(( مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ))
كنت قد توقفت عند قرار والدي المفاجىء , وإنتقالنا لحي الشميسي لتبدأ قصة المرض
تنقلنا في ذلك الحي بين ثلاثة منازل كان أولها بيت الطين اللعين
إنتقلنا من مدرسة عبدالله بن رواحه لنلتحق أنا وشقيقي بمدرسة
قتيبة بن مسلم ويشهد الله كل ما أذكره في الصف الثاني الإبتدائي
أن أخي محمد كان يبيع البطاطس حلوه السينالمقلية التي تعدها
والدتي رحمة الله عليها لنا لعله نوع من أنواع التجارة المبكرة
ومع بداية السنة الثالثة بدأت رحلة المعاناة كنت ألاحظ على والدتي
الخوف الشديد بمجرد أن يؤذن المغرب وكانت كثيرة الصلاة والدعاء
كان ذلك البيت رغم كبره وتعدد طوابقه ومواجهته للمسجد بعدة أمتار
إلا أنه كان كئيب موحش كان يتوسط الغرف مساحة كبيرة كالصالة
فيها أربعة أعمدة زينت بنقوش من الأعلى عبارة عن رسم لخيول
ويشهد الله أذكر هذه التفاصيل وكأنها أمامي الآن
في أحد الأيام قال والدي أنه عطشان فقمت لإحضار الماء
كان بعد صلاة المغرب وعندما شاهدتني والدتي في المطبخ صاحت
صيحة وأخذت تبكي وتضربني متعجباً من ردة فعلها حتى والدي تعجب من
ذلك فقالت : لا أحد يدخل المطبخ من المغرب وورى
والله كنت جاهل لعله دار بينها وبين والدي حديث لا أعلمه
( على فكره أحد الإخوة هنا يقول لي طحت بين الصمله والحكامية)
يا تطلع صاحي يا تطلع هبل
المهم بعد موقف والدتي أقسم بجلال الله لم أرى خيراً حتى غادرنا ذلك المنزل
لا زلت أذكر التفاصيل وأرويها لإخواني وأقاربي وكل ما جاء ذكر ذلك المنزل
بدأت الليلة الأولى بعد النوم وإذ بشيءٍ يزعجني في نومي لأنهض
فوالله المطلع الشاهد أني ما رأيت خيراً عندما فتحت عيني
فإذا بوالدي ووالدتي بأجسام ضخمة مرعبة ينظرون إلي وبدأت بالصراخ
دون توقف ......... أتعلمون والله لا أنسى تلك التفاصيل حمانا الله وإياكم
ولم أهدأ حتى جاءت والدتي وغطت عيني وكأنها تعلم بشيء لا يعلمه والدي
واستمر المشهد ليلة بعد ليلة وبدأت حالتي النفسية والصحية في تدهور
وكانت والدتي تقرأ وتصلي وتبكي وكأني سمعتها في أحد المرات تقول إلا عيالي
ربما هنالك من سوف يلومني على هذه الخصوصية وسردها
ولكن دعوني أفضفض .
لا أعلم كم إستمر بي الحال ولكن ما أعلمه أني بدأت أتحسن وبدأت والدتي رحمها الله
تذبل وتتعب وتقوم كل ليلة تصيح وهي تقول عيالي عيالي .
وبرغم تحسني الذي مكنني من النهوض فقط دون مغادرة المنزل إلا أن الخوف متملكني
وفي صباح أحد الأيام تفاجأت بوالدي ومعه رجل ملتحي وكانت لحيته طويلة
ضمني بشده وقبلني بحرارة وشوق ومع ذلك الرجل شاب وسيم نحيل الجسم
بعد أن قبلت رأسه الرجل سلمت على الشاب وقال والدي هذا أخوك : فتح الدين
تعجبت ولكن لم أهتم بالأمر كثيراً ولكني حفظت الإسم وصورة الرجل الذي سمعته
يقول لوالدي : يا يحيى إلى متى هذا الجفاء ما ودك تزونا أو ترجع للديره
وكلام طويل والله لا أذكره لعله ختمه بقوله : خاف الله وإطلع من هذا البيت .
يتبع بإذن الله