قد تقدم وتقرر أن مخالص التورية صعب مسلكها على كثير من الناس ولم أبرز بدورها هنا كاملة إلا ليزول عن الطالب ظلمة الالتباس
وأنشدني من لفظه لنفسه الكريمة أحد أعيان العصر المقر المجدي فضل الله بن مكانس فسح الله في أجله مخلصا من غزل إلى مديح نبوي وهو
( كم حمد السامعون وصفي ... لغادة قينة وأغيد )
( فعدت عنه تقى وعودي ... لمدح خير الأنام أحمد )
هذا المخلص حلاه المقر المجدي بشعار التورية وخفر المديح النبوي ومخلص الشيخ صفي الدين الحلي في بديعيته
( من كل معربة الألفاظ معجمة ... يزينها مدح خير العرب والعجم )
الشيخ صفي الدين تخلص في بيت واحد ووثب من شطره الأول إلى شطره الثاني على الشرط المعروف وهذا المنوال قد تقرر أنه عليه عقدت خناصر المتأخرين ولكن الشيخ صفي الدين وثب وثبة ضعيفة دلت على ضعف تخلصه فإن بيته بمفرده غير صالح للتجريد
وقد تقدم القول على بيت القسم من قصيدة أنه غير صالح للتجريد أيضا فإنه لم يأت بجواب قسمه إلا في بيت الاستعارة وعلى كل تقدير إن لم يؤت ببيت القسم
وبيت الاستعارة قبل بيت التخلص لم يحصل به فائدة ولا يصير على مخلصه طلاوة الأدب ويصير بينه وبين الأذواق السليمة مباينة وقد تعين أن أورد بيت القسم وبيت الاستعارة هنا ليصيراه لمخلصه الضعيف تكأتين وهما
( لا لقبتني المعالي بابن بجدتها ... يوم الفخار ولا بر التقى قسمي )
( إن لم أحث مطايا العزم مثقلة ... من القوافي تؤم المجد عن أمم )
( من كل معربة الألفاظ معجمة ... يزينها مدح خير العرب والعجم )
وأين الشيخ صفي الدين الحلي من قول كمال الدين بن نبيه وقد تقدم
( يا طالب الرزق إن سدت مذاهبه ... قل يا أبا الفتح يا موسى وقد فتحت )
هذا المخلص لحسن تجريده يستغنى به عن قصيدة