لاشك أننا ننعم بنعم كثيرة في هذ البلاد ولاشك أن وزاراتنا قدمت لنا خدمات عديدة جدا, ولكن هذه الخدمات وجودتها لاتتناسب إطلاقا مع الميزانية الهائلة التي تتمتع بها بلادنا ولا تتناسب أيضا مع طموحات وتوجيهات خادم الحرمين الشريفين القائل دامكم بخير فانا بخير) و ( سأضرب بالعدل هامة الجور والظلم ) والذي دوما يحث الأمراء والوزراء على تلمس حاجات المواطنين والعدل بينهم, ونتيجة لإحساسه حفظه الله بخطر الفساد على البلاد فقد أقر الاستراتيجية الوطنية لحماية النزاهة ومكافحة الفساد وأمر بإنشاء الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد
ولكن ومع كل هذا الجهد من الملك حفظه الله للقضاء على الفساد إلا أن البعض بدأ يجاهد ويكافح من اجل التستر على الفساد وتنبري بعض الأقلام لتحثنا على السكوت والقناعة بما لدينا .
اصحاب الاقلام المشبوهة صارو يرهبون المصلحين بنقل صور الخراب والدمار في الدول المجاورة ويزعمون أن ماحدث لهم كان بسبب رفضهم للفساد, فهم بمنطقهم الأعوج يساومون المواطن ويضعونه أمام خيارين متطرفين لاوسط بينهما فإما أن تقبل بالفساد وإما أن تتحمل الدمار وخراب الديار!
ولا يفوت أصحاب هذه الدعوات المنحرفة ان يطعموا كلامهم بمسحة دينية فتراهم ينهون عن فضح الفساد لأن السلفية الحقة حسب زعمهم لا تجيز هذا الشي, ويتهمون من يتذمر من الفساد بأنه إخواني فاسد العقيدة.
يقول المنافقين إن ما يسميه المواطن فسادا ما هو في الحقيقة الا مجرد خلل بسيط ويمكن علاجه بالنصيحة السرية للمسئول مهما صغر منصبه, وعليه فحسب منهجهم الفاسد فإنه لا يجوز لمسلم أن يتذمر من سوء الخدمات الصحية بل يجب عليه زيارة مدير المستشفى في منزله ونصحه لعله يعطف عليه , وإذا تأذينا من حفر الشوارع أو تأخر توزيع منح الأراضي فالواجب هو زيارة رئيس البلدية ونصحه سرا وكفى .
ولكنهم لم يبينوا لنا ماذا يفعل عشرات الآلاف من المواطنين الذين عانو من الفساد المزمن والمشرعن , هل يستمرون بزيارة المسئولين سرا ولمدة ثلاثين سنة ؟
هؤلاء بدعوتهم المشبوهة تلك يرسخون قواعد الفساد الذي ما نخر في دولة إلا واسقطها , وماتمكن الفساد الاداري في مجتمع إلا فككه وحطمه .
هذه الدعوات التي ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب توهم أصحاب القرار بأن الناس راضون عن الفساد بكافة أشكاله .
ولكن لن لننظر الى هذه الصور للفساد الإداري المزمن والمشرعن والذي لايراه المنافقين الا مجرد خلل بسيط يمكن حله بزياره للمسئول في بيته:
=جميع الوظائف الإدارية الحكومية النسائية بلا استثناء يتم شغلها وفق معيار الواسطة فقط منذ سنوات طويلة جدا وتكون كالتالي : عقد على بند مؤقت لايتم الإعلان عنه أي بالواسطة ثم بعد فترة يصدر أمر ملكي بتثبيت جميع المتعاقدين على وظائف رسمية يتم هذا تحت نظر كبار المسئولين منذ أكثر من 25 سنة وحتى الآن مع أنهم يرددون دوما بأن الجدارة وتكافؤ الفرص هي المعيار الأساسي للتوظيف , وهنا لا جدارة ولا تكافؤ للفرص , ولا أظن أن أي مسئول أو منافق يستطيع أن ينكر هذا الواقع المخزي . وهذه سابقة لم تحدث في أي دولة بالعالم ان تكون جميع الوظائف بلا استثناء تشغل بالواسطة
= خريجات الكلية المتوسطة تم حرمان بعضهن من التوظيف منذ 20 سنة لمجرد رأي شخصي لمسئول فاسد رحل عن كرسيه ,
ولم يستطع كل الوزراء والأمراء الذين تولوا مناصب لها علاقة بالمشكلة من حلها بل إنه لم يتم النظر في قضيتهن إلا بعد أن علت اصواتهن وكثرت تجمعاتهن على ابواب الوزارات .
وفي المقابل فقد تم توظيف بعض زميلاتهن بالواسطة عن طريق مدير عام عاصر القضية منذ بدايتها ورحل عن كرسيه قبل أن يحل المشكلة.
وهذه سابقة اخرى فلم يحدث في أي مكان بالعالم أن عانت مجموعة خريجات من البطالة لمدة 20 سنة وفي نفس الوقت يتم توظيف زميلاتهن لسبب (الحظ ) كما قال الوزير أو لأجل الواسطة كما فعل المدير العام.
وتوظيف زميلاتهن السابقات واللاحقات يعني أن مؤهلهن لايوجد به أي خلل ولكن الخلل في عقول المسئولين الذين افسدوا حياة 50 ألف مواطن هن الخريجات المعطلات وافراد اسرهن ولسبب غير منطقي
=البديلات المستثنيات صدر أمر سام بتثبيتهن عام 1426هـ ومعه أمر بوقف أي تعاقدات مؤقته جديدة ولكن ؛ التثبيت لم ينفذ والتعاقدات استمرت وصدرت بعده أوامر مماثلة بالتثبيت وايقاف التعاقد ورغم ذلك استمر التعاقد ولم يتم التثبيت حتى عام 1432هـ
=خريجات معاهد المعلمات تم تهميشهن سنوات طويلة جدا وبعد أن بدأن في الترافع لدى ديوان المظالم صدر قرار مجلس الوزراء باستحداث 12600 وظيفة على أن يتم التعيين على ثلاث دفعات كل سنة 4200 ,, ولكن عند حلول السنة الثالثة تبين أن عددهن أكبرمن 12600 وأن الوظائف المعتمدة لاتكفي لكل الخريجات !! من الذي أخر تعيينهن كل هذه السنين ؟ ومن الذي أعطى مجلس الوزراء بيانات خاطئة عن عددهن ؟
= منح الأراضي ومثلها المخصصات المالية السنوية المسماة ( المناخ ) تعطى فقط لأصحاب الواسطة وعندها يتم منح الرجل وزوجته بل وأطفاله الصغار لكل منهم قطعة ارض سكنية ( منحة سامية ) ومخصص مالي سنوي , في الوقت الذي ينتظر فيه المواطن منزوع الواسطة منحة أرض من البلدية لمدة 30 سنة ولا يحصل عليها. ويطرق ابواب الجمعيات الخيرية ولا يعطى الا الفتات .
= مشروعات التنمية ينطبق عليها ماقيل عن الوظائف ومنح الأراضي والمخصصات المالية فالتنمية يتم توزيعها على المناطق والمحافظات حسب قوة مطالبات الأهالي بها وليس حسب الحاجة الفعلية , فالمحافظة التي يرتفع صوت أهلها تحصل على الطرق والمستشفيات والمدارس والجامعات أيضا , والمحافظة التي لاصوت لأهلها تبقى مهمشة
=إن تزاحم المرضى على عدد محدود من الأسرة وتزاحم الطلاب على عدد محدود من المقاعد وقصور خدمات النقل الجوي والبري وتردي خدمات الاتصالات كلها ناتجة عن سوء التخطيط في الخطط الخمسية الأخيرة .
هذه أمثلة مختارة لصور من سوء الإدارة والفساد الذي عميت عنه أعين المنافقين وأصبحوا يشغلوننا بقضايا جيراننا حتى لاننتبه لفساد الداخل الذي ينتج عنه التفرقة بين المواطنين وعدم العدالة بينهم وهذا بدوره يؤدي إلى خلخلة البنية الاجتماعية ويقسم المجتمع إلى مفترِسين ومفترَسين
هذا التقسيم من شأنه أن يخلق الحالات التالية أو بعضها :
* صراع خفي بين الفئتين يكون نتيجته استنزاف قوى المجتمع وتضييع الجهود وبالتالي فشل المشروعات التنموية والتعليمية
* سيطرة الإحباط والشعور بالظلم والقهر على الفئة المغلوبة على أمرها بسبب شعورهم بأن حقوقهم قد سرقت منهم عيانا بيانا , وبالتالي ينعدم لديهم الإخلاص في العمل ويبدأ انحرافهم الإداري يزداد ولا يتورعون عن انتهاز أي فرصة للاقتداء بالفاسدين , والنتيجة أن المجتمع بأكمله سيتحول إلى مجتمع فاسد أشبه ما يكون بالغابة السيطرة فيها للقوي .
* الولاء للوطن وحكامه ينعدم تقريبا لدى الفئتين , الأولى ترى أن مصالح الوطن تتعارض مع مصالحها ولكنها تستمر بالنفاق حتى تحصل على المزيد من الامتيازات, والثانية تعتقد أن الحكومة تحابي الفاسدين على حساب الضعفاء . والنتيجة مواطنين بلا ولاء لوطنهم .
فهل هذا مايريده البعض؟ هل يريدون تفكيك مجتمعنا ؟ ولمصلحة من كل هذا ؟
لازلت احسن الظن ببعضهم وأحسب أنهم مجرد جهلة وليسوا مأجورين لهم أهداف خبيثة ضد بلادنا التي تملك مالا يملكه أي بلد آخر وهو: ملك محب لشعبه يسعى لرفاهيته وسعادته , وأموال تستطيع توفير هذه السعادة والرفاهية . ولكن هناك من يضع الأحجار أمام عجلة المسيرة العظيمة .
من أجل البحث عن الخلل وإيجاد الحلول دأب المصلحين والغيورين على بحث مثل هذه المشاكل ولكنهم دوما يصطدمون بالمنافقين الذين لايعرفون إلا اتهام المصلحين الإداريين بأنهم حركيين , حزبيين , إخونجية , مدعومين الخارج... الخ من الاتهامات .
وإذا اصر المصلحين على فضح الفساد بدأ المنافقين باتهامهم بأنهم يسعون لخراب البلد وتدميرها كما يحدث لدى بعض جيراننا , ومع أن ماحدث لدى جيراننا هي ثورة وليست مجرد إصلاحات إدارية إلا أن المنافقين يصرون على الربط بينهما من أجل تنفير الناس من المطالبة باي إصلاح إداري !
والحقيقة أنه لايمكن تدمير أي بلد الا بعد تفكيك اللحمة الوطنية ولا شيء يفكك هذه اللحمة اسرع من ( الفساد الاداري ) وهذا ما يسعى اليه المنافقين المجاهدين في سبيل الفساد , كفانا الله شرورهم وحفظ الله لنا وطننا وقائدنا رمز وحدتنا0
بقلم /عيسى الغفيلي 0