عِبَادَ اللهِ انْتَبِهُوا لِلْمَوَاعِظِ وَاعْمَلُوا بِهَا فَقَدْ وَرَدَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : « أَيُّمَا عَبْدٍ جَاءَتْهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ اللهِ فِي دِينِهِ فَإِنَّمَا هِيَ نِعْمَةٌ مِنْ اللهِ سِيقَتْ إِلَيْهِ فَإِنْ قَبِلَهَا بِشُكْرٍ وَإِلا كَانَتْ حُجَّةً مِنْ اللهِ
عَلَيْهِ لِيَزْدَادَ بِهَا إثْمًا وَيَزْدَادُ اللهُ عَلَيْهِ بِهَا سُخْطًا .
عِبَادَ اللهِ كَمْ قَدْ نُهِيتُمْ عن الاغْتِرَارِ بالدُّنْيَا وَحُطَامِهَا الْفَانِي وَالطَّمَأْنِينَةِ إِلَيْهَا وَالانْخِدَاعِ بِزَخَارِفِهَا وَكَمْ قَدْ نُهِيتُمْ عَنْ الإِيثَارِ لَهَا عَلَى الآخِرَةِ وَالاشْتِغَالِ بِهَا عَنْهَا قَالَ اللهُ تَعَالى : ﴿ بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى ﴾ ، وَقَالَ عَزَّ مِنْ قَائِل : ﴿ فَأَمَّا مَن طَغَى * وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى * وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى ﴾ ، وَقَالَ تَعَالى : ﴿ مَّن كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاء لِمَن نُّرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاهَا مَذْمُوماً مَّدْحُوراً ﴾ ، وَقَالَ عَزَّ مِنْ قَائِل : ﴿ مَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِن نَّصِيبٍ ﴾ وَإِنَّ دَارًا يَا عِبَادَ الله أَوْصَافِهَا فِي كِتَابِ الله وَسُنَّةِ رَسُولِهِ إِنَّها َغرُوْرٌ وَمَتَاعٌ قَلِيلٌ وَلَعِبٌ وَلَهِوٌ وَمَمَرٌّ وَطَرِيْقَ إِِلى الآخِرَةِ كَمَا هُوَ الوَاقِعُ دَارٌ مَمْلُؤَةٌ بالأكْدَارِ والْمَصَائِبَ والآلام والأَحْزَانِ دَارٌ ماَ أَضْحَكَتْ إِلا وَأَبِكَتْ ولا سَرَّتْ إِلا وأَسَاءَتْ دَارٌ نِهَايَةُ قُوَّةِ سَاكِنِيهَا إِلى الضَّعْفِ وَنِهَايَةُ شَبَابِهِمْ إِلى الْهَرَمِ وَنِهَايَةُ حَيَاتِهِمْ الْمَوْت .
اللَّهُمَّ يَا مُصْلِحَ الصَّالِحِينَ أَصْلِحْ فَسَادَ قُلُوبِنَا وَاسْتُرْ في الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ عُيُوبَنَا وَاغْفِرْ بِعَفْوِكَ وَرَحْمَتِكَ ذُنُوبَنَا ، وَهَبْ لَنَا مُوبِقَاتِ الْجَرَائِرِ وَاسْتُرْ عَلَيْنَا يَا مَوْلانَا فَاضِحَاتِ السَّرَائِرِ ، وَلا تُخْلِنَا في مَوْقِفِ القِيَامَةِ من بَرْدِ عَفْوِكَ وَغُفْرَانِكَ وَلا تَتْركْنَا مِنْ جَمِيلِ صَفْحِكَ وَإِحْسَانِكَ وَآتِنَا في الدُّنْيَا حَسَنَةَ وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ، وَاغْفِرْ لَنَا وَلِوالدينَا وَلِجَمِيعِ الْمُسْلمِينَ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِيْنَ ، وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ .
بتصرف يسير من كتاب مورد الظمآن "