د.عبدالرحمن العشماوي
هو المختارُ :" اللهم إني أحببـتك وأحببت نبـيك عليه الصلاة والسلام حباً صادقاً أرجو أن تغفر به الذنب ، وتُسعد به القلب ، اللهم تقـبّلْها دفاعاً عن سـيِّد الأبرار "
مـن نبـع هديـك تستقـي الأنـوار ***
وإلـى ضيائـك تنتـمـي الأقـمـار
رب العبـاد حبـاك أعظـم نعـمـة ***
ديـنـا يـعـزُّ بـعـزَّه الأخـيــار
حُفظت بك الأخـلاق بعـد ضياعهـا ***
وتسامقـت فـى روضهـا الأشجـار
وبُعثـت للثقلـيـن بعـثـة سـيـدٍ ***
صدقـتْ بــه وبديـنـه الأخـبـار
أصغت اليـك الجـن وانبهـرت بمـا ***
تتلـو، وعَـمَّ قلوبـهـا استبـشـار
يا خير من وطيءَ الثـرى وتشرفـت ***
بمسـيـره الكثـبـان والأحـجــار
يا من تتـوق إلـى محاسـن وجهـه ***
شمـسٌ ويفْـرَحُ أن يـراه نـهـار
بأبي وأمـي أنـتَ ، حيـن تشرَّفـت ***
بـك هجـرة وتـشـرَّفَ الأنـصـار
أنْشَـأْتَ مدرسـة النبـوة فاستقـى ***
مـن علمهـا ويقينـهـا الأبــرار
هـي للعلـوم قديمـهـا وحديثـهـا ***
ولمنهـج الديـن الحنـيـف مـنـار
لله درك مــرشــدا ومـعـلـمـا ***
شَرُفَـتْ بــه وبعلـمـه الآثــار
ربَّيْـتَ فيهـا مـن رجالـك ثُـلَّـةً ***
بالحـقِّ طافـوا فـي البـلاد وداروا
قـوم إذا دعـت المطامـع أغلـقـوا ***
فمها ، وإن دعـت المكـارم طـاروا
إن واجهـوا ظلمـاً رمـوه بعدلهـم ***
وإِذا رأوا ليـل الـضـلال أنــاروا
قـد كنـت قرآنـاً يسيـر أمامـهـم ***
وبـك اقتـدوا فأضـاءت الأفـكـار
عمروا القلوب كما عَمَرْت، فما مضوا ***
إلا وأفـئـدة الـعـبـاد عَـمَــار
لو أطلـق الكـونُ الفسيـحُ لسانـه ***
لسـرتْ إليـك بمـدحـه الأشـعـار
لو قيل : مَنْ خيرُ العبـادِ ، لـردَّدتْ ***
أصواتُ مَنْ سمعوا : هـو المختـارُ
لِمَ لا تكون ؟ وأنـتَ أفضـلُ مرسـلٍ ***
وأعزُّ من رسموا الطريـق وسـاروا
ما أنـت إلا الشمـس يمـلأ نورُهـا ***
آفاقَنـا ، مهـمـا أُثـيـرَ غـبـار
مـا أنـت إلا أحمـد المحمـود فـى ***
كـل الأمـور ، بـذاك يشهـد غـار
والكعبـة الغـرَّاءُ تشـهـد مثلـمـا ***
شهـد المقـامُ وركنـهـا والــدَّار
يا خير من صلى وصام وخيـر مـن ***
قـاد الحجيـج وخيـر مـن يَشْتَـارُ
سقطـت مكانـة شاتـم ، وجـزاؤه ***
إن لـم يتـب ممـا جـنـاه الـنـار
لكأننـي بخطـاه تـأكـل بعضـهـا ***
وهنـاً ، وقـد ثَقُلَـتْ بـهـا الأوزار
مـا نـال منـك منافـق أو كـافـر ***
بـل منـه نالـت ذلــة وصَـغَـار
حلّقت في الأفـق البعيـد، فـلا يـدٌ ***
وصلـت إليـك ، ولا فـمٌ مـهـذار
وسكنت فى الفردوس سُكْنَى من بـه ***
وبـديـنـه يتـكـفَّـل الـقـهَّـار
أعـلاك ربــك هـمـة ومكـانـة ***
فلـك السمـو وللحـسـود بــوار
إنــا ليؤلمـنـا تـطـاول كـافـر ***
مـلأت مشـارب نفـسـه الأقــذار
ويزيـدنـا ألـمـاً تـخـاذل أمــةٍ ***
يشكـو اندحـار غثائهـا الملـيـار
وقفت على باب الخضـوع، أمامهـا ***
وهـن القلـوب، وخلفهـا الكـفـار
يـا ليتهـا صانـت محـارم دارهـا ***
مـن قبـل أن يتحـرك الاعـصـار
يا خير من وطيء الثرى، فى عصرنا ***
جيـش الرذيلـة والهـوى جــرَّار
فى عصرنا احتدم المحيط ولـم يـزل ***
متخبِّطـاً فــى مـوجـه البـحَّـار
جمحتْ عقول الناسِ، طاشَ بها الهوى ***
ومـن الهـوى تتسـرَّب الأخـطـار
أنت البشيـر لهـم، وأنـت نذيرهـم ***
نعـم البـشـارةُ مـنـك والإنــذار
لكنهـم بهـوى النفـوس تشـربـوا ***
فأصابهـم غَبَـشُ الظنـونِ وحـاروا
صبغوا الحضـارةَ بالرذيلـةِ فالْتقـى ***
بالذئـبِ فيهـا الثَّعْـلـبُ المَـكَّـارُ
ما (دانمركُ) القوم، ما (نرويجهـم)؟ ***
يُصغـي الرُّعـاةُ وتفهـم الأبـقـار
ما بالهـم سكتـوا علـى سفهائهـم ***
حتـى تمـادى الشـرُّ والأشــرار
عجبـاً لهـذا الحقـد يجـري مثلمـا ***
يجري (صديدٌ) فى القلـوب ،و(قََـارُ)
يا عصرَ إلحاد العقـولِ، لقـد جـرى ***
بـك فـي طريـق الموبقـاتِ قطـار
قََرُبَت خُطاك مـن النهايـة، فانتبـهْ ***
فلربَّـمـا تتـحـطَّـم الأســـوار
إنـي أقـول ، وللـدمـوع حكـايـةٌ ***
عـن مثلهـا تتـحـدَّث الأمـطـار:
إنَّــا لنعـلـم أنَّ قَــدْرَ نبـيِّـنـا ***
أسمـى ، وأنَّ الشانئـيـنَ صِـغَـارُ
لكـنـه ألــم المـحـب يـزيــده ***
شرفـاً، وفيـه لمـن يُحـب فخـار
يُشقي غُفـاةَ القـومِ مـوتُ قلوبهـم ***
ويـذوق طعـمَ الـرَّاحَـةِ الأغْـيـارُ
***************************