بعد مغادرة ذلك الرجل نهض والدي وتوجه إلى المطبخ وكان يتأمل فيه
وأنا أشاهده وطفولتي تجهل ما سر ذلك البيت وما سر ذلك المطبخ
فسمعته يقول لوالدتي رحمها الله ولا يهمك راح أصلح أرضية المطبخ بالكامل
وهي تقول خلنا نطلع من ذا البيت .
والله لست متأكد لعله بعد أسبوع مع المعاناة وصراخ والدتي
عاد ذلك الرجل وكان شديد الحزن والألم والدمع قد بلل لحيته
فسألت والدي : ليش عمي يبكي قال أخوك فتح الدين مات
إتضح لي أن الرجل قد حضر من جيزان للرياض لغرض
زراعة الكلى لإبنه رحمة الله عليه والشيخ ربما معروف لديكم
هو صالح بن فتح الدين الصميلي من قرية الحجفار .
بعد مغادرة الشيخ صالح حفظه الله الذي حفظت إسمه وشكله
كانت تلك الليلة حزينة أراها في عين والدي حتى أني شاهدت الدمع
في عينيه على موت فتح الدين رحمه الله .
وبمجرد نومنا بدأ الكابوس المعتاد ولكن هذه الليلة مختلفة
إذا قامت والدتي رحمها الله تصيح بجنون عند باب الغرفة التي كنا ننام فها
ونحن نصيح ننادي والدي فكانت تقول : أهرب أهرب يا عبدالرحمن .
لا أعلم ما السر بأن تخصني عن إخواني بالهرب ولم أعلم إلى أين أهرب ..!!
فأنا في غرفة بين أربعة جدران مع أشقائي والمخرج الوحيد
هي تقف أمامه فكنت أبكي وأقول : وين أهرب يا أمي .
وبمجرد دخول والدي علينا والله وبالله وتالله لم ولن أنسى تلك النظرة
رأيت نظره غريبه في عينيه وكأنه شاهد شيئاً مهول
لا نشاهده نحن وقال لإخواني إطلعوا فتوجهوا مسرعين نحو أمي
بينما ركض نحوي وحملني وهو خائف عليّ وينظر لشيء لا أراه
أكمل لكم بإذن الله غداً فمضطر للخروج وثقوا بأن ما أسطره ليس خيال ولست أبالغ
أستودعكم الله , وتصبحون على خير
قال الله تعالى :
(( مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ))