مرحبا يا حلوين ... لا زلنا نقرأ رائعة تشيخوف " الرهان " فتعالوا نرى ما حدث للسجين :



نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي



في غرفة المحامي كانت ثمة شمعة واهنة تحترق ببطء و كان هو جالسا و ظهره إلى مسترق النظر مابدا منه سوى شعر رأسه و يديه و على المنضدة و الكرسي و السجادة انتشرت كتب مقلوبة كثيرة ...خمس دقائق مرت دون أن يبدي السجين أي حراك علمته سنوات السجن الطويلة أن يجلس كالتمثال دون حراك و طرق المصرفي النافذة بإصبعة فلم يحرك السجين ساكنا عندها فض الأولى اختام الباب قبل أن يدير المفتاح في القفل و أحدث القفل الصدئ صرير مزعج ثم سمع صرير الباب و هو ينفتح و توقع المصرفي أن يهب السجين من مكانة لفرط المفاجأة فيصرخ في ذهول لكن دقائق ثلاث مرت دون أن يطرأ على السكون الموغل في تجاويف الغرفة أي تغيير فعقد العزم على الدخول .
أمام المنضدة جلس رجل غريب الهيئة فكأنما ودع منذ أزل عالم البشر كان هيكلا عظميا رق جلده حتى كشف عما تحته أو كاد و كان له شعر طويل أجعد كشعر النساء و لحية أما لون وجهه فحاكى صفار التربة فيما غار خده و تأمل ظهره فهاله ما بدا عليه من طول و نحول و تلك اليد التي أسند عليها رأسا مشعرا لكم كانت تبعث على البكاء كان مجرد النظر إليها يحرك في الذات أقسى مشاعر الشفقة و الألم و خط الشيب هامته ...تسللت خيوط الكفن البيضاء حتى كللت معضمه حتى لم بعد يصدق من يرى أن ذلك الشبح الواهن لم يزل في بحر الأربعين و تحت اليد المثنية على المنضدة كانت هناك ورقة دوّن بها شيئا ما...
- يا للشرير التعس إنه الآن يحلق مع أطياف الكرى حالما بما سبصنعه فور تلقيه المبلغ ليس لي الآن إلا حمل هذا الجسد شبه الميت لألقي به فوق سريره قبل أن أطبق عليه بيدي و لن تظهر أدق التحقيقات أي أثر لوفاة غير طبيعية و لكن قبل هذا دعني أقرا ما كتب هنا :
- فرفع الورقة وقرأ التالي :
غدا و في منتصف الليل تحديدا سأسترد حريتي فأستعيد بذلك نعمة الاختلاط بالناس على أني أرى لزاما عليّ قبل أن أغادر غرفتي فأبصر ضياء الشمس أن أخبرك بشيء
أعلن الآن و بكامل قواي العقلية و بضمير واع مرتاح تحت رقابة من لا تنام عينيه بأني ....

أمقت الحياة و الحرية و كل ما تنعته كتبك قاطبة .. بنعيم الوجود!

لقد دأبت و لخمس عشرة سنة خلت على دراسة حياة الإنسان على هذه الأرض.. صحيح أنى مارأيت أرضَاً ولا بشراً..


لكني .. في كتبك أبحرت إلى عوالم من خيال ... أثملني فيها رحيق الزهور و شدو الطيور .. رددّت روحي أعذب الأنغام و توغلت في مجاهل الغابات فاصطدت الظباء و الغزلان .. و رأيت النساء.. نساء فاتنات كسحب الأثير أبدعتها قرائح عباقرة الشعراء... فتيات كن إذا أويت إلى فراشي يزرنني فيسكبن في مسمعي أروع الحكايا فانتشي لوقعها و يثمل فؤادي للحظات عفيفات ..



نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي


يتبع في آخر جزء من القصة