لونك المفضل

المنتديات الثقافية - Powered by vBulletin
 

صفحة 2 من 16 الأولىالأولى 123412 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 21 إلى 40 من 301

الموضوع: كتاب : خزانة الأدب وغاية الأرب

  1. #21
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية البحري.
    تاريخ التسجيل
    09 2012
    المشاركات
    2,553

    رد: كتاب : خزانة الأدب وغاية الأرب

    ذكر الطي والنشر
    ( والطي والنشر والتغيير مع قصر ... للظهر والعظم والأحوال والهمم )
    الطي والنشر هو أن تذكر شيئين فصاعدا إما تفصيلا فتنص على كل واحد منهما وإما إجمالا فتأتي بلفظ واحد يشتمل على متعدد وتفوض إلى العقل رد كل واحد إلى ما يليق به لا أنك تحتاج أن تنص على ذلك ثم إن المذكور على التفصيل قسمان قسم يرجع إلى المذكور بعده على الترتيب من غير الأضداد لتخرج المقابلة فيكون الأول للأول والثاني للثاني وهذا هو الأكثر في اللف والنشر والأشهر وقسم على العكس وهو الذي لا يشترط فيه الترتيب ثقة بأن السامع يرد كل شيء إلى موضعه تقدم أو تأخر
    أما المذكور على الإجمال فهو قسم واحد لا يتبين فيه ترتيب ولا يمكن عكسه ومثاله أن يقول لي منه ثلاثة بدر وغصن وظبي
    فحصل من هذا أن اللف والنشر على ثلاثة أقسام وإذا كان المفصل المرتب في اللف والنشر هو المقدم نبدأ بشواهده
    فمنه بين شيئين قوله تعالى ( ومن رحمته جعل لكم الليل والنهار لتسكنوا فيه ولتبتغوا من فضله ) فالسكون راجع إلى الليل والابتغاء راجع إلى النهار
    ومنه قول الشاعر
    ( ألست أنت الذي من ورد نعمته ... وورد راحته أجني وأغترف )


    وقد جمع هذا البيت مع حشمة الألفاظ بين جناس التحريف والاستعارة واللف والنشر
    وما ألطف قول شمس الدين محمد بن دانيال الحكيم
    ( ما عاينت عيناي في عطلتي ... أقل من حظي ومن بختي )
    ( قد بعت عبدي وحماري وقد ... أصبحت لا فوقي ولا تحتي )
    ومن غراميات البهاء زهير
    ( ولي فيك قلب بالغرام مقيد ... له خبر يرويه طرفي مطلقا )
    ( ومن فرط وجدي في لماه وثغره ... أعلل قلبي بالعذيب وبالنقا )
    ومثله قوله
    ( يا ردفه يا خصره ... من لي بنجد أو تهامه )
    ومثله قول ابن نباتة
    ( له قلب ولي دمع عليه ... فهذا قاسيون وذا يزيد )
    ومثله قوله مع زيادة التورية
    ( لا تخف عيلة ولا تخش فقرا ... يا كثير المحاسن المختاله )
    ( لك عين وقامة في البرايا ... تلك غزالة وذي فتاله )
    ومثله قوله مع زيادة التورية
    ( سألته عن قومه فانثنى ... يعجب من إسراف دمعي السخي )
    ( وأبصر المسك وبدر الدجى ... فقال ذا خالي وهذا أخي )
    ولابن حيوس بين ثلاثة وثلاثة
    ( ومقرطق يغني النديم بوجهه ... عن كاسه الملأى وعن إبريقه )
    ( فعل المدام ولونها ومذاقها ... من مقلتيه ووجنتيه وريقه )

    ومثله قول ابن الرومي
    ( آراؤكم ووجوهكم وسيوفكم ... في الحادثات إذا دجون نجوم )
    ( منها معالم للهدى ومصابح ... تجلو الدجى والأخريات رجوم )
    ومثله قول حميدة الأندلسية وهو
    ( ولما أبى الواشون إلا فراقنا ... وما لهم عندي وعندك من ثار )
    ( غزوناهم من ناظريك وأدمعي ... وأنفاسنا بالسيف والسيل والنار )
    قال الشيخ شهاب الدين أبو جعفر الأندلسي نزيل حلب وقد أورد هذين البيتين في شرحه على بديعية صاحبه أبي عبد الله محمد بن جابر الأندلسي إن حميدة كانت من ذوي الألباب وفحول أهل الآداب حتى إن بعض المنتحلين تعلق بهذه الأهداب وادعى نظم هذين البيتين لما فيهما من المعاني والألفاظ العذاب وما غره في ذلك إلا بعد ديارها وخلو هذه البلاد من أخبارها وقد تلبس بعضهم بشعارها وادعى هذا من أشعارها وهو قولها
    ( وقانا لفحة الرمضاء روض ... وقاه مضاعف الطل العميم )
    ( تظل غصونه تحنو علينا ... حنو الوالدات على الفطيم )
    ( وأسقانا على ظمإ زلالا ... ألذ من المدامة للنديم )
    ( تروع حصاه حالية الغواني ... فتلمس جانب العقد النظيم )
    فهذه الأبيات نسبوها إلى المنازي من شعرائهم وركبوا التعصب في جادة إدعائهم وهي أبيات لم يحكها غير لسانها ولا رقم بردها غير حسانها وقد رأيت بعض المؤرخين من أهل بلادنا أثبتوها لها قبل أن يخرج المنازي من العدم إلى الوجود ويتصف بلفظه الموجود
    انتهى كلام الشيخ شهاب الدين المذكور
    ومنه بين ثلاثة وثلاثة قول الشيخ جمال الدين بن نباتة رحمه الله تعالى وعفا عنه آمين
    ( عرج على حرم المحبوب منتصبا ... لقبلة الحسن واعذرني على سهري )

    ( وانظر إلى الخال فوق الخد تحت لمى ... تجد بلالا يراعي الصبح في السحر )
    ومنه بين أربعة وأربعة
    ( ثغر وخد ونهد واحمرار يد ... كالطلع والورد والرمان والبلح )
    ومثله قول شمس الدين بن العفيف رحمه الله تعالى
    ( رأى جسدي والدمع والقلب والحشا ... فأضنى وأفنى واستمال وتيما )
    ومثله قولي من قصيدة
    ( من محياه والدلال ومسك الخال ... والثغر يا شيوخ البديع )
    ( انظروا في التكميل واللف والنشر ... وحسن الختام والترصيع )
    وللشيخ شهاب الدين أبي جعفر الشارح المذكور بين خمسة وخمسة ولكن لم يخل من التعسف وهو
    ( ملك يجيء بخمسة من خمسة ... كفى الحسود بها فمات لما به )
    ( من وجهه ووقاره وجواره ... وحسامه بيديه يوم ضرابه )
    ( قمر على رضوى تسير به الصبا ... والبرق يلمع من خلال سحابه )
    ولابن جابر ناظم البديعية بين ستة وستة
    ( إن شئت ظبيا أو هلالا أو دجى ... أو زهر غصن في الكثيب الأملد )
    ( فللحظها ولوجهها ولشعرها ... ولخدها والقد والردف أقصد )
    صبرنا على الأملد صفة الكثيب ولكن لم نصبر على دخول القصد فإنها زيادة أجنبية
    وقد جمع قاضي القضاة نجم الدين عبد الرحيم بن البارزي بين سبعة وسبعة
    ( يقطع بالسكين بطيخة ضحى ... على طبق في مجلس لأصاحبه )
    ( كبدر ببرق قد شمسا أهلة ... لدى هالة في الأفق بين كواكبه )

    قال شهاب الدين المذكور في شرح بديعية صاحبه ابن جابر إن اللف والنشر في هذين البيتين غير كامل التفصيل
    لأنه نص في اللف على ستة ونص في النشر على سبعة وكل منهما راجع إلى منصوص عليه في اللف إلا الأهلة فإنه راجع إلى الأشطار وهي غير مذكورة في اللف
    قلت هذا يفهم من قوله يقطع
    قال الشيخ شهاب الدين قوله ضحى في بيت اللف مطرح لا نظير له في النشر
    قلت ضحى ليس لها في الحسن نظير فإنه جعل البطيخة شمسا وهي أنور من قول صاحبه في بيته أملد وأقصد
    فإنه لم ينص عليهما في اللف وهما أجنبيان مما نحن فيه
    ووصلوا في الجمع بين اللف والنشر المفصل المرتب إلى اثني عشر
    لكن تكلفوا وتعسفوا وأتوا به في بيتين ولم تسفر لهم وجوه المعاني المسفرة عن بهجة
    ولابن بلدتنا الشيخ علاء الدين بن مقاتل مالك أزمة الزجل وقد تقدم ذكره في ما أوردته له من أزجاله على الجناس المقلوب واللفظي الجمع في اللف والنشر بين ثمانية وثمانية مع عدم الحشو والفرار من التعسف وصحة الانسجام
    ( خدود وأصداغ وقد ومقلة ... وثغر وأرياق ولحن ومعرب )
    ( فورد وسوسان وبان ونرجس ... وكاس وجريال وجنك ومطرب )
    ومما سمعت في هذا النوع وفيه الجمع بين عشرة وعشرة قول بعضهم
    ( شعر جنين محيا معطف كفل ... صدغ فم وجنات ناظر ثغر )
    ( ليل صباح هلال بانة ونقا ... آس أقاح شقيق نرجس در )
    وجل القصد هنا أن يكون اللف والنشر في بيت واحد خاليا من الحشو وعقادة التركيب جامعا بين سهولة اللفظ والمعاني المخترعة
    انتهى الكلام على اللف والنشر المفصل المرتب
    وأما القسم الذي هو العكس أعني غير المرتب فكقول الشاعر
    ( كيف أسلو وأنت حقف وغصن ... وغزال لحظا وقدا وردفا )
    فعدم الترتيب ظاهر في البيت وأما القسم المذكور على الإجمال فهو قسم واحد

    لا يتبين فيه ترتيب ولا عكس كما تقدم ومثله قول ابن سكرة في بيت الكافات الشتائية
    ( جاء الشتاء وعندي من حوائجه ... سبع إذا القطر عن حاجاتنا حبسا )
    ( كن وكيس وكانون وكاس طلا ... مع الكباب وكس ناعم وكسا )
    وظريف هنا قول من قال
    ( جاء الصفاع وعندي من حوائجه ... سبع إذا الصفع في ميدانه وقفا )
    ( نطع وطرق وزريوك وغاشية ... وركوة وجراب ناعم وقفا )
    ففي قوله بعد ما ذكره من آلات الصفع وقفا
    غاية في اللطف وقوة في تمكين القافية
    انتهى الكلام على اللف والنشر المفصل المرتب وعلى غيره
    وأما أصحاب البديعيات فإنهم ما نظموا إلا المفصل المرتب لأنه المقدم عند علماء البديع في هذا الباب ولم يأتوا به إلا في بيت واحد بحيث يكون مثالا شاهدا على هذا النوع وماشيا على سنن الأبيات المفردة المشتملة على أنواع البديع وبيت صفي الدين غاية في هذا الباب لما اشتمل عليه من السهولة والرقة وعدم الحشو وهو قوله
    ( وجدي حنيني أنيني فكرتي ولهي ... منهم إليهم عليهم فيهم بهم )
    والعميان لم يأتوا بهذا النوع إلا في بيتين مع عقادة التركيب
    ولقد حبست عنان القلم عن الكلام عليهما لكونهما من جملة مديح النبي وهما
    ( حيث الذي إن بدا في قومه وحبى ... عفاته ورمى الأعداء بالنقم )
    ( فالبدر في شبهه والغيث جاد لذي ... محل وليث الشرى قد جال في الغنم )
    وبيت عز الدين الموصلي
    ( نشر ويسر وبشر من شذا وندى ... وأوجه فتعرف طي نشرهم )
    قوله فتعرف طي نشرهم ليس له نص في اللف لأنه نص فيه على ثلاثة وعجز عن ترتيب اللف والنشر في نص اللف وعلى كل تقدير فلا بد له من تسمية النوع فسماه ولكن أتى به فضلة ولو التزم الشيخ صفي الدين أن يسمي هذا النوع البديعي في بيته لتجافت عليه تلك الرقة
    ( فالطي والنشر والتغيير مع قصر ... للظهر والعظم والأحوال والهمم )
    فالطي والنشر في نص اللف قبالة الظهر والعظم والتغيير مع القصر قبالة الأحوال والهمم هذا مع زيادة العدة على الشيخ عز الدين وعدم التكلف ولولا الالتزام بتسمية النوع ومراعاة السهولة والانسجام وصلت إلى أكثر من هذه العدة
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  2. #22
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية البحري.
    تاريخ التسجيل
    09 2012
    المشاركات
    2,553

    رد: كتاب : خزانة الأدب وغاية الأرب

    ذكر الطباق

    ( بوحشة بدلوا أنسي وقد خفضوا ... قدري وزادوا علوا في طباقهم )
    المطابقة يقال لها التطبيق والطباق والمطابقة في اللغة أن يضع البعير رجله في موضع يده فإنه فعل ذلك قيل طابق البعير
    وقال الأصمعي المطابقة أصلها وضع الرجل موضع اليد في مشي ذوات الأربع
    وقال الخليل بن أحمد يقال طابقت بين الشيئين إذا جمعت بينهما على حد واحد
    انتهى
    وليس بين تسمية اللغة وتسمية الاصطلاح مناسبة لأن المطابقة في الاصطلاح الجمع بين الضدين في كلام أو بيت شعر كالإيراد والإصدار والليل والنهار والبياض والسواد
    وليس في الألوان ما تحصل به المطابقة غيرهما أعني البياض والسواد فقد قال الرماني وغيره البياض والسواد ضدان بخلاف بقية الألوان لأن كلا منهما إذا قوي زاد بعدا من صاحبه
    انتهى
    وإذا ألحقوا بقية الألوان بالمطابقة فالتدبيج أحق منها بذلك فإنهم أوردوا في المطابقة من التدبيج قول ابن حيوس على جهة الكناية
    ( فافخر بعم عم جود يمينه ... وأب لأفعال الدنية آبي )
    ( ببياض عرض واحمرار صوارم ... وسواد نقع واخضرار رحاب )


    وقد تقرر أن المطابقة الجمع بين الضدين عند غالب الناس سواء كانت من سمين أو من فعلين أو غير ذلك
    قال الأخفش وقد سئل عنها أجد قوما يختلفون فيها فطائفة وهم الأكثر يرون أنها الشيء وضده وطائفة يزعمون أنها اشتراك المعنيين في لفظ واحد منهم قدامه بن جعفر الكاتب وأوردوا في ذلك قول زياد الأعجم
    ( ونبئتهم يستنصرون بكاهل ... وللؤم فيهم كاهل وسنام )
    فكاهل الأول اسم رجل والثاني العضو المعروف فاللفظ واحد والمعنيان مختلفان وهذا هو الجناس التام بعينه وقال الأخفش من قال إن المطابقة اشتراك المعنيين في لفظ واحد فقد خالف الخليل والأصمعي فقيل أوكانا يعرفان ذلك فقال سبحان الله من أعلم منهما بطيبه وخبيثه وما أحسن ما أتى الأخفش في الجواب بالمطابقة
    ومنهم من أدخل المقابلة فيها وليس بمليح إذ لم يبق للفرق بينهما محل
    فإن السكاكي قال المقابلة أن تجمع بين شيئين فأكثر وتقابل بالأضداد ثم إذا شرطت هنا شيئا شرطت هناك ضده والمطابقة هي الإتيان بلفظتين والواحدة ضد الأخرى وكأن المتكلم طابق الضد بالضد
    ولقد شفى زكي الدين بن أبي الأصبع القلوب في ما قرره فإنه قال المطابقة ضربان ضرب يأتي بألفاظ الحقيقة وضرب يأتي بألفاظ المجاز فما كان بلفظ الحقيقة سمي طباقا وما كان بلفظ المجاز سمي تكافؤا
    فمثال التكافؤ وهو من إنشادات قدامة
    ( حلو الشمائل وهو مر باسل ... يحمي الذمار صبيحة الإرهاق )
    فقوله حلو ومر يجري مجرى الاستعارة إذ ليس في الإنسان ولا في شمائله ما يذاق بحاسة الذوق
    ومن أمثلة التكافؤ قول ابن رشيق وهو حسن
    ( وقد أطفؤا شمس النهار وأوقدوا ... نجوم العوالي في سماء عجاج )

    ومثله
    ( إن هذا الربيع شيء عجيب ... تضحك الأرض من بكاء السماء )
    ( ذهب حينما ذهبنا ودر ... حيث درنا وفضة في الفضاء )
    وما أحلى قول القائل في هذا الباب
    ( إذا نحن سرنا بين شرق ومغرب ... تحرك يقظان التراب ونائمه )
    فالمطابقة بين اليقظان والنائم ونسبتهما إلى التراب على سبيل المجاز وهذا هو التكافؤ عند ابن أبي الأصبع
    وأما المطابقة الحقيقية التي لم تأت بغير ألفاظ الحقيقة فأعظم الشواهد عليها قوله تعالى ( وأنه هو أضحك وأبكى وأنه هو أمات وأحيى ) وكقول النبي للأنصار رضي الله تعالى عنهم ( إنكم لتكثرون عند الفزع وتقلون عند الطمع ) فانظر إلى هذه البلاغة النبوية والمناسبة التامة ضمن المطابقة
    ومن الشواهد الشعرية قول الحماسي
    ( تأخرت أستبقي الحياة فلم أجد ... لنفسي حياة مثل أن أتقدما )
    ولآخر
    ( لئن ساءني أن نلتني بإساءة ... لقد سرني أني خطرت ببالك )
    ولآخر في وصف فرس وأجاد
    ( وأرى الوحش في يميني إذا ما ... كان يوما عنانه بشمالي )
    والمعجز الذي لا تصل إليه قدرة مخلوق قوله تعالى ( وما يستوي الأعمى والبصير ولا الظلمات ولا النور ولا الظل ولا الحرور وما يستوي الأحياء ولا الأموات ) فانظر إلى عظم هذه المطابقة وما فيها من الوجازة
    ومن ذلك في الحديث قول النبي ( فليأخذ العبد من نفسه لنفسه ومن ديناه لآخرته ومن الشبيبة للكبر ومن الحياة للممات فوالذي نفسي بيده ما بعد الحياة مستعتب ولا بعد الدنيا دار إلا الجنة والنار )
    انتهى ما قررته في المطابقة لغة واصطلاحا وما أوردته من الفرق بينهما وبين التكافؤ على رأي ابن أبي الأصبع

    ولهم مطابقة السلب بعد الإيجاب وهي المطابقة التي لم يصرح فيها بإظهار الضدين كقوله تعالى ( قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون ) فالمطابقة حاصلة بين إيجاب العلم ونفيه لأنهما ضدان ومثله قول البحتري
    ( يقيض لي من حيث لا أعلم النوى ... ويسري إلي الشوق من حيث أعلم )
    فالمطابقة باطنة ومعناها ظاهر فإن قوله لا أعلم كقوله جاهل والسابق إلى هذا امرؤ القيس بقوله
    ( جزعت ولم أجزع من البين مجزعا ... وعزيت قلبا بالكواعب مولعا )
    فالمطابقة حاصلة بين إيجاب الجزع ونفيه ومن المستحسن في ذلك قول بعضهم
    ( خلقوا وما خلقوا لمكرمة ... فكأنهم خلقوا وما خلقوا )
    ( رزقوا وما رزقوا سماح يد ... فكأنهم رزقوا وما رزقوا )
    ومثله قول بشر بن هارون وقد ظهر منه الفرح عند الموت فقيل له أتفرح بالموت فقال ليس قدومي على خالق أرجوه كمقامي عند مخلوق لا أرجوه
    فالمطابقة حاصلة بين إيجاب الرجاء ونفيه
    انتهى الكلام على مطابقة السلب بعد الإيجاب
    ولهم إيهام المطابقة كما لهم إيهام التورية والشاهد على إيهام المطابقة قول الشاعر
    ( يبدي وشاحا أبيضا من سيبه ... والجو قد لبس الوشاح الأغبرا )
    فإن الأغبر ليس بضد الأبيض وإنما يوهم بلفظه أنه ضده ومثله قول دعبل
    ( لا تعجبني يا سلم من رجل ... ضحك المشيب برأسه فبكى )
    فالضحك هنا من جهة المعنى ليس بضد البكاء لأنه كناية عن كثرة الشيب ولكنه من جهة اللفظ يوهم المطابقة
    ولهم الملحق بالطباق وهو راجع إلى الضدين كقوله تعالى ( أشداء على الكفار رحماء بينهم ) طابق الأشداء بالرحماء لأن الرحمة فيها معنى اللين ومثله قوله

    تعالى ( مما خطيئاتهم أغرقوا فأدخلوا نارا ) فالمطابقة بين الغرق ودخول النار فإن من دخل النار احترق والاحتراق ضد الغرق ومنه قول الحماسي
    ( لهم جل مالي إن تتابع لي غنى ... وإن قل مالي لا أكلفهم رفدا )
    ففي قوله تتابع لي غنى معنى الكثرة وأما قول أبي الطيب
    ( لمن تطلب الدنيا إذا لم ترد بها ... سرور محب أو إساءة مجرم )
    فمتفق عليه أنه من الطباق الفاسد فإن المجرم ليس بضد للمحب بوجه ما وليس للمحب ضد غير المبغض انتهى
    وذكروا في آخر الباب طباق الترديد وهو أن ترد آخر الكلام المطابق على أوله فإن لم يكن الكلام مطابقا فهو من رد الإعجاز على الصدور ومنه قول الأعشى
    ( لا يرقع الناس ما أوهوا وإن جهدوا ... طول الحياة ولا يوهون ما رقعوا )
    وجل القصد في هذا الباب المطابقة في الحقيقة التي قررها ابن أبي الأصبع وتقدم ذلك في أول الباب مع الشواهد عليه ومثله قول بشار
    ( إذا أيقظتك حروب العدا ... فنبه لها عمرا ثم نم )
    ومن لطيف هذا الطباق ما أورده القاضي جلال الدين القزويني في إيضاحه على تلخيصه وهو قول القاضي الأرجاني
    ( ولقد نزلت من الملوك بماجد ... فقر الرجال إليه مفتاح الغنى )
    والذي أقوله إن المطابقة التي يأتي بها الناظم مجردة ليس تحتها كبير أمر ونهاية ذلك أن يطابق الضد بالضد وهو شيء سهل اللهم إلا أن تترشح بنوع من أنواع البديع يشاركه في البهجة والرونق كقوله تعالى ( تولج الليل في النهار وتولج النهار في الليل وتخرج الحي من الميت وتخرج الميت من الحي وترزق من تشاء بغير حساب ) ففي العطف بقوله تعالى ( وترزق من تشاء بغير حساب ) دلالة على أن من قدر على تلك

    الأفعال العظيمة قدر على أن يرزق بغير حساب من شاء من عباده وهذه مبالغة التكميل المشحونة بقدرة الرب سبحانه وتعالى فانظر إلى عظم كلام الخالق هنا فقد اجتمع فيه المطابقة الحقيقية والعكس الذي لا يدرك لوجازته وبلاغته ومبالغة التكميل التي لا تليق بغير قدرته ومثل ذلك قول امرئ القيس
    ( مكر مفر مقبل مدبر معا ... كجلمود صخر حطه السيل من عل )
    فالمطابقة في الإقبال والإدبار ولكنه لما قال معا زادها تكميلا في غاية الكمال فإن المراد بها قرب الحركة في حالتي الإقبال والإدبار وحالتي الكر والفر فلو ترك المطابقة مجردة من هذا التكميل ما حصل لها هذه البهجة ولا هذا الموقع ثم إنه استطرد بعد تمام المطابقة وكمال التكميل إلى التشبيه على سبيل الاستطراد البديعي ولم يكن قد ضرب لأنواع البديع في بيوت العرب وتد ولا امتد له سبب
    وقد اشتمل بيت امرئ القيس على المطابقة والتكميل والاستطراد على طريقة فإن ابن المعتز قال هو أن يكون المتكلم في معنى فيخرج منه بطريق التشبيه إلى معنى آخر وممن كسا المطابقة ديباجة التورية أبو الطيب المتنبي حيث قال
    ( برغم شبيب فارق السيف كفه ... وكانا على العلات يصطحبان )
    ( كأن رقاب الناس قالت لسيفه ... رفيقك قيسي وأنت يماني )
    لعمري لقد رفع أبو الطيب قدر المطابقة وأزال حقارتها بمجاورة هذا النوع البديعي الذي عظم عند أهل الأدب قدرا ومثله قول الصاحب بن عباد في رثاء الوزير كثير بن أحمد
    ( يقولون قد أودى كثير بن أحمد ... وذلك رزء في الأنام جليل )
    فقلت دعوني والعلا نبكه معا ... فمثل كثير في الأنام قليل )
    وأبو تمام كساها ديباجة المجانسة بقوله
    ( بيض الصفائح لا سود الصحائف في ... متونهن جلاء الشك والريب )
    وما أحلى قول الأرجاني من قصيدة
    ( تعلق بين الهجر والوصل مهجتي ... فلا أربي في الحب أقضي ولا نحبي )

    فشد أزر المطابقة ببديع اللف والنشر وأهلها بغريب هذا المعنى بعدما سال رقة وعلق بخاطري من هذه القصيدة
    ( فلا تتعجب أنني عشت بعدهم ... فإنهم روحي وقد سكنوا قلبي )
    ومنها
    ( وحرف تجوب القاع والوهد والربا ... كحرف مديم الجر والرفع والنصب )
    نجائب يقدحن الحصى كل ليلة ... كأن بأيديها مصابيح للركب )
    ومن المطابقة باللف والنشر أيضا قول شيخ شيوخ حماة المحروسة
    ( إن قوما يلحون في حب ليلى ... لا يكادون يفقهون حديثا )
    ( سمعوا وصفها ولاموا عليها ... أخذوا طيبا وردوا خبيثا )
    ومثله قوله يخاطب العاذل
    ( أراك بخيلا بعوني فهبني ... سكوتك عني إذا لم تعني )
    ( ذممت الهوى ورجوت السلو ... فأبكيت عيني وأضحكت سني )
    ومثله قوله
    ( يا وجوها زانت سناها فروع ... حالكات أغنتكم عن حلاكم )
    ( لي من حسنكم نهار وليل ... أنعم الله صبحكم ومساكم )
    ومثله قوله من قصيدة
    ( توغل حرقتي أجرى دموعي ... فقل ما شئت في دخل وخرج )
    ومنه قول أبي حفص المطوعي في الباب
    ( أو ما ترى نور الخلاف كأنه ... لما بدا للعين نور وفاق )
    فالمطابقة هنا بزيادة التورية مع الاستعارة البديعة ويعجبني قوله بعد هذا البيت
    ( كأكف سنور ولكن نشره ... يسعى بفأر المسك في الآفاق )
    وأما سحر البلاغة هنا فقول القاضي الفاضل
    ( دام صاحي وداده عمر الدهر ... جنينا لسكري النشوان )

    أنظر أيها المتأمل ما أبدع ما أبرز المطابقة في حلل هاتين الاستعارتين الغريبتين وما ألطف ما أيد معنى المطابقة بقوله بعدها
    ( وبنات الصدور أوقع فيما ... زعم المجد من بنات الدنان )
    فالفاضل أبرز هذه المطابقة في حلل الاستعارة ولكن من أين للمستعير صحو الوداد ونشوة السكر سبحان المانح ما هذه إلا مواهب ربانية
    وأما الذين تقدم القول بالاقتداء برأيهم في هذا الفن فإنهم ما أبرزوها إلا في أشعار التورية فمن ذلك قول القاضي محيي الدين بن عبد الظاهر في موصول
    ( وناطقة بالنفخ عن روح ربها ... تعبر عما عندنا وتترجم )
    ( سكتنا وقالت للقلوب فأطربت ... فنحن سكوت والهوى يتكلم )
    فإنه جمع بين التورية والتضمين والمطابقة
    وما أحلى قول الشيخ شرف الدين بن الفارض في المطابقة بالتورية في قوله
    ( أرج النسيم سرى من الزوراء ... سحرا فأحيا ميت الأحياء )
    ومثله قول الوداعي في قصيدة وهو في غاية الحسن
    ( يفتن بالفاتر من طرفه ... وريقه البارد يا حار )
    وما ألطف قول الشيخ شمس الدين الواسطي في دو بيت
    ( إن ضر مني بجذوة التذكار ... حبي وبرى عظمي شكرت الباري )
    ( فالعاذل في هواي لا عقل له ... ما أبلد عاذلي وأذكى ناري )
    ومثله قول سراج الدين الوراق
    ( وبي من البدو كحلاء الجفون بدت ... في قومها كمهاة بين آساد )
    ( فلو بدت لحسان الحضر فمن لها ... على الرؤوس وقلن الفضل للبادي )

    ومثله قول أبي الحسين الجزار
    ( أمولاي ما من طباعي الخروج ... ولكن تعلمته من خمولي )
    ( أتيت لبابك أرجو الغنى ... فأخرجني الضرب عند الدخول )
    ومثله قول الوداعي في مطلع قصيد
    ( ما كنت أول مغرم محروم ... من باخل بادي النفار كريم )
    ومثله قول مجير الدين بن تميم
    ( لما لبست لبعده ثوب الضنا ... وغدوت من ثوب اصطباري عاريا )
    ( أجريت واقف مدمعي من بعده ... وجعلته وقفا عليه جاريا )
    وكتبت من هذا النوع إلى القاضي كمال الدين بن النجار وكيل بيت المال بدمشق المحروسة
    ( كمال الدين يا مولاي يا من ... يغير البحر من بذل النوال )
    ( أيجمل أن يقول الناس إني ... أتيت لحاجة لم تقضها لي )
    ( وأصبح بينهم مثلا لأني ... أتاني النقص من جهة الكمال )
    ومثله قول الشيخ جمال الدين بن نباتة رحمه الله تعالى
    ( إني إذا آنست هما طارقا ... عجلت باللذات قطع طريقه )
    ( ودعوت ألفاظ الحبيب وكأسه ... فنعمت بين حديثه وعتيقه )
    ومثله قوله
    ( قصدت معاليك أرجو الندى ... وأشكو من العسر داء دفينا )
    ( فما كان بيني وبين اليسار ... سوى أن مددت إليك اليمينا )
    ومثله قوله
    ( حزني من مهفهف القدر أم ... أسهم اللحظ ما أسد وأرشق )
    ( كلما قلت يفتح الله بالوصل ... رماني من سحر عينيه يغلق )

    ومثله قوله
    ( إن أساء الحبيب قامت بعذر ... وجنة منه فوقها شامات )
    ( يا لها وجنة أقابل منها ... حسنات تمحى بها سيئات )
    ومثله قوله
    ( قام غلام الأمير يحسب في ... يوم طهور البنين طاووسا )
    ( فأنزل الحاضرون من شبق ... وعاد ذاك الطهور تنجيسا )
    وما ألطف قوله من هذا النوع
    ( يا غائبين تعللنا لغيبتكم ... بطيب لهو ولا والله لم يطب )
    ( ذكرت والكاس في كفي لياليكم ... فالكاس في راحة والقلب في تعب )
    ومثله قوله في براعة قصيد
    ( يوم صحو فاجعله لي يوم سكر ... )
    وما أحلى ما قال بعده في الشطر الثاني
    ( فأدر كأسي رضاب وخمر ... )
    منها ولم يخرج عما نحن فيه
    ( جفن عينيه فاتر مستحيي ... إنما خده المشعشع جمري )
    ومثله قوله من قصيدة
    ( فريد وهو فتان التثني ... فيا لله من فرد تثنى )
    وله في روضة من قصيدة
    ( مطابقة الأوصاف أما نسيمها ... فصح وأما ماؤها فتكسرا )
    أنظر ما أحسن تصريحه بالنوع هنا في قوله مطابقة الأوصاف
    ومثله قول الشيخ برهان الدين إبراهيم القيراطي من قصيدة
    ( بأبي غني ملاحة أشكو له ... فقري فيصبح بالغنى يتطرب )
    ومنها في هذا النوع
    ( غدا ينادمني وكأس حديثه ... أشهى إلي من العتيق وأطيب )

    ومثله قوله
    ( في جفنه سيف مضاربه ... يا صاح أسبق لي من العذل )
    ( وبخده والردف لي خبر ... قد سار بين السهل والجبل )
    ومثله قول الشيخ زين الدين بن الوردي
    ( تجادلنا أماء الزهر أزكى ... أم الخلاف أم ورد القطاف )
    ( وعقبي ذلك الجدل اصطلحنا ... وقد حصل الوفاق على الخلاف )
    ومثله قول الشيخ بدر الدين بن الصاحب وهو في غاية الظرف
    ( كم جار صرف الدهر في حكمه ... وضر بي من حيث بي يعتني )
    ( ألبسني من شيبتي حلة ... قلت له والله عريتني )
    ومنه قول الشيخ صلاح الدين الصفدي وقد أهدى إلى الشيخ جمال الدين بن نباتة تخفيفة
    ( أيا فاضلا تدنو الأفاضل نحوه ... وتشكر في جميع المناقب تصريفه )
    ( إذا كنت بالإحسان ثقلت كاهلي ... فلا عجب إن كنت تقبل تخفيفه )
    ومنه قول الشيخ صفي الدين الحلي من قصيدة
    ( والريح تجري رخاء فوق بحرتها ... وماؤها مطلق في زي مأسور )
    ( قد جمعت جمع تصحيح جوانبها ... والماء يجمع فيها جمع تكثير )
    ومنه قول المعمار
    ( أصاب قلبي خطائي ... بلحظه لشفائي )
    ( فرحت من فرط وجدي ... أشكو إلى الحكماء )
    ( قالوا أصبت بعين ... فقلت من عظم دائي )
    ( إن كان هذا صوابا ... فتلك عين الخطاء )
    وحسن هنا قول البدر يوسف بن لؤلؤ الذهبي
    ( وحديقة مطلولة باكرتها ... والشمس ترشف ريق أزهار الربا )
    ( يتكسر الماء الزلال على الحصى ... فإذا عدا بين الرياض تشعبا )

    ومنه قول الشيخ شمس الدين بن الصائغ الحنفي
    ( بروحي أفدي خاله فوق خده ... ومن أنا في الدنيا فأفديه بالمال )
    ( تبارك من أخلى من الشعر خده ... وأسكن كل الحسن في ذلك الخال )
    ومثله قول الشيخ عز الدين الموصلي
    ( سموا مني مهجتي سعيدا ... ولي شقاء به يزيد )
    ( إذا اجتمعنا يقول ضدي ... هذا شقي وذا سعيد )
    وظريف قول جمال الدين عبد الله السوسي
    ( ورب أقطع يشدو ... ساروا وما ودعوني )
    ( ما أنصفوا أهل ودي ... واصلتهم قاطعوني )
    وألطف منه قول الشيخ جلال الدين ابن الخطيب داريا
    ( يا معشر الأصحاب قد عن لي ... رأي يزيل الحمق فاستظرفوه )
    ( لا تحضروا إلا بأخفافكم ... ومن تثاقل منكم خففوه )
    ومثله قوله
    ( تصفحت ديوان الصفي فلم أجد ... لديه من السحر الحلال مرامي )
    ( فقلت لقلبي دونك ابن نباتة ... ولا تتبع الحلي فهو حرامي )
    وظريف هنا قول الشيخ بدر الدين البشتكي وإن لم يكن فيه تورية فقد صرح باسم النوع من جنس الغزل
    ( وقالوا يا قبيح الوجه تهوي ... مليحا دونه السمر الرشاق )
    ( فقلت وهل أنا إلا أديب ... فكيف يفوتني هذا الطباق )

    ومن المطابقة بالتورية قول القاضي بدر الدين بن الدماميني رحمه الله
    ( بدر إذا شمت فوق الخد عارضه ... يوما أرى الصبح بالظلماء مختلطا )
    ( وظن أن صوابا هجر عاشقه ... لما رأى منه شيبا باديا وخطا )
    ومن العجيب في هذا النوع قول شيخنا العلامة شهاب الدين بن حجر فسح الله في أجله
    ( خليلي ولي العمر منا ولم نتب ... وننوي فعال الصالحين ولكنا )
    ( فحتى متى نبني بيوتا مشيدة ... وأعمارنا منا تهد وما تبنا )
    وما أحلى قوله فيه
    ( أتى من أحبائي رسول فقال لي ... ترفق وهن واخضع تفز برضانا )
    ( فكم عاشق قاسى الهوان بحبنا ... فصار عزيزا حين ذاق هوانا )
    ومثله قوله
    ( نأى رقيبي وحبيبي دنا ... وحسنه للطرف قد أدهشا )
    ( آنسني المحبوب يوم اللقا ... لكن رقيبي فيه ما أوحشا )
    وما أظرف قوله فيه
    ( أشكو إلى الله ما بي ... وما حوته ضلوعي )
    ( قد طابق السقم جسمي ... بنزلة وطلوع )
    أنظر كيف جمع بين قصر الوزن وعدم الحشو وصحة التركيب والمطابقة بالتورية وتسمية النوع من جنس الغزل ومثله قوله
    ( قال حبي أكتم الهوى ... خوف لاح وواشيه )
    ( كيف أسطيع كتمه ... وسقامي علانيه )
    وأنشدني من لفظه لنفسه ابن مكانس وقد أوقفته في الشرح على هذا النوع فقال
    ( يا سادتي والعشق لم يبق لي ... من بعدكم روحا ولا حسا )
    ( صبحني الهم لهجرانكم ... والضر لما بنتم مسا )

    وله
    ( لثغرك طعم ونشر يلذ ... ونسقى به يا أخا البدر عشقا )
    ( فدعنا نمت ونعش في الهوى ... غراما وننعم ذوقا ونشقا )
    ومثله قوله
    ( رب خذ بالعدل قوما ... أهل ظلم متوالي )
    ( كلفوني بيع خيلي ... برخيص وبغال )
    ونقلت من ديوان والده المقر الفخري
    ( زارت معطرة الشذا ملفوفة ... كي تختفي فأبى شذا العطر )
    ( يا معشر الأدباء هذا وقتكم ... فتناظموا في اللف والنشر )
    ونقلت أيضا من ديوانه
    ( لم أنس معشوقة زارت بجنح دجى ... فبت في مسك أنفاس وطيب سمر )
    ( حتى الصباح وعيناها تظن بأن ... هاروت حل عشاء فيهما وسحر )
    ونقلت منه ما امتدح به أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرم الله وجهه
    ( يا ابن عم النبي إن أناسا ... قد توالوك بالسعادة فازوا )
    ( أنت للعلم في الحقيقة باب ... يا إماما وما سواك مجاز )
    وقوله
    ( علقتها معشوقة خالها ... إن عمها بالحسن قد خصصا )
    ( يا وصلها الغالي ويا هجرها ... لله ما أغلى وما أرخصا )
    وقلت في هذا المعنى من قصيدة
    ( وكيف أكتم حبا في هواه ولي ... من أحمر الدمع فوق الخد تشهير )
    ( ونار خديه قلبي أرخصت وغلت ... لما غدت ولها في القلب تسعير )
    ( وقال أغمدت سيف اللحظ عنك فكيف ... الحال قلت له والله مشهور )

    وقلت من قصيدة وصرحت باسم النوع
    ( طابقت رقة حالي بالجفا عبثا ... فما طباقك إلا رقة وجفا )
    وقلت من قصيدة
    ( شرفونا بمدمع العين عجبا ... ليتهم عند موتنا قبلونا )
    وقلت بعده
    ( حبكم فرضنا وسيف جفاكم ... قد غدا في بعادنا مسنونا )
    حتى تخلصت إلى مدح أمين الدين من غزل هذه القصيدة ولم أخرج عما نحن فيه من المطابقة
    ومن غريب ما وقع لي في هذا النوع قولي من قصيدة
    ( بدر منير قسا برؤيته ... لكن يرى عند خده شفقه )
    وقلت من قصيدة
    ( لي في حماكم أهيف من عامر ... وخراب بيت تصبر بالعامري )
    ( سلطان حسن ظاهر لما بدا ... جال الهوى في باطني بالظاهري )
    ( وضفرت شعرك إذ ظفرت بمهجتي ... يفديك محلول العرا من ظافر )
    ( وحميت برد الثغر إذ طابقته ... في ضمن تورية بجفن فاتر )
    أنظر ما أحلى قولي في ضمن تورية والمراد المطابقة بالتورية
    وقلت مطابقا والتورية ثلاثية
    ( بمر هجرك عجبا قد قضيت لنا ... وشاهد الحسن بالإحسان حلاك )
    وكتبت إلى بعض المخاديم بحماة المحروسة حرسها الله تعالى أطلب منثورا أبيض فماطلني مدة والمنثور الأبيض عزيز بحماة
    ( زهر الوعود ذوي من طول مطلكم ... لأنه من نداكم غير ممطور )
    ( والعبد قد جهز المنظوم ممتدحا ... فطابقوه إذا وافى بمنثور )
    وقلت
    ( هويت غصنا لأطيار القلوب على ... قوامه في رياض الوجد تغريد )
    ( قالت لواحظه أنا نسود على ... بيض الظبا قلت أنتم سود وا )
    وقد طال الشرح ولكن هذا الطول تنشرح له الصدور وتعلو به همة الطالب ولم يرض بعدها بالرخيص من هذا الفن ويتأيد إن الذين اقتديت برأيهم ومشيت على سننهم لم يرضوا بالمطابقة المجردة ولم ينظموها إلا في سلك التورية وقد أوردت لهم هنا من ذلك ما شنف الأسماع ورقص عند السماع والكمال لله فإن الشيخ صفي الدين لم يأت بالمطابقة إلا مجردة وبيته
    ( قد طال ليلي وأجفاني به قصرت ... عن الرقاد فلم أصبح ولم أنم )
    وبيت العميان مثله لكنه عامر بالركة والعقادة وهو
    ( واسهر إذا نام سار وامض حيث ونى ... واسمح إذا شح نفسا وأسر إن يقم )
    وبيت عز الدين
    ( أبكي فيضحك عن در مطابقة ... حتى تشابه منثور بمنتظم )
    لعمري إن بيت صفي الدين وبيت العميان يتنزلان عند هذا البيت العامر بالمحاسن منزلة الأطلال البالية فإن الشيخ عز الدين جمع فيه بين تسمية النوع من جنس الغزل وبين غرابة المعنى وحسن الانسجام ورقة النسيب وبديع اللف والنشر ولم يأت كل منهما إلا بمجرد المطابقة
    وأما قول العميان في آخر بيتهم وأسر إن يقم فهذا اللفظ من بقية ما سقط من حجارة البيت
    وبيت بديعتي هو
    ( بوحشة بدلوا أنسي وقد خفضوا ... قدري وزادوا علوا في طباقهم )
    فالمطابقة والتورية وتسمية النوع البديعي اجتمعت هنا في قافية هذا البيت الذي علا بطباقه وتفيأ أهل البديع بظل رواقه
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  3. #23
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية البحري.
    تاريخ التسجيل
    09 2012
    المشاركات
    2,553

    رد: كتاب : خزانة الأدب وغاية الأرب

    ذكر النزاهة

    ( نزهت لفظي عن فحش وقلت هم ... عرب وفي حيهم يا غربة الذمم )
    النزاهة ما نظمها أحد في بديعيته إلا صفي الدين الحلي وقد تقدم القول أنه ذكر عن بديعيته أنها نتيجة سبعين كتابا في هذا الفن
    وهو نوع غريب تجول سوابق الذوق السليم في حلبة ميدانه وتغرد سواجع الحشمة على بديع أفنانه لأنه هجو في الأصل ولكنه عبارة عن الإتيان بألفاظ فيها معنى الهجو الذي إذا سمعته العذراء في خدرها لا تنفر منه وهذه عبارة عمرو بن العلاء لما سئل عن أحسن الهجو
    وقد وقع من النزاهة في الكتاب العزيز عجائب منها قوله تعالى ( وإذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم إذا فريق منهم معرضون وإن يكن لهم الحق يأتوا إليه مذعنين أفي قلوبهم مرض أم ارتابوا أم يخافون أن يحيف الله عليهم ورسوله بل أولئك هم الظالمون ) فإن ألفاظ الذم المخبر عنها في كلام الآية أتت منزهة عما يقع في غير هذا القسم من الفحش في الهجاء والمرض
    هنا عبارة عن إبطان الكفر
    ومن النزاهة البديعية في النظم قول أبي تمام
    ( بني فعيلة ما بالي وبالكم ... وفي البلاد مناديح ومضطرب )
    ( لحاجة لي فيكم ليس يشبهها ... إلا لجاجتكم في أنكم عرب )


    ومن غريب هذا النوع قول معبد بن الحسين بن جبارة لرجل كان يدعو قوما إلى سماع قينة له ثم انكشف له بعد هذا أنهم كانوا ينالون منها القبيح
    ( ألم أقل لك إن القوم بغيتهم ... في ربة العود لا في رنة العود )
    ( لا تأسفن على الشاة التي عقرت ... فأنت غادرتها في مسرح السيد )
    فانظر إلى مصاحبة هذه المعاني ونزاهة ألفاظها عن الفحش
    ومن ذلك قول جرير
    ( فغض الطرف إنك من نمير ... فلا كعبا بلغت ولا كلابا )
    وقالوا أحسن ما وقع في هذا الباب قوله أيضا
    ( لو أن تغلب جمعت أنسابها ... يوم التفاخر لم تزن مثقالا )
    فانظر إلى هذا الهجو المنكي كيف بالغ في تنزيه ألفاظه عن الفحش وفيه معنى الهزل الذي يراد به الجد وهو غاية في هذا النوع
    وبيت الشيخ صفي الدين الحلي
    ( حسبي بذكرك لي ذما ومنقصة ... فيما نطقت فلا تنقص ولا تذم )
    وقال إنها بالذال المعجمة فإن جل قصده الذم هنا والذي أقوله إن هذا البيت شموس إيضاحه آفلة في غيوم العقادة وليته استضاء بما قاله جرير ومشى على سنته
    والعميان لم ينظموا هذا النوع وبيت الشيخ عز الدين نظمه في بديعيته لأجل معارضة الصفي وقال في بيته يخاطب العاذل
    ( لقد تفيهقت بالتشديق في عذلي ... كيف النزاهة عن ذا الأشدق الخصم )
    قد تقرر أن النزاهة هجو ولكن شرطوا أن لا ينظم هجوها إلا بألفاظ لا تنفر منها العذراء في خدرها
    والذي أقوله وأنا أستغفر الله إن ألفاظ عز الدين في بيته ينفر منها
    الجان فكيف حال العذراء وحاصل القضية أنه نزه ألفاظه عن النزاهة ولم يتفيهق ولم يتشدق غيره وما أحقه بقول القائل
    ( وما مثله إلا كفارغ حمص ... خلي من المعنى ولكن يفرقع )
    وبيت بديعيتي
    ( نزهت لفظي عن فحش وقلت هم ... عرب وفي حيهم يا غربة الذمم )
    وحشمة النزاهة لا تخفى على أهل الذوق السليم والعلم مع ما فيها من عدم التكليف في الميل عن التعسف
    والذي أقوله إن بيتي في هذا الباب جر أذيال البلاغة مع جرير وشاركه في العذوبة والتباري ولكن له نبأ في التسمية صدر عن خيبر
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  4. #24
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية البحري.
    تاريخ التسجيل
    09 2012
    المشاركات
    2,553

    رد: كتاب : خزانة الأدب وغاية الأرب

    ذكر التخيير

    ( تخيروا لي سماع العذل وانتزعوا ... قلبي وزادوا نحولي مت من سقمي )
    التخيير هو أن يأتي الشاعر ببيت يسوغ فيه أن يقفي بقواف شتى فيتخير منها قافية يرجحها على سائرها
    يستدل بتخييرها على حسن اختياره كقول الشاعر
    ( إن الغريب الطويل الذيل ممتهن ... فكيف حال غريب ما له قوت )
    فإنه يسوغ أن يقال ما له مال ما له سبب ما له أحد ما له قوت فإذا تأملت ما له قوت وجدتها أبلغ من الجميع وأدل على القافية وأمس بذكر الحاجة وأبين للضرورة وأشجى للقلوب وأدعى للاستعطاف فلذلك رجحت على ما ذكرناه
    ومن هذا النوع في الكتاب العزيز قوله تعالى ( إن في السموات والأرض لآيات للمؤمنين وفي خلقكم وما يبث من دابة آيات لقوم يوقنون واختلاف الليل والنهار وما أنزل الله من السماء من رزق فأحيا به الأرض بعد موتها وتصريف الرياح آيات لقوم يعقلون ) فالبلاغة تقتضي أن تكون فاصلة الآية الأولى للمؤمنين لأنه سبحانه وتعالى ذكر العالم بجملته حيث قال ( السموات والأرض ) ومعرفة ما في العالم من الآيات الدالة على أن المخترع قادر عليم حكيم ولا بد من التصديق أولا بالصانع حتى يصح أن يكون ما في المصنوع من الآيات دليلا على أنه موصوف بتلك الصفات والتصديق هو الإيمان وكذلك قوله تعالى في الآية الثانية ( لقوم يوقنون ) فإن خلق الإنسان وتدبير
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  5. #25
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية البحري.
    تاريخ التسجيل
    09 2012
    المشاركات
    2,553

    رد: كتاب : خزانة الأدب وغاية الأرب

    خلق الحيوان والتفكر في ذلك مما يزيده يقينا في معتقده الأول وكذلك معرفة جزئيات العالم من اختلاف الليل والنهار وإنزال الرزق من السماء وإحياء الأرض بعد موتها وتصريف الرياح يقتضي رجاحة العقل ليعلم أن من صنع هذه الجزئيات هو الذي صنع العالم الكلي بعد قيام البرهان على أن للعالم الكلي صانعا مختارا فلذلك اقتضت البلاغة أن تكون فاصلة الآية الثالثة ( لقوم يعقلون )
    وإن احتيج للعقل في الجميع إلا أن ذكره هنا أمتن بالمعنى من الأول ويروى أن أعرابيا سمع شخصا يقرأ ( والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا نكالا من الله والله ) غفور رحيم فقال ما ينبغي أن يكون الكلام هكذا
    فقيل إن القارئ غلط والقراءة ( والله عزيز حكيم )
    فقال نعم هكذا تكون فاصلة هذا الكلام فإنه لما عز حكم
    وإذا تأملت فواصل القرآن وجدتها كلها لم تخرج عن المناسبة كقوله تعالى ( فأما اليتيم فلا تقهر وأما السائل فلا تنهر ) لا يجوز التبديل بينهما
    إذ لا يجوز النهي عن انتهار اليتيم لمكان تهذيبه وتأديبه وإنما ينهى عن قهره وغلبته كما لا يجوز أن ينهر السائل إذا حرم بل يرده ردا جميلا
    ويعجبني قول ديك الجن
    ( قولي لطيفك ينثني ... عن مضجعي عند المنام )
    عند الرقاد عند الهجوع عند الهجود عند الوسن
    ( فعسى أنام فتنطفي ... نار تأجج في العظام )
    في الفؤاد في الضلوع في الكبود في البدن
    ( جسد تقلبه الأكف ... على فراش من سقام )
    من قتاد من دموع من وقود من حزن
    ( أما أنا فكما علمت ... فهل لوصلك من دوام )
    من معاد من رجوع من وجود من ثمن
    فهذه القوافي المثبتة يقابل كل بيت بما يليق به منها والأولى أولى وأرجح
    وبيت صفي الدين الحلي رحمه الله تعالى
    ( عدمت صحة جسمي إذ وثقت بهم ... فما حصلت على شيء سوى الندم )
    فلذكر عدمت في صدر البيت يليق أن تكون القافية العدم ولذكر الصحة يليق أن تكون القافية السقم ولذكر الوثوق يليق أن تكون القافية الندم والبيت في غاية الرقة والانسجام
    وبيت عز الدين
    ( تخيير قلبي هوى السادات صح به ... عهدي وإني لحزني ثابت الألم )
    أما تخيير هذا البيت فإني تركته لأهل الذوق السليم بل تخير البيت بكماله
    ولم ينظم العميان في بديعيتهم هذا النوع
    وبيتي هو
    ( تخيروا لي سماع العذل وانتزعوا ... قلبي وزادوا نحولي مت من سقمي )
    فسماع العذل يليق به السأم وانتزاع القلب يليق به الألم وزيادة النحول يليق بها السقم وتقديم السقم هنا لقربه من النحول ولم يدخل إلى هذا البيت من الأجانب قافية
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  6. #26
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية البحري.
    تاريخ التسجيل
    09 2012
    المشاركات
    2,553

    رد: كتاب : خزانة الأدب وغاية الأرب

    ذكر الإبهام

    ( وزاد إبهام عذلي عاذلي ودجا ... ليلي فهل من بهيم يشتفي ألمي )
    الإبهام بباء موحدة وهو أن يقول المتكلم كلاما مبهما يحتمل معنيين متضادين لا يتميز أحدهما عن الآخر ولا يأتي في كلامه بما يحصل به التمييز فيما بعد بل يقصد إبهام الأمر فيهما
    والإبهام مختص بالفنون كالمديح والهجاء وغيرهما ولكن لا يفهم من ألفاظه مدح ولا هجاء بل يكون لفظه صالحا للأمرين ومثاله ما يحكى أن بعض الشعراء هنأ الحسن بن سهل باتصال ابنته بالمأمون مع من هنأه فأثاب الناس كلهم وحرمه فكتب إليه إن أنت تماديت على حرماني عملت فيك بيتا لا تعلم مدحتك فيه أو هجوتك
    فاستحضره وسأله عن قوله فاعترف وقال لا أعطيك أو تفعل
    فقال
    ( بارك الله للحسن ... ولبوران في الختن )
    ( يا إمام الهدى ظفرت ... ولكن ببنت من )
    فلم يعلم ما أراد بقوله ببنت من في الرفعة أو في الصغر واستحسن منه الحسن ذلك وناشده أسمعت هذا المعنى أم ابتكرته فقال لا والله بل نقلته من شعر شاعر مطبوع كثير العبث بهذا النوع اتفق أنه فصل قباء عند خياط أعور اسمه زيد فقال له


    الخياط على طريق العبث به سآتيك به لا تدري أقباء هو أم دواج
    فقال له الشاعر إن فعلت ذلك لأعملن فيك بيتا لا يعلم أحد ممن سمعه أدعوت لك أم دعوت عليك ففعل الخياط فقال الشاعر
    ( خاط لي زيد قباء ... ليت عينيه سواء )
    فما علم أحد أن الصحيحة تساوي السقيمة أو بالعكس فاستحسن الحسن صدقه أضعاف استحسانه حذقه
    وغالب الناس يسمون الخياط عمرا ويقولون
    ( خاط لي عمرو قباء ... ليت عينيه سواء )
    ولكن نقل زكي الدين بن أبي الأصبع في كتابه المسمى بتحرير التحبير أن الخياط كان اسمه زيدا وأورد البيت مصرعا مرفوع العروض والضرب ووجه الرفع ظاهر فيهما
    ولم يتفق للمتأخرين ولا للسلف من قبل في هذا الإبهام غير البيت المتعلق بالخياط زيد والبيت المتعلق بالحسن بن سهل وقد تقدم ذكرهما وقد عززتهما بثالث لما وقفت على تاريخ زين الدين بن قرناص الحلبي ووجدته قريبا من قباء زيد الخياط فقلت
    ( تاريخ زين الدين فيه عجائب ... وبدائع وغرائب وفنون )
    ( فإذا أتاه مناظر في جمعه ... خبره عني إنه مجنون )
    وكذلك الشيخ صفي الدين الحلي في بديعيته وتبعه الشيخ عز الدين الموصلي لأجل المناظرة ويأتي الكلام على بيتيهما
    وقد كشفت عنه قناع الأشكال وأبرزت بدوره المتحجبة في أفق الكمال فإني كتبت فيه تقريضا لم أرض بقراضة الذهب أن تكون له رملا ولا سبقني إليه أديب ولا ولد منه على هذا الطريق شكلا وما ذاك إلا أنه ورد إلى الديار المصرية وأنا منشئ دواوين الإنشاء المؤيدي خلد الله ملكه الشيخ شمس الدين محمد بن ناهض الفقاعي في شهر شوال سنة ثمانية عشر وثمانمائة وقد صنف سيرة مشتملة على نظم ونثر للسلطان الملك المؤيد ولم يكن للمشار إليه إلمام بتعاطي الأدب في مبادي عمره فسألني أن أكتب له عليها تقريظا قبل تقديمها فامتنعت من ذلك مدة فدخل علي بمن

    لا تمكن مخالفته فحسنت له كتابة شيخنا القاضي بدر الدين بن الدماميني أولا فتوجه إليه فالتزم بالأيمان المغلظة أنه لا يكتب له إلا إذا كتبت له فلزمتني الكتابة من وجوه فكتبت له هذا التقريظ الذي صلت البلغاء خلفه فإنه للمحاسن جامع وأوضحت طريقه فضاع نشره الذي كان من غير تورية ضائع وهو
    وقفت على قواعد الأدب من هذه السيرة الناهضية فوجدت مطرب لحنها قد أعرب عن التنكيت لأهل النكتب الأدبية ونويت معها سلوك الأدب لاحتشامها بالصفات المؤيدية فإنها ما قوبلت بأدب إلا تقوت بسلطانها ولا جارتها سيرة مطولة إلا كانت قاصرة عن الجري في ميدانها ولا ذكرت التواريخ المقدمة معها إلا تأخرت وكبت خلفها ولا ناظرها ذو قصص إلا ثقل عليه أمرها ونظر إلى قصصه فاستخفها ولا بالغ أهل التقاريض في تقاريضهم إلا وكانت دونها واستحق لها هذا الوصف في ذمة أهل الأدب فاستوفت منه ديونها فلو نظر الصفدي إلى هذا التاريخ وراجع النظر لسلخ جلده أو تصفحه الكتبى لعدد على تاريخه وما عده أو كاثره ابن كثير لرأى نقصه متزايدا عنده أو عاصره ابن خلكان لقال لم أمازج شراب الفقاعي بخلي فإن عنده حمضة وبرده أو لمحه الذهبي وموه بتاريخه لقيل له هذا ما ينطلي معه وعلم أن خلاصة الذهب تظهر بالسبك فهضم من جانبه ووضعه ولو أدركه البديع لرمى بديعه وعلم أنه بدعة أو لحقه الوهراني لرآه في المنان إن حصل له بعد مطالعته هجعة نسب هذا التأليف إلى الدولة المؤيدية فصار له على كل أهل الأرض صوله فلو ناظره مؤلف بمجلد لقلنا هذا جراب الدولة تحمس في شعره وتغالى فألقى لنا في سوق الكلام رخصه ولو زايده أبو تمام لتحقق عجزه وأرانا بنفسه نقصه نعم هذه الأشعار التي ما زاحمها شاعر بديوانه إلا تلت عليه بعد الزلزلة الواقعة وتقوم القيامة وهي إلى الحشر مرمية على القارعة ولقد أقام أوزانها بالقسط ولكن رجحها على القيراطي بفضله ونقص عنها الراجح الحلي لأن فيها زيادة على مثله فيا له من شعر قصر عن بحره الطويل كل معارض وكيف لا وناظمه ذو همة علية وناهض وابن ناهض وقد وقف ابن حجة وقوف معترف أن عنده في نظمه وقفه وسيكتب المقر البدري على اعترافه أنه قاضي الأدب وإمامه الذي صلت البلغاء خلفه وفتحت لعلماء الأدب هذا الباب وأرجو أن يكون فتحا مبينا فإن رضوني براعة بحسن الختام وإذا حصل العلل من هذا النهر روينا نعم وقفت وغير خاف عن علومهم الكريمة أن شرط الواقف ما يهمل وامتثلت

    مراسيم المصنف مع سلوك الأدب الذي يذوقه من له فيه أعذب منهل والله يجمعنا على هذا الشرب لتحلو موارده بالموارده ولا يحجبنا عن الكلام الذي يحسن السكوت عليه وتتم به الفائدة
    وكتب بعد ذلك سيدنا القاضي بدر الدين المشار إليه وقفت أنا ولا أكاد أثبت نظري لشدة الخجل وسألت المهلة في وصف هذه الألفاظ فإذا هي قد جاءت على عجل فقلت أما المقام الشريف الممدوح عز نصره ولا زالت تفخر بدولته القاهرة مصره فملك مد على الرعية جناح العدل وحمى بيضة الإسلام وتواردت على تجريح عداته وتعديل صفاته السنة السيوف والأقلام وسار على أقوم طريق فأذكرنا السيرة العمريه وطلع في سماء الكواكب كالبدر فقل ما شئت في الطلعة القمرية ودعا إلى نسك طاعته فلبته في ذلك الموقف النفوس ونادى على أعدائه منادي الحتف فأرانا كيف يكون الترخيم بحذف الرؤس ناهيك بها مناقب سرت القلوب وسارت ونافست النجوم جواهر الألفاظ في مدحها فغارت وشملت البرايا بالمن والمنح وقابلت المسيء بالعفو والصفح حماها الله تعالى من الغير وجعل صفاتها الشريفة جمال الكتب والسير
    وأما منشئ السيرة فماذا أقول وقد رأيت الخطب جليلا وماذا أصف وقد حملني العجز عبئا ثقيلا هو كبير أناس مزمل من البلاغة بأنواع وأجناس يأتم به الهداة كأنه علم وتروم الأدباء المقايسة به فيقاسون ولكن من شدة الألم له في الأدب صريمه وشهامه وفراهة تجريه إلى المقامات الرائقة فلا تعتريه سآمه ما هم بتركيب معنى إلا وشرح الصدور بذلك الهم ولا شن فارس فكره غارة إلا وتم منها على بيوت الشعراء ما تم
    طالما أظهر برغم أنوف الحسدة في المجالس فضله وصعبت الآداب على غيره لكنها أصبحت عليه سهلة وعقل غرائب نكته عما سواه فلله ما أبدع عقله كدر عيش الحلي بما ابتدعه من العجائب ولا ينكر لمثله تكدير الصفي واكتفى في ميدان البراعة بجواد فكره الذي جال وهو مكر مفر وهكذا يكون المكتفي أتى في تاريخه بألفاظ لو رآها ابن الأثير لتأثر وابن سعيد لتعثر وابن بسام لأصيب منها بالقارعة فعبس وتولى أو الحجازي لرمي منها بالداهية التي هدمت ما بناه وثقلت عليه حملا وكتب خطا لو لمحه ابن مقلة لأصيب منه بنظره أو ابن البواب لهتك ستره وجاء بأدب لو وازن أحد به الراجح الحلي لما أقام له وزنا ولا رجحه ولو تأمل المليحي ملاحة لفظه الذي ما مر

    مثله بالذوق إلا قال لسان التعجب ما أملحه ولو قيس به ابن الرومي المتعاظم لأنشد الناظم
    ( ولو أني بليت بهاشمي ... خؤولته بنو عبد المدان )
    ( لهان علي ما ألقى ولكن ... تعالوا وانظروا بمن ابتلاني )
    ولو تشبه به مادح كافور لعاد من برده بكبد حرا ولو كلف مجاراته صاحب القطر النباتي لقال ربنا أفرغ علينا صبرا ولو تعرض ديك الجن لعزائمه في الأدب لما زادته إلا خبالا ولرأى سطورا تتوالد منها المعاني العجيبة والليالي كما علمت حبالي ولو أصبح ابن قادوس فخارا بمثل أدبه لقلنا له حسبه أن يدور في الدولاب ولو تسرح الزغاري إلى تصيد معانيه الشاردة لقطعت عليه أذناب الكلاب ولو تسلق المعمار عليها لعلم أنه ينحت من الجبال بيوتا ولو رآه أبو نواس لقال هذا الذي نقل الأدب خبرا وعلم من أين يؤتى ولو عورض به ابن مماتي لطال على قريحته الميتة النحيب أو ذكر الصابي لقال الذوق السليم ليس لعصرنا من صاب سوى هذا الأديب ولو أدرك آدابه الحكيم ابن دانيال لعلم أنه ما تخيل نظيرها في الوهم ولا تصور مثلها في الخيال وإذا كان الأمر كما قال حسان بن ثابت الأنصاري
    ( وإنما الشعر عقل المرء يعرضه ... على البرية إن كيسا وإن حمقا )
    فما أوفر عقل هذا الشاعر وأوفاه وما أقدره على تخيل المعاني الغريبة وأقواه وما أحمق من قاسه على قرنائه من هذه الصناعة التي تعاطاها بسواه كم تصور معنى في الذهن فأبرزه في الخارج أغرب الأشياء أسلوبا وكم ركب جناسا إذا ذكر البستي عنده قال الأدب دعنا من تركيبه للجناس مقلوبا
    ولقد كنت أرتجي بابا أدخل منه للتقريض ففتح لي المقر التقوي بابا مرتجا ونهج الطريق إلى المدح فاقتفيت آثاره واهتديت حيث رأيت منهجا أبقاه الله لإبهام يوضحه وفساد عاجز يصلحه والله تعالى يحفظ على منشئ هذه السيرة قريحته التي هي لعجائب الأدب حائزه ويجعله ممن يسرح في رياض الصدقات الشريفة بما يسوقه إليه من وفور الجائزه

    وألح المصنف بعد ذلك على المقر المجدي فضل الله بن مكانس فكتب يا لطيف نظرت هذه السيرة التي يعرض عنها المعارض وينزو مؤلفها في رياض الأدب على بكر من سوام المعاني وفارض فوجدته قد نهض بعبء ثقيل من الكلام وقام وأوقف البلغاء في مقام العجز ويعذر العاجز إذ شرفها بذكر مولانا السلطان في هذا المقام خلد الله ملكه الشريف وعم بعدله المبسوط مدائن فضل ذات ظل وريف وجعل أيامه الزاهرة تواريخ السعود ومغانم الوفود ومواسم الكرم والجود وثبت قواعد سلطانه على التخوم ورفع جنابه المعظم على الأفلاك حتى تسير لخدمته ممنطقات بمناطق النجوم وأعز دولته عزا يذل له الدبر والأملس وتلبس أثوابه في الأرض ويخص محله الرفيع من تلك الأفلاك بالأطلس هنالك ينحني الهلال لتقبيل أقدامه ويمتد كف الثريا لاستجداء صوب غمامه ويتضاءل كل منهما فيصير هذا نعل فرسه وهذا حلية لجامه وملكه رقاب العباد وأمضى أحكام سيوفه في رقاب أهل العناد حتى يشهد الدين أنه قام بحقوقه نافلة وفرضا وسعى في مراضي الله فزلزل ديار الكفار سماء وأرضا ضاعف الله ثواب عمله المقبول وأنشد بشكره لسان العالم حتى ينطق ويقول
    ( السيد المالك الملك المؤيد سيف ... الدين شيخ حوى العليا وأرضاها )
    ( وشيد الدين والدنيا ببيض ظبا ... إن لم تضاه به في الحرب أمضاها )
    ثم كررت النظر فيها واستنهضت القلم المكتابة عليها حسب سؤال منشيها فنكس القلم من الخجل رأسه وصعد من صريره أنفاسه وقال لست ممن يجيد في هذا التقريض عباره ولا ينهض في وصف ما جاء به هذا الرجل من متين كلمه الذي أفحم الفحول فكأنما ألقمهم حجاره فلقد ترفع قلمه في أرض قرطاسه وسما وأتى من الرقيق بشيء يحسبه الظمآن ماء وقذف الرعب في القلوب بذكر الوقائع فورمت خوفا وشكت
    مما قذف بها ورما فلو وازنه القيراطي لثقل في الحقيقة عليه أو حام على حمى ابن أبي حجلة لفر طائرا من بين يديه أو جلا على ابن نباتة سلاف نظمه لم يقل إلي بكاسك الأشهى إلي أو أورى زنده مع الشواء لأحرق قلبه ولم يستحسن منه شيئا أو عاصر ابن الساعاتي لم يلتذ بطيب المنام أو جارى النصير الحمامي لألقى شعره في سرب الحمام أو تقدم لزمان أبي تمام وناظره لعلم الناس أنه غير لبيب وقال له علماء البديع هذا ضدك يا حبيب أو ابن حجاج لأظهر فساد عقله السخيف ورمى بجميع ما قاله في الكنيف فهو أولى منهم بما جره الفضل وجذب وأحق وإن اشتهرت فضائلهم أن يشتهر بالأدب فإنه لو كلف الغريب من القول لأتى به على كنهه أو أقام الاعتذار عن قبيح لقام العذر عما جاء به وذهب على وجهه ولو تصدى لتهجين حسن لزان بما يملأ الطروس من ذلك وشحن أو حاجج بالباطل من يعرب عن الحق لنهض بحجته واستمر يلحن فسبحان من أقدره على ما تقصر عن إدراكه الإفهام وتعجز عن تصوره عقول الأنام
    ولقد استعفاه القلم عن الكتابة خشية من عرض فضائحه وسأله طي هذه الصحيفة خوفا من نشر قيائحه فأبى إلا إظهار المكتوم وفض المختوم فيا خجلتاه لما كتب ويا فضيحتاه إذا لام الفاضل على ما جاء به وعتب ولكنه جرى خلف الجوادين السابقين واقتدى بإمامتهما التي اعترف الآفاق أنها ملأت الخافقين أبقاهما الله مدى الزمان وأسبغ عليهما غطاء الفضل وبلغهما غاية الأماني يوم الخوف والأمان وأمتع بجناب منشئها الأحباب وأقر به أعين الإخوان وبسط به أنفس الأصحاب وألهمنا أجمعين تجنب ما خفي علينا من عوراتنا وكشف حجب قلوبنا بمنه وكرمه
    وبيت الشيخ صفي الدين الحلي
    ( ليت المنية حالت دون نصحك لي ... فيستريح كلانا من أذى التهم )
    هذا البيت ليس له نظير في هذا الباب فإنه اشتمل على الرقة والسهولة والانسجام وما زاده حسنا إلا تقويته بليت التي استعان بها الشاعر في إبهام بيته على زيد الخياط
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  7. #27
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية البحري.
    تاريخ التسجيل
    09 2012
    المشاركات
    2,553

    رد: كتاب : خزانة الأدب وغاية الأرب

    فإن الشيخ صفي الدين لما قال لعاذله ليت المنية حالت دون نصحك لي حسن إبهامه بقوله فيستريح كلانا من أذى التهم وصار الأمر مبهما بينه وبين العاذل
    وبيت الشيخ عز الدين في بديعيته يخاطب فيها العاذل
    ( أبهمت نصحي مشيرا بالأصابع لي ... ليت الوجود رمى الإبهام بالعدم )
    وهذا الإبهام هنا يشار إليه بالأصابع وتعقد عليه الخناصر فإن الشيخ عز الدين رحمه الله تعالى أجاد فيه إلى الغاية ولم يتفق له في نظم بديعيته بيت نظيره ولا اتفق لغيره ممن نظم بديعية فإنه جمع بين السهولة والانسجام والتصوير والتورية البارزة في أحسن القوالب بتسمية نوع الإبهام الذي هو المقصود ولعمري إنه بالغ في عطف القلوب بهذا السحر الحلال
    ولم ينظم العميان في بديعيتهم هذا النوع وبيت بديعيتي
    ( وزاد إبهام عذلي عاذلي ودجا ... ليلي فهل من بهيم يشتفي ألمي )
    فإن الإبهام هنا بين بهيم الليل وبين العاذل فإن اشتراك البهيم صالح لهما ولكن لم يحصل التمييز لأحدهما عن الآخر كما وقع الشرط بين الأمر بينهما مبهما ولا يعلم من هو المقصود منهما وهذا هو الفرق بين الإبهام والتورية إذ المراد من التورية المعنى البعيد المورى عنه بالقريب
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  8. #28
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية البحري.
    تاريخ التسجيل
    09 2012
    المشاركات
    2,553

    رد: كتاب : خزانة الأدب وغاية الأرب

    ذكر إرسال المثل

    ( وكم تمثلت إذ أرخوا شعورهم ... وقلت بالله خلوا الرقص في الظلم )
    إرسال المثل نوع لطيف في البديع ولم ينظمه في بديعيته غير الشيخ صفي الدين وهو عبارة عن أن يأتي الشاعر في بعض بيت بما يجري مجرى المثل من حكمة أو نعت أو غير ذلك مما يحسن التمثل به كقوله تعالى ( ليس لها من دون الله كاشفة ) وقوله تعالى ( وترى الجبال تحسبها جامدة وهي تمر مر السحاب صنع الله الذي أتقن كل شيء ) وقوله تعالى ( صبغة الله ومن أحسن من الله صبغة ) وقوله تعالى ( إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم وإن أسأتم فلها )
    ومما جاء من ذلك في السنة الشريفة قوله ( لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين )
    وقوله ( لا ضرر ولا ضرار )
    وقوله ( خير الأمور أوساطها )
    وقوله ( المرء مع من أحب )
    وقوله ( المستشار مؤتمن وهو بالخيار ما لم يتكلم )
    وقوله ( ذو الوجهين لا يكون عند الله وجيها يوم القيامة )
    وقوله ( البلاء موكل بالمنطق )
    وقد احتوى كتاب أبي أحمد العسكري على كثير من هذا الباب ومن أمثلته في الشعر قول زهير
    ( وهل ينبت الخطمي إلا وشيجة ... وتغرس إلا في منابتها النخل )

    ومثله قول النابغة
    ( ولست بمستبق أخا لا تلمه ... على شعث أي الرجال المهذب )
    ومثله قول بشار
    ( فعش واحدا أو صل أخاك فإنه ... مقارف ذنب مرة ومجانبه )
    وما أحلى ما قال بعده
    ( إذا أنت لم تشرب مرارا على القذى ... ظمئت وأي الناس تصفوا مشاربه )
    وقول أبي تمام
    ( فلو صورت نفسك لم تزدها ... على ما فيك من كرم الطباع )
    وكقوله
    ( نقل فؤادك حيث شئت من الهوى ... ما الحب إلا للحبيب الأول )
    وذكر ابن أبي الأصبع في كتابه المسمى بتحرير التحبير إنه استخرج أمثال أبي تمام من شعره فوجدها تسعين نصفا وثلثمائة بيت وأربعة وخمسين بيتا واستوعب أمثال أبي الطيب المتنبي فوجدها مائة نصف وثلاثة وسبعين نصفا وأربعمائة بيت ولكنه أخرج من أمثال أبي الطيب ما ولده من أمثال أبي تمام وصدر الجميع بما وقع في الكتاب العزيز من الأمثال بزيادات على ذلك وهي أمثال الأشعار السنية والحماسة وأمثال أبي نواس بعد أن ألحق أمثال القرآن بأمثال دواوين الإسلام السنية
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  9. #29
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية البحري.
    تاريخ التسجيل
    09 2012
    المشاركات
    2,553

    رد: كتاب : خزانة الأدب وغاية الأرب

    وختم الجميع بأمثال العامة في كتاب الأمثال له
    ومما سار من أمثال الطغرائي في لامية العجم قوله
    ( حب السلامة يثني عزم صاحبه ... عن المعالي ويغري المرء بالكسل )
    ( لو أن في شرف المأوى بلوغ مني ... لم تبرح الشمس يوما دارة الحمل )
    ( أعلل النفس بالآمال أرقبها ... ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل )
    ( وعادة النصل أن يزهى بجوهره ... وليس يعمل إلا في يدي بطل )
    ( ما كنت أوثر أن يمتد بي زمني ... حتى أرى دولة الأوغاد والسفل )


    ( هذا جزاء امرئ أقرانه درجوا ... من قبله فتمنى فسحة الأجل )
    ( وإن علاني من دوني فلا عجب ... لي أسوة بانحطاط الشمس عن زحل )
    ( فاصبر لها غير محتال ولا ضجر ... في حادث الدهر ما يغني عن الحيل )
    ( أعدي عدوك أدنى من وثقت به ... فحاذر الناس واصحبهم على دخل )
    ( وإنما رجل الدنيا وواحدها ... من لا يعول في الدنيا على رجل )
    ( يا واردا سؤر عيش كله كدر ... أنفقت صفوك في أيامك الأول )
    ( فيم اقتحامك لج البحر تركبه ... وأنت تكفيك منه مصة الوشل )
    ( ملك القناعة لا يخشى عليه ولا ... يحتاج فيه إلى الأنصار والخول )
    ( ترجو البقاء بدار لا بقاء لها ... فهل سمعت بظل غير منتقل )
    ( ويا أمينا على الأسرار مطلعا ... اصمت ففي الصمت منجاة من الزلل )
    وممن سار في مجرى هذه القصيدة ووزنها أبو الطيب المتنبي في قصيدته التي أولها
    ( أجاب دمعي وما الداعي سوى طلل ... دعا فلباه قبل الركب والإبل )
    ( وما صبابة مشتاق على أمل ... من اللقاء كمشتاق بلا أمل )
    ( والهجر أقتل لي مما أراقبه ... أنا الغريق فما خوفي من البلل )
    ( قد ذقت شدة أيامي ولذتها ... فما حصلت على صاب ولا عسل )
    ( خذ ما تراه ودع شيئا سمعت به ... في طلعة الشمس ما يغنيك عن زحل )
    أنظر إلى محاسن هذين الفحلين إلى الغاية التي تمثلا بها في الشمس وزحل وتأخر سوابق الأفهام عن معرفة السابق منهما إلى الغاية ومنها قوله
    ( وقد وجدت مكان القول ذا سعة ... وإن وجدت لسانا قائلا فقل )
    ( لعل عتبك محمود عواقبه ... فربما صحت الأجسام بالعلل )
    ( لأن حلمك حلم لا تكلفه ... ليس التكحل في العينين كالكحل )
    ( وما ثناك كلام الناس عن كرم ... ومن يسد طريق العارض الهطل )
    وقد عن لي أن أجمع هنا ما حلا بذوقي من أمثال أبي الطيب المتنبي وإن كان فيها ما ولده من شعر أبي تمام كما ذكره ابن أبي الأصبع فإن القصد أن نصيرها عمدة لأهل الإنشاء إذا أوردوها في الوقائع التي تليق بها على اختلاف أنواعها فمن ذلك قوله
    ( إذا صديق نكرت جانبه ... لم تعيني في فراقه الحيل )
    ( في سعة الخافقين مضطرب ... وفي بلاد من أختها بدل )
    وقوله من قصيدة
    ( أشد الغم عندي في سرور ... تيقن عنه صاحبه انتقالا )
    ( ومن يك ذا فم مر مريض ... يجد مرا به الماء الزلالا )
    وقوله من قصيدة
    ( ذل من يغبط الذليل بعيش ... رب عيش أخف منه الحمام )
    ( كل حلم أتى بغير اقتدار ... حجة لاجئ إليها اللئام )
    ( من يهن يسهل الهوان عليه ... ما لجرح بميت إيلام )
    ( خير أعضائنا الرؤوس ولكن ... فضلتها بقصدك الأقدام )
    وقوله
    ( ما كل من طلب المعالي نافذا ... فيها ولا كل الرجال فحولا )
    ( تلف الذي اتخذ الجراءة خلة ... وعظ الذي اتخذ الفرار خليلا )
    وقوله
    ( ومكايد السفهاء واقعة بهم ... وعداوة الشعراء بئس المقتني )
    ويعجبني قوله في الهجو وهو مما نحن فيه
    ( فلو كنت امرأ تهجى هجونا ... ولكن ضاق قطر عن مسير )
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  10. #30
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية البحري.
    تاريخ التسجيل
    09 2012
    المشاركات
    2,553

    رد: كتاب : خزانة الأدب وغاية الأرب

    وقوله
    ( فقر الجهول بلا لب إلى أدب ... فقر الحمار بلا رأس إلى رسن )
    ( قد هون الصبر عندي كل نازلة ... ولين العزم خد المركب الخشن )
    ( لا يعجبن مضيما حسن بزته ... وهل تروق دفينا جودة الكفن )
    وقال من أبيات قوله
    ( عرفت الليالي قبل ما صنعت بنا ... فلما دهتني لم تزدني بها علما )
    ( وكنت قبيل الموت أستعظم النوى ... فقد صارت الصغرى التي كانت العظمى )
    ( فلا عبرت بي ساعة لا تعزني ... ولا صحبتني مهجة تقبل الظلما )
    وقوله أيضا
    ( وأنا الذي اجتلب المنية طرفه ... فمن المطالب والقتيل القاتل )
    ( أنعم ولذ فللأمور أواخر ... أبدا كما كانت لهن أوائل )
    ( للهو آونة تمر كأنها ... قبل تزودها حبيب راحل )
    ( جمح الزمان فما لذيذ خالص ... مما يشوب ولا سرور كامل )
    ( وإذا أتتك مذمتي من ناقص ... فهي الشهادة لي بأني فاضل )
    وقال من قصيدة وهي أبلغ ما يكون في المدح
    ( أعيا زوالك عن محل نلته ... لا تخرج الأقمار من هالاتها )
    وقال من قصيدة
    ( وأشجع مني كل يوم سلامتي ... وما ثبتت إلا وفي نفسها أمر )
    ( ذر النفس تأخذ وسعها قبل بينها ... فمفترق جاران دارهما عمر )
    ( ومن ينفق الساعات في جمع ماله ... مخافة فقر فالذي فعل الفقر )
    ( وأستكبر الأخبار قبل لقائه ... فلما التقينا صغر الخبر الخبر )
    ( وإني رأيت الضر أحسن منظرا ... وأهون من مرأى صغير به كبر )

    ويعجبني من المديح منها شعر
    ( وما أنا وحدي قلت ذا الشعر كله ... ولكن لشعري فيك من نفسه )
    وقال من قصيدة
    ( وما ليل بأطول من نهار ... يظل بلحظ حسادي مشوبا )
    ( ولا موت بأنقص من حياة ... أرى لهم معي فيها نصيبا )
    ( عرفت نوائب الحدثان حتى ... لو انتسبت لكنت لها نقيبا )
    وما أظرف ما قال منها
    ( وشيخ في الشباب وليس شيخا ... يسمى كل من بلغ المشيبا )
    ( قسا فالأسد تفزع من يديه ... ورق فنحن نفزع أن يذوبا )
    وقال من قصيدة وهي التي ذكروا أنه ادعى فيها النبوة
    ( ومن نكد الدنيا على الحر أن يرى ... عدوا له ما من صداقته بد )
    وقال من قصيدة
    ( قد كنت أشفق من دمعي على بصري ... فاليوم كل عزيز بعدكم هانا )
    ( إذا قدمت على الأهوال شيعني ... قلب إذا شئت أن يسلاكم خانا )
    ( أبدو فيسجد من بالسوء يذكرني ... ولا أعاتبه صفحا وأهوانا )
    ( وهكذا كنت في أهلي وفي وطني ... إن النفيس عزيز حيثما كانا )
    ( لا أشرئب إلى ما لم يفت طمعا ... ولا أبيت على ما فات حسرانا )
    ( ولا أسر بما غيري الحميد به ... ولو حملت إلي الدهر ملآنا )
    وقوله من قصيدة
    ( فما لي وللدنيا طلابي نجومها ... ومسعاي منها في شدوق الأراقم )

    ( من الحلم أن يستعمل الجهل دونه ... إذا اتسعت في الحلم طرق المظالم )
    ( ومن عرف الأيام معرفتي بها ... وبالناس روي سيفه غير راحم )
    ( ولولا احتقاري الأسد شبهتها بهم ... ولكنها معدودة في البهايم )
    ( وكاد سروري لا يفي بندامتي ... على تركه في عمري المتقادم )
    وقال من قصيدة
    ( وأحسب أني لو هويت فراقكم ... لفارقتكم والدهر أخبث صاحب )
    ( فيا ليت ما بيني وبين أحبتي ... من البعد ما بيني وبين المصائب )
    ( يهون على مثلي إذا رام حاجة ... وقوع العوالي دونها والقواضب )
    ( كثير حياة المرء مثل قليلها ... يزول وباقي عيشه مثل ذاهب )
    ( بأي بلاد لم أجر ذوائبي ... وأي مكان لم تطأه ركائبي )
    وتخلص إلى مديح طاهر ولكنه أتى في تخلصه بالعجائب فقال
    ( كأن رحيلي كان من كف طاهر ... فأثبت كوري في ظهور المواهب )
    ما يقول أثبت كوري في ظهور المواهب إلا المتنبي
    ومن أبياته التي سارت أمثالا قوله
    ( إذا غامرت في شرف مروم ... فلا تقنع بما دون النجوم )
    ( فطعم الموت في أمر حقير ... كطعم الموت في أمر عظيم )
    ( وكل شجاعة في المرء تغني ... ولا مثل الشجاعة في الحليم )
    ( وكم من عائب قولا صحيحا ... وآفته من الفهم السقيم )
    ( ولكن تأخذ الأسماع منه ... على قدر القرائح والفهوم )
    وقال من قصيدة
    ( والهم يحترم الجسيم مخافة ... ويشيب ناصية الصبي ويهرم )
    ( ذو العقل يشقى في النعيم بعقله ... وأخو الجهالة في الشقاء منعم )
    ( لا تخدعنك من عدو دمعة ... وارحم شبابك من عدوك ترحم )
    وما أعظم ما قال بعده
    ( لا يسلم الشرف الرفيع من الأذى ... حتى يراق على جوانبه الدم )
    ( والظلم من شيم النفوس فإن تجد ... ذا عفة فلعلة لا يظلم )
    ( ومن البلية عذل من لا يرعوي ... عن جهله وخطاب من لا يفهم )
    ( والذل يظهر في الذليل مودة ... وأود منه لمن يود الأرقم )
    ( ومن العداوة ما ينالك نفعه ... ومن الصداقة ما يضر ويؤلم )
    ( أفعال من تلد الكرام كريمة ... وفعال من تلد الأعاجم أعجم )
    وقوله
    ( كريشة بمهب الريح ساقطة ... لا تستقر على حال من القلق )
    ويعجبني قوله من أبيات يتمثل بها في كثرة الإحسان المفرط
    ( ولم تملل تفقدك الموالي ... ولم تذمم أياديك الجساما )
    ( ولكن الغيوث إذا توالت ... بأرض مسافر كره المقاما )
    ( وصار أحب ما يهدى إليه ... لغير قلى وداعك والسلاما )
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  11. #31
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية البحري.
    تاريخ التسجيل
    09 2012
    المشاركات
    2,553

    رد: كتاب : خزانة الأدب وغاية الأرب

    وقال
    ( والغنى في يد اللئيم قبيح ... قدر قبح الكريم في الإملاق )
    وقال من قصيدة
    ( وقد يتزيا بالهوى غير أهله ... ويستصحب الإنسان من لا يلائمه )


    ( بليت بلى الأطلال إن لم أقف بها ... وقوف شحيح ضاع في الترب خاتمه )
    ( وما استغربت عيني فراقا رأيته ... ولا علمتني غير ما أنا عالمه )
    وقوله
    ( وإذا كانت النفوس كبارا ... تعبت في مرادها الأجسام )
    وقال من قصيدة
    ( إذا اعتاد الفتى خوض المنايا ... فأهون ما تمر به الوحول )
    وقوله
    ( رماني الدهر بالأرزاء حتى ... فؤادي في غشاء من نبال )
    ( فصرت إذا أصابتني سهام ... تكسرت النصال على النصال )
    وقوله
    ( يراد من القلب نسيانكم ... وتأبى الطباع على الناقل )
    ( ولو زلتم ثم لم أبككم ... بكيت على حبي الزائل )
    وقوله
    ( هل الولد المحبوب إلا تعلة ... وهل جلوة الحسناء إلا أذى البعل )
    ( وقد ذقت حلواء البنين على الصبا ... فلا تحسبني قلت ما قلت عن جهل )
    ( وما الدهر أهل أن تؤمل عنده ... حياة وإن يشتاق فيه إلى النسل )
    وقال
    ( إذا ما الناس جربهم لبيب ... فإني قد أكلتهم وذاقا )
    وقوله
    ( فما ترجي النفوس من زمن ... أحمد حاليه غير محمود )
    وقوله
    ( ووجه البحر يعرف من بعيد ... إذا يسجو فكيف إذا يموج )
    وقال
    ( ليس الجمال لأنف صح مارنه ... أنف العزيز بقطع العز يجتدع )
    ( من كان فوق محل الشمس موضعه ... فليس يرفعه شيء ولا يضع )
    ( إن السلاح جميع الناس تحمله ... وليس كل ذوات المخلب السبع )
    وقوله مفتخرا
    ( وإنا إذا ما الموت صرح في الوغى ... لبسنا إلى حاجاتنا الضرب والطعنا )
    وقوله
    ( أهم بشيء والليالي كأنها ... تطاردني عن كونه وأطارد )
    ( وحيد من الخلان في كل بلدة ... إذا عظم المطلوب قل المساعد )
    ( ولكن إذا لم يحمل القلب كفه ... على حالة لم يحمل الكف ساعد )
    منها
    ( بذا قضت الأيام ما بين أهلها ... مصائب قوم عند قوم فوائد )
    ( وكل يرى طرق الشجاعة والندى ... ولكن طبع النفس للنفس قائد )
    ( فإن قليل الحب بالعقل صالح ... وإن كثير الحب بالجهل فاسد )
    وقوله
    ( وما كل وجه أبيض بمبارك ... ولا كل جفن ضيق بنجيب )
    ( كأن الردى عاد على كل ماجد ... إذا لم يعوذ مجده بعيوب )
    ( ولولا أيادي الدهر في الجمع بيننا ... غفلنا فلم نشعر له بذنوب )
    ( فرب كئيب ليس تندى جفونه ... ورب كثير الدمع غير كئيب )
    ( وفي تعب من يجحد الشمس ضوءها ... ويجهد أن يأتي لها بضريب )
    وقوله
    ( ومن صحب الدنيا طويلا تقلبت ... على عينه حتى يرى صدقها كذبا )
    ( ومن تكن الأسد الضواري جدوده ... يكن ليله صبحا ومطعمه غصبا )
    ( ولست أبالي بعد إدراكي بالعلا ... أكان تراثا ما تناولت أم كسبا )
    ويعجبني من هذه القصيدة قوله في مديح سيف الدولة وقد كسر الدمستق على مرعش
    ( أتى مرعشا يستقرب البعد مقبلا ... وأدبر إذ أقبلت تستبعد القربا )
    ( كذا يترك الأعداء من يكره القنا ... ويقفل من كانت غنيمته رعبا )
    ( مضى بعدما التف الرماحان ساعة ... كما يلتقي الهدب في الرقدة الهدبا )
    ( ولكنه ولى وللطعن سورة ... إذا ذكرتها نفسه لمس الجنبا )
    ( فحب الجبان النفس أوردها البقا ... وحب الشجاع الحرب أوردها الخربا )
    وما أحلى ما قال بعده
    ( ويختلف الرزقان والفعل واحد ... إلى أن ترى إحسان هذا لذا ذنبا )
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  12. #32
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية البحري.
    تاريخ التسجيل
    09 2012
    المشاركات
    2,553

    رد: كتاب : خزانة الأدب وغاية الأرب

    ومن أنصاف مطالعه التي يتمثل بها الناس
    ( واحر قلباه ممن قلبه شبم ... )
    ونصفه الثاني لأجل تمام شخص المطلع
    ( ومن بجسمي وحالي عنده سقم ... )
    ويعجبني من هذه القصيدة قوله يخاطب سيف الدولة ويشير إليه أنه سمع فيه كلام الأعداء وقد أحضرهم لمواجهته ولم يخرج عن إرسال المثل
    ( يا أعدل الناس إلا في معاملتي ... فيك الخصام وأنت الخصم والحكم )
    ( أعيذها نظرات منك صادقة ... أن تحسب الشحم فيمن شحمه ورم )
    ( وما انتفاع أخي الدنيا بناظره ... إذا استوت عنده الأنوار والظلم )
    ومما سار من أمثالها قوله
    ( إذا رأيت نيوب الليث بارزة ... فلا تظنن أن الليث مبتسم )
    ( يا من يعز علينا أن نفارقهم ... وجداننا كل شيء بعدكم عدم )
    ( إن كان سركم ما قال حاسدنا ... فما لجرح إذا أرضاكم ألم )
    ( وبيننا لو رعبتم ذاك معرفة ... إن المعارف في أهل النهى ذمم )
    ( كم تطلبون لنا عيبا فيعجزكم ... ويكره الله ما تأتون والكرم )
    ومنها وليس لمثله مثيل
    ( إذا ترحلت عن قوم وقد قرروا ... أن لا تفارقهم فالراحلون هم )
    وما أحلى ما قال بعده
    ( شر البلاد مكان لا صديق به ... وشر ما يكسب الإنسان ما يصم )
    وقال من أبيات
    ( وإن كان ذنبي كل ذنب فإنه ... محا الذنب كل المحو من جاء تائبا )
    وقال من قصيدة
    ( وما كمد الحساد شيئا قصدته ... ولكنه من يزحم البحر يغرق )
    ( وإطراق طرف العين ليس بنافع ... إذا كان طرف القلب ليس بمطرق )
    وقوله
    ( لولا مفارقة الأحباب ما وجدت ... لها المنايا إلى أرواحنا سبلا )
    وقوله
    ( لا بقومي شرفت بل شرفوا بي ... وبنفس فخرت لا بجدودي )
    وما أحلى ما قال من غزلها
    ( أي يوم سررتني بوصال ... لم ترعني ثلاثة بصدود )
    منها
    ( أين فضلي إذا قنعت من الدهر ... بعيش معجل التنكيد )
    ( عش عزيزا أو مت وأنت كريم ... بين طعن القنا وخفق البنود )
    وقال من قصيدة
    ( وعذلت أهل العشق حتى ذقته ... فعجبت كيف يموت من لا يعشق )
    وقوله من قصيدة
    ( تحقر عندي همتي كل مطلب ... ويقصر في عيني المدى المتطاول )
    وما أحلى ما قال بعده
    ( وما زلت طودا لا تزول مناكبي ... إلى أن بدت للضيم في زلازل )
    وله من قصيدة
    ( ليس التعلل بالآمال من أربي ... ولا القناعة بالإقلال من شيمي )
    ( ولا أظن بنات الدهر تتركني ... حتى تسد عليها طرقها هممي )
    وما ألطف ما قال منها
    ( أرى أناسا ومحصولي على غنم ... وذكر جود ومحصولي على الكلم )
    ( لقد تصبرت حتى لات مصطبر ... فالآن أقحم حتى لات مقتحم )
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  13. #33
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية البحري.
    تاريخ التسجيل
    09 2012
    المشاركات
    2,553

    رد: كتاب : خزانة الأدب وغاية الأرب

    وقال
    ( وكاتم الحب يوم البين منهتك ... وصاحب الدمع لا تخفى سرائره )
    وقوله
    ( إذا قيل رفقا قال للحلم موضع ... وحلم الفتا في غير موضعه جهل )
    وقال من قصيدة
    ( فموتي في الوغى عيشي لأني ... رأيت العيش من أرب النفوس )
    وقال من أخرى
    ( إن ترمني نكبات الدهر عن كثب ... ترمي امرأ غير رعديد ولا نكس )
    وقال
    ( خير الطيور على القصور وشرها ... يأوي الخراب ويسكن الناووسا )
    وقال أيضا
    ( يخفي العداوة وهي غير خفية ... نظر العدو بما أسر يبوح )
    وقال أيضا
    ( وهبني قلت هذا الصبح ليل ... أيعمى العالمون عن الضياء )
    وقال أيضا
    ( وشغل النفس عن طلب المعالي ... يبيع الشعر في سوق الكساد )
    ومنها
    ( وما ماضي الشباب بمسترد ... ولا يوم يمر بمستعاد )
    ( متى لحظت بياض الشيب عيني ... فقد وجدته منها في السواد )
    ( وما العضب الطريف وإن تقوى ... بمنتصف من الكرم التلاد )
    ( فإن الجرح يدمي بعد حين ... إذا كان البناء على فساد )
    ( وكيف يبيت مضطجعا جبان ... فرشت لجنبه شوك القتاد )
    وما أحلى قوله من قصيدة
    ( إني وإن لمت حاسدي فما ... أنكر أني عقوبة لهم )
    ( كفاني الذم أنني رجل ... أكرم مال ملكته الكرم )
    وما أحلى ما قال بعده
    ( يجني الغنى للئام لو عقلوا ... ما ليس يجني عليهم العدم )
    وقال أيضا
    ( خليلك أنت لا من قلت خلي ... وإن كثر التجمل والكلام )
    ( ولو لم يعل إلا ذو محل ... تعالى الجيش وانحط القتام )
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  14. #34
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية البحري.
    تاريخ التسجيل
    09 2012
    المشاركات
    2,553

    رد: كتاب : خزانة الأدب وغاية الأرب

    وما أحلى قوله منها
    ( تلذ له المروءة وهي تؤذي ... ومن يعشق يلذ له الغرام )
    ومما سار من أمثالها
    ( لقد حسنت بك الأيام حتى ... كأنك في فم الدنيا ابتسام )
    ( تروع ركانة وتذوب ظرفا ... فما ندري أشيخ أم غلام )
    وقال من قصيدة
    ( أظمتني الدنيا فلما جئتها ... مستمطرا أمطرت علي مصائبا )
    وقال منها
    ( خذ من ثناي عليك ما أسطيعه ... لا تلزمني في الثناء الواجبا )
    وقال من غيرها
    ( ومن لبه مع غيره كيف حاله ... ومن سره في جفنه كيف يكتم )
    وقوله
    ( أنا صخرة الوادي إذا ما زوحمت ... وإذا نطقت فإنني الجوزاء )
    ( وإذا خفيت على الغبي فعاذر ... أن لا تراني مقلة عمياء )
    ( إن الكريم إذا أقام ببلدة ... سال النضار بها وقام الماء )
    وقال من قصيدة
    ( لا تعذل المشتاق في أشواقه ... حتى يكون حشاك في أحشائه )
    وما أحلى ما قال بعده
    ( إن القتيل مضرجا بدموعه ... مثل القتيل مضرجا بدمائه )
    وما أحلى ما قال من قصيدة
    ( إذا ما قدرت على نطفة ... فإني على تركها أقدر )
    ( أصرف نفسي كما أشتهي ... وأملكها والقنا أحمر )
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  15. #35
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية البحري.
    تاريخ التسجيل
    09 2012
    المشاركات
    2,553

    رد: كتاب : خزانة الأدب وغاية الأرب

    ويطربني من مديحها قوله منها أيضا
    ( كفتك المروءة ما تتقي ... وآمنك الود ما تحذر )
    وقال
    ( فلا تطمعن من حاسد في مودة ... وإن كنت تبديها له وتنيل )
    ( يهون علينا أن تصاب جسومنا ... وتسلم أعراض لنا وعقول )
    وقوله
    ( وما أخصك في برء بتهنئة ... إذا سلمت فكل الناس قد سلموا )
    وقال
    ( ومن يجعل الضرغام للصيد بازه ... تصيده الضرغام فيما تصيدا )
    ( وما قتل الأحرار كالعفو عنهم ... ومن لك بالحر الذي يحفظ اليدا )
    وما أحلى ما قال بعده
    ( إذا أنت أكرمت الكريم ملكته ... وإن أنت أكرمت اللئيم تمردا )
    ( ووضع الندى في موضع السيف بالعلا ... مضر كوضع السيف في موضع الندى )
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  16. #36
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية البحري.
    تاريخ التسجيل
    09 2012
    المشاركات
    2,553

    رد: كتاب : خزانة الأدب وغاية الأرب

    ويعجبني منها في افتخاره
    ( وما الدهر إلا من رواة قصائدي ... إذا قلت شعرا أصبح الدهر منشدا )
    ( فسار به من لا يسير مشمرا ... وغنى به من لا يغني مغردا )
    ومن أمثالها
    ( فدع كل صوت بعد صوتي فإنني ... أنا الصائح المحكي والآخر الصدى )
    ( وقيدت نفسي في ذراك محبة ... ومن وجد الإحسان قيدا تقيدا )
    ولقد أجاد في مديحها بقوله
    ( إذا سأل الإنسان أيامه الغنى ... وكنت على بعد جعلتك موعدا )
    ومن الأمثال السائرة مطلع هذه القصيدة لكل امرئ من دهره ما تعودا
    وقال من قصيدة
    ( وما التيه ظني فيهم غير أنني ... بغيض إلي الجاهل المتغافل )
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  17. #37
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية البحري.
    تاريخ التسجيل
    09 2012
    المشاركات
    2,553

    رد: كتاب : خزانة الأدب وغاية الأرب

    وقوله
    ( وكيف يتم بأسك في أناس ... تصيبهم فيؤلمك المصاب )
    وما ألطف ما قال بعده
    ( ترفق أيها المولى عليهم ... فإن الرفق بالجاني عتاب )
    ( وما تركوك معصية ولكن ... يعاف الورد والموت الشراب )
    ( وما جهلت أياديك البوادي ... ولكن ربما خفي الصواب )
    ( وكم ذنب يولده دلال ... وكم بعد يولده اقتراب )
    ( وجرم جره سفهاء قوم ... وحل بغير جارمه العذاب )
    ومن مطالعه التي سارت أمثالا
    ( على قدر أهل العزم تأتي العزائم ... وتأتي على قدر الكرام الكرام )
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  18. #38
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية البحري.
    تاريخ التسجيل
    09 2012
    المشاركات
    2,553

    رد: كتاب : خزانة الأدب وغاية الأرب

    ويعجبني من مديحها
    ( إذا كان ما تنويه فعلا مضارعا ... مضى قبل أن تلقي عليه الجوازم )
    ( وقفت وما في الموت شك لواقف ... كأنك في جفن الردى وهو نائم )
    وقال من قصيدة
    ( وما تنفع الخيل الكرام ولا القنا ... إذا لم يكن فوق الكرام كرائم )
    وقال من غيرها
    ( وما الحسن في وجه الفتى شرف له ... إذا لم يكن في فعله والخلائق )
    وقال من قصيدة
    ( وما في سطوة الأرباب عيب ... ولا في زلة العبدان عار )
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  19. #39
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية البحري.
    تاريخ التسجيل
    09 2012
    المشاركات
    2,553

    رد: كتاب : خزانة الأدب وغاية الأرب

    وقال من قصيدة
    ( وإذا لم تجد من الناس كفؤا ... ذات خدر أرادت الموت بعلا )
    ( وإذا الشيخ قال أف فما مل ... حياة وإنما الضعف ملا )
    ( آلة العيش صحة وشباب ... فإذا وليا عن المرء ولى )
    وما أحلى ما قال بعده
    ( أبدا تسترد ما تهب الدنيا ... فيا ليت جودها كان بخلا )
    وقال من قصيد
    ( رب أمر أتاك لا تحمد الفعال ... فيه وتحمد الأفعالا )
    ( وإذا ما خلا الجبان بأرض ... طلب الطعن وحده والنزالا )
    ومن أنصافها هكذا هكذا وإلا فلا لا
    وقال من قصيدة مطلعها
    ( الرأي قبل شجاعة الشجعان ... هو أول وهي المحل الثاني )
    ( ولربما طعن الفتى أقرانه ... بالرأي قبل تطاعن الأقران )
    ( لولا العقول لكان أدنى ضيغم ... أدنى إلى شرف من الإنسان )
    ( ولما تفاضلت النفوس ودبرت ... أيدي الكماة عوالي المران )
    ( وإذا الرماح شغلن مهجة ثائر ... شغلته مهجته عن الإخوان )
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  20. #40
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية البحري.
    تاريخ التسجيل
    09 2012
    المشاركات
    2,553

    رد: كتاب : خزانة الأدب وغاية الأرب

    وقال أيضا
    ( وإذا خامر الهوى قلب صب ... فعليه لكل عين دليل )
    ( وكثير من السؤال اشتياق ... وكثير من رده تعليل )
    ( ما الذي عنده تدار المنايا ... كالذي عنده تدار الشمول )
    وقال من قصيدة
    ( ومن تفكر في الدنيا ومهجته ... أقامه الفكر بين العجز والتعب )

    ومن مطالعه التي سارت أمثالا
    ( كفى بك داء أن ترى الموت شافيا ... وحسب المنايا أن يكن أمانيا )
    وقوله منها
    ( إذا كنت ترضى أن تعيش بذلة ... فلا تستعدن الحسام اليمانيا )
    ( وللنفس أخلاق تدل على الفتى ... أكان سخاء ما أتى أم تساخيا )
    ( إذا الجود لم يرزق خلاصا من الأذى ... فلا الحمد مكسوبا ولا المال باقيا )
    ( خلقت ألوفا لو رددت إلى الصبا ... لفارقت شيبي موجع القلب باكيا )
    ومن أنصافها السائرة
    ( ومن قصد البحر استقل السواقيا ... )
    وقال أيضا
    ( فارم بي ما أردت مني فإني ... أسد القلب آدمي الرواء )
    ( وفؤادي من الملوك وإن كان ... لساني يرى من الشعراء )
    وقال من قصيدة
    ( فما الحداثة عن حلم بمانعة ... قد يوجد الحلم في الشبان والشيب )
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

صفحة 2 من 16 الأولىالأولى 123412 ... الأخيرةالأخيرة

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •