لونك المفضل

المنتديات الثقافية - Powered by vBulletin
 

صفحة 5 من 5 الأولىالأولى ... 345
النتائج 81 إلى 97 من 97

الموضوع: يوميات من كتاب ؟

  1. #81
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية إبن عبد ربه
    مشرف سابق
    تاريخ التسجيل
    08 2003
    المشاركات
    3,774
    فصل في هديه صلى الله عليه وسلم في الأسارى




    كان يمن على بعضهم ويقتل بعضهم ويفادي بعضهم بالمال وبعضهم بأسرى المسلمين وقد فعل ذلك كله بحسب المصلحة ففادى أسارى بدر بمال وقال لو كان المطعم بن عدي حيا ، ثم كلمني في هؤلاء النتنى ، لتركتهم له

    وهبط عليه في صلح الحديبية ثمانون متسلحون يريدون غرته فأسرهم ثم من عليهم .

    وأسر ثمامة بن أثال سيد بني حنيفة ، فربطه بسارية المسجد ثم أطلقه فأسلم .

    [ أسارى بدر ]
    واستشار الصحابة في أسارى بدر ، فأشار عليه الصديق أن يأخذ منهم فدية تكون لهم قوة على عدوهم ويطلقهم لعل الله أن يهديهم إلى الإسلام وقال عمر : لا والله ما أرى الذي رأى أبو بكر ولكن أرى أن تمكننا فنضرب أعناقهم فإن هؤلاء أئمة الكفر وصناديدها ، فهوي رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قال أبو بكر ولم يهو ما قال عمر فلما كان من الغد أقبل عمر فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يبكي هو وأبو بكر فقال يا رسول الله من أي شيء تبكي أنت وصاحبك فإن وجدت بكاء بكيت وإن لم أجد بكاء تباكيت لبكائكما ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أبكي للذي عرض علي أصحابك من أخذهم الفداء لقد عرض علي عذابهم أدنى من هذه الشجرة ، وأنزل الله ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض [ الأنفال 67 ] .

    وقد تكلم الناس في أي الرأيين كان أصوب فرجحت طائفة قول عمر لهذا الحديث ورجحت طائفة قول أبي بكر لاستقرار الأمر عليه وموافقته الكتاب الذي سبق من الله بإحلال ذلك لهم ولموافقته الرحمة التي غلبت الغضب ولتشبيه النبي صلى الله عليه وسلم له في ذلك بإبراهيم وعيسى ، وتشبيهه لعمر بنوح وموسى ولحصول الخير العظيم الذي حصل بإسلام أكثر أولئك الأسرى ، ولخروج من خرج من أصلابهم من المسلمين ولحصول القوة التي حصلت للمسلمين بالفداء ولموافقة رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر أولا ، ولموافقة الله له آخرا حيث استقر الأمر على رأيه ولكمال نظر الصديق فإنه رأى ما يستقر عليه حكم الله آخرا ، وغلب جانب الرحمة على جانب العقوبة .

    قالوا : وأما بكاء النبي صلى الله عليه وسلم فإنما كان رحمة لنزول العذاب لمن أراد بذلك عرض الدنيا ، ولم يرد ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أبو بكر وإن أراده بعض الصحابة فالفتنة كانت تعم ولا تصيب من أراد ذلك خاصة كما هزم العسكر يوم حنين بقول أحدهم ( لن نغلب اليوم من قلة ) وبإعجاب كثرتهم لمن أعجبته منهم فهزم الجيش بذلك فتنة ومحنة ثم استقر الأمر على النصر والظفر والله أعلم .

    واستأذنه الأنصار أن يتركوا للعباس عمه فداءه فقال " لا تدعوا منه درهما

    واستوهب من سلمة بن الأكوع جارية نفله إياها أبو بكر في بعض مغازيه فوهبها له فبعث بها إلى مكة ، ففدى بها ناسا من المسلمين وفدى رجلين من المسلمين برجل من عقيل ورد سبي هوازن عليهم بعد القسمة ، واستطاب قلوب الغانمين فطيبوا له وعوض من لم يطيب من ذلك بكل إنسان ست فرائض وقتل عقبة بن أبي معيط من الأسرى ، وقتل النضر بن الحارث لشدة عداوتهما لله ورسوله .

    وذكر الإمام أحمد عن ابن عباس قال كان ناس من الأسرى لم يكن لهم مال ، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم فداءهم أن يعلموا أولاد الأنصار الكتابة وهذا يدل على جواز الفداء بالعملكما يجوز بالمال .

    [ الاسترقاق ]

    وكان هديه أن من أسلم قبل الأسر لم يسترق وكان يسترق سبي العرب ، كما يسترق غيرهم من أهل الكتاب وكان عند عائشة سبية منهم فقال أعتقيها فإنها من ولد إسماعيل

    وفي الطبراني مرفوعا : من كان عليه رقبة من ولد إسماعيل ، فليعتق من بلعنبر

    ولما قسم سبايا بني المصطلق ، وقعت جويرية بنت الحارث في السبي لثابت بن قيس بن شماس ، فكاتبته على نفسها ، فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم كتابتها وتزوجها ، فأعتق بتزوجه إياها مئة من أهل بيت بني المصطلق إكراما لصهر رسول الله صلى الله عليه وسلم . وهي من صريح العرب ، ولم يكونوا يتوقفون في وطء سبايا العرب على الإسلام بل كانوا يطئونهن بعد الاستبراء وأباح الله لهم ذلك ولم يشترط الإسلام بل قال تعالى : والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم [ النساء 24 ] فأباح وطء ملك اليمين وإن كانت محصنة إذا انقضت عدتها بالاستبراء وقال له سلمة بن الأكوع ، لما استوهبه الجارية الفزارية من السبي والله يا رسول الله لقد أعجبتني ، وما كشفت لها ثوبا ولو كان وطؤها حراما قبل الإسلام عندهم لم يكن لهذا القول معنى ، ولم تكن قد أسلمت لأنه قد فدى بها ناسا من المسلمين بمكة ، والمسلم لا يفادى به وبالجملة فلا نعرف في أثر واحد قط اشتراط الإسلام منهم قولا أو فعلا في وطء المسبية فالصواب الذي كان عليه هديه وهدي أصحابه استرقاق العرب ، ووطء إمائهن المسبيات بملك اليمين من غير اشتراط الإسلام .

    فصل [ لا يفرق في السبي بين الوالدة وولدها ]
    وكان صلى الله عليه وسلم يمنع التفريق في السبي بين الوالدة وولدها ، ويقول من فرق بين والدة وولدها ، فرق الله بينه وبين أحبته يوم القيامة وكان يؤتى بالسبي فيعطي أهل البيت جميعا كراهية أن يفرق بينهم .
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  2. #82
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية إبن عبد ربه
    مشرف سابق
    تاريخ التسجيل
    08 2003
    المشاركات
    3,774
    فصل في هديه فيمن جس عليه



    ثبت عنه أنه قتل جاسوسا من المشركين . وثبت عنه أنه لم يقتل حاطبا ، وقد جس عليه واستأذنه عمر في قتله فقال وما يدريك لعل الله اطلع على أهل بدر فقال اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم فاستدل به من لا يرى قتل المسلم الجاسوس كالشافعي ، وأحمد ، وأبي حنيفة رحمهم الله واستدل به من يرى قتله كمالك ، وابن عقيل من أصحاب أحمد - رحمه الله - وغيرهما قالوا : لأنه علل بعلة مانعة من القتل منتفية في غيره ولو كان الإسلام مانعا من قتله لم يعلل بأخص منه لأن الحكم إذا علل بالأعم كان الأخص عديم التأثير وهذا أقوى . والله أعلم .

    فصل

    وكان هديه صلى الله عليه وسلم عتق عبيد المشركين إذا خرجوا إلى المسلمين وأسلموا ، ويقول هم عتقاء الله عز وجل

    [ من أسلم على شيء في يده فهو له ولم ينظر إلى سببه قبل الإسلام ]

    وكان هديه أن من أسلم على شيء في يده فهو له ولم ينظر إلى سببه قبل الإسلام بل يقره في يده كما كان قبل الإسلام ولم يكن يضمن المشركين إذا أسلموا ما أتلفوه على المسلمين من نفس أو مال حال الحرب ولا قبله وعزم الصديق على تضمين المحاربين من أهل الردة ديات المسلمين وأموالهم فقال عمر تلك دماء أصيبت في سبيل الله ، وأجورهم على الله ولا دية لشهيد فاتفق الصحابة على ما قال عمر ولم يكن أيضا يرد على المسلمين أعيان أموالهم التي أخذها منهم الكفار قهرا بعد إسلامهم بل كانوا يرونها بأيديهم ولا يتعرضون لها سواء في ذلك العقار والمنقول هذا هديه الذي لا شك فيه .

    ولما فتح مكة ، قام إليه رجال من المهاجرين يسألونه أن يرد عليهم دورهم التي استولى عليها المشركون فلم يرد على واحد منهم داره وذلك لأنهم تركوها لله وخرجوا عنها ابتغاء مرضاته فأعاضهم عنها دورا خيرا منها في الجنة فليس لهم أن يرجعوا فيما تركوه لله بل أبلغ من ذلك أنه لم يرخص للمهاجر أن يقيم بمكة بعد نسكه أكثر من ثلاث لأنه قد ترك بلده لله وهاجر منه فليس له أن يعود يستوطنه ولهذا رثى لسعد بن خولة ، وسماه بائسا أن مات بمكة ودفن بها بعد هجرته منها .
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  3. #83
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية إبن عبد ربه
    مشرف سابق
    تاريخ التسجيل
    08 2003
    المشاركات
    3,774
    فصل في هديه في الأرض المغنومة




    ثبت عنه أنه قسم أرض بني قريظة وبني النضير وخيبر بين الغانمين وأما المدينة ، ففتحت بالقرآن وأسلم عليها أهلها ، فأقرت بحالها . وأما مكة ، ففتحها عنوة ولم يقسمها ، فأشكل على كل طائفة من العلماء الجمع بين فتحها عنوة وترك قسمتها ، فقالت طائفة لأنها دار المناسك وهي وقف على المسلمين كلهم وهم فيها سواء فلا يمكن قسمتها ، ثم من هؤلاء من منع بيعها وإجارتها ، ومنهم من جوز بيع رباعها ، ومنع إجارتها ، والشافعي لما لم يجمع بين العنوة وبين عدم القسمة قال إنها فتحت صلحا ، فلذلك لم تقسم . قال ولو فتحت عنوة لكانت غنيمة فيجب قسمتها كما تجب قسمة الحيوان والمنقول ولم ير بأسا من بيع رباع مكة ، وإجارتها ، واحتج بأنها ملك لأربابها تورث عنهم وتوهب وقد أضافها الله سبحانه إليهم إضافة الملك إلى مالكه واشترى عمر بن الخطاب دارا من صفوان بن أمية ، وقيل للنبي صلى الله عليه وسلم أين تنزل غدا في دارك بمكة ؟ فقال وهل ترك لنا عقيل من رباع أو دور وكان عقيل ورث أبا طالب ، فلما كان أصل الشافعي أن الأرض من الغنائم وأن الغنائم تجب قسمتها ، وأن مكة تملك وتباع ورباعها ودورها لم تقسم لم يجد بدا من القول بأنها فتحت صلحا .

    [ هل الأرض تدخل في الغنائم ]

    لكن من تأمل الأحاديث الصحيحة وجدها كلها دالة على قول الجمهور أنها فتحت عنوة . ثم اختلفوا لأي شيء لم يقسمها ؟ فقالت طائفة لأنها دار النسك ومحل العبادة فهي وقف من الله على عباده المسلمين . وقالت طائفة الإمام مخير في الأرض بين قسمتها وبين وقفها ، والنبي صلى الله عليه وسلم قسم خيبر ، ولم يقسم مكة ، فدل على جواز الأمرين . قالوا : والأرض لا تدخل في الغنائم المأمور بقسمتها ، بل الغنائم هي الحيوان والمنقول لأن الله تعالى لم يحل الغنائم لأمة غير هذه الأمة وأحل لهم ديار الكفر وأرضهم كما قال تعالى : وإذ قال موسى لقومه يا قوم اذكروا نعمة الله عليكم إلى قوله يا قوم ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم [ المائدة 20 21 ، ] وقال في ديار فرعون وقومه وأرضهم كذلك وأورثناها بني إسرائيل [ الشعراء 59 ] فعلم أن الأرض لا تدخل في الغنائم والإمام مخير فيها بحسب المصلحة وقد قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم وترك وعمر لم يقسم بل أقرها على حالها وضرب عليها خراجا مستمرا في رقبتها يكون للمقاتلة فهذا معنى وقفها ، ليس معناه الوقف الذي يمنع من نقل الملك في الرقبة بل يجوز بيع هذه الأرض كما هو عمل الأمة وقد أجمعوا على أنها تورث والوقف لا يورث وقد نص الإمام أحمد - رحمه الله تعالى - على أنها يجوز أن تجعل صداقا ، والوقف لا يجوز أن يكون مهرا في النكاح ولأن الوقف إنما امتنع بيعه ونقل الملك في رقبته لما في ذلك من إبطال حق البطون الموقوف عليهم من منفعته والمقاتلة حقهم في خراج الأرض فمن اشتراها صارت عنده خراجية كما كانت عند البائع سواء فلا يبطل حق أحد من المسلمين بهذا البيع كما لم يبطل بالميراث والهبة والصداق ونظير هذا بيع رقبة المكاتب وقد انعقد فيه سبب الحرية بالكتابة فإنه ينتقل إلى المشتري مكاتبا كما كان عند البائع ولا يبطل ما انعقد في حقه من سبب العتق ببيعه والله أعلم .

    ومما يدل على ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم قسم نصف أرض خيبر خاصة ولو كان حكمها حكم الغنيمة لقسمها كلها بعد الخمس ففي " السنن " و " المستدرك " : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما ظهر على خيبر قسمها على ستة وثلاثين سهما ، جمع كل سهم مائة سهم فكان لرسول الله صلى الله عليه وسلم وللمسلمين النصف من ذلك وعزل النصف الباقي لمن نزل به من الوفود والأمور ونوائب الناس هذا لفظ أبي داود وفي لفظ عزل رسول الله صلى الله عليه وسلم ثمانية عشر سهما ، وهو الشطر لنوائبه وما ينزل به من أمر المسلمين وكان ذلك الوطيح والكتيبة ، والسلالم وتوابعها . وفي لفظ له أيضا : عزل نصفها لنوائبه وما نزل به : الوطحية والكتيبة ، وما أحيز معهما ، وعزل النصف الآخر فقسمه بين المسلمين الشق والنطاة ، وما أحيز معهما ، وكان سهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أحيز معهما
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  4. #84
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية صمت الأجراس
    عـضـو مـمـيز
    تاريخ التسجيل
    06 2003
    المشاركات
    207
    شكرا

    الأخ (( مخربش ))

    فكرة جدا رائعة

    لكن لماذا لا يثبت الموضوع حتى يحظى بأكبر قدر من المتابعين

    إلى الأمام

  5. #85
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية إبن عبد ربه
    مشرف سابق
    تاريخ التسجيل
    08 2003
    المشاركات
    3,774
    في الحقيقة أشــــكر لك هذه البادرة الطيبة التي كنت اتمنى أن تصدر من أول يوم بدأت أنقل بعض فصول هذا الكتاب القيم

    كما ارجو أن يعطينا المشرف العام لهذا المنتدى ( أبو إسماعيل أو النمرود ) بعض الإهتمام كأعضاء في هذا المنتدى المتميز.الذي نحبه من قلوبنا لأننا نحس ونحن نكتب فيه باننا في ديارنا الحبيبة



    وتقبل تحياتي الحارة ( أخي صمت الأجراس )


    أخوك إبن عبد ربه نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  6. #86
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية إبن عبد ربه
    مشرف سابق
    تاريخ التسجيل
    08 2003
    المشاركات
    3,774
    فصل في هديه في الأمان والصلح ومعاملة رسل الكفار




    وأخذ الجزية ومعاملة أهل الكتاب والمنافقين وإجارة من جاءه من الكفار حتى يسمع كلام الله ورده إلى مأمنه ووفائه بالعهد وبراءته من الغدر ثبت عنه أنه قال ذمة المسلمين واحدة يسعى بها أدناهم ، فمن أخفر مسلما ، فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل الله منه يوم القيامة صرفا ولا عدلا

    وقال المسلمون تتكافأ دماؤهم ، وهم يد على من سواهم ويسعى بذمتهم أدناهم لا يقتل مؤمن بكافر ، ولا ذو عهد في عهده من أحدث حدثا فعلى نفسه ومن أحدث حدثا أو آوى محدثا ، فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين

    وثبت عنه أنه قال من كان بينه وبين قوم عهد فلا يحلن عقدة ولا يشدها حتى يمضي أمده أو ينبذ إليهم على سواء وقال من أمن رجلا على نفسه فقتله ، فأنا بريء من القاتل وفي لفظ أعطي لواء غدرة وقال لكل غادر لواء عند استه يوم القيامة يعرف به يقال هذه غدره فلان بن فلان

    ويذكر عنه أنه قال ما نقض قوم العهد إلا أديل عليهم العدو
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  7. #87
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية إبن عبد ربه
    مشرف سابق
    تاريخ التسجيل
    08 2003
    المشاركات
    3,774
    فصل [ عقد الذمة وأخذ الجزية ]


    وأما هديه في عقد الذمة وأخذ الجزية فإنه لم يأخذ من أحد من الكفار جزية إلا بعد نزول ( سورة براءة ) في السنة الثامنة من الهجرة فلما نزلت آية الجزية أخذها من المجوس ، وأخذها من أهل الكتاب وأخذها من النصارى ، وبعث معاذا رضي الله عنه إلى اليمن ، فعقد لمن لم يسلم من يهودها الذمة وضرب عليهم الجزية ولم يأخذها من يهود خيبر ، فظن بعض الغالطين المخطئين أن هذا حكم مختص بأهل خيبر ، وأنه لا يؤخذ منهم جزية وإن أخذت من سائر أهل الكتاب وهذا من عدم فقهه في السير والمغازي ، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قاتلهم وصالحهم على أن يقرهم في الأرض ما شاء ولم تكن الجزية نزلت بعد فسبق عقد صلحهم وإقرارهم في أرض خيبر نزول الجزية ثم أمره الله سبحانه وتعالى أن يقاتل أهل الكتاب حتى يعطوا الجزية فلم يدخل في هذا يهود خيبر إذ ذاك لأن العقد كان قديما بينه وبينهم على إقرارهم وأن يكونوا عمالا في الأرض بالشطر فلم يطالبهم بشيء غير ذلك وطالب سواهم من أهل الكتاب ممن لم يكن بينه وبينهم عقد كعقدهم بالجزية كنصارى نجران ، ويهود اليمن ، وغيرهم فلما أجلاهم عمر إلى الشام ، تغير ذلك العقد الذي تضمن إقرارهم في أرض خيبر ، وصار لهم حكم غيرهم من أهل الكتاب .

    [ بيان تزوير طائفة من اليهود كتابا فيه إسقاطه صلى الله عليه وسلم الجزية ]

    ولما كان في بعض الدول التي خفيت فيها السنة وأعلامها ، أظهر طائفة منهم كتابا قد عتقوه وزوروه وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم أسقط عن يهود خيبر الجزية وفيه شهادة علي بن أبي طالب ، وسعد بن معاذ ، وجماعة من الصحابة رضي الله عنهم فراج ذلك على من جهل سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ومغازيه وسيره وتوهموا ، بل ظنوا صحته فجروا على حكم هذا الكتاب المزور حتى ألقي إلى شيخ الإسلام ابن تيمية - قدس الله روحه - وطلب منه أن يعين على تنفيذه والعمل عليه فبصق عليه واستدل على كذبه بعشرة أوجه

    منها : أن فيه شهادة سعد بن معاذ ، وسعد توفي قبل خيبر قطعا .

    ومنها : أن في الكتاب أنه أسقط عنهم الجزية والجزية لم تكن نزلت بعد ولا يعرفها الصحابة حينئذ فإن نزولها كان عام تبوك بعد خيبر بثلاثة أعوام .

    ومنها : أنه أسقط عنهم الكلف والسخر وهذا محال فلم يكن في زمانه كلف ولا سخر تؤخذ منهم ولا من غيرهم وقد أعاذه الله وأعاذ أصحابه من أخذ الكلف والسخر وإنما هي من وضع الملوك الظلمة واستمر الأمر عليها . ومنها : أن هذا الكتاب لم يذكره أحد من أهل العلم على اختلاف أصنافهم فلم يذكره أحد من أهل المغازي والسير ولا أحد من أهل الحديث والسنة ولا أحد من أهل الفقه والإفتاء ولا أحد من أهل التفسير ولا أظهروه في زمان السلف لعلمهم أنهم إن زوروا مثل ذلك عرفوا كذبه وبطلانه فلما استخفوا بعض الدول في وقت فتنة وخفاء بعض السنة زوروا ذلك وعتقوه وأظهروه وساعدهم على ذلك طمع بعض الخائنين لله ولرسوله ولم يستمر لهم ذلك حتى كشف الله أمره وبين خلفاء الرسل بطلانه وكذبه .

    فصل [ هل يجوز أخذ الجزية من غير المجوس واليهود والنصارى ]
    فلما نزلت آية الجزية أخذها صلى الله عليه وسلم من ثلاث طوائف من المجوس ، واليهود ، والنصارى ، ولم يأخذها من عباد الأصنام . فقيل لا يجوز أخذها من كافر غير هؤلاء ومن دان بدينهم اقتداء بأخذه وتركه . وقيل بل تؤخذ من أهل الكتاب وغيرهم من الكفار كعبدة الأصنام من العجم دون العرب ، والأول قول الشافعي رحمه الله وأحمد ، في إحدى روايتيه . والثاني : قول أبي حنيفة ، وأحمد رحمهما الله في الرواية الأخرى .

    وأصحاب القول الثاني : يقولون إنما لم يأخذها من مشركي العرب ; لأنها إنما نزل فرضها بعد أن أسلمت دارة العرب ، ولم يبق فيها مشرك فإنها نزلت بعد فتح مكة ، ودخول العرب في دين الله أفواجا ، فلم يبق بأرض العرب مشرك ولهذا غزا بعد الفتح تبوك ، وكانوا نصارى ، ولو كان بأرض العرب مشركون لكانوا يلونه وكانوا أولى بالغزو من الأبعدين .

    ومن تأمل السير وأيام الإسلام علم أن الأمر كذلك فلم تؤخذ منهم الجزية لعدم من يؤخذ منه لا لأنهم ليسوا من أهلها ، قالوا : وقد أخذها من المجوس ، وليسوا بأهل كتاب ولا يصح أنه كان لهم كتاب ورفع وهو حديث لا يثبت مثله ولا يصح سنده .

    ولا فرق بين عباد النار وعباد الأصنام بل أهل الأوثان أقرب حالا من عباد النار وكان فيهم من التمسك بدين إبراهيم ما لم يكن في عباد النار بل عباد النار أعداء إبراهيم الخليل ، فإذا أخذت منهم الجزية فأخذها من عباد الأصنام أولى ، وعلى ذلك تدل سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم كما ثبت عنه في " صحيح مسلم " أنه قال إذا لقيت عدوك من المشركين فادعهم إلى إحدى خلال ثلاث فأيتهن أجابوك إليها ، فاقبل منهم وكف عنهم " . ثم أمره أن يدعوهم إلى الإسلام أو الجزية أو يقاتلهم

    وقال المغيرة لعامل كسرى : أمرنا نبينا أن نقاتلكم حتى تعبدوا الله ، أو تؤدوا الجزية

    وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لقريش : هل لكم في كلمة تدين لكم بها العرب ، وتؤدي العجم إليكم بها الجزية . قالوا : ما هي ؟ قال " لا إله إلا الله

    فصل

    ولما كان في مرجعه من تبوك ، أخذت خيله أكيدر دومة ، فصالحه على الجزية وحقن له دمه " .

    [ صلحه صلى الله عليه وسلم مع أهل نجران ]
    وصالح أهل نجران من النصارى على ألفي حلة . النصف في صفر والبقية في رجب يؤدونها إلى المسلمين وعارية ثلاثين درعا ، وثلاثين فرسا ، وثلاثين بعيرا ، وثلاثين من كل صنف من أصناف السلاح يغزون بها ، والمسلمون ضامنون لها حتى يردوها عليهم إن كان باليمن كيد أو غدرة على ألا تهدم لهم بيعة ولا يخرج لهم قس ولا يفتنوا عن دينهم ما لم يحدثوا حدثا أو يأكلوا الربا

    وفي هذا دليل على انتقاض عهد الذمة بإحداث الحدث وأكل الربا إذا كان مشروطا عليهم . ولما وجه معاذا إلى اليمن ، أمره أن يأخذ من كل محتلم دينارا أو قيمته من المعافري وهي ثياب تكون باليمن

    [ الجزية تقدر بحسب حاجة المسلمين ]
    وفي هذا دليل على أن الجزية غير مقدرة الجنس ولا القدر بل يجوز أن تكون ثيابا وذهبا وحللا ، وتزيد وتنقص بحسب حاجة المسلمين واحتمال من تؤخذ منه وحاله في الميسرة وما عنده من المال .

    [ تؤخذ الجزية من العرب والعجم بغير اعتبار لآبائهم ]
    ولم يفرق رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا خلفاؤه في الجزية بين العرب والعجم ، بل أخذها رسول الله صلى الله عليه وسلم من نصارى العرب ، وأخذها من مجوس هجر ، وكانوا عربا ، فإن العرب أمة لي لها في الأصل كتاب وكانت كل طائفة منهم تدين بدين من جاورها من الأمم فكانت عرب البحرين مجوسا لمجاورتها فارس ، وتنوخ ، وبهرة ، وبنو تغلب نصارى لمجاورتهم للروم وكانت قبائل من اليمن يهود لمجاورتهم ليهود اليمن ، فأجرى رسول الله صلى الله عليه وسلم أحكام الجزية ولم يعتبر آباءهم ولا متى دخلوا في دين أهل الكتاب هل كان دخولهم قبل النسخ والتبديل أو بعده ومن أين يعرفون ذلك وكيف ينضبط وما الذي دل عليه ؟ وقد ثبت في السير والمغازي ، أن من الأنصار من تهود أبناؤهم بعد النسخ بشريعة عيسى ، وأراد آباؤهم إكراههم على الإسلام فأنزل الله تعالى : لا إكراه في الدين [ البقرة 256 ] وفي قوله لمعاذ : خذ من كل حالم دينارا دليل على أنها لا تؤخذ من صبي ولا امرأة .

    فإن قيل فكيف تصنعون بالحديث الذي رواه عبد الرزاق في " مصنفه " وأبو عبيد في " الأموال " أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر معاذ بن جبل أن يأخذ من اليمن الجزية من كل حالم أو حالمة زاد أبو عبيد : عبدا أو أمة دينارا أو قيمته من المعافري " فهذا فيه أخذها من الرجل والمرأة والحر والرقيق ؟ قيل هذا لا يصح وصله وهو منقطع وهذه الزيادة مختلف فيها ، لم يذكرها سائر الرواة ولعلها من تفسير بعض الرواة . وقد روى الإمام أحمد ، وأبو داود والترمذي ، والنسائي ، وابن ماجه ، وغيرهم هذا الحديث فاقتصروا على قوله أمره " أن يأخذ من حالم دينارا " ولم يذكروا هذه الزيادة وأكثر من أخذ منهم النبي صلى الله عليه وسلم الجزية العرب من النصارى واليهود ، والمجوس ، ولم يكشف عن أحد منهم متى دخل في دينه وكان يعتبرهم بأديانهم لا بآبائهم .
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  8. #88
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية إبن عبد ربه
    مشرف سابق
    تاريخ التسجيل
    08 2003
    المشاركات
    3,774
    فصل في ترتيب سياق هديه مع الكفار والمنافقين
    من حين بعث إلى حين لقي الله عز وجل



    أول ما أوحى إليه ربه تبارك وتعالى : أن يقرأ باسم ربه الذي خلق وذلك أول نبوته فأمره أن يقرأ في نفسه ولم يأمره إذ ذاك بتبليغ ثم أنزل عليه يا أيها المدثر قم فأنذر [ المدثر 1 ، 2 ] فنبأه بقوله اقرأ وأرسله ب يا أيها المدثر ثم أمره أن ينذر عشيرته الأقربين ثم أنذر قومه ثم أنذر من حولهم من العرب ، ثم أنذر العرب قاطبة ثم أنذر العالمين فأقام بضع عشرة سنة بعد نبوته ينذر بالدعوة بغير قتال ولا جزية ويؤمر بالكف والصبر والصفح . ثم أذن له في الهجرة وأذن له في القتال ثم أمره أن يقاتل من قاتله ويكف عمن اعتزله ولم يقاتله ثم أمره بقتال المشركين حتى يكون الدين كله لله ثم كان الكفار معه بعد الأمر بالجهاد ثلاثة أقسام أهل صلح وهدنة وأهل حرب وأهل ذمة فأمر بأن يتم لأهل العهد والصلح عهدهم وأن يوفي لهم به ما استقاموا على العهد فإن خاف منهم خيانة نبذ إليهم عهدهم ولم يقاتلهم حتى يعلمهم بنقض العهد وأمر أن يقاتل من نقض عهده . ولما نزلت ( سورة براءة ) نزلت ببيان حكم هذه الأقسام كلها ، فأمره فيها أن " يقاتل عدوه من أهل الكتاب حتى يعطوا الجزية أو يدخلوا في الإسلام وأمره فيها بجهاد الكفار والمنافقين والغلظة عليهم فجاهد الكفار بالسيف والسنان والمنافقين بالحجة واللسان .

    [ الفرق بين أشهر التسيير الحرم وبين الأشهر الحرم ]

    وأمره فيها بالبراءة من عهود الكفار ونبذ عهودهم إليهم وجعل أهل العهد في ذلك ثلاثة أقسام قسما أمره بقتالهم وهم الذين نقضوا عهده ولم يستقيموا له فحاربهم وظهر عليهم . وقسما لهم عهد مؤقت لم ينقضوه ولم يظاهروا عليه فأمره أن يتم لهم عهدهم إلى مدتهم . وقسما لم يكن لهم عهد ولم يحاربوه أو كان لهم عهد مطلق فأمر أن يؤجلهم أربعة أشهر فإذا انسلخت قاتلهم وهي الأشهر الأربعة المذكورة في قوله فسيحوا في الأرض أربعة أشهر [ التوبة 2 ] وهي الحرم المذكورة في قوله فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين [ التوبة 5 ] فالحرم ها هنا : هي أشهر التسيير أولها يوم الأذان وهو اليوم العاشر من ذي الحجة وهو يوم الحج الأكبر الذي وقع فيه التأذين بذلك وآخرها العاشر من ربيع الآخر وليست هي الأربعة المذكورة في قوله إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السماوات والأرض منها أربعة حرم [ التوبة 36 ] فإن تلك واحد فرد وثلاثة سرد رجب وذو القعدة وذو الحجة والمحرم . ولم يسير المشركين في هذه الأربعة فإن هذا لا يمكن لأنها غير متوالية وهو إنما أجلهم أربعة أشهر ثم أمره بعد انسلاخها أن يقاتلهم فقتل الناقض لعهده وأجل من لا عهد له أو له عهد مطلق أربعة أشهر وأمره أن يتم للموفي بعهده عهده إلى مدته فأسلم هؤلاء كلهم ولم يقيموا على كفرهم إلى مدتهم وضرب على أهل الذمة الجزية .

    فاستقر أمر الكفار معه بعد نزول براءة على ثلاثة أقسام محاربين له وأهل عهد وأهل ذمة ثم آلت حال أهل العهد والصلح إلى الإسلام فصاروا معه قسمين محاربين وأهل ذمة والمحاربون له خائفون منه فصار أهل الأرض معه ثلاثة أقسام مسلم مؤمن به ومسالم له آمن وخائف محارب .

    وأما سيرته في المنافقين فإنه أمر أن يقبل منهم علانيتهم ويكل سرائرهم إلى الله وأن يجاهدهم بالعلم والحجة وأمره أن يعرض عنهم ويغلظ عليهم وأن يبلغ بالقول البليغ إلى نفوسهم ونهاه أن يصلي عليهم وأن يقوم على قبورهم وأخبر أنه إن استغفر لهم فلن يغفر الله لهم فهذه سيرته في أعدائه من الكفار والمنافقين .

    فصل [ سيرته صلى الله عليه وسلم في أوليائه وحزبه ]
    وأما سيرته في أوليائه وحزبه ، فأمره أن يصبر نفسه مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه وألا تعدو عيناه عنهم وأمره أن يعفو عنهم ويستغفر لهم ويشاورهم في الأمر وأن يصلي عليهم . وأمره بهجر من عصاه وتخلف عنه حتى يتوب ويراجع طاعته كما هجر الثلاثة الذين . خلفوا . وأمره أن يقيم الحدود على من أتى موجباتها منهم وأن يكونوا عنده في ذلك سواء شريفهم ودنيئهم .

    [ معنى خذ العفو وأمر بالعرف ]

    وأمره في دفع عدوه من شياطين الإنس بأن يدفع بالتي هي أحسن فيقابل إساءة من أساء إليه بالإحسان وجهله بالحلم وظلمه بالعفو وقطيعته بالصلة وأخبره أنه إن فعل ذلك عاد عدوه كأنه ولي حميم .

    وأمره في دفعه عدوه من شياطين الجن بالاستعاذة بالله منهم وجمع له هذين الأمرين في ثلاثة مواضع من القرآن في ( سورة الأعراف ) و ( المؤمنون ) و ( سورة حم فصلت ) فقال في سورة الأعراف خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه سميع عليم [ الأعراف 199 - 200 ] فأمره باتقاء شر الجاهلين بالإعراض عنهم وباتقاء شر الشيطان بالاستعاذة منه وجمع له في هذه الآية مكارم الأخلاق والشيم كلها ، فإن ولي الأمر له مع الرعية ثلاثة أحوال فإنه لا بد له من حق عليهم يلزمهم القيام به وأمر يأمرهم به ولا بد من تفريط وعدوان يقع منهم في حقه فأمر بأن يأخذ من الحق الذي عليهم ما طوعت به أنفسهم وسمحت به وسهل عليهم ولم يشق وهو العفو الذي لا يلحقهم ببذله ضرر ولا مشقة وأمر أن يأمرهم بالعرف وهو المعروف الذي تعرفه العقول السليمة والفطر المستقيمة وتقر بحسنه ونفعه وإذا أمر به يأمر بالمعروف أيضا لا بالعنف والغلظة . وأمره أن يقابل جهل الجاهلين منهم بالإعراض عنه دون أن يقابله بمثله فبذلك يكتفي شرهم . وقال تعالى في سورة المؤمنين قل رب إما تريني ما يوعدون رب فلا تجعلني في القوم الظالمين وإنا على أن نريك ما نعدهم لقادرون ادفع بالتي هي أحسن السيئة نحن أعلم بما يصفون وقل رب أعوذ بك من همزات الشياطين وأعوذ بك رب أن يحضرون [ المؤمنون 93 - 97 ]

    وقال تعالى في سورة حم فصلت ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه هو السميع العليم [ فصلت 134 ] فهذه سيرته مع أهل الأرض إنسهم وجنهم مؤمنهم وكافرهم .
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  9. #89
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية إبن عبد ربه
    مشرف سابق
    تاريخ التسجيل
    08 2003
    المشاركات
    3,774
    فصل في سياق مغازيه وبعوثه على وجه الاختصار


    [ سرية حمزة إلى سيف البحر ]

    وكان أول لواء عقده رسو ل الله صلى الله عليه وسلم لحمزة بن عبد المطلب في شهر رمضان على رأس سبعة أشهر من مهاجره وكان لواء أبيض وكان حامله أبو مرثد كناز بن الحصين الغنوي حليف حمزة وبعثه في ثلاثين رجلا من المهاجرين خاصة يعترض عيرا لقريش جاءت من الشام ، وفيها أبو جهل بن هشام في ثلاثمائة رجل . فبلغوا سيف البحر من ناحية العيص ، فالتقوا واصطفوا للقتال فمشى مجدي بن عمرو الجهني ، وكان حليفا للفريقين جميعا ، بين هؤلاء وهؤلاء حتى حجز بينهم ولم يقتتلوا .

    فصل [ سرية عبيدة بن الحارث بن المطلب]
    [ سعد هو أول من رمى بسهم في سبيل الله ]

    ثم بعث عبيدة بن الحارث بن المطلب في سرية إلى بطن رابغ في شوال على رأس ثمانية أشهر من الهجرة وعقد له لواء أبيض وحمله مسطح بن أثاثة بن عبد المطلب بن عبد مناف ، وكانوا في ستين من المهاجرين ليس فيهم أنصاري فلقي أبا سفيان بن حرب ، وهو في مائتين على بطن رابغ ، على عشرة أميال من الجحفة ، وكان بينهم الرمي ولم يسلوا السيوف ولم يصطفوا للقتال وإنما كانت مناوشة وكان سعد بن أبي وقاص فيهم وهو أول من رمى بسهم في سبيل الله ثم انصرف الفريقان على حاميتهم .

    قال ابن إسحاق : وكان على القوم عكرمة بن أبي جهل ، وقدم سرية عبيدة على سرية حمزة .

    فصل [ سرية سعد إلى بطن رابغ ]
    ثم بعث سعد بن أبي وقاص إلى الخرار في ذي القعدة على رأس تسعة أشهر وعقد له لواء أبيض وحمله المقداد بن عمرو ، وكانوا عشرين راكبا يعترضون عيرا لقريش ، وعهد أن لا يجاوز الخرار ، فخرجوا على أقدامهم فكانوا يكمنون بالنهار ويسيرون بالليل حتى صبحوا المكان صبيحة خمس فوجدوا العير قد مرت بالأمس

    فصل [ غزوة الأبواء وهي أول غزوة غزاها بنفسه صلى الله عليه وسلم ]
    ثم غزا بنفسه غزوة الأبواء ، ويقال لها : ودان ، وهي أول غزوة غزاها بنفسه وكانت في صفر على رأس اثني عشر شهرا من مهاجره وحمل لواءه حمزة بن عبد المطلب ، وكان أبيض واستخلف على المدينة سعد بن عبادة ، وخرج في المهاجرين خاصة يعترض عيرا لقريش ، فلم يلق كيدا ، وفي هذه الغزوة وادع مخشي بن عمرو الضمري وكان سيد بني ضمرة في زمانه على ألا يغزو بني ضمرة ، ولا يغزوه ولا أن يكثروا عليه جمعا ، ولا يعينوا عليه عدوا ، وكتب بينه وبينهم كتابا ، وكانت غيبته خمس عشرة ليلة .

    فصل [ غزوة بواط ]
    ثم غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم بواط في شهر ربيع الأول على رأس ثلاثة عشر شهرا من مهاجره وحمل لواءه سعد بن أبي وقاص ، وكان أبيض واستخلف على المدينة سعد بن معاذ ، وخرج في مائتين من أصحابه يعترض عيرا لقريش ، فيها أمية بن خلف الجمحي ، ومائة رجل من قريش ، وألفان وخمسمائة بعير فبلغ بواطا ، وهما جبلان فرعان أصلهما واحد من جبال جهينة ، مما يلي طريق الشام ، وبين بواط والمدينة نحو أربعة برد فلم يلق كيدا فرجع .

    فصل [ خروجه في طلب كرز الفهري ]
    ثم خرج على رأس ثلاثة عشر شهرا من مهاجره يطلب كرز بن جابر الفهري ، وحمل لواءه علي بن أبي طالب رضي الله عنه وكان أبيض واستخلف على المدينة زيد بن حارثة ، وكان كرز قد أغار على سرح المدينة ، فاستاقه وكان يرعى بالحمى ، فطلبه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بلغ واديا يقال له سفوان من ناحية بدر ، وفاته كرز ولم يلحقه فرجع إلى المدينة .

    فصل [ غزوة العشيرة ]
    ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في جمادى الآخرة على رأس ستة عشر شهرا ، وحمل لواءه حمزة بن عبد المطلب ، وكان أبيض واستخلف على المدينة أبا سلمة بن - عبد الأسد المخزومي ، وخرج في خمسين ومائة ويقال في مائتين من المهاجرين ولم يكره أحدا على الخروج وخرجوا على ثلاثين بعيرا يعتقبونها يعترضون عيرا لقريش ذاهبة إلى الشام ، وقد كان جاءه الخبر بفصولها من مكة فيها أموال لقريش ، فبلغ ذا العشيرة ، وقيل العشيراء بالمد . وقيل العسيرة بالمهملة وهي بناحية ينبع ، وبين ينبع والمدينة تسعة برد فوجد العير قد فاتته بأيام وهذه هي العير التي خرج في طلبها حين رجعت من الشام ، وهي التي وعده الله إياها ، أو المقاتلة وذات الشوكة ووفى له بوعده .

    وفي هذه الغزوة وادع بني مدلج وحلفاءهم من بني ضمرة .

    قال عبد المؤمن بن خلف الحافظ : وفي هذه الغزوة كنى رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا أبا تراب وليس كما قال فإن النبي صلى الله عليه وسلم ؟ إنما كناه أبا تراب بعد نكاحه فاطمة ، وكان نكاحها بعد بدر ، فإنه لما دخل عليها وقال " أين ابن عمك ؟ " قالت خرج مغاضبا ، فجاء إلى المسجد فوجده مضطجعا فيه وقد لصق به التراب فجعل ينفضه عنه ويقول " اجلس أبا تراب اجلس أبا تراب وهو أول يوم كني فيه أبا تراب .

    فصل [ سرية نخلة ]
    [ أول خمس وأول قتيل وأول أسيرين في الإسلام ]

    [ القتال في الأشهر الحرم ]

    [ معنى الفتنة أكبر من القتل ]

    ثم بعث عبد الله بن جحش الأسدي إلى نخلة في رجب على رأس سبعة عشر شهرا من الهجرة في اثني عشر رجلا من المهاجرين كل اثنين يعتقبان على بعير فوصلوا إلى بطن نخلة يرصدون عيرا لقريش ، وفي هذه السرية سمى عبد الله بن جحش أمير المؤمنين وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب له كتابا ، وأمره أن لا ينظر فيه حتى يسير يومين ثم ينظر فيه ولما فتح الكتاب وجد فيه " إذا نظرت في كتابي هذا ، فامض حتى تنزل نخلة بين مكة والطائف ، فترصد بها قريشا ، وتعلم لنا من أخبارهم فقال سمعا وطاعة وأخبر أصحابه بذلك وبأنه لا يستكرههم فمن أحب الشهادة فلينهض ومن كره الموت فليرجع وأما أنا فناهض فمضوا كلهم فلما كان في أثناء الطريق أضل سعد بن أبي وقاص ، وعتبة بن غزوان بعيرا لهما كانا يعتقبانه فتخلفا في طلبه وبعد عبد الله بن جحش حتى نزل بنخلة فمرت به عير لقريش تحمل زبيبا وأدما وتجارة فيها عمرو بن الحضرمي ، وعثمان ونوفل ابنا عبد الله بن المغيرة ، والحكم بن كيسان مولى بني المغيرة فتشاور المسلمون وقالوا : نحن في آخر يوم من رجب الشهر الحرام فإن قاتلناهم انتهكنا الشهر الحرام وإن تركناهم الليلة دخلوا الحرم ، ثم أجمعوا على ملاقاتهم فرمى أحدهم عمرو بن الحضرمي فقتله وأسروا عثمان والحكم وأفلت نوفل ثم قدموا بالعير والأسيرين وقد عزلوا من ذلك الخمس وهو أول خمس كان في الإسلام وأول قتيل في الإسلام وأول أسيرين في الإسلام وأنكر رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهم ما فعلوه واشتد تعنت قريش وإنكارهم ذلك وزعموا أنهم قد وجدوا مقالا ، فقالوا : قد أحل محمد الشهر الحرام واشتد على المسلمين ذلك حتى أنزل الله تعالى : يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه ؟ قل قتال فيه كبير وصد عن سبيل الله وكفر به والمسجد الحرام وإخراج أهله منه أكبر عند الله والفتنة أكبر من القتل [ البقرة 217 ] يقول سبحانه هذا الذي أنكرتموه عليهم وإن كان كبيرا ، فما ارتكبتموه أنتم من الكفر بالله والصد عن سبيله وعن بيته وإخراج المسلمين الذين هم أهله منه والشرك الذي أنتم عليه والفتنة التي حصلت منكم به أكبر عند الله من قتالهم في الشهر الحرام وأكثر السلف فسروا الفتنة ها هنا بالشرك كقوله تعالى : وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة [ البقرة 193 ] ويدل عليه قوله ثم لم تكن فتنتهم إلا أن قالوا والله ربنا ما كنا مشركين [ الأنعام 23 ] أي لم يكن مآل شركهم وعاقبته وآخر أمرهم إلا أن تبرءوا منه وأنكروه .

    وحقيقتها : أنها الشرك الذي يدعو صاحبه إليه ويقاتل عليه ويعاقب من لم يفتتن به ولهذا يقال لهم وقت عذابهم بالنار وفتنتهم بها : ذوقوا فتنتكم قال ابن عباس : تكذيبكم .

    وحقيقته ذوقوا نهاية فتنتكم وغايتها ، ومصير أمرها ، كقوله ذوقوا ما كنتم تكسبون [ الزمر 24 ] وكما فتنوا عباده على الشرك فتنوا على النار وقيل لهم ذوقوا فتنتكم ومنه قوله تعالى : إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات ثم لم يتوبوا [ البروج 10 ] فسرت الفتنة ها هنا بتعذيبهم المؤمنين وإحراقهم إياهم بالنار واللفظ أعم من ذلك وحقيقته عذبوا المؤمنين ليفتتنوا عن دينهم فهذه الفتنة المضافة إلى المشركين . وأما الفتنة التي يضيفها الله سبحانه إلى نفسه أو يضيفها رسوله إليه كقوله وكذلك فتنا بعضهم ببعض وقول موسى : إن هي إلا فتنتك تضل بها من تشاء وتهدي من تشاء [ الأعراف 155 ] فتلك بمعنى آخر وهي بمعنى الامتحان والاختبار والابتلاء من الله لعباده بالخير والشر بالنعم والمصائب فهذه لون وفتنة المشركين لون وفتنة المؤمن في ماله وولده وجاره لون آخر والفتنة التي يوقعها بين أهل الإسلام كالفتنة التي أوقعها بين أصحاب علي ومعاوية ، وبين أهل الجمل وصفين ، وبين المسلمين حتى يتقاتلوا ويتهاجروا لون آخر وهي الفتنة التي قال فيها النبي صلى الله عليه وسلم ستكون فتنة القاعد فيها خير من القائم ، والقائم فيها خير من الماشي ، والماشي فيها خير من الساعي وأحاديث الفتنة التي أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها باعتزال الطائفتين هي هذه الفتنة .

    وقد تأتي الفتنة مرادا بها المعصية كقوله تعالى : ومنهم من يقول ائذن لي ولا تفتني [ التوبة 49 ] ، يقوله الجد بن قيس ، لما ندبه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى تبوك ، يقول ائذن لي في القعود ولا تفتني بتعرضي لبنات بني الأصفر فإني لا أصبر عنهن قال تعالى : ألا في الفتنة سقطوا [ التوبة 49 ] أي وقعوا في فتنة النفاق وفروا إليها من فتنة بنات الأصفر . والمقصود أن الله سبحانه حكم بين أوليائه وأعدائه بالعدل والإنصاف ولم يبرئ أولياءه من ارتكاب الإثم بالقتال في الشهر الحرام بل أخبر أنه كبير وأن ما عليه أعداؤه المشركون أكبر وأعظم من مجرد القتال في الشهر الحرام فهم أحق بالذم والعيب والعقوبة لا سيما وأولياؤه كانوا متأولين في قتالهم ذلك أو مقصرين نوع تقصير يغفره الله لهم في جنب ما فعلوه من التوحيد والطاعات والهجرة مع رسوله وإيثار ما عند الله فهم كما قيل


    وإذا الحبيب أتى بذنب واحد

    جاءت محاسنه بألف شفيع


    فكيف يقاس ببغيض عدو جاء بكل قبيح ولم يأت بشفيع واحد من المحاسن .

    فصل [ تحويل القبلة ]

    ولما كان في شعبان من هذه السنة حولت القبلة وقد تقدم ذكر ذلك .
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  10. #90
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية إبن عبد ربه
    مشرف سابق
    تاريخ التسجيل
    08 2003
    المشاركات
    3,774
    فصل [ كانت هذه الغزوة بعد الحديبية وتوهيم من قال بخلاف ذلك ]



    وهذه الغزوة كانت بعد الحديبية وقد وهم فيها جماعة من أهل المغازي والسير فذكروا أنها كانت قبل الحديبية والدليل على صحة ما قلناه ما رواه الإمام أحمد والحسن بن سفيان عن أبي بكر بن أبي شيبة قال حدثنا هاشم بن القاسم قال حدثنا عكرمة بن عمار قال حدثني إياس بن سلمة عن أبيه قال قدمت المدينة زمن الحديبية مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قال خرجت أنا ورباح بفرس لطلحة أندبه مع الإبل فلما كان بغلس أغار عبد الرحمن بن عيينة على إبل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقتل راعيها وساق القصة رواها مسلم في " صحيحه " بطولها

    ووهم عبد المؤمن بن خلف في " سيرته " في ذلك وهما بينا فذكر غزاة بني لحيان بعد قريظة بستة أشهر ثم قال لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة لم يمكث إلا ليالي حتى أغار عبد الرحمن بن عيينة وذكر القصة .

    والذي أغار عبد الرحمن وقيل أبوه عيينة بن حصن بن حذيفة بن بدر فأين هذا من قول سلمة قدمت المدينة زمن الحديبية ؟ .

    [ سرايا سنة ست ]
    [ سرية عكاشة بن محصن إلى الغمر ]
    وقد ذكر الواقدي عدة سرايا في سنة ست من الهجرة قبل الحديبية فقال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم في ربيع الأول - أو قال الآخر - سنة ست من قدومه المدينة عكاشة بن محصن الأسدي في أربعين رجلا إلى الغمر وفيهم ثابت بن أقرم وسباع بن وهب فأجد السير ونذر القوم بهم فهربوا فنزل على مياههم وبعث الطلائع فأصابوا من دلهم على بعض ماشيتهم فوجدوا مائتي بعير فساقوها إلى المدينة .

    [ سرية أبي عبيدة إلى ذي القصة ]
    وبعث سرية أبي عبيدة بن الجراح إلى ذي القصة فساروا ليلتهم مشاة ووافوها مع الصبح فأغاروا عليهم فأعجزوهم هربا في الجبال وأصابوا رجلا واحدا فأسلم .

    [ سرية محمد بن مسلمة ]
    وبعث محمد بن مسلمة في ربيع الأول في عشرة نفر سرية فكمن القوم لهم حتى ناموا فما شعروا إلا بالقوم فقتل أصحاب محمد بن مسلمة وأفلت محمد جريحا .

    [ سرية زيد إلى الجموم ]
    وفي هذه السنة - وهي سنة ست - كانت سرية زيد بن حارثة بالجموم فأصاب امرأة من مزينة يقال لها : حليمة فدلتهم على محلة من محال بني سليم فأصابوا نعما وشاء وأسرى وكان في الأسرى زوج حليمة فلما قفل زيد بن حارثة بما أصاب وهب رسول الله صلى الله عليه وسلم للمزنية نفسها وزوجها .

    [ سرية زيد إلى الطرف ]
    وفيها - يعني : سنة ست - كانت سرية زيد بن حارثة إلى الطرف في جمادى الأولى إلى بني ثعلبة في خمسة عشر رجلا فهربت الأعراب وخافوا أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم سار إليهم فأصاب من نعمهم عشرين بعيرا وغاب أربع ليال .

    [ سرية زيد إلى العيص ]
    [ إجارة زينب بنت النبي صلى الله عليه وسلم أبا العاص وهو على شركه ]

    وفيها كانت سرية زيد بن حارثة إلى العيص في جمادى الأولى وفيها : أخذت الأموال التي كانت مع أبي العاص بن الربيع زوج زينب مرجعه من الشام وكانت أموال قريش قال ابن إسحاق : حدثني عبد الله بن محمد بن حزم قال خرج أبو العاص بن الربيع تاجرا إلى الشام وكان رجلا مأمونا وكانت معه بضائع لقريش فأقبل قافلا فلقيته سرية لرسول الله صلى الله عليه وسلم فاستاقوا عيره وأفلت وقدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم بما أصابوا فقسمه بينهم وأتى أبو العاص المدينة فدخل على زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستجار بها وسألها أن تطلب له من رسول الله صلى الله عليه وسلم رد ماله عليه وما كان معه من أموال الناس فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم السرية فقال إن هذا الرجل منا حيث قد علمتم وقد أصبتم له مالا ولغيره وهو فيء الله الذي أفاء عليكم فإن رأيتم أن تردوا عليه فافعلوا وإن كرهتم فأنتم وحقكم فقالوا : بل نرده عليه يا رسول الله فردوا عليه ما أصابوا حتى إن الرجل ليأتي بالشن والرجل بالإداوة والرجل بالحبل فما تركوا قليلا أصابوه ولا كثيرا إلا ردوه عليه ثم خرج حتى قدم مكة فأدى إلى الناس بضائعهم حتى إذا فرغ قال يا معشر قريش هل بقي لأحد منكم معي مال لم أرده عليه ؟ قالوا : لا فجزاك الله خيرا قد وجدناك وفيا كريما فقال أما والله ما منعني أن أسلم قبل أن أقدم عليكم إلا تخوفا أن تظنوا أني إنما أسلمت لأذهب بأموالكم فإني أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله .

    [ رواية موسى بن عقبة لقصة أبي العاص ]

    وهذا القول من الواقدي وابن إسحاق يدل على أن قصة أبي العاص كانت قبل الحديبية وإلا فبعد الهدنة لم تتعرض سرايا رسول الله صلى الله عليه وسلم لقريش . ولكن زعم موسى بن عقبة أن قصة أبي العاص كانت بعد الهدنة وأن الذي أخذ الأموال أبو بصير وأصحابه ولم يكن ذلك بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنهم كانوا منحازين بسيف البحر وكانت لا تمر بهم عير لقريش إلا أخذوها هذا قول الزهري .

    قال موسى بن عقبة عن ابن شهاب في قصة أبي بصير : ولم يزل أبو جندل وأبو بصير وأصحابهما الذين اجتمعوا إليهما هنالك حتى مر بهم أبو العاص بن الربيع وكانت تحته زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم في نفر من قريش فأخذوهم وما معهم وأسروهم ولم يقتلوا منهم أحدا لصهر رسول الله صلى الله عليه وسلم من أبي العاص وأبو العاص يومئذ مشرك وهو ابن أخت خديجة بنت خويلد لأبيها وأمها وخلوا سبيل أبي العاص فقدم المدينة على امرأته زينب فكلمها أبو العاص في أصحابه الذين أسرهم أبو جندل وأبو بصير وما أخذوا لهم فكلمت زينب رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك فزعموا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام فخطب الناس فقال إنا صاهرنا أناسا وصاهرنا أبا العاص فنعم الصهر وجدناه وإنه أقبل من الشام في أصحاب له من قريش فأخذهم أبو جندل وأبو بصير وأخذوا ما كان معهم ولم يقتلوا منهم أحدا وإن زينب بنت رسول الله سألتني أن أجيرهم فهل أنتم مجيرون أبا العاص وأصحابه ؟ " فقال الناس نعم فلما بلغ أبا جندل وأصحابه قول رسول الله صلى الله عليه وسلم في أبي العاص وأصحابه الذين كانوا عنده من الأسرى رد إليهم كل شيء أخذ منهم حتى العقال وكتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أبي جندل وأبي بصير يأمرهم أن يقدموا عليه ويأمر من معهما من المسلمين أن يرجعوا إلى بلادهم وأهليهم وألا يتعرضوا لأحد من قريش وعيرها فقدم كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على أبي بصير وهو في الموت فمات وهو على صدره ودفنه أبو جندل مكانه وأقبل أبو جندل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمنت عير قريش وذكر باقي الحديث .

    [ ترجيح المصنف لرواية ابن عقبة ]

    وقول موسى بن عقبة : أصوب وأبو العاص إنما أسلم زمن الهدنة وقريش إنما انبسطت عيرها إلى الشام زمن الهدنة وسياق الزهري للقصة بين ظاهر أنها كانت في زمن الهدنة .

    [ سرية زيد إلى حسمى وهي بعد الحديبية ]
    قال الواقدي : وفيها أقبل دحية بن خليفة الكلبي من عند قيصر وقد أجازه بمال وكسوة فلما كان بحسمى لقيه ناس من جذام فقطعوا عليه الطريق فلم يتركوا معه شيئا فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يدخل بيته فأخبره فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم زيد بن حارثة إلى حسمى . قلت : وهذا بعد الحديبية بلا شك .

    [ سرية علي إلى فدك ]
    قال الواقدي : وخرج علي في مائة رجل إلى فدك إلى حي من بني سعد بن بكر وذلك أنه بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن بها جمعا يريدون أن يمدوا يهود خيبر فسار إليهم يسير الليل ويكمن النهار فأصاب عينا لهم فأقر له أنهم بعثوه إلى خيبر فعرضوا عليهم نصرتهم على أن يجعلوا لهم ثمر خيبر .

    [ سرية ابن عوف إلى دومة الجندل ]
    قال وفيها سرية عبد الرحمن بن عوف إلى دومة الجندل في شعبان فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم إن أطاعوك فتزوج ابنة ملكهم فأسلم القوم وتزوج عبد الرحمن تماضر بنت الأصبغ وهي أم أبي سلمة وكان أبوها رأسهم وملكهم .

    [ سرية كرز إلى العرنيين وكانت قبل الحديبية ]
    قال وكانت سرية كرز بن جابر الفهري إلى العرنيين الذين قتلوا راعي رسول الله صلى الله عليه وسلم واستاقوا الإبل في شوال سنة ست وكانت السرية عشرين فارسا . قلت : وهذا يدل على أنها كانت قبل الحديبية كانت في ذي القعدة كما سيأتي وقصة العرنيين في " الصحيحين " من حديث أنس أن رهطا من عكل وعرينة أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا : يا رسول الله إنا أهل ضرع ولم نكن أهل ريف فاستوخمنا المدينة فأمر لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بذود وأمرهم أن يخرجوا فيها فيشربوا من ألبانها وأبوالها فلما صحوا قتلوا راعي رسول الله صلى الله عليه وسلم واستاقوا الذود وكفروا بعد إسلامهم . وفي لفظ لمسلم سملوا عين الراعي فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم في طلبهم فأمر بهم فقطع أيديهم وأرجلهم وتركهم في ناحية الحرة حتى ماتوا

    وفي حديث أبي الزبير عن جابر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم عم عليهم الطريق واجعلها عليهم أضيق من مسك جمل فعمى الله عليهم السبيل فأدركوا . وذكر القصة .

    [ الفقه المستنبط من حديث العرنيين ]
    وفيها من الفقه جواز شرب أبوال الإبل وطهارة بول مأكول اللحم والجمع للمحارب إذا أخذ المال وقتل بين قطع يده ورجله وقتله وأنه يفعل بالجاني كما فعل فإنهم لما سملوا عين الراعي سمل أعينهم وقد ظهر بهذا أن القصة محكمة ليست منسوخة وإن كانت قبل أن تنزل الحدود والحدود نزلت بتقريرها لا بإبطالها . والله أعلم .
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  11. #91
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية إبن عبد ربه
    مشرف سابق
    تاريخ التسجيل
    08 2003
    المشاركات
    3,774
    فصل في قصة الحديبية
    [ متى حدثت ]



    قال نافع : كانت سنة ست في ذي القعدة وهذا هو الصحيح وهو قول الزهري وقتادة وموسى بن عقبة ومحمد بن إسحاق وغيرهم .

    وقال هشام بن عروة عن أبيه خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الحديبية في رمضان وكانت في شوال وهذا وهم وإنما كانت غزاة الفتح في رمضان وقد قال أبو الأسود عن عروة إنها كانت في ذي القعدة على الصواب .

    [ كم اعتمر صلى الله عليه وسلم في حياته ]

    وفي " الصحيحين " عن أنس أن النبي . صلى الله عليه وسلم اعتمر أربع عمر كلهن في ذي القعدة فذكر منها عمرة الحديبية .

    [ كم كان معه صلى الله عليه وسلم ]

    وكان معه ألف وخمسمائة هكذا في " الصحيحين " عن جابر وعنه فيهما : كانوا ألفا وأربعمائة وفيهما : عن عبد الله بن أبي أوفى : " كنا ألفا وثلاثمائة " قال قتادة : قلت لسعيد بن المسيب : كم كان الذين شهدوا بيعة الرضوان ؟ قال خمس عشرة مائة . قال قلت فإن جابر بن عبد الله قال كانوا أربع عشرة مائة قال يرحمه الله أوهم هو حدثني أنهم كانوا خمس عشرة مائة . قلت : وقد صح عن جابر القولان وصح عنه أنهم نحروا عام الحديبية سبعين بدنة البدنة عن سبعة فقيل له كم كنتم ؟ قال ألفا وأربعمائة بخيلنا ورجلنا يعني فارسهم وراجلهم والقلب إلى هذا أميل وهو قول البراء بن عازب ومعقل بن يسار وسلمة بن الأكوع في أصح الروايتين وقول المسيب بن حزن قال شعبة : عن قتادة عن سعيد بن المسيب عن أبيه كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت الشجرة ألفا وأربعمائة .

    وغلط غلطا بينا من قال كانوا سبعمائة وعذره أنهم نحروا يومئذ سبعين بدنه والبدنة قد جاء إجزاؤها عن سبعة وعن عشرة وهذا لا يدل على ما قاله هذا القائل فإنه قد صرح بأن البدنة كانت في هذه العمرة عن سبعة فلو كانت السبعون عن جميعهم لكانوا أربعمائة وتسعين رجلا وقد قال في تمام الحديث بعينه إنهم كانوا ألفا وأربعمائة
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  12. #92
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية إبن عبد ربه
    مشرف سابق
    تاريخ التسجيل
    08 2003
    المشاركات
    3,774
    فصل [ تقليده صلى الله عليه وسلم الهدي بذي الحليفة وبعثه
    عينا له ابن خزاعة إلى قريش ]


    [ استشارته صلى الله عليه وسلم أصحابه فيما يفعله ]

    [ رؤيتهم لخالد بن الوليد وفراره منهم ]

    [ بروك القصواء ]

    [ نزولهم بالحديبية ]

    فلما كانوا بذي الحليفة قلد رسول الله صلى الله عليه وسلم الهدي وأشعره وأحرم بالعمرة وبعث بين يديه عينا له من خزاعة يخبره عن قريش حتى إذا كان قريبا من عسفان أتاه عينه فقال إني تركت كعب بن لؤي قد جمعوا لك الأحابيش وجمعوا لك جموعا وهم مقاتلوك وصادوك عن البيت ومانعوك واستشار النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه وقال أترون أن نميل إلى ذراري هؤلاء الذين أعانوهم فنصيبهم فإن قعدوا قعدوا موتورين محروبين وإن يجيئوا تكن عنقا قطعها الله أم ترون أن نؤم البيت فمن صدنا عنه قاتلناه ؟ فقال أبو بكر : الله ورسوله أعلم إنما جئنا معتمرين ولم نجئ لقتال أحد ولكن من حال بيننا وبين البيت قاتلناه فقال النبي صلى الله عليه وسلم فروحوا إذا فراحوا حتى إذا كانوا ببعض الطريق قال النبي صلى الله عليه وسلم " إن خالد بن الوليد بالغميم في خيل لقريش طليعة فخذوا ذات اليمين " فوالله ما شعر بهم خالد حتى إذا هم بقترة الجيش فانطلق يركض نذيرا لقريش وسار النبي صلى الله عليه وسلم حتى إذا كان بالثنية التي يهبط عليهم منها بركت به راحلته فقال الناس حل حل فألحت فقالوا : خلأت القصواء خلأت القصواء فقال النبي صلى الله عليه وسلم ما خلأت القصواء وما ذاك لها بخلق ولكن حبسها حابس الفيل ثم قال والذي نفسي بيده لا يسألوني خطة يعظمون فيها حرمات الله إلا أعطيتهم إياها ثم زجرها فوثبت به فعدل حتى نزل بأقصى الحديبية على ثمد قليل الماء إنما يتبرضه الناس تبرضا فلم يلبثه الناس أن نزحوه فشكوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم العطش فانتزع سهما من كنانته ثم أمرهم أن يجعلوه فيه قال فوالله ما زال يجيش لهم بالري حتى صدروا عنه .

    [ إرسال عثمان إلى قريش ]

    وفزعت قريش لنزوله عليهم فأحب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبعث إليهم رجلا من أصحابه فدعا عمر بن الخطاب ليبعثه إليهم فقال يا رسول الله ليس لي بمكة أحد من بني كعب يغضب لي إن أوذيت فأرسل عثمان بن عفان فإن عشيرته بها وإنه مبلغ ما أردت فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عثمان بن عفان فأرسله إلى قريش وقال أخبرهم أنا لم نأت لقتال وإنما جئنا عمارا وادعهم إلى الإسلام وأمره أن يأتي رجالا بمكة مؤمنين ونساء مؤمنات فيدخل عليهم ويبشرهم بالفتح ويخبرهم أن الله عز وجل مظهر دينه بمكة حتى لا يستخفى فيها بالإيمان فانطلق عثمان فمر على قريش ببلدح فقالوا : أين تريد ؟ فقال بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم أدعوكم إلى الله وإلى الإسلام وأخبركم أنا لم نأت لقتال وإنما جئنا عمارا فقالوا : قد سمعنا ما تقول فانفذ لحاجتك وقام إليه أبان بن سعيد بن العاص فرحب به وأسرج فرسه فحمل عثمان على الفرس وأجاره وأردفه أبان حتى جاء مكة وقال المسلمون قبل أن يرجع عثمان ؟ خلص عثمان قبلنا إلى البيت وطاف به فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أظنه طاف بالبيت ونحن محصورون " فقالوا : وما يمنعه يا رسول الله وقد خلص ؟ قال " ذاك ظني به ألا يطوف بالكعبة حتى نطوف معه

    [ بيعة الرضوان ]
    واختلط المسلمون بالمشركين في أمر الصلح فرمى رجل من أحد الفريقين رجلا من الفريق الآخر وكانت معركة وتراموا بالنبل والحجارة وصاح الفريقان كلاهما وارتهن كل واحد من الفريقين بمن فيهم وبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن عثمان قد قتل فدعا إلى البيعة فثار المسلمون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو تحت الشجرة فبايعوه على ألا يفروا فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيد نفسه وقال هذه عن عثمان

    [ رجوع عثمان ]

    ولما تمت البيعة رجع عثمان فقال له المسلمون اشتفيت يا أبا عبد الله من الطواف بالبيت فقال بئس ما ظننتم بي والذي نفسي بيده لو مكثت بها سنة ورسول الله صلى الله عليه وسلم مقيم بالحديبية ما طفت بها حتى يطوف بها رسول الله صلى الله عليه وسلم ولقد دعتني قريش إلى الطواف بالبيت فأبيت فقال المسلمون رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أعلمنا بالله وأحسننا ظنا وكان عمر آخذا بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم للبيعة تحت الشجرة فبايعه المسلمون كلهم إلا الجد بن قيس

    وكان معقل بن يسار آخذا بغصنها يرفعه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان أول من بايعه أبو سنان الأسدي

    وبايعه سلمة بن الأكوع ثلاث مرات في أول الناس وأوسطهم وآخرهم .

    [ بديل بن ورقاء ]

    فبينما هم كذلك إذ جاء بديل بن ورقاء الخزاعي في نفر من خزاعة وكانوا عيبة نصح رسول الله صلى الله عليه وسلم من أهل تهامة فقال إني تركت كعب بن لؤي وعامر بن لؤي نزلوا أعداد مياه الحديبية معهم العوذ المطافيل وهم مقاتلوك وصادوك عن البيت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنا لم نجئ لقتال أحد ولكن جئنا معتمرين وإن قريشا قد نهكتهم الحرب وأضرت بهم فإن شاءوا ماددتهم ويخلوا بيني وبين الناس وإن شاءوا أن يدخلوا فيما دخل فيه الناس فعلوا وإلا فقد جموا وإن هم أبوا إلا القتال فوالذي نفسي بيده لأقاتلنهم على أمري هذا حتى تنفرد سالفتي أو لينفذن الله أمره

    [ إرسال عروة الثقفي إليه صلى الله عليه وسلم ]

    قال بديل سأبلغهم ما تقول فانطلق حتى أتى قريشا فقال إني قد جئتكم من عند هذا الرجل وقد سمعته يقول قولا فإن شئتم عرضته عليكم . فقال سفهاؤهم لا حاجة لنا أن تحدثنا عنه بشيء . وقال ذوو الرأي منهم هات ما سمعته قال سمعته يقول كذا وكذا . فحدثهم بما قال النبي صلى الله عليه وسلم . فقال عروة بن مسعود الثقفي : إن هذا قد عرض عليكم خطة رشد فاقبلوها ودعوني آته فقالوا : ائته فأتاه فجعل يكلمه فقال له النبي صلى الله عليه وسلم نحوا من قوله لبديل فقال له عروة عند ذلك أي محمد أرأيت لو استأصلت قومك هل سمعت بأحد من العرب اجتاح أهله قبلك ؟ وإن تكن الأخرى فوالله إني لأرى وجوها وأرى أوشابا من الناس خليقا أن يفروا ويدعوك فقال له أبو بكر امصص بظر اللات أنحن نفر عنه وندعه . قال من ذا ؟ قالوا : أبو بكر . قال أما والذي نفسي بيده لولا يد كانت لك عندي لم أجزك بها لأجبتك وجعل يكلم النبي صلى الله عليه وسلم وكلما كلمه أخذ بلحيته والمغيرة بن شعبة عند رأس النبي صلى الله عليه وسلم ومعه السيف وعليه المغفر فكلما أهوى عروة إلى لحية النبي صلى الله عليه وسلم ضرب يده بنعل السيف وقال أخر يدك عن لحية رسول الله صلى الله عليه وسلم فرفع عروة رأسه وقال من ذا ؟ قالوا : المغيرة بن شعبة . فقال أي غدر أولست أسعى في غدرتك ؟ وكان المغيرة صحب قوما في الجاهلية فقتلهم وأخذ أموالهم ثم جاء فأسلم . فقال النبي صلى الله عليه وسلم أما الإسلام فأقبل وأما المال فلست منه في شيء

    [ إرسال مكرز إليه صلى الله عليه وسلم ]

    [ رد أبي جندل إلى المشركين ]

    ثم إن عروة جعل يرمق أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بعينيه فوالله ما تنخم النبي صلى الله عليه وسلم نخامة إلا وقعت في كف رجل منهم فدلك بها جلده ووجهه وإذا أمرهم ابتدروا أمره وإذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوئه وإذا تكلم خفضوا أصواتهم عنده وما يحدون إليه النظر تعظيما له فرجع عروة إلى أصحابه فقال أي قوم والله لقد وفدت على الملوك على كسرى وقيصر والنجاشي والله ما رأيت ملكا يعظمه أصحابه ما يعظم أصحاب محمد محمدا والله إن تنخم نخامة إلا وقعت في كف رجل منهم فدلك بها وجهه وجلده وإذا أمرهم ابتدروا أمره وإذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوئه وإذا تكلم خفضوا أصواتهم عنده وما يحدون إليه النظر تعظيما له وقد عرض عليكم خطة رشد فاقبلوها فقال رجل من بني كنانة دعوني آته فقالوا : ائته فلما أشرف على النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا فلان " وهو من قوم يعظمون البدن فابعثوها له فبعثوها له واستقبله القوم يلبون فلما رأى ذلك قال " سبحان الله ما ينبغي لهؤلاء أن يصدوا عن البيت فرجع إلى أصحابه فقال رأيت البدن قد قلدت وأشعرت وما أرى أن يصدوا عن البيت فقام مكرز بن حفص فقال دعوني آته . فقالوا : ائته فلما أشرف عليهم قال النبي صلى الله عليه وسلم هذا مكرز بن حفص وهو رجل فاجر فجعل يكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم فبينا هو يكلمه إذ جاء سهيل بن عمرو فقال النبي صلى الله عليه وسلم قد سهل لكم من أمركم فقال هات اكتب بيننا وبينكم كتابا فدعا الكاتب فقال " اكتب بسم الله الرحمن الرحيم " . فقال سهيل أما الرحمن فوالله ما ندري ما هو ولكن اكتب باسمك اللهم كما كنت تكتب فقال المسلمون والله لا نكتبها إلا بسم الله الرحمن الرحيم فقال النبي صلى الله عليه وسلم اكتب باسمك اللهم " ثم قال اكتب هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله فقال سهيل فوالله لو كنا نعلم أنك رسول الله صلى الله عليه وسلم ما صددناك عن البيت ولا قاتلناك ولكن اكتب محمد بن عبد الله فقال النبي صلى الله عليه وسلم إني رسول الله وإن كذبتموني اكتب محمد بن عبد الله فقال النبي صلى الله عليه وسلم على أن تخلوا بيننا وبين البيت فنطوف به " فقال سهيل والله لا تتحدث العرب أنا أخذنا ضغطة ولكن ذلك من العام المقبل فكتب فقال سهيل على أن لا يأتيك منا رجل وإن كان على دينك إلا رددته إلينا فقال المسلمون سبحان الله كيف يرد إلى المشركين وقد جاء مسلما بينا هم كذلك إذ جاء أبو جندل بن سهيل بن عمرو يرسف في قيوده قد خرج من أسفل مكة حتى رمى بنفسه بين ظهور المسلمين فقال سهيل هذا يا محمد أول ما أقاضيك عليه أن ترده إلي فقال النبي صلى الله عليه وسلم " إنا لم نقض الكتاب بعد فقال فوالله إذا لا أصالحك على شيء أبدا فقال النبي صلى الله عليه وسلم " فأجزه لي " قال ما أنا بمجيزه لك . قال " بلى فافعل " قال ما أنا بفاعل . قال مكرز بلى قد أجزناه فقال أبو جندل يا معشر المسلمين أرد إلى المشركين وقد جئت مسلما ألا ترون ما لقيت وكان قد عذب في الله عذابا شديدا قال عمر بن الخطاب : والله ما شككت منذ أسلمت إلا يومئذ فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله صلى الله عليه وسلم ألست نبي الله حقا ؟ قال بلى قلت ألسنا على الحق وعدونا على الباطل ؟ قال بلى . فقلت علام نعطي الدنية في ديننا إذا ونرجع ولما يحكم الله بيننا وبين أعدائنا ؟ فقال إني رسول الله وهو ناصري ولست أعصيه قلت أولست كنت تحدثنا أنا سنأتي البيت ونطوف به ؟ قال " بلى أفأخبرتك أنك تأتيه العام ؟ " قلت لا . قال " فإنك آتيه ومطوف به " . قال فأتيت أبا بكر فقلت له كما قلت لرسول الله صلى الله عليه وسلم ورد علي أبو بكر كما رد علي رسول الله صلى الله عليه وسلم سواء وزاد فاستمسك بغرزه حتى تموت فوالله إنه لعلى الحق . قال عمر فعملت لذلك أعمالا .

    فلما فرغ من قضية الكتاب قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قوموا فانحروا ثم احلقوا فوالله ما قام منهم رجل واحد حتى قال ذلك ثلاث مرات فلما لم يقم منهم أحد قام فدخل على أم سلمة فذكر لها ما لقي من الناس فقالت أم سلمة يا رسول الله أتحب ذلك ؟ اخرج ثم لا تكلم أحدا منهم كلمة حتى تنحر بدنك وتدعو حالقك فيحلقك فقام فخرج فلم يكلم أحدا منهم حتى فعل ذلك نحر بدنه ودعا حالقه فحلقه فلما رأى الناس ذلك قاموا فنحروا وجعل بعضهم يحلق بعضا حتى كاد بعضهم يقتل بعضا غما ثم جاءه نسوة مؤمنات فأنزل الله عز وجل يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن حتى بلغ بعصم الكوافر [ الممتحنة 10 ] فطلق عمر يومئذ امرأتين كانتا له في الشرك فتزوج إحداهما معاوية والأخرى صفوان بن أمية ثم رجع إلى المدينة وفي مرجعه أنزل الله عليه إنا فتحنا لك فتحا مبينا ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ويتم نعمته عليك ويهديك صراطا مستقيما وينصرك الله نصرا عزيزا [ الفتح 31 ] فقال عمر أوفتح هو يا رسول الله ؟ قال نعم فقال الصحابة هنيئا لك يا رسول الله فما لنا ؟ فأنزل الله عز وجل هو الذي أنزل السكينة في قلوب المؤمنين [ الفتح 4 ]

    [ قصة أبي بصير]
    ولما رجع إلى المدينة جاءه أبو بصير رجل من قريش مسلما فأرسلوا في طلبه رجلين وقالوا : العهد الذي جعلت لنا فدفعه إلى الرجلين فخرجا به حتى بلغا ذا الحليفة فنزلوا يأكلون من تمر لهم فقال أبو بصير لأحد الرجلين والله إني لأرى سيفك هذا جيدا فاستله الآخر فقال أجل والله إنه لجيد لقد جربت به ثم جربت فقال أبو بصير : أرني أنظر إليه فأمكنه منه فضربه به حتى برد وفر الآخر يعدو حتى بلغ المدينة فدخل المسجد فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين رآه " لقد رأى هذا ذعرا " فلما انتهى إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال قتل والله صاحبي وإني لمقتول فجاء أبو بصير فقال يا نبي الله قد والله أوفى الله ذمتك قد رددتني إليهم فأنجاني الله منهم فقال النبي صلى الله عليه وسلم " ويل أمه مسعر حرب لو كان له أحد " فلما سمع ذلك عرف أنه سيرده إليهم فخرج حتى أتى سيف البحر وينفلت منهم أبو جندل بن سهيل فلحق بأبي بصير فلا يخرج من قريش رجل قد أسلم إلا لحق بأبي بصير حتى اجتمعت منهم عصابة فوالله لا يسمعون بعير لقريش خرجت إلى الشام إلا اعترضوا لها فقتلوهم وأخذوا أموالهم فأرسلت قريش إلى النبي صلى الله عليه وسلم تناشده الله والرحم لما أرسل إليهم فمن أتاه منهم فهو آمن فأنزل الله عز وجل وهو الذي كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ببطن مكة من بعد أن أظفركم عليهم حتى بلغ حمية الجاهلية [ الفتح 24 ] وكانت حميتهم أنهم لم يقروا أنه نبي الله ولم يقروا ببسم الله الرحمن الرحيم وحالوا بينهم وبين البيت .

    [ فور بئر الحديبية بالماء ببركته صلى الله عليه وسلم ]
    قلت في " الصحيح " : أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ ومج في بئر الحديبية من فمه فجاشت بالماء كذلك قال البراء بن عازب وسلمة بن الأكوع في " الصحيحين " .

    وقال عروة عن مروان بن الحكم والمسور بن مخرمة أنه غرز فيها سهما من كنانته وهو في " الصحيحين " أيضا .

    وفي مغازي أبي الأسود عن عروة توضأ في الدلو ومضمض فاه ثم مج فيه وأمر أن يصب في البئر ونزع سهما من كنانته وألقاه في البئر ودعا الله تعالى ففارت بالماء حتى جعلوا يغترفون بأيديهم منها وهم جلوس على شقها فجمع بين الأمرين وهذا أشبه والله أعلم .

    [ فور الماء من بين أصابعه صلى الله عليه وسلم ]

    وفي " صحيح البخاري " : عن جابر قال عطش الناس يوم الحديبية ورسول الله صلى الله عليه وسلم بين يديه ركوة يتوضأ منها إذ جهش الناس نحوه فقال ما لكم ؟ قالوا : يا رسول الله ما عندنا ماء نشرب ولا ما نتوضأ إلا ما بين يديك فوضع يده في الركوة فجعل الماء يفور من بين أصابعه أمثال العيون فشربوا وتوضئوا وكانوا خمس عشرة مائة وهذه غير قصة البئر .

    [ هطول المطر ]

    وفي هذه الغزوة أصابهم ليلة مطر فلما صلى النبي صلى الله عليه وسلم الصبح قال أتدرون ماذا قال ربكم الليلة ؟ " قالوا : الله ورسوله أعلم . قال " أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر فأما من قال مطرنا بفضل الله ورحمته فذلك مؤمن بي كافر بالكوكب وأما من قال مطرنا بنوء كذا وكذا فذلك كافر بي مؤمن بالكوكب
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  13. #93
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية إبن عبد ربه
    مشرف سابق
    تاريخ التسجيل
    08 2003
    المشاركات
    3,774
    فصل في غزوة خيبر


    قال موسى بن عقبة : ولما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة من الحديبية مكث بها عشرين ليلة أو قريبا منها ثم خرج غازيا إلى خيبر وكان الله عز وجل وعده إياها وهو بالحديبية .

    وقال مالك : كان فتح خيبر في السنة السادسة والجمهور على أنها في السابعة . وقطع أبو محمد بن حزم : بأنها كانت في السادسة بلا شك ولعل الخلاف مبني على أول التاريخ هل هو شهر ربيع الأول شهر مقدمه المدينة أو من المحرم في أول السنة ؟ وللناس في هذا طريقان . فالجمهور على أن التاريخ وقع من المحرم وأبو محمد بن حزم : يرى أنه من شهر ربيع الأول حين قدم وكان أول من أرخ بالهجرة يعلى بن أمية باليمن كما رواه الإمام أحمد بإسناد صحيح وقيل عمر بن الخطاب رضي الله عنه سنة ست عشرة من الهجرة .

    وقال ابن إسحاق : حدثني الزهري عن عروة عن مروان بن الحكم والمسور بن مخرمة أنهما حدثاه جميعا قالا : انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الحديبية فنزلت عليه سورة الفتح فيما بين مكة والمدينة فأعطاه الله عز وجل فيها خيبر وعدكم الله مغانم كثيرة تأخذونها فعجل لكم هذه [ الفتح 20 ] خيبر فقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة في ذي الحجة فأقام بها حتى سار إلى خيبر في المحرم فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم بالرجيع واد بين خيبر وغطفان فتخوف أن تمدهم غطفان فبات به حتى أصبح فغدا إليهم انتهى

    [ قدوم أبي هريرة ]

    واستخلف على المدينة سباع بن عرفطة وقدم أبو هريرة حينئذ المدينة فوافى سباع بن عرفطة في صلاة الصبح فسمعه يقرأ في الركعة الأولى - كهيعص وفي الثانية ويل للمطففين فقال في نفسه ويل لأبي فلان له مكيالان إذا اكتال اكتال بالوافي وإذا كال كال بالناقص فلما فرغ من صلاته أتى سباعا فزوده حتى قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وكلم المسلمين فأشركوه وأصحابه في سهمانهم .

    [ قصة عامر بن الأكوع ]

    وقال سلمة بن الأكوع : " خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى خيبر فسرنا ليلا فقال رجل من القوم لعامر بن الأكوع : ألا تسمعنا من هنيهاتك وكان عامر رجلا شاعرا ؟ فنزل يحدو بالقوم يقول


    اللهم لولا أنت ما اهتدينا

    ولا تصدقنا ولا صلينا

    فاغفر فداء لك ما اقتفينا

    وثبت الأقدام إن لاقينا

    وأنزلن سكينة علينا

    إنا إذا صيح بنا أتينا

    صياح عولوا علينا

    وبالوإن أرادوا فتنة أبينا


    فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من هذا السائق " ؟ قالوا : عامر . فقال " رحمه الله فقال رجل من القوم : وجبت يا رسول الله لولا أمتعتنا به . قال فأتينا خيبر فحاصرناهم حتى أصابتنا مخمصة شديدة ثم إن الله تعالى فتح عليهم فلما أمسوا أوقدوا نيرانا كثيرة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما هذه النيران على أي شيء توقدون ؟ " قالوا : على لحم . قال " على أي لحم ؟ قالوا : على لحم حمر إنسية . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أهريقوها واكسروها " فقال رجل يا رسول الله أونهريقها ونغسلها ؟ فقال " أو ذاك فلما تصاف القوم خرج مرحب يخطر بسيفه وهو يقول


    قد علمت خيبر أني مرحب

    شاكي السلاح بطل مجرب


    إذا الحروب أقبلت تلهب


    فنزل إليه عامر وهو يقول


    قد علمت خيبر أني عامر

    شاكي السلاح بطل مغامر


    فاختلفا ضربتين فوقع سيف مرحب في ترس عامر فذهب عامر يسفل له وكان سيف عامر فيه قصر فرجع عليه ذباب سيفه فأصاب عين ركبته فمات منه فقال سلمة للنبي صلى الله عليه وسلم زعموا أن عامرا حبط عمله فقال كذب من قاله إن له أجرين وجمع بين أصبعيه إنه لجاهد مجاهد قل عربي مشى بها مثله " .
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  14. #94
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية إبن عبد ربه
    مشرف سابق
    تاريخ التسجيل
    08 2003
    المشاركات
    3,774
    فصل [ الانصراف إلى وادي القرى ]




    ثم انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم من خيبر إلى وادي القرى وكان بها جماعة من

    [ قتل مدعم عبد النبي صلى الله عليه وسلم وبيان أنه كان غالا]

    اليهود وقد انضاف إليهم جماعة من العرب فلما نزلوا استقبلهم يهود بالرمي وهم على غير تعبئة فقتل مدعم عبد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال الناس هنيئا له الجنة فقال النبي صلى الله عليه وسلم كلا والذي نفسي بيده إن الشملة التي أخذها يوم خيبر من المغانم لم تصبها المقاسم لتشتعل عليه نارا فلما سمع بذلك الناس جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم بشراك أو شراكين فقال النبي صلى الله عليه وسلم شراك من نار أو شراكان من نار

    [ فتح وادي القرى ]
    [ مصالحة يهود تيماء النبي صلى الله عليه وسلم ]

    [ إخراج عمر يهود خيبر وفدك من جزيرة العرب ]

    فعبأ رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه للقتال وصفهم ودفع لواءه إلى سعد بن عبادة وراية إلى الحباب بن المنذر وراية إلى سهل بن حنيف وراية إلى عباد بن بشر ثم دعاهم إلى الإسلام وأخبرهم أنهم إن أسلموا أحرزوا أموالهم وحقنوا دماءهم وحسابهم على الله فبرز رجل منهم فبرز إليه الزبير بن العوام فقتله ثم برز آخر فقتله ثم برز آخر فبرز إليه علي بن أبي طالب رضي الله عنه فقتله حتى قتل منهم أحد عشر رجلا كلما قتل منهم رجل دعا من بقي إلى الإسلام وكانت الصلاة تحضر ذلك اليوم فيصلي بأصحابه ثم يعود فيدعوهم إلى الإسلام وإلى الله ورسوله فقاتلهم حتى أمسوا وغدا عليهم فلم ترتفع الشمس قيد رمح حتى أعطوا ما بأيديهم وفتحها عنوة وغنمه الله أموالهم وأصابوا أثاثا ومتاعا كثيرا وأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بوادي القرى أربعة أيام وقسم ما أصاب على أصحابه بوادي القرى وترك الأرض والنخل بأيدي اليهود وعاملهم عليها فلما بلغ يهود تيماء ما واطأ عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل خيبر وفدك ووادي القرى صالحوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأقاموا بأموالهم فلما كان زمن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أخرج يهود خيبر وفدك ولم يخرج أهل تيماء

    [ الرجوع إلى المدينة ]
    ووادي القرى لأنهما داخلتان في أرض الشام ويرى أن ما دون وادي القرى إلى المدينة حجاز وأن ما وراء ذلك من الشام وانصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم راجعا إلى المدينة .

    [ نوم المسلمين عن الفجر ]
    فلما كان ببعض الطريق سار ليله حتى إذا كان ببعض الطريق أدركهم الكرى عرس وقال لبلال : اكلأ لنا الليل [ فصلى بلال ما قدر له ونام رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه فلما تقارب الفجر استند بلال إلى راحلته مواجه الفجر ] فغلبت بلالا عيناه وهو مستند إلى راحلته فلم يستيقظ النبي صلى الله عليه وسلم ولا بلال ولا أحد من أصحابه حتى ضربتهم الشمس فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أولهم استيقاظا ففزع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال " أي بلال " ؟ فقال أخذ بنفسي الذي أخذ بنفسك بأبي أنت وأمي يا رسول الله فاقتادوا رواحلهم شيئا حتى خرجوا من ذلك الوادي ثم قال هذا واد به شيطان فلما جاوزه أمرهم أن ينزلوا وأن يتوضئوا ثم صلى سنة الفجر ثم أمر بلالا فأقام الصلاة وصلى بالناس ثم انصرف إليهم وقد رأى من فزعهم وقال يا أيها الناس إن الله قبض أرواحنا ولو شاء لردها إلينا في حين غير هذا فإذا رقد أحدكم عن الصلاة أو نسيها ثم فزع إليها فليصلها كما كان يصليها في وقته ا ثم التفت رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أبي بكر فقال إن الشيطان أتى بلالا وهو قائم يصلي فأضجعه فلم يزل يهدئه كما يهدأ الصبي حتى نام ثم دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بلالا فأخبره بمثل ما أخبر به أبا بكر .

    [ الاختلاف في زمن هذه القصة ]

    وقد روي أن هذه القصة كانت في مرجعهم من الحديبية وروي أنها كانت في مرجعهم من غزوة تبوك وقد روى قصة النوم عن صلاة الصبح عمران بن حصين ولم يوقت مدتها ولا ذكر في أي غزوة كانت وكذلك رواها أبو قتادة كلاهما في قصة طويلة محفوظة .

    وروى مالك عن زيد بن أسلم أن ذلك كان بطريق مكة وهذا مرسل .

    وقد روى شعبة عن جامع بن شداد قال سمعت عبد الرحمن بن أبي علقمة قال سمعت عبد الله بن مسعود قال أقبلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم زمن الحديبية فقال النبي صلى الله عليه وسلم من يكلؤنا ؟ فقال بلال أنا فذكر القصة .

    لكن قد اضطربت الرواة في هذه القصة فقال عبد الرحمن بن مهدي عن شعبة عن جامع إن الحارس فيها كان ابن مسعود وقال غندر عنه إن الحارس كان بلالا واضطربت الرواية في تاريخها فقال المعتمر بن سليمان : عن شعبة عنه إنها كانت في غزوة تبوك وقال غيره عنه إنها كانت في مرجعهم من الحديبية فدل على وهم وقع فيها ورواية الزهري عن سعيد سالمة من ذلك وبالله التوفيق .
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  15. #95
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية إبن عبد ربه
    مشرف سابق
    تاريخ التسجيل
    08 2003
    المشاركات
    3,774
    فصل في فقه هذه القصة



    فيها : أن من نام عن صلاة أو نسيها فوقتها حين يستيقظ أو يذكرها .

    [ السنن الرواتب تقضى ]

    وفيها : أن السنن الرواتب تقضى كما تقضى الفرائض وقد قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم سنة الفجر معها وقضى سنة الظهر وحدها وكان هديه صلى الله عليه وسلم قضاء السنن الرواتب مع الفرائض .

    [ الفائتة يؤذن لها ويقام ]

    وفيها : أن الفائتة يؤذن لها ويقام فإن في بعض طرق هذه القصة أنه أمر بلالا فنادى بالصلاة وفي بعضها فأمر بلالا فأذن وأقام ذكره أبو داود .

    وفيها : قضاء الفائتة جماعة .

    [ القضاء على الفور ]

    وفيها : قضاؤها على الفور لقوله فليصلها إذا ذكرها وإنما أخرها عن مكان معرسهم قليلا لكونه مكانا فيه شيطان فارتحل منه إلى مكان خير منه وذلك لا يفوت المبادرة إلى القضاء فإنهم في شغل الصلاة وشأنها .

    [ اجتناب الصلاة في أمكنة الشيطان ]

    وفيها : تنبيه على اجتناب الصلاة في أمكنة الشيطان كالحمام والحش بطريق الأولى فإن هذه منازله التي يأوي إليها ويسكنها فإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم ترك المبادرة إلى الصلاة في ذلك الوادي وقال إن به شيطانا فما الظن بمأوى الشيطان وبيته .

    فصل [ رد المهاجرين منائح الأنصار ]
    ولما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة رد المهاجرون إلى الأنصار منائحهم التي كانوا منحوهم إياها من النخيل حين صار لهم بخيبر مال ونخيل فكانت أم سليم - وهي أم أنس بن مالك - أعطت رسول الله صلى الله عليه وسلم عذاقا فأعطاهن أم أيمن مولاته وهي أم أسامة بن زيد فرد رسول الله صلى الله عليه وسلم على أم سليم عذاقها وأعطى أم أيمن مكانهن من حائطه مكان كل عذق عشرة " .

    فصل [السرايا بين مقدمه من خيبر إلى شوال ]
    وأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم في المدينة بعد مقدمه من خيبر إلى شوال وبعث في خلال ذلك السرايا .

    [سرية الصديق إلى بني فزارة ]
    فمنها : " سرية أبي بكر الصديق رضي الله عنه إلى نجد قبل بني فزارة ومعه سلمة بن الأكوع فوقع في سهمه جارية حسناء فاستوهبها منه رسول الله صلى الله عليه وسلم وفادى بها أسرى من المسلمين كانوا بمكة " .

    [سرية عمر نحو هوازن ]
    ومنها : سرية عمر بن الخطاب رضي الله عنه في ثلاثين راكبا نحو هوازن فجاءهم الخبر فهربوا وجاءوا محالهم فلم يلق منهم أحدا فانصرف راجعا إلى المدينة فقال له الدليل هل لك في جمع من خثعم جاءوا سائرين وقد أجدبت بلادهم ؟ فقال عمر لم يأمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم بهم ولم يعرض لهم .

    [سرية ابن رواحة إلى يسير بن رزام اليهودي ]
    ومنها : سرية عبد الله بن رواحة في ثلاثين راكبا فيهم عبد الله بن أنيس إلى يسير بن رزام اليهودي فإنه بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه يجمع غطفان ليغزوه بهم فأتوه بخيبر فقالوا : أرسلنا إليك رسول الله صلى الله عليه وسلم ليستعملك على خيبر فلم يزالوا - حتى تبعهم في ثلاثين رجلا مع كل رجل منهم رديف من المسلمين فلما بلغوا قرقرة نيار - وهي من خيبر على ستة أميال - ندم يسير فأهوى بيده إلى سيف عبد الله بن أنيس ففطن له عبد الله بن أنيس فزجر بعيره ثم اقتحم عن البعير يسوق القوم حتى إذا استمكن من يسير ضرب رجله فقطعها واقتحم يسير وفي يده مخرش من شوحط فضرب به وجه عبد الله فشجه مأمومة فانكفأ كل رجل من المسلمين على رديفه فقتله غير رجل من اليهود أعجزهم شدا ولم يصب من المسلمين أحد وقدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فبصق في شجة عبد الله بن أنيس فلم تقح ولم تؤذه حتى مات .

    [سرية بشير بن سعد الأنصاري إلى بني مرة بفدك ]
    ومنها : سرية بشير بن سعد الأنصاري إلى بني مرة بفدك في ثلاثين رجلا فخرج إليهم فلقي رعاء الشاء فاستاق الشاء والنعم ورجع إلى المدينة فأدركه الطلب عند الليل فباتوا يرمونهم بالنبل حتى فني نبل بشير وأصحابه فولى منهم من ولى وأصيب منهم من أصيب وقاتل بشير قتالا شديدا ورجع القوم بنعمهم وشائهم وتحامل بشير حتى انتهى إلى فدك فأقام عند يهود حتى برئت جراحه فرجع إلى المدينة .

    [سرية أسامة إلى الحرقة من جهينة ]
    ثم بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية إلى الحرقة من جهينة وفيهم أسامة بن زيد فلما دنا منهم بعث الأمير الطلائع فلما رجعوا بخبرهم أقبل حتى إذا دنا منهم ليلا وقد احتلبوا وهدءوا قام فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله ثم قال أوصيكم بتقوى الله وحده لا شريك له وأن تطيعوني ولا تعصوني ولا تخالفوا أمري فإنه لا رأي لمن لا يطاع ثم رتبهم وقال يا فلان أنت وفلان ويا فلان أنت وفلان لا يفارق كل منكما صاحبه وزميله وإياكم أن يرجع أحد منكم فأقول أين صاحبك ؟ فيقول لا أدري فإذا كبرت فكبروا وجردوا السيوف ثم كبروا وحملوا حملة واحدة وأحاطوا بالقوم وأخذتهم سيوف الله فهم يضعونها منهم حيث شاءوا وشعارهم أمت أمت

    [قتل أسامة رجلا قال لا إله إلا الله عندما لحمه بالسيف ]

    وخرج أسامة في أثر رجل منهم يقال له مرداس بن نهيك فلما دنا منه ولحمه بالسيف قال لا إله إلا الله فقتله ثم استاقوا الشاء والنعم والذرية وكانت سهمانهم عشرة أبعرة لكل رجل أو عدلها من النعم فلما قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبر بما صنع أسامة فكبر ذلك عليه وقال أقتلته بعد ما قال لا إله إلا الله ؟ فقال إنما قالها متعوذا قال فهلا شققت عن قلبه " ثم قال من لك بلا إله إلا الله يوم القيامة فما زال يكرر ذلك عليه حتى تمنى أن يكون أسلم يومئذ وقال يا رسول الله أعطي الله عهدا ألا أقتل رجلا يقول لا إله إلا الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم بعدي فقال أسامة بعدك
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  16. #96
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية إبن عبد ربه
    مشرف سابق
    تاريخ التسجيل
    08 2003
    المشاركات
    3,774
    فصل في عمرة القضية



    قال نافع كانت في ذي القعدة سنة سبع وقال سليمان التيمي : لما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من خيبر بعث السرايا وأقام بالمدينة حتى استهل ذو القعدة ثم نادى في الناس بالخروج .

    قال موسى بن عقبة : ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من العام المقبل من عام الحديبية معتمرا في ذي القعدة سنة سبع وهو الشهر الذي صده فيه المشركون عن المسجد الحرام حتى إذا بلغ يأجج وضع الأداة كلها الحجف والمجان والنبل والرماح ودخلوا بسلاح الراكب السيوف وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم جعفر بن أبي طالب بين يديه إلى ميمونة بنت الحارث بن حزن العامرية فخطبها إليه فجعلت أمرها إلى العباس بن عبد المطلب وكانت أختها أم الفضل تحته فزوجها العباس رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر أصحابه فقال اكشفوا عن المناكب واسعوا في الطواف ليرى المشركون جلدهم وقوتهم .

    وكان يكايدهم بكل ما استطاع فوقف أهل مكة : الرجال والنساء والصبيان ينظرون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه وهم يطوفون بالبيت وعبد الله بن رواحة بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم يرتجز متوشحا بالسيف يقول


    خلوا بني الكفار عن سبيله

    قد أنزل الرحمن في تنزيله

    في صحف تتلى على رسوله

    يا رب إني مؤمن بقيله

    إني رأيت الحق في قبوله

    اليوم نضربكم على تأويله

    ضربا يزيل الهام عن مقيله

    ويذهل الخليل عن خليله


    وتغيب رجال من المشركين كراهية أن ينظروا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حنقا وغيظا فأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة ثلاثا فلما أصبح من اليوم الرابع أتاه سهيل بن عمرو وحويطب بن عبد العزى ورسول الله صلى الله عليه وسلم في مجلس الأنصار يتحدث مع سعد بن عبادة فصاح حويطب نناشدك الله والعقد لما خرجت من أرضنا فقد مضت الثلاث فقال سعد بن عبادة : كذبت لا أم لك ليست بأرضك ولا أرض آبائك والله لا نخرج ثم نادى رسول الله صلى الله عليه وسلم حويطبا أو سهيلا فقال إني قد نكحت منكم امرأة فما يضركم أن أمكث حتى أدخل بها ونضع الطعام فنأكل وتأكلون معنا فقالوا : نناشدك الله والعقد إلا خرجت عنا فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا رافع فأذن بالرحيل وركب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نزل بطن سرف فأقام بها وخلف أبا رافع ليحمل ميمونة إليه حين يمسي فأقام حتى قدمت ميمونة ومن معها وقد لقوا أذى وعناء من سفهاء المشركين وصبيانهم بناؤه صلى الله عليه وسلم بميمونة بسرف فبنى بها بسرف ثم أدلج وسار حتى قدم المدينة وقدر الله أن يكون قبر ميمونة بسرف حيث بنى بها .

    [فصل بيان خطإ من قال تزوج النبي صلى الله عليه وسلم ميمونة وهو محرم ]
    وأما قول ابن عباس : " إن رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوج ميمونة وهو محرم وبنى بها وهو حلال فمما استدرك عليه وعد من وهمه قال سعيد بن المسيب : ووهم ابن عباس وإن كانت خالته ما تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا بعد ما حل ذكره البخاري .

    وقال يزيد بن الأصم عن ميمونة تزوجني رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن حلالان بسرف رواه مسلم .

    وقال أبو رافع تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم ميمونة وهو حلال وبنى بها وهو حلال وكنت الرسول بينهما صح ذلك عنه . وقال سعيد بن المسيب : هذا عبد الله بن عباس يزعم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نكح ميمونة وهو محرم وإنما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة وكان الحل والنكاح جميعا فشبه ذلك على الناس .

    وقد قيل إنه تزوجها قبل أن يحرم وفي هذا نظر إلا أن يكون وكل في العقد عليها قبل إحرامه وأظن الشافعي ذكر ذلك قولا فالأقوال ثلاثة . أحدها : أنه تزوجها بعد حله من العمرة وهو قول ميمونة نفسها وقول السفير بينها وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو أبو رافع وقول سعيد بن المسيب وجمهور أهل النقل .

    والثاني : أنه تزوجها وهو محرم وهو قول ابن عباس وأهل الكوفة وجماعة .

    والثالث أنه تزوجها قبل أن يحرم .

    وقد حمل قول ابن عباس أنه تزوجها وهو محرم على أنه تزوجها في الشهر الحرام لا في حال الإحرام قالوا : ويقال أحرم الرجل إذا عقد الإحرام وأحرم إذا دخل في الشهر الحرام وإن كان حلالا بدليل قول الشاعر


    قتلوا ابن عفان الخليفة محرما

    ورعا فلم أر مثله مقتولا


    وإنما قتلوه في المدينة حلالا في الشهر الحرام .

    وقد روى مسلم في " صحيحه " من حديث عثمان بن عفان رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا ينكح المحرم ولا ينكح ولا يخطب

    ولو قدر تعارض القول والفعل ها هنا لوجب تقديم القول لأن الفعل موافق للبراءة الأصلية والقول ناقل عنها فيكون رافعا لحكم البراءة الأصلية وهذا موافق لقاعدة الأحكام ولو قدم الفعل لكان رافعا لموجب القول والقول رافع لموجب البراءة الأصلية فيلزم تغيير الحكم مرتين وهو خلاف قاعدة الأحكام والله أعلم .
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  17. #97
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية إبن عبد ربه
    مشرف سابق
    تاريخ التسجيل
    08 2003
    المشاركات
    3,774
    تنبيه ؟

    أردت ان استفيد وأفيدكم ولكن لاحظت نقص في طرحي للمواضيع في هذا الكتاب القيم وتجاوزي لبعض المواضيع بالخطأ. ولكوني بشراً لست معصوماً من الخطأ او الزلل آثرت ان اضع لكم رابط الكتاب وانتم تقرأون منه ما شئتم


    وهذا رابط الكتاب ( وسامحوني على التقصير )
    http://sirah.al-islam.com/tree.asp?ID=1&t=book4


    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

صفحة 5 من 5 الأولىالأولى ... 345

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •