى الأمة، وتعليمهم وإرشادهم وهدايتهم، وما حصل لهم ببركته من سعادة الدنيا والآخرة، ومعلوم أن مقابلة مثل هذا النفع العظيم لا يحصل بالصلاة عليه مرة واحدة في العمر، بل لو صلى العبد عليه بعدد أنفاسه لم يكن موفيًا لحقه ولا مؤديًا لنعمته، فجعل ضابط شكر هذه النعمة بالصلاة عليه عند ذكر اسمه، قالوا: ولهذا أشار النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى ذلك بتسميته من لم يصل عليه عند ذكره بخيلًا، لأن من أحسن إلى العبد الإحسان العظيم، وحصل له به هذا الخير الجسيم، ثم يُذكر عنده و لا يثنى عليه، ولا يُبالغ في حمده ومدحه وتمجيده، ويبدي ذلك ويعيده، ويعتذر من التقصير في القيام بشكره وحقه، عده الناس بخيلًا لئيمًا كفورًا (أي كفر نعمة غير مخرج من الملة)(5) فكيف بمن أدنى إحسانه إلى العبد يزيد على أعظم إحسان المخلوقين بعضهم لبعض، الذي بإحسانه حصل للعبد خير الدنيا والآخرة، ونجا من شر الدنيا والآخرة، الذي لا تتصور القلوب نعمته وإحسانه، فضلًا عن أن يقوم بشكره، أليس هذا المنعم المحسن أحق بأن يعظم ويثنى عليه، ويستفرغ الوسع في حمده ومدحه إذا ذُكر بين الملأ، فلا أقل من أن يُصلَّ عليه مرة إذا ذُكر اسمه -صلى الله عليه وسلم-. (6)
ثالثًا: خطئ طريق الجنة: عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: (( مَنْ نَسِيَ الصَّلاةَ عَلَيَّ خَطِئَ طَرِيقَ الْجَنَّةِ)). (7) وعن محمد بن علىَّ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ-صلى الله عليه وسلم-: (( مَنْ نَسِيَ الصَّلاةَ عَلَيَّ خَطِئَ طَرِيقَ الْجَنَّةِ)).(8)
رابعًا: حسرة على فوات الثواب والمنزلة في الجنة تبعاً لذلك: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - عَنْ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-، قَالَ: (( مَا قَعَدَ قَوْمٌ مَقْعَدًا لَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ - عز وجل - وَيُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-، إِلَّا كَانَ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَإِنْ دَخَلُوا الْجَنَّةَ لِلثَّوَابِ)).(9)
خامسًا: حسرة والتعرض لعذاب الله: عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه -، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: (( مَا جَلَسَ قَوْمٌ مَجْلِسًا لَمْ يَذْكُرُوا فِيهِ رَبَّهِمْ وَلَمْ يُصَلُّوا عَلَى نَبِيِّهِمْ إِلاَّ كَانَ تِرَةً عَلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَإِنْ شَاءَ عَذَّبَهُمْ، وَإِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُمْ)). (10)
سادسًا: نتن المجلس الذي لا يُذكر الله - تعالى- فيه ولا يُصلى على النبي-صلى الله عليه وسلم-: عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضي الله عنهما -: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: ((مَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ، ثُمَّ تَفَرَّقُوا عَنْ غَيْرِ ذِكْرِ الله، وَصَلاةٍ عَلَى النَّبِيِّ، إِلاَّ قَامُوا عَنْ أَنْتَنَ مِنْ جِيفَةٍ)).(11)
ـــــــــــــــــــــــــ
(1)حسن صحيح: رواه البخاري في" الأدب المفرد"(646)، وقال الألباني: حسن صحيح، ومسلم(2551) مختصرًا عن الوالدين "كتاب البر والصلة والآداب"، وأحمد(7444) تعليق شعيب الأرنؤوط: صحيح وهذا إسناد حسن، وابن خزيمة في"صحيحه" (1888).
(2)"جلاء الأفهام " للإمام ابن القيم (1/220)
(3)صحيح: رواه أحمد(1736) تعليق شعيب الأرنؤوط: إسناده قوي، والترمذي(3546، 3563)، والنسائي، وابن حبان(909)، والحاكم(2015)، وصححه الألباني في"صحيح الجامع" (2878).
(4)صحيح" فضل الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم-" رقم (37)
(5) مابين المعقوفتين من تعليقي.
(6)"جلاء الأفهام" (1/220).
(7)حسن صحيح: رواه ابن ماجة(908)، وانظر"صحيح الجامع"(6568)، و"السلسلة الصحيحة" (2337)، و"فضل الصلاة" (41-44).
(8)صحيح: " فضل الصلاة على النبي-صلى الله عليه وسلم-" (43).
(9)صحيح: رواه أحمد في مسنده(9966) تعليق شعيب الأرنؤوط: إسناده صحيح على شرط الشيخين، وصححه الألباني في"السلسلة الصحيحة"مختصرة (76)، و"صحيح الترغيب والترهيب" (1513).
(10)صحيح: أخرجه الترمذي (3380)، وقال حديث حسن صحيح، و"صحيح الجامع"للألباني (5607).
(11) صحيح:رواه الطيالسي، والبيهقي في"شعب الإيمان "(1570)، والضياء، انظر"السلسلة الصحيحة" (80)، و"صحيح الجامع"للألباني (5506).