لونك المفضل

المنتديات الثقافية - Powered by vBulletin
 

صفحة 3 من 16 الأولىالأولى 1234513 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 41 إلى 60 من 301

الموضوع: كتاب : خزانة الأدب وغاية الأرب

  1. #41
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية البحري.
    تاريخ التسجيل
    09 2012
    المشاركات
    2,553

    رد: كتاب : خزانة الأدب وغاية الأرب

    ويعجبني من مديحها
    ( كأن كل سؤال في مسامعه ... قميص يوسف في أجفان يعقوب )
    ( إذا اعترته أعاديه بمسألة ... فقد عرته بجيش غير مغلوب )
    وقال أيضا
    ( وأتعب خلق الله من زاد همه ... وقصر عما تشتهي النفس وجده )
    ( فلا مجد في الدنيا لمن قل ماله ... ولا مال في الدنيا لمن قل مجده )
    وما أحلى ما قال بعده
    ( وفي الناس من يرضى بميسور عيشة ... ومركوبه رجلاه والثوب جلده )
    ( ولكن قلبا بين جنبي ما له ... مدى ينتهي بي في مراد أجده )
    وقال
    ( إذا حللت مكانا بعد صاحبه ... جعلت فيه على ما قبله تيها )

    وقوله
    ( وما منزل اللذات عندي بمنزل ... إذا لم أبجل عنده وأكرم )
    منها
    ( إذا ساء فعل المرء ساءت ظنونه ... وصدق ما يعتاده من توهم )
    ( وعادى محبيه بقول عداته ... وأصبح في ليل من الشك مظلم )
    ( أصادق نفس المرء من قبل جسمه ... وأعرفها من فعله والتكلم )
    ( وأحلم عن خلي وأعلم أنه ... متى أجزه حلما من الجهل يندم )
    ( وما كل ناو للجميل بفاعل ... ولا كل فعال له بمتمم )
    ( لمن تطلب الدنيا إذا لم ترد بها ... سرور محب أو إساءة مجرم )
    منها
    ( رضيت بما ترضى به لي محبة ... وقدت إليك النفس قود المسلم )
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  2. #42
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية البحري.
    تاريخ التسجيل
    09 2012
    المشاركات
    2,553

    رد: كتاب : خزانة الأدب وغاية الأرب

    وقوله
    ( وإذا الحلم لم يكن في طباع ... لم يحلم تقدم الميلاد )
    ( وإذا كان في الأنابيب خلف ... وقع الطيش في صدور الصعاد )
    وقوله
    ( وما الخيل إلا كالصديق قليلة ... وإن كثرت في عين من لا يجرب )
    ( وكل امرئ يولي الجميل محبب ... وكل مكان ينبت العز طيب )
    منها وأجاد إلى الغاية
    ( واظلم أهل الظلم من بات حاسدا ... لمن بات في نعمائه يتقلب )
    وقال من قصيدة
    ( لا تلق دهرك إلا غير مكترث ... ما دام يصحب فيه روحك البدن )
    ( فما يديم سرورا ما سررت به ... ولا يرد عليك الفائت الحزن )
    ( ما كل ما يتمنى المرء يدركه ... تجري الرياح بما لا تشتهي السفن )
    ( رأيتكم لا يصون العرض جاركم ... ولا يدر على مرعاكم اللبن )
    ( جزاء كل قريب منكم ملل ... وحظ كل محب منكم ضغن )
    ( وتغضبون على من نال رفدكم ... حتى يعاقبه التنغيص والمنن )
    وقال من قصيدة
    ( ومراد النفوس أهون من أن ... تتعادى فيه وأن تتعانى )

    ( غير أن الفتى يلاقي المنايا ... كالحات ولا يلاقي الهوانا )
    ( ولو أن الحياة تبقى لحي ... لعددنا أضلنا الشجاعانا )
    ( وإذا لم يكن من الموت بد ... فمن العجز أن تكون جبانا )
    وله من قصيدة
    ( ولله سر في علاك وإنما ... كلام العدا ضرب من الهذيان )
    وقال
    ( لولا المشقة ساد الناس كلهم ... الجود يفقر والأقدام قتال )
    وقال
    ( ومن يجد الطريق إلى المعالي ... فلا يذر المطي بلا سنام )
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  3. #43
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية البحري.
    تاريخ التسجيل
    09 2012
    المشاركات
    2,553

    رد: كتاب : خزانة الأدب وغاية الأرب

    وما أحلى ما قال بعده
    ( ولم أر في عيوب الناس نقصا ... كنقص القادرين على التمام )
    ( وملني الفراش وكان جنبي ... يمل لقاءه في كل عام )
    ومن اختراعاته المخترعة قوله منها ويشير إلى حمى أصابته وكانت تغشاه إذا أتى الليل
    ( وزائرتي كأن بها حياء ... فليس تزور إلا في الظلام )
    ( بذلت لها المطارف والحشايا ... فعافتها وباتت في عظامي )
    ( يضيق الجلد عن نفسي وعنها ... فتوسعه بأنواع السقام )
    ( إذا ما فارقتني غسلتني ... كأنا عاكفان على حرام )
    ( كأن الصبح يطردها فتجري ... مدامعها بأربعة سجام )
    ( أراقب وقتها من غير شوق ... مراقبة المشوق المستهام )
    ( وتصدق وعدها والصدق شر ... إذا ألقاك في الكرب العظام )
    ( فإن أمرض فما مرض اصطباري ... وإن أحمم فما حم اعتزامي )
    ( وإن أسلم فما أبقى ولكن ... سلمت من الحمام إلى الحمام )
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  4. #44
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية البحري.
    تاريخ التسجيل
    09 2012
    المشاركات
    2,553

    رد: كتاب : خزانة الأدب وغاية الأرب

    وقوله
    ( وللسر مني موضع لا يناله ... نديم ولا يفضي إليه شراب )
    ( وما العشق إلا غرة وطماعة ... يمرض قلب نفسه فيصاب )
    ( أعز مكان في الدنا ظهر سابح ... وخير جليس في الزمان كتاب )
    منها في المديح قوله في كافور
    ( تجاوز قدر المدح حتى كأنه ... بأحسن ما يثني عليه يعاب )
    ( إذا نلت منك الود فالكل هين ... وكل الذي فوق التراب تراب )
    وما أحلى ما قال بعده
    ( وما كنت لولا أنت إلا مهاجرا ... له كل يوم بلدة وصحاب )
    وقوله
    ( من اقتضى بسوى الهندي حاجته ... أجاب كل سؤال عن هل بلم )
    منها
    ( ولم تزل قلة الإنصاف قاطعة ... بين الرجال ولو كانوا ذوي رحم )
    ( لا تشتكون إلى خلق فتشمتهم ... شكوى الجريح إلى العقبان والرخم )
    ( وكن على حذر للناس تستره ... ولا يغرك منهم ثغر مبتسم )
    منها
    ( أتى الزمان بنوه في شبيبته ... فسرهم وأتيناه على الهرم )
    ( سبحان خالق نفسي كيف لذتها ... فيما النفوس تراه غاية الألم )
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  5. #45
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية البحري.
    تاريخ التسجيل
    09 2012
    المشاركات
    2,553

    رد: كتاب : خزانة الأدب وغاية الأرب

    ومن أمثاله التي سارت في هجو كافور قوله
    ( العبد ليس لحر صالح بأخ ... لو أنه في ثياب الخز مولود )
    ( لا تشتر العبد إلا والعصى معه ... إن العبيد لأنجاس مناكيد )

    ( ما كنت أحسبني أبقى إلى زمن ... يسيء بي فيه كلب وهو محمود )
    ( من علم الأسود المخصي مكرمة ... أقومه البيض أم آباؤه السود )
    ومن أمثاله
    ( ومن جهلت نفسه قدره ... رأى غيره منه ما لا يرى )
    ومن أنصافه التي سارت أمثالا ولا بد دون الشهد من إبر النحل
    وقال من قصيد
    ( قد كنت أحذر بينهم من مثل ذا ... لو كان ينفع خائفا أن يحذرا )
    ( أعطى الزمان فما قبلت عطاءه ... وأراد بي فأردت أن أتخيرا )
    وقال من قصيدة
    ( وقد يتقارب الوصفان جدا ... وموصوفاهما متباعدان )
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  6. #46
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية البحري.
    تاريخ التسجيل
    09 2012
    المشاركات
    2,553

    رد: كتاب : خزانة الأدب وغاية الأرب

    وقوله
    ( نحن بنو الموتى فما بالنا ... نعاف ما لا بد من شربه )
    ( تبخل أيدينا بأرواحنا ... على زمان هي من كسبه )
    ( لو فكر العاشق في منتهى ... حسن الذي يسبيه لم يسبه )
    ( يموت راعي الضأن في جهله ... موتة جالينوس في طبه )
    ( وغاية المفرط في سلمه ... كغاية المفرط في حربه )
    ( فلا قضى حاجته طالب ... فؤاده يخفق من رعبه )
    وقال من قصيد
    ( إذا اشتبكت دموع في خدود ... تبين من بكى ممن تباكى )
    ولقد رأيت هنا في هذا القدر الذي أوردته من شعر أبي الطيب من إرسال المثل ما تطيب به الأذواق وتجول به فرسان الإنشاء بالحمر من جياد الأقلام في ميادين الأوراق وعلى كل تقدير فما لأبي الطيب في حكمه وأمثاله نظير
    وهنا نكتة لطيفة وهي أن صلاح الدين الصفدي كان مذهبه تقديم أبي الطيب المتنبي على أبي تمام وهو مذهب أبي العلاء المعري فإنه سمي ديوانه بعدما شرحه معجز أحمد فاتفق أن صلاح الدين اجتمع بابن نباتة بالديار المصرية وذاكره في أبي

    الطيب وأبي تمام فوجده على مذهبه واجتمعا بعد ذلك بالشيخ أثير الدين أبي حيان وذاكراه في ذلك فقدم أبا تمام فلاماه على ذلك فقال أنا لا أسمع لوما في حبيب
    انتهى
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  7. #47
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية البحري.
    تاريخ التسجيل
    09 2012
    المشاركات
    2,553

    رد: كتاب : خزانة الأدب وغاية الأرب

    ومذهبي في ذلك مذهب الشيخ صلاح الدين ومذهب الشيخ جمال الدين وإن كان الشيخ أثير الدين ما سمع في حبيبه لوما وخالف من لامه فيه وفند فمن المستحيل رجوع أبي بكر عن حب أحمد وقد عن لي أن أورد هنا ما سارت في الخافقين حكمه وأمثاله وانقاد أهل الذوق السليم لطاعته لما ورد عليهم مثاله وهو تأليفي الذي وسمته بتغريد الصادح وما ذاك إلا أن سيدنا ومولانا قاضي القضاة صدر الدين بن الآدمي نور الله ضريحه وجعل من الرحيق المختوم غبوقة وصبوحه كان يقول أود أن أنتزع من الصادح والباغم أرجوزة مشتملة على أمثلة مرقصة وحكم بديعة بشرط أن يكون البيت منسجما مع الذي قبله والذي بعده ولم يتيسر لي ذلك لصعوبة المسلك انتهى
    ولما قدر الله تعالى ما قدره من الاختفاء بدمشق سنة ثلاث عشرة وثمانمائة عند حلول الملك الناصر بها وأنا في خدمة المقر الأشرف القاضوي محمد بن البارزي الجهني الشافعي صاحب دواوين الإنشاء الشريف بالممالك الإسلامية كان الصادح والباغم بين كتبه فنظر فيه يوما وذكر قول قاضي القضاة صدر الدين ورسم لي بذلك فانتزعت له هذه الأرجوزة التي سارت غرر أمثالها ولم يسمح الزمان لمؤلف بمثالها ومن سافر فيها نظره وكان الذوق السليم رفيقه علم أنها تضرب بها الأمثال على الحقيقة وسميتها بتغريد الصادح وصدرتها من نظمي بأبيات تقوم مقام الديباجة والخطبة هي
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  8. #48
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية البحري.
    تاريخ التسجيل
    09 2012
    المشاركات
    2,553

    رد: كتاب : خزانة الأدب وغاية الأرب

    ( الحمد لله الذي هذبنا ... واختارنا للعلم إذ أدبنا )
    ( فإن للآداب فضلا يذكر ... فلا تخاطب كل من لا يشعر )
    ( يا مدعي الحكمة في كلامه ... ومن يروم السحر في نظامه )
    ( خذ حكما وكلها أمثال ... ليس لها في عصرنا مثال )
    ( ألفها ابن حجة للنجبا ... لأن فيها رأس مال الأدبا )
    ( واختارها من مفردات الصادح ... فكان ذا من أكبر المصالح )
    من كل بيت إن تمثلت به ... سكنت من سامعه في قلبه )


    ( وقد تهجمت على الشريف ... لكنني خاطبت بالمعروف )
    ( وجئت من كلامه بنبذة ... تجلب للسامع كل لذة )
    ( وترفع الأديب إن تمثلا ... بها إذا خاطب أرباب العلا )
    ( من حكم تتبعها وصايا ... مقبولة من أحسن السجايا )
    ( من أول وأوسط وآخر ... جمعتها جمع أديب شاعر )
    ( حتى دنا البعيد للقريب ... وانتظم البديع بالغريب )
    ( وانسجمت في جمعها أرجوزه ... بديعة غريبة وجيزة )
    ( وكل من أنكر ما أحكمت في ... ترتيبها يكون غير منصف )
    ( فلينظر الأصل ليعرف السبب ... ويعترف إن كان من أهل الأدب )
    ( أول ما يرغب في استهلاله ... من نظمه المحكم في مقاله )
    وهذا أول الصادح والباغم
    ( العيش بالرزق وبالتقدير ... وليس بالرأي ولا التدبير )
    ( في الناس من تسعده الأقدار ... وفعله جميعه إدبار )
    ومن هنا يأتي هذا التأليف جميعه على هذا النمط وما أردت بهذا التنبيه إلا يقظة المتأمل
    ( من عرف الله أزال التهمه ... وقال كل فعله للحكمة )
    ( من أنكر القضاء فهو مشرك ... إن القضاء بالعباد أملك )
    ( ونحن لا نشرك بالله ولا ... نقنط من رحمته إذ نبتلى )
    ( عار علينا وقبيح ذكر ... أن نجعل الكفر مكان الشكر )
    ( وليس في العالم ظلم جاري ... إذ كان ما يجري بأمر الباري )
    ( وأسعد العالم عند الله ... من ساعد الناس بفضل الجاه )
    ( ومن أغاث البائس الملهوفا ... أغاثه الله إذا أخيفا )
    ( إن العظيم يدفع العظيما ... كما الجسيم يحمل الجسيما )
    ( فإن من خلائق الكرام ... رحمة ذي البلاء والأسقام )
    ( وإن من شرائط العلو ... العطف في البؤس على العدو )
    ( وقد علمت واللبيب يعلم ... بالطبع لا يرحم من لا يرحم )
    ( فالمرء لا يدري متى يمتحن ... فإنه في دهره مرتهن )
    ( وإن نجا اليوم فما ينجو غدا ... لا يأمن الآفات إلا ذو الردى )
    ( لا تغترر بالحفظ والسلامة ... فإنما الحياة كالمدامه )
    والعمر مثل الكاس والدهر القذر ... والصفو لا بد له من الكدر )
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  9. #49
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية البحري.
    تاريخ التسجيل
    09 2012
    المشاركات
    2,553

    رد: كتاب : خزانة الأدب وغاية الأرب

    أنظر أيها المتأمل كيف اتبعت قوله فإنما الحياة كالمدامه بقوله فالعمر مثل الكاس
    وإذا نظرت إلى آخر البيت رأيت الاتفاق العجيب منها
    ( وكل إنسان فلا بد له ... من صاحب يحمل ما أثقله )
    ( جهد البلاء صحبة الأضداد ... فإنها كي على الفؤاد )
    ( أعظم ما يلقى الفتى من جهد ... أن يبتلى في جنسه بالضد )
    ( فإنما الرجال بالإخوان ... واليد بالساعد والبنان )
    ( لا يحقر الصحبة إلا جاهل ... أو مارق عن الرشاد غافل )
    ( صحبة يوم نسب قريب ... وذمة يحفظها اللبيب )
    ( وموجب الصداقة المساعده ... ومقتضى المودة المعاضده )
    ( لا سيما في النوب الشدائد ... والمحن العظيمة الأوابد )
    ( فالمرء يحيى أبدا أخاه ... وهو إذا ما عد من أعداه )
    ( وإن من عاشر قوما يوما ... ينصرهم ولا يخاف لوما )
    ( وإن من حارب من لا يقوى ... لحربه جر إليه البلوى )
    فحارب الأكفاء والأقرانا ... فالمرء لا يحارب السلطانا )
    ( واقنع إذا حاربت بالسلامه ... واحذر فعالا توجب الندامه )
    ( فالتاجر الكيس في التجارة ... من خاف في متجره الخساره )
    ( يجهد في تحصيل رأس ماله ... ثم يروم الربح باحتياله )
    ( وإن رأيت النصر قد لاح لكا ... فلا تقصر واحترز أن تهلكا )
    ( واسبق إلى الأجود سبق الناقد ... فسبقك الخصم من المكايد )


    ( وانتهز الفرصة إن الفرصه ... تصير إن لم تنتهزها غصه )
    ( كم نظر الغالب يفترك ... عنه التوقي واستهان فهلك )
    ( ومن أضاع جنده في السلم ... لم يحفظوه في لقاء الخصم )
    ( وإن من لا يحفظ القلوبا ... يخذل حين يشهد الحروبا )
    ( والجند لا يرعون من أضاعهم ... كلا ولا يحمون من أجاعهم )
    ( وأضعف الملوك طرا عقدا ... من غره السلم فأقصى الجندا )
    ( والحزم والتدبير روح العزم ... لا خير في عزم بغير حزم )
    ( والحزم كل الحزم في المطاولة ... والصبر لا في سرعة المزاولة )
    ( وفي الخطوب تظهر الجواهر ... ما غلب الأيام إلا الصابر )
    ( لا تيأسن من فرج ولطف ... وقوة تظهر بعد ضعف )
    ( فربما جاءك بعد الياس ... روح بلا كد ولا التماس )
    ( في لمحة الطرف بكاء وضحك ... وناجذ باد ودمع ينسفك )
    ( تنال بالرفق وبالتأني ... ما لم تنل بالحرص والتعني )
    ( ما أحسن الثبات والتجلدا ... والحيرة والتبلدا )
    ( ليس الفتى إلا الذي إن طرقه ... خطب تلقاه بصبر وثقه )
    ( إذا الرزايا أقبلت ولم تقف ... فثم أحوال الرجال تختلف )
    ( وكم لقيت لذة في زمني ... فاصبر الآن لهذي المحن )
    ( فالموت لا يكون إلا مرة ... والموت أحلى من حياة مره )
    ( إني من الموت على يقين ... فاجهد الآن لما يقيني )
    ( صبرا على أهوالها ولا ضجر ... وربما فاز الفتى إذا صبر )
    ( لا يجزع الحر من المصائب ... كلا ولا يخضع للنوائب )
    ( فالحر للعبء الثقيل يحمل ... والصبر عند النائبات يجمل )
    ( لكل شيء مدة وتنقضي ... ما غلب الأيام من رضي )
    ( قد صدق القائل ف الكلام ... ليس النهي بعظم العظام )
    ( لا خير في جسامة الأجسام ... بل هو في العقول والأفهام )
    ( فالخيل للحرب وللجمال ... والإبل للحمل وللترحال )

    ( لا تحتقر شيئا صغيرا محتقر ... فربما أسالت الدم الإبر )
    ( لا تحرج الخصم ففي إحراجه ... جميع ما تكره من لجاجه )
    ( لا تطلب الفائت باللجاج ... وكن إذا كويت ذا إنضاج )
    ( فعاجز من ترك الموجودا ... طماعة وطلب المفقودا )
    ( وفتش الأمور عن أسرارها ... كم نكتة جاءتك مع إظهارها )
    ( لزمت للجهل قبيح الظاهر ... وما نظرت حسن السرائر )
    ( ليس يضر البدر في سناه ... إن الضرير قض لا يراه )
    ( كم حكمة أضحت بها المحافل ... نافقة وأنت عنها غافل )
    ( ويغفلون عن خفي الحكمه ... ولو رأوها لأزالوا التهمه )
    ( كم حسن ظاهره قبح ... وسمج عنوانه مليح )
    ( والحق قد تعلمه ثقيل ... يأباه إلا نفر قليل )
    ( فالعاقل الكامل في الرجال ... لا ينثني لزخرف المقال )
    ( إن العدو قوله مردود ... وقلما يصدق الحسود )
    ( لا تقبل الدعوى بغير شاهد ... لا سيما إن كان من معاند )
    ( أيؤخذ البريء بالسقيم ... والرجل المحسن باللئيم )
    ( كذاك من يستنصح الأعادي ... يردونه بالغش والفساد )
    ( إن أكل من ترى أذهانا ... من حسب الإساءة الإحسانا )
    ( فادفع إساءة العدا بالحسنى ... ولا تخل يسراك مثل اليمنى )
    ( وللرجال فاعلمن مكايد ... وخدع منكرة شدائد )
    ( فالندب لا يخضع للشدائد ... قط ولا يغتاظ بالمكايد )
    ( فرقع الخرق بلطف واجتهد ... وامكر إذا لم ينفع الصدق وكد )
    ( فهكذا الحازم إذ يكيد ... يبلغ في الأعداء ما يريد )
    ( وهو بريء منهم في الظاهر ... وغيره مختصب الأظافر )

    ( والشهم من يصلح أمر نفسه ... ولو بقتل ولده وعرسه )
    ( فإن من يقصد قلع ضرسه ... لم يعتمد إلا صلاح نفسه )
    ( وإن من خص اللئيم بالندا ... وجدته كمن يربي أسدا )
    ( وليس في طبع اللئيم شكر ... وليس في أصل الدنيء نصر )
    ( وإن من ألزمه وكلفه ... ضد الذي في طبعه ما أنصفه )
    ( كذاك من يصطنع الجهالا ... ويؤثر الأرذال والأنذال )
    ( لو أنكم أفاضل أحرار ... ما ظهرت بينكم الأسرار )
    ( إن الأصول تجذب الفروعا ... والعرق دساس إذا أطيعا )
    ( ما طاب فرع أصله خبيث ... ولا زكا من مجده حديث )
    ( قد يدركون رتبا في الدنيا ... ويبلغون وطرا من بغيا )
    ( لكنهم لا يبلغون في الكرم ... مبلغ من كاب له فيها قدم )
    ( وكل من تمايلت أطرافه ... في طيها وكرمت أسلافه )
    ( كان خليقا بالعلا وبالكرم ... وبرعت في أصله حسن الشيم )
    ( لولا بنو آدم بين العالم ... ما بان للعقول فضل العالم )
    ( فواحد يعطيك فضلا وكرم ... فذاك من يكفره فقد ظلم )
    ( وواحد يعطيك للمصانعة ... أو حاجة له إليك واقعه )
    ( لا تشرهن إلى حطام عاجل ... كم أكلة أودت بنفس الآكل )
    ( واحذر أخي يا فتى من الشره ... وقس بما رأيته ما لم تره )
    ( فليس من عقل الفتى أو كرمه ... إفساد شخص كامل لقرمه )
    ( فالبغي داء ماله دواء ... ليس لملك معه بقاء )
    ( والبغي فاحذره وخيم المرتع ... والعجب فاتركه شديد المصرع )
    ( والغدر بالعهد قبيح جدا ... شر الورى من ليس يرعى العهدا )
    ( عند تمام الأمر يبدو نقصه ... وربما ضر الحريص حرصه )
    ( وربما ضرك بعض مالكا ... وساءك المحسن من رجالكا )
    ( فالمرء يفدي نفسه بوفره ... عساه أن ينجو به من أسره )
    تمت وختمها شيخنا رحمه الله بقوله
    ( لا تعطين شيئا بغير فائده ... فإنها من السجايا الفاسده )
    ( هذا الذي ألفته واخترته ... من رجز الشريف وانتخبته )
    ( وحرمة الآداب يا أهل الأدب ... إن الشريف قد أتانا بالعجب )
    ( قلنا جميعا إذ سمعنا رجزه ... كم قد أتى محمد بمعجزة )
    ( من كل بيت شطره قصيد ... وكلنا لبيته عبيد )
    ( فرحمة الله له في الآخرة ... خاتمة مع الهبات الوافره )
    ( ثم الصلاة والسلام دائما ... على الذي للرسل جاء خاتما )
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  10. #50
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية البحري.
    تاريخ التسجيل
    09 2012
    المشاركات
    2,553

    رد: كتاب : خزانة الأدب وغاية الأرب

    انتهى ما أوردته من أمثال أبي الطيب المتنبي وأمثال الصادح والباغم ولم أقصد بذلك إلا أخذ ما يحتاج المتأدب إليه في إرسال المثل على أنواعه خصوصا أهل الإنشا فإنه حلبة جولاتهم وعمدة فرسانهم وبيت الشيخ صفي الدين في بديعيته
    ( رجوتكم نصحاء في الشدائد لي ... لضعف رشدي واستسمنت ذا ورم )
    فقوله استسمنت ذا ورم من الأمثال السائرة ولم ينظم العميان في بديعيتهم هذا النوع وبيت الشيخ عز الدين في بديعيته
    ( أنوار بهجته إرسالها مثلا ... يلوح أشهر من نار على علم )
    فقوله أشهر من نار على علم من الأمثال السائرة وبيتي
    ( وكم تمثلت إذ أرخوا شعورهم ... وقلت بالله خلوا الرقص في الظلم )
    فالرقص في الظلم من الأمثال السائرة ولكن قولي لهم بعد إرخاء الشعور خلوا الرقص في الظلم لا يخفى على الحذاق من أهل الأدب
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  11. #51
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية البحري.
    تاريخ التسجيل
    09 2012
    المشاركات
    2,553

    رد: كتاب : خزانة الأدب وغاية الأرب

    ذكر التهكم

    ( ذل العذول بهم وجدا فقلت له ... تهكما أنت ذو عز وذو شمم )
    التهكم نوع عزيز في أنواع البديع لعلو مناره وصعوبة مسلكه وكثرة التباسه بالهجاء في معرض المدح وبالهزل الذي يراد به الجد ويأتي الفرق بينهما بعد إيضاح حد
    والتهكم في الأصل التهدم
    يقال تهكمت البئر إذا تهدمت وتهكم عليه إذا اشتد غضبه والمتهكم المحتقر
    قال أبو زيد تهكمت غضبت وتهكمت تحقرت وعلى هذا يكون المتهكم لشدة الغضب قد أوعد بالبشارة أو لشدة الكبر أو لتهاونه بالمخاطب قد فعل ذلك فهذا أصله في الاستعمال
    وفي المصطلح هو عبارة عن الإتيان بلفظ البشارة في موضع الإنذار والوعد في مكان الوعيد والمدح في معرض الاستهزاء فشاهد البشارة في موضع الإنذار قوله تعالى ( بشر المنافقين بأن لهم عذابا أليما ) وشاهد المدح في معرض الاستهزاء بلفظ المدح قوله تعالى ( ذق إنك أنت العزيز الكريم ) قال الزمخشري إن في تأويل قوله تعالى له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله تهكما فإن المعقبات هم الحرس من حول السلطان يحفظونه على زعمه من أمر الله على سبيل التهكم فإنهم لا يحفظونه من أمره في الحقيقة إذا جاء والله أعلم
    ومنه قوله تعالى ( قل بئسما يأمركم به إيمانكم إن كنتم مؤمنين ) فقوله إيمانكم تهكم


    ومن التهكم في السنة الشريفة قوله ( بشر مال البخيل بحادث أو وارث )
    وشاهد المدح في موضع الاستهزاء من النظم قول ابن الذروي في ابن أبي حصينة من أبيات
    ( لا تظنن حدبة الظهر عيبا ... فهي في الحسن من صفات الهلال )
    ( وكذاك القسي محدودبات ... وهي أنكى من الظبا والعوالي )
    ( وإذا ما علا السنام ففيه ... لقروم الجمال أي جمال )
    ( وارى الانحناء في مخلب البازي ... ولم يعد مخلب الريبال )
    ( كون الله حدبة فيك إن شئت ... من الفضل أو من الأفضال )
    ( فأتت ربوة على طود علم ... وأتت موجة ببحر نوال )
    ( ما رأتها النساء إلا تمنت ... أن غدت حلية لكل الرجال )
    وما أحلى ما ضمنها بقوله
    ( وإذا لم يكن من الهجر بد ... فعسى أن تزورني في الخيال )
    وقول ابن الرومي
    ( فيا له من عمل صالح ... يرفعه الله إلى أسفل )
    وقيل إن أظرف ما نظم في التهكم قول حماد عجرد
    ( فيا ابن طرح يا أخا ... الحلس ويا ابن القتب )
    ( ومن نشا والده ... بين الربا والكثب )
    ( يا عربي يا عربي ... يا عربي يا عربي )
    وهذا النوع أعني التهكم ذكر ابن أبي الأصبع في كتابه تحرير التحبير أنه من مخترعاته ولم يره في كتب من تقدمه من أئمة البديع والعميان لم ينظموه في بديعيتهم
    وقنع الشهاب محمود في كتابه المسمى بحسن التوسل من أشجار معاليه بالشميم فإنه ذكر بعض شواهده ولم يأت له بحد تمشي الأفهام فيه على صراط مستقيم ولكن ابن أبي الأصبع أزال بكارة أشكاله وكان أبا عذرته وأرضع الأذواق لبان فهمه وكان فارس حلبته وقال الفرق بينه وبين الهزل الذي يراد به الجد أن التهكم ظاهره جد وباطنه هزل وهو ضد الأول لأن الهزل الذي يراد به الجد يكون ظاهره هزلا وباطنه جدا
    وذكر بعضهم الفرق بين التهكم والهجاء في معرض المدح فقال الفرق بينهما التصريح بلفظة في الآخر يخالف معناها معنى الالتزام في الكلام الأول وهو في هذا دون الأول
    والشيخ صفي الدين نظم التهكم في بديعيته ولكن ما أسكن بيته قرينة صالحة لبيانه ولا غردت حمائم الإيضاح على أفنانه وبيته
    ( محضتني النصح إحسانا علي بلا ... غش وقلدتني الإنعام فاحتكم )
    ولم يظهر لي من هذا البيت غير صريح المدح والشكر ولم أجد فيه لفظة تدل على الحقارة والاستهزاء ولا على البشارة في موضع الإنذار ولا على الوعد في موضع الوعيد ولم يشر في بيته إلى نوع من هذه الأنواع وقد تقدم أن العميان لم ينظموه في بديعيتهم وبيت الشيخ عز الدين
    ( لقد تهكمت فيما قد منحتك من ... قولي بأنك ذو عز وذو كرم )
    فالشيخ عز الدين ذكر في بيته أنه تهكم على العذول لما خاطبه بلفظ العز والكرم ولكنه لم يأت بصيغة التهكم وبيتي
    ( ذل العذول بهم وجدا فقلت له ... تهكما أنت ذو عز وذو شمم )
    فخطاب العذول هنا بلفظ العز والشمم بعد وقوف العاذل في موقف الذل هو التهكم بعينه
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  12. #52
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية البحري.
    تاريخ التسجيل
    09 2012
    المشاركات
    2,553

    رد: كتاب : خزانة الأدب وغاية الأرب

    ذكر المراجعة

    ( قال اصطبر قلت صبري ما يراجعني ... قال احتمل قلت من يقوى لصدهم )
    المراجعة ليس نحتها كبير أمر ولو فوض إلي حكم في البديع ما نظمتها في أسلاك أنواعه وذكر ابن أبي الأصبع إنها من اختراعاته وعجبت من مثله كيف قربها إلى الذي استنبطه من الأنواع البديعة الغريبة كالتهكم والافتنان والتدبيج والهجاء في معرض المدح والاشتراك والألغاز والنزاهة ومنهم من سمى هذا النوع أعني المراجعة السؤال والجواب وهو أن يحكي المتكلم مراجعة في القول ومحاورة في الحديث بينه وبين غيره بأوجز عبارة وأرشق سبك وألطف معنى وأسهل لفظ إما في بيت واحد أو في أبيات كقول عمر بن أبي ربيعة
    ( بينما ينعتنني أبصرنني ... مثل قيد الرمح يعدو بي الأغر )
    ( قالت الكبرى ترى من ذا الفتى ... قالت الوسطى لها هذا عمر )
    ( قالت الصغرى وقد تيمتها ... قد عرفناه وهل يخفى القمر )

    قال ابن أبي الأصبع لما أورد هذه الأبيات واستشهد بها على هذا النوع في كتابه المسمى بتحرير التحبير إن هذا الشاعر عالم بمعرفة وضع الكلام في مواضعه وما ذاك إلا أن قوافي الأبيات لو أطلقت لكانت مرفوعة وأما بلاغته في الأبيات فإنه جعل التي عرفته وعرفت به وشبهته تشبيها يدل على شغفها به هي الصغرى ليظهر بدليل الالتزام أنه فتي السن إذ الفتية من النساء لا تميل إلى الا الفتى من الرجال غالبا وختم قوله بما أخرجه مخرج المثل السائر موزونا ولا يقال إنما مالت الصغرى إليه دون أختيها لضعف عقلها وقلة تجريبها فإني أقول إنه تخلص من هذا المدخل بكونه أخبر أن الكبرى التي هي أعقلهن ما كانت رأته قبل ذلك وإنما كانت تهواه على السماع فلما رأته وعلمت أنه ذلك الموصوف لها أظهرت من وجدها به على مقدار عقلها ما أظهرت من سؤالها عنه ولم تتجاوز ذلك وقنعت بالسؤال عنه وقد علمته بلذة السؤال وبسماع اسمه وأظهرت تجاهل العارف الذي موجبه شدة الوله والعقل يمنعها من التصريح وأما الوسطى فسارعت إلى تعريفه باسمه العلم فكانت دون الكبرى في الثبات وأما الصغرى فمنزلتها في الثبات دون الأختين لأنها أظهرت في معرفة وصفه ما دل على شدة شغفها به فكل ذلك وإن لم يكن كذلك فألفاظ الشاعر تدل عليه
    انتهى كلام ابن أبي الأصبع
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  13. #53
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية البحري.
    تاريخ التسجيل
    09 2012
    المشاركات
    2,553

    رد: كتاب : خزانة الأدب وغاية الأرب

    ومن جيد أمثلة هذا النوع قول أبي نواس
    ( قال لي يوما سليمان ... وبعض القول أشنع )
    ( قال صفني وعليا ... أينا أبقى وأنفع )
    ( قلت إني إن أقل ما ... فيكما بالحق تجزع )
    ( قال كلا قلت مهلا ... قال قل لي قلت فاسمع )
    ( قال صفه قلت يعطي ... قال صفني قلت تمنع )
    ومثله قول البحتري
    ( بت أسقيه صفوة الراح حتى ... وضع الرأس مائلا يتكفا )
    ( قلت عبد العزيز تفديك نفسي ... قال لبيك قلت لبيك ألفا )
    ( هاكها قال هاتها قلت خذها ... قال لا أستطيعها ثم أغفى )
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  14. #54
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية البحري.
    تاريخ التسجيل
    09 2012
    المشاركات
    2,553

    رد: كتاب : خزانة الأدب وغاية الأرب

    وعلماء البديع أجمعوا على استحسان قول وضاح اليمن من أبيات
    ( قالت ألا لا تلجن دارنا ... إن أبانا رجل غائر )
    ( قلت فإني طالب غرة ... منه وسيفي صارم باتر )
    ( قالت فإن البحر ما بيننا ... قلت فإني سابح ماهر )
    ( قالت فإن القصر عالي البنا ... قلت فإني فوقه طائر )
    ( قالت أليس الله من فوقنا ... قلت بلى وهو لنا غافر )
    ( قالت فقد أعييتنا حيلة ... فأت إذا ما هجع السامر )
    ( واسقط علينا كسقوط الندى ... ليلة لا ناه ولا آمر )
    وظريف هنا قول بعضهم
    ( قالت لقد أشمت بي حسدي ... مذ بحت بالسر لهم معلنا )
    ( قلت أنا قالت وإلا فمن ... قلت أنا قالت وإلا أنا )
    وهي أبيات طويلة جميعها على هذا المنوال منسوج ولكن اكتفيت بالتمثيل منها على هذا القدر
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  15. #55
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية البحري.
    تاريخ التسجيل
    09 2012
    المشاركات
    2,553

    رد: كتاب : خزانة الأدب وغاية الأرب

    وبيت الشيخ صفي الدين الحلي
    ( قالوا اصطبر قلت صبري غير متبع ... قالوا اسلهم قلت ودي غير منصرم )
    ولم ينظم العميان في بديعيتهم هذا النوع وبيت الشيخ عز الدين الموصلي في بديعيته
    ( راجعت في القول إذ أطلقت سلوتهم ... قال اسلهم قلت سمعي عنك في صمم )
    والمراجعة إن لم تتكرر لم يبق لها في القلوب حلاوة ولا يطبق اسمها مسماه وقد تقدم قول الشاعر وتكراره في قوله
    ( قلت أنا قالت وإلا فمن ... قلت أنا قالت وإلا أنا )
    وعز الدين لم يكرر مراجعته ولم يأت بها إلا في مكان واحد والذي أقوله إنه ما

    صده عن ذلك إلا اشتغاله بتسمية النوع ولكن ليته لو دخل إلى سوق الرقيق وبيت بديعيتي
    ( قال اصطبر قلت صبري ما يراجعني ... قال احتمل قلت من يقوى لصدهم )
    وهذا البيت متعلق ببيت التهكم الذي قبله وهو البيت المبني على خطاب العاذل وهو
    ( ذل العذول بهم وجدا فقلت له ... تهكما أنت ذو عز وذو شمم )
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  16. #56
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية البحري.
    تاريخ التسجيل
    09 2012
    المشاركات
    2,553

    رد: كتاب : خزانة الأدب وغاية الأرب

    ذكر التوشيح

    ( توشيحهم بملا تلك الشعور إذا ... لفوه طيا يعرفنا بنشرهم )
    اتفق علماء البديع على أن التوشيح أن يكون معنى أول الكلام دالا على لفظ آخره ولهذا سموه التوشيح فإنه ينزل فيه المعنى منزلة الوشاح وينزل أول الكلام وآخره منزلة محل الوشاح من العاتق والكشح اللذين يجول عليهما الوشاح وهذا النوع فرعه قدامة من ائتلاف القافية مع ما يدل عليه سائر البيت وقال فيه التوشيح هو أن يكون في أول البيت معنى إذا فهم فهمت منه قافية البيت بشرط أن يكون المعنى المقدم بلفظه من جنس معنى القافية بلفظه
    وأورد ابن أبي الأصبع في تحرير التحبير من أعظم الشواهد على هذا قوله تعالى ( إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين ) فإن في معنى اصطفاء المذكورين ما يعلم منه الفاصلة لأن المذكورين نوع من جنس العالمين
    ومن الأمثلة الشعرية قول الراعي النميري
    ( فإن وزن الحصى ووزنت قومي ... وجدت حصى ضريبتهم رزينا )
    فإن السامع إذا فهم أن الشاعر أراد المفاخرة برزانة الحصى وتحقق أن القافية

    مجردة مطلقة رويها النون وحرف إطلاقها الألف ورأى في صدر البيت ذكر الزنة تحقق أن تكون القافية رزينا ليس إلا
    ومن عجائب أمثلة هذا النوع ما حكي عن عمر بن أبي ربيعة أنه أنشد عبد الله بن العباس رضي الله عنهما
    ( تشط غدا دار جيراننا ... )
    فقال له عبد الله
    ( وللدار بعد غد أبعد ... )
    فقال عمر هكذا والله قلت فقال عبد الله بن العباس وهكذا يكون
    ويقرب من هذه القصة قصة عدي بن الرقاع حين أنشد الوليد بن عبد الملك بحضرة جرير والفرزدق قصيدته التي مطلعها عرف الديار توهما فاعتادها حتى انتهى إلى قوله تزجي أغن كأن إبرة روقه
    ثم شغل الوليد عن الاستماع فقطع عدي الإنشاد فقال الفرزدق لجرير ما تراه يقول فقال جرير أراه يستلب بها مثلا
    فقال الفرزدق إنه سيقول قلم أصاب من الدواة مدادها
    فلما عاد الوليد إلى الاستماع وعاد عدي إلى الإنشاد قال البيت
    فقال الفرزدق والله لما سمعت صدر بيته رحمته فلما أنشد عجزه انقلبت الرحمة حسدا
    قال زكي الدين بن أبي الأصبع الذي أقوله إن بين ابن العباس وبين الفرزدق في استخراجهما العجزين كما بينهما في مطلق الفضل وفضل ابن عباس رضي الله عنهما معلوم وأنا أذكر الفرق فإن بيت عدي بن الرقاع من جملة قصيدة تقدم مطلعها مع معظمها وعلم أنها دالية مردفة بألف وهي من وزن قد عرف ثم تقدم في صدر البيت ذكر ظبية تسوق خشفا لها قد أخذ الشاعر في تشبيه طرف قرنه بالقلم في سواده وهذه القرائن لا تخفى على أهل الذوق الصحيح أن فيها ما يدل على عجز البيت بحيث يسبق إليه من هو دون الفرزدق من حذاق الشعراء وبيت عمر بيت مفرد لم تعلم قافيته من أي ضرب هي من القوافي ولا رويه من أي الحروف ولا حركة رويه من أي الحركات فاستخراج عجزه ارتجالا في غاية العسر ونهاية الصعوبة لولا ما أمد الله تعالى به هؤلاء الأقوام من المواد التي فضلوا بها عن غيرهم
    انتهى كلام ابن أبي الأصبع
    وبين التوشيح والتصدير فرق ظاهر مثل الصبح ولم يحصل الالتباس إلا لكون كل منهما يدل صدره على عجزه والفرق أن دلالة التصدير لفظية ودلالة التوشيح معنوية
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  17. #57
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية البحري.
    تاريخ التسجيل
    09 2012
    المشاركات
    2,553

    رد: كتاب : خزانة الأدب وغاية الأرب

    والفرق بين التوشيح والتمكين أيضا أن التوشيح قد تقدم أنه لا بد أن يتقدم قافيته معنى يدل عليها والتمكين بخلاف ذلك
    والعميان لم ينظموا أنواع التوشيح في بديعيتهم وبيت صفي الدين
    ( هم أرضعوني ثدي الوصل حافلة ... فكيف يحصل منها حال منفطمي )
    فقصيدة صفي الدين قد علم أنها ميمية وقد مر على السامع منها عدة أبيات وقد صدر بيت التوشيح بذكر الرضاع والثدي فما يخفى أن تكون القافية منفطما إلا على كل أجنبي من هذا العلم
    ولقد برز في حسن هذا التركيب باستجلاب الرقة على من تقدمه
    وبيت الشيخ عز الدين
    ( نومي وعقلي بتوشيح الهوى سلبا ... فبت صبا بلا حلم ولا حلم )
    قال في شرحه الهوى وشحني برداه غطاني فسلب نومي وعقلي فصرت بلا حلم ولا حلم
    وهذه عبارته بنصها
    وبيتي
    ( توشيحهم بملا تلك الشعور إذا ... لفوه طيا يعرفنا بنشرهم )
    هذا النوع أعني التوشيح يفتقر الناظم إلى قدح زناد الفكر في سبك معانيه مع الملكة والبسطة في علم الأدب وحسن التصرف لا سيما إذا التزم بتسمية النوع وأبرز التسمية منتظمة في سلك التورية من جنس الغزل فتسمية النوع هنا قد عرفت والإتيان في هذا البيت بلفظة الملا هو الذي رشح جانب التوشيح الجائل على العاتق والكشح وأما توشيح الهوى في بيت الشيخ عز الدين فلم ينسج على منوال مقبول لأن استعارة الوشاح للهوى المقصور الذي هو الغرام لم يفهم منها شيء يقرب من التشبيه فإن علماء البديع قالوا الاستعارة هي ذكر الشيء باسم غيره وإثبات ما لغيره له لأجل المبالغة في التشبيه
    وعلى هذا التقدير تكون استعارة الملا للشعور في حالة توشيح الأحباب بها هي الاستعارة التي يستعار منها المحاسن الأدبية فإن حسن التشبيه قد غازل بعيون كماله غزلها والتصريح في البيت بلفظ اللف والنشر والطي يعرفه من له أدنى ذوق مع أني ما اكتفيت بذلك حتى قلت بعد اللف والطي تعرفنا وتعرفنا فيها الاشتراك بين المعرفة والعرف فإذا تقرر أن القافية ميمية ما يتصور في ذوق أن تكون القافية غير نشرهم وقد اجتمع في هذا البيت من أنواع البديع التورية وحسن الاستعارة والترشيح والمطابقة والبسط والانسجام والتمكين والسهولة والتوشيح الذي هو العمدة
    والله أعلم بالصواب
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  18. #58
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية البحري.
    تاريخ التسجيل
    09 2012
    المشاركات
    2,553

    رد: كتاب : خزانة الأدب وغاية الأرب

    ذكر تشابه الأطراف

    ( شابهت أطراف أقوالي فإن أهم ... أهم إلى كل واد في صفاتهم )
    هذا النوع الذي سموه تشابه الأطراف هو أيضا مثل المراجعة التي تقدمت ليس في كل منهما كبير أمر
    وتالله ما خطر لي يوما ولا حسن في الفكر أن ألحق طرفا من تشابه الأطراف بذيل من أبيات شعري ولكن شروع المعارضة ملتزم وتشابه الأطراف هو أن يعيد الناظم لفظة القافية في أول البيت الذي يليها وهذا النوع كان اسمه التسبيغ بسين مهملة وغين معجمة وإنما ابن أبي الأصبع قال هذه التسمية غير لائقة بهذا المسمى فسماه تشابه الأطراف فإن الأبيات فيه تتشابه أطرافها
    وأحسن ما وقع في هذا النوع قول أبي نواس
    ( خزيمة خير بني خازم ... وخازم خير بني دارم )
    ( ودارم خير تميم وما ... مثل تميم في بني آدم )
    ولما كان هذا النوع لا يأتي إلا في بيتين والشيخ عز الدين لما التزم أن يأتي به لأجل التورية بالتسمية في بيت واحد شطر البيت شطرين وجعل كل شطر بمنزلة بيت كامل وأعاد لفظ القافية في الشطر الثاني فجاء به في غاية اللطف
    فإن الشيخ صفي الدين أورد قبله بيت الاكتفاء ويأتي الكلام عليه في موضعه وإنما المراد هنا معرفة تشابه الأطراف وهو
    ( قالوا ألم تدر أن الحب غايته ... سلب الخواطر والألباب قلت لم )
    ( لم أدر قبل هواهم والهوى حرم ... أن الظباء تحل الصيد في الحرم )
    تشابه الأطراف بين لم ولم في آخر البيت الأول وأول الثاني
    وبيت الشيخ عز الدين
    ( أطرافك اشتبهت قولا متى تلم ... تلم فتى زائد البلوى فلم يلم )
    أما قوله أطرافك اشتبهت يضيق الكلام فيه
    وبيت بديعيتي
    ( شابهت أطراف أقوالي فإن أهم ... أهم إلى كل واد في صفاتهم )
    والعميان لم ينظموا هذا النوع في بديعيتهم ويا ليتني كنت معهم
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  19. #59
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية البحري.
    تاريخ التسجيل
    09 2012
    المشاركات
    2,553

    رد: كتاب : خزانة الأدب وغاية الأرب

    ذكر التغاير

    ( أغاير الناس في حب الرقيب فمذ ... أراه أبسط آمالي بقربهم )
    التغاير سماه قوم التلطف وهو أن يتلطف الشاعر بتوصله إلى مدح ما كان قد ذمه هو أو غيره
    فأما مدح الإنسان ما ذمه غيره فإن الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرم الله وجهه أتى فيه بما يمتزج صافي مشربه بالأرواح وينقلنا ببديع بلاغته من الإبهام إلى الإيضاح
    فمن ذلك خطبته التي مدح فيها الدنيا مغايرا لأمثاله في ذمها حيث قال
    أيها الذام للدنيا المغتر بغرورها بم تذمها أنت المتجرئ عليها أم هي المتجرئة عليك متى استهوتك أم متى غرتك أبمصارع آبائك من البلى أم بمضاجع أمهاتك تحت الثرى كم عللت ولديك وكم مرضت والديك تبغي لهم الشفاء وتستوصف لهم الأطباء لم ينفع أحدهم إشفاقك ولم تشف لهم بطبك ولم تدفع عنهم بقوتك قد مثلت لك بهم الدنيا نفسك وخيلت لك بمصرعهم مصرعك إن الدنيا دار صدق لمن صدقها ودار عافية لمن فهم عنها ودار غنى لمن تزود منها ودار موعظة لمن اتعظ بها مسجد أحباب الله ومصلى ملائكته ومهبط وحي الله ومتجر أوليائه اكتسبوا منها الرحمة وربحوا منها الجنة فمن ذا يذمها وقد أدبت بنيها ونادت بفراقها ونعت نفسها وأهليها فمثلت لهم ببلائها البلى وشوقتهم بسرورها إلى السرور وراحت بعافية وابتكرت بفجيعة ترغيبا وترهيبا فذمها رجال غداة الندامة وحمدها آخرون ذكرتهم الدنيا فذكروا وحدثتهم فصدقوا ووعظتهم فاتعظوا
    ونظم ابن أبي الأصبع معاني هذه الخطبة فقال


    ( من يذم الدنيا بظلم فإني ... بطريق الإنصاف أثني عليها )
    ( وعظتنا بكل شيء وإنا ... حين جدت بالوعظ من مصطفيها )
    ( نصحتنا فلم نر النصح نصحا ... حين أبدت لأهلها ما لديها )
    ( أعلمتنا أن المآل يقينا ... للبلى حين جددت عصريها )
    ( كم أرتنا مصارع الأهل والأحباب ... لو نستفيق يوما إليها )
    ( يوم بؤس لها ويوم رخاء ... فتزود ما شئت من يوميها )
    ( وتيقن زوال ذاك وهذا ... تسل عما تراه من حادثيها )
    ( دار زاد لمن تزود منها ... وغرور لمن يميل إليها )
    ( مهبط الوحي والمصلى الذي كم ... عفرت صورة بها خديها )
    ( متجر الأولياء قد ربحوا الجنة ... منها وأوردوا عينيها )
    ( رغبت ثم رهبت ليرى ... كل لبيب عقباه في حالتيها )
    وإذا أنصفت تعين أن يثني ... عليها ذو البر من ولديها )
    فأما من ذم ما مدحه الناس قاطبة فابن الرومي فإنه ذم الورد وهو مشهور ووصف البحتري يوم الفراق بالقصر وقد أجمع الناس على طوله فقال
    ( ولقد تأملت الفراق فلم أجد ... يوم الفراق على امرئ بطويل )
    ( قصرت مسافته على متزود ... منه لوهن صبابة وغليل )
    وهذا النوع أعني المغايرة أورده الحريري في المقامة الدينارية وبالغ في مدح الدينار وذمه فقال في مدحه
    ( أكرم به أصفر راقت صفرته ... جواب آفاق ترامت سفرته )
    ( مأثورة سمعته وشهرته ... قد أودعت سر الغنى أسرته )
    ( وقارنت نجح المساعي خطرته ... وحببت إلى الأنام غرته )
    ( كأنما من القلوب نقرته ... به يصول من حوته صرته )
    ( وإن تفانت أو توانت عثرته ... يا حبذا نضاره ونضرته )
    ( وحبذا مغناته ونصرته ... كم آمر به استتبت أمرته )
    ( ومترف لولاه دامت حسرته ... وجيش هم هزمته كرته )
    ( وبدر تم أنزلته بدرته ... ومستشيط تتلظى جمرته )
    ( أسر نجواه فلانت سرته ... وكم أسير أسلمته أسرته )
    ( أنقذه حتى صفت مسرته ... وحق مولى أبدعته فطرته )
    ( لولا التقى لقلت جلت قدرته ... )
    وقال في ذمه
    ( تبا له من خادع مماذق ... أصفر ذي وجهين كالمنافق )
    ( يبدو بوصفين لعين الرامق ... زينة معشوق ولون عاشق )
    ( وحبه عند ذوي الحقائق ... يدعو إلى ارتكاب سخط الخالق )
    ( لولاه لم تقطع يمين سارق ... ولا بدت مظلمة من فاسق )
    ( ولا اشمأز باخل من طارق ... ولا شكا الممطول مطل العائق )
    ( ولا استعيذ من حسود راشق ... وشر ما فيه من الخلائق )
    ( أن ليس يغني عنك في المضائق ... إلا إذا فر فرار الآبق )
    ( واها لمن يقذفه من حالق ... ومن إذا ناجاه نجوى الوامق )
    ( قال له قول المحق الصادق ... لا رأي في وصلك لي ففارق )
    ومن المغايرة تفضيل القلم على السيف إذ المعتاد عكس ذلك كقول ابن الرومي
    ( إن يخدم القلم السيف الذي خضعت ... له الرقاب ودانت خوفه الأمم )
    ( فالموت والموت لا شيء يعادله ... ما زال يتبع ما يجري به القلم )
    ( كذا قضى الله في الأقلام إذ بريت ... إن السيوف لها مذ أرهفت خدم )
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  20. #60
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية البحري.
    تاريخ التسجيل
    09 2012
    المشاركات
    2,553

    رد: كتاب : خزانة الأدب وغاية الأرب

    وغاير المتنبي ذلك وقال
    ( حتى رجعت وأقلامي قوائل لي ... المجد للسيف ليس المجد للقلم )
    والمغايرة هنا مليحة لكن المعنى مأخوذ من قول أبي تمام السيف أصدق إنباء من الكتب والمعنى في قول أبي تمام أبلغ فإن ابن أبي الأصبع قال لم يرض أبو تمام أن يقول السيف أصدق إنباء من القلم حتى قال من الكتب التي لا تكتب إلا بالأقلام والدواة والقرطاس والكاتب المطلق اليد واللسان والجنان فالحظ الفرق بينه وبين كلام المتنبي
    انتهى كلام ابن أبي الأصبع
    وقد عن لي هنا أن أرفع للمتأخرين في التقديم رأيه ليعلم المنكر الفرق بين البداية والنهاية فإن الشيخ جمال الدين أظهر في المغايرة بين السيف والقلم ما صدق به قول القائل
    ( وإني وإن كنت الأخير زمانه ... لآت بما لم تستطعه الأوائل )
    من ذلك قوله في رسالة المفاخرة بينهما والمغايرة في مدح كل واحد منهما وذمه فبرز القلم بإفصاحه ونشط لارتياحه ورقي من الأنامل على أعواده وقام خطيبا بمحاسنه في حلة مداده والتفت إلى السيف فقال ( بسم الله الرحمن الرحيم ن والقلم وما يسطرون ما أنت بنعمة ربك بمجنون ) الحمد لله الذي علم بالقلم وشرفه بالقسم وخط به ما قدر وقسم و الذي قال ( جف القلم بما هو كائن ) وعلى آله وصحبه ذوي المجد المبين وكل مجد بائن صلاة واضحة السطور فائحة من أدراج الصدور ما نقلت صحف البحار غواديها وكتبت أقلام النور على مهارق الدياجي حكمة باريها أما بعد
    فإن القلم منار الدين والدنيا ونظام الشرف والعليا ومجاديح سحب الخير إذا احتاجت الهمم إلى السقيا ومفتاح باب اليمن المجرب إذا أعيا وسفير الملك المحجب وعذيق الملك المرجب وزمام أموره السائرة وقادمة أجنحته الطائرة

    ومطلق أرزاق عفاته المتواترة وأنملة الهدى المشيرة إلى ذخائر الدنيا والآخرة به رقم كتاب الله الذي لا يأتيه الباطل وسنة نبيه التي تهذب الخواطر الخواطل فبينه وبين من يفاخره الكتاب والسنة وحسبه ما جرى على يده الكريمة من منه وفي مراضي الدول عونة للشائدين ويعين الله في ليالي النفس تقلب وجهه في الساجدين إن نظمت فرائد العلوم فإنما هو سلكها وإن علت أسرة الكتب فإنما هو ملكها وإن رقمت برود البيان فإنما هو جلالها وإن تشعبت فنون الحكم فإنما هو أمانها ومآلها وإذا انقسمت أمور الممالك فإنما هو عصمتها وثمالها وإن اجتمعت رعايا الصنائع فإنما هو إمامها المتلفع بسواده وإن زخرت بحار الأفكار فإنما هو المستخرج دررها من ظلمات مداده وإن وعد أوفى بجنب النفع وإن أوعد أخاف كأنما يستمد من النقع
    هذا وهو لسان الملوك المخاطب ورسيلها لأبكار الفتوح والخاطب والمنفق في تعمير دولها ومحصول أنفاسه والمتحمل أمورها الشاقة على عينه ورأسه والمتيقظ لجهاد أعدائها والسيف في جفنه نائم والمجهز لبأسها وكرمها جيشي الحروب والمكارم والجاري بما أمر الله من العد والإحسان والمسود الناصر فكأنما هو لعين الدهر إنسان طالما ذب عن حرمها فشد الله أزره ورفع ذكره وقام في المحامات عن دينها أشعث أغبر لو أقسم على الله لأبره وقاتل على البعد والصوارم في القرب وأوتي من معجزات النبوة نوعا من النصر بالرعب وبعث جحافل السطور فالقسي دالات والرماح ألفات واللامات لامات والهمزات كواسر الطير التي تتبع الجحافل والأتربة عجاجها المحمر من دم الكلى والمفاصل فهو صاحب فضيلتي العلم والعلم وساحب ذيلي الفخار في الحرب والسلم لا يعاديه إلا من سفه نفسه ولبس لبسه وطبع على قلبه وفل الجدال من غربه وخرج في وزن المعارضة عن ضربه
    وكيف يعادى من إذا كرع في نقسه قيل ( إنا أعطيناك الكوثر ) وإذا ذكر شانئه السيف قيل ( إن

    شانئك هو الأبتر ) أقول قولي هذا وأستغفر الله من الشرف وخيلائه والفخار وكبريائه وأتوكل على الله فيما حكم وأسأله التدبير فيما جرى به من القلم ثم أكتفي بما ذكره من أدواته وجلس على كرسي دواته متمثلا بقول القائل
    ( قلم يفل الجيش وهو عرمرم ... والبيض ما سلت من الأغماد )
    ( وهبت له الآجام حين نشابها ... كرم السيول وصولة الآساد )
    فعند ذلك نهض السيف قائما عجلا وتلمظ لسانه للقول مرتجلا وقال ( بسم الله الرحمن الرحيم وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس وليعلم من ينصره ورسله بالغيب إن الله قوي عزيز ) الحمد لله الذي جعل الجنة تحت ظلال السيوف وشرع حدها في ذوي العصيان فأغصتهم بماء الحتوف وشيد مراتب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص وعقد مرصوف وأجناهم من ورق حديدها الأخضر ثمار نعيمها الدانية القطوف و هازم الألوف وعلى آله وصحبه الذين طالما محوا بريق بريق الصوارم سطور الصفوف صلاة عاطرة في الأنوف حالية بها الأسماع كالشنوف وسلم
    أما بعد فإن السيف زند الحق الوري وزنده القوي وحده الفارق بين الرشيد والغوي والنجم الهادي إلى العز وسبيله والثغر الباسم عن تباشير فلوله به أظهر الله الإسلام وقد جنح خفاء وجلى شخص الدين الحنيفي وقد جمح جفاء وأجرى سيوفه بالأباطح فأما الحق فمكث والباطل فذهب جفاء وحملته اليد الشريفة النبوية وخصته على الأقلام بهذه المزية وأوضحت به للحق منهاجا وأطلعته في ليالي النقع والشك سراجا وهاجا وفتحت باب الدين بمصباحه حتى دخل فيه الناس أفواجا فهو ذو

    الرأي الصائب وشهاب العزم الثاقب وسماء العز التي زينت من آثاره بزينة الكواكب والحد الذي كأنه ماء دافق يخرج عند قطع الأجساد من بين الصلب والترائب لا تجحد آثاره ولا ينكر قراره إذا اشتبت في الدجى والنقع ناره يجمع بين الحالتين البأس والكرم ويصاغ في طوق الحليتين فهو إما طوق في نحور الأعداء وإما خلخال في عراقيب أهل النقم ويحسم به أهواء الفتن المضلة ويحذف بهمته الجازمة حروف العلة وإذا انحنى في سماء القتام بالضرب فقل يسألونك عن الأهلة فهو القوي الاستطاعة الطويل المعمر إذا قصف سواه في ساعة فما أولاه بطول الإحسان وما أجمل ذكره في أخبار المعمرين ومقاتل الفرسان كأن الغيث في غمده للطالب المنتجع وكأنه زناد يستضاء به إلا أن دفع الدماء شرره الملتمع كم قد مد فأدرك الطلاب ودعا النصر بلسانه المحمر من أثر الدماء فأجاب وتشعبت الدول لقائم نصره المنتظر وحازت أبكار الفتوح بحدة الذكر وغدت أيامها به ذات حجول معلومة وغرر وشدت به الظهور وحمدت علائقه في الأمور واتخذته الملوك حرزا لسلطانها وحصنا على أوطانها وقطانها وجردته على صروف الأقدار في شانها وندب فما أعيت عليه المصالح وباشر اللمم فهو على الحقيقة بين الهدى والضلال فرق واضح وأغاث في كل فصل فهو إما لغمده سعد الأخبية وإما لحامله سعد السعود وأما لضده سعد الذابح يجلس على رؤوس الأعداء قهرا ويشرح أنباء الشجاعة قائلا للقلم ( ذلك تأويل ما لم تستطع عليه صبرا ) وهل يفاخر من وقف الموت على بابه وعض الحرب الضروس بنابه وقذفت شياطين القراع بشهبه ومنح آيات شريفة منها طلوع الشمس من غربه ومنها أن الله أنشأ برقه فكان للمارد مصرعا وللرائد مرتعا ( ومن آياته يريكم البرق خوفا وطمعا ) كم اتخذ من جسد طرسا وكتب عليه حرفا لا ينسى فيه للألباب عبرة وللأذهان السابحة غمرة بعد غمرة
    أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم من لفظ يجمح ورأي إلى الخصام يجنح

    ولسان يحوجه اللدد إلى أن يخرج فيجرح وأتوكل عليه في صد الباطل وصرفه وأسأله الإعانة على كل باحث عن حتفه بظلفه ثم اختفى في بعض الخمائل وتمثل بقول القائل
    ( سل السيف عن أصل الفخار وفرعه ... فإني رأيت السيف أفصح مقولا )
    فلما وعى القلم خطبته الطويلة الطائلة ونشطته الجليلة الجائلة وفهم كتابته وتلويحه وتعريضه بالذم وتصريحه وتعديله في الحديث وتجريحه استغاث باللفظ النصير واحتد وما أدراك ما حدة حده القصير وقام في دواته وقعد واضطرب على وجه القرطاس وارتعد وعدل إلى السب الصراح ورأى أنه إن سكت تكلم ولكن بأفواه الجراح فانحرف إلى السيف وقال أيها المعتز بطبعه المغتر بلمعه الناقض حبل الإنس بقطعه الناسخ بهجيره من ظلال العيش فيأ السراب الذي ( يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئا ) الحبيس الذي طالما عادت عليه عوائد شره الكمين الإبليس الذي لو أمر لي بالسجود لقال ( خلقتني من نار وخلقته من طين ) أتعرض بسبي وتتعرض لمكايد حربي ألست ذا الخدع البالغة والحرب خدعة والمنن النافعة ولا خير فيمن لا تبغي الأنام نفعه ألست المسود الأحق بقول القائل
    ( نفس عصام سودت عصاما ... وعلمته الجود والإقداما )
    أتفاخرني وأنا للوصل وأنت للقطع وأنا للعطاء وأنت للمنع وأنا للصلح وأنت للضراب وأنا للعمارة وأنت للخراب وأنا المعمر وأنت المدمر وأنت المقلد وأنا صاحب التقليد وأنت العابث وأنا المجود ومن أولى من القلم بالتجويد فما أقبح شبهك وما أشنع يوما ترى فيه العيون وجهك أعلى مثلي يشق القول ويرفع

    الصوت والصول وأنا ذو اللفظ المكين وأنت ممن دخل تحت قوله تعالى ( أو من ينشأ في الحلية وهو في الخصام غير مبين ) فقد تعديت حدك وطلبت ما لم تبلغ به جهدك هيهات أنا المنتصب لمصالح الدول وأنت في الغمد طريح والمتعب في تمهيدها وأنت غافل مستريح والساهر وقد مهد لك في الغمد مضجع والجالس عن يمين الملك وأنت عن يساره فأي الحالتين أرفع والساعي في تدبير حال القوم والمغني لنفعهم العمر إذا كان نفعك يوما أو بعض يوم فاقطع عنك أسباب المفاخرة واستر أنيابك عند المكاشرة فما يحسن بالصامت محاورة المفصح والله يعلم المفسد من المصلح على أنه لا ينكر لمثلك التصدي ولا يستغرب منه على مثلي التعدي ما أنا أول من أطاع الباري وتجرأت عليه ومددت يد العدوان إليه أولست الذي قيل فيه
    ( شيخ يرى الصلوات الخمس نافلة ... ويستحل دم الحجاج في الحرم )
    قد سلبت الرحمة وإنما يرحم الله من عباده الرحماء وجلبت القوة فكم هيجت سبة حمراء وأثرت دهماء وخمشت الوجوه وكيف لا وأنت كالظفر كونا وقطعت اللذات ولم لا وأنت كالصبح لونا أين بطشك من حلمي وجهلك من علمي وجسمك من جسمي
    ( شتان ما بين جسم صيغ من ذهب ... وذاك جسمي وجسم صيغ من بهق )
    أين عينك الزرقاء من عيني الكحيلة ورؤيتك الشنعاء من رؤيتي الجميلة أين لون الشيب من لون الشباب وأين نذير الأعداء من رسول الأحباب هذا وكم أكلت الأكباد غيظا وحميت الأضغان قيظا وشكوت الصدأ فسقيت ولكن بشواظ من نار وأخنت عليك الأيام حتى انتعل بأبعاضك الحمار ولولا تعرضك إلي لما وقعت في المقت ولولا إساءتك لما كنت تصقل في كل وقت فدع عنك هذا الفخر المديد
    وتأمل وصفي إذا ( فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد ) وافهم قول ابن الرومي
    ( إن يخدم القلم السيف الذي خضعت ... له الرقاب ودانت خوفه الأمم )
    ( فالموت والموت لا شيء يعادله ... ما زال يتبع ما يجري به القلم )
    ( بذا قضى الله في الأقلام إذ بريت ... إن السيوف لها مذ أرهفت خدم )
    فعند ذلك وثب السيف على قده وكاد الغضب يخرجه عن حده وقال أيها المتطاول على قصره والماشي على طريق غرره والمتعرض مني إلى الدمار والمتحرش بي فهو كما تقول العامة ذنبه قش ويحترس بالنار لقد شمرت عن ساقك حتى أغرقتك الغمرات وأتعبت نفسك فيما لا تدرك إلى أن أذهبها التعب حسرات أولست الذي طالما أرعش السيف للهيبة عطفك ونكس للخدمة رأسك وطرفك وأمر بعض رعيته وهو السكين فقطع قفاك وشق أنفك ورفعك في مهمات خاملة وحطك وجذبك للاستعمال وقطك فليت شعري كيف جسرت وعبست على مثلي وبسرت وأنت السوقة وأنا الملك وأنا الصادق وأنت المؤتفك وأنت لصون الحطام وأنا لصون الممالك وأنت لحفظ المزارع وأنا لحفظ المسالك وأنت للفلاحة وأنا للفلاح وأنت حاطب الليل من نفسه وأنا ساري الصباح وأنا الباصر وأنت الأرمد وأنا المخدوم الأبيض
    وأنت الخادم الأسود وأقسم بمن صير في قبضتي أنواع اليمن المسخرة وجعل شخصك وشخصي كقوله تعالى ( وجعلنا الليل والنهار آيتين فمحونا آية الليل وجعلنا آية النهار مبصرة ) إنك عن بلوغ قدري لأذل رتبة وعن بري كفي لأخيب طلبة فإني لا أنكر قول بعض أربابك حيث قالوا
    ( أف لرزق الكتبه ... أف له ما أصعبه )
    ( يرتشف الرزق به ... من شق تلك القصبه )
    ( يا قلما يرفع في ... الطرس لوجهي ذنبه )
    ( ما أعرف المسكين إلا ... كاتبا ذا متربه )
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

صفحة 3 من 16 الأولىالأولى 1234513 ... الأخيرةالأخيرة

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •