محــنــاب..
شعرتُ من كلماتك برغبة جامحة على كتابة تعليقاً لائقاً بها رغم تواضع فهمي و اضطراب لغتي
فليعذرني الجميع على ما سـيـ"بــدر" من ثرثرتي هنا سلفاً
يوجد فرق كبير جدا بين من يستعمل الكلمات كأدوات فقط لمعرفة الحقيقة وبين من يتداولها مرارا
وتكراراً كالنقود يشترى بها الحقائق المزيفة والخزعبلات والتي يفصلها حسب أهوائه الشخصية!
وكما ذكر الفيلسوف الإنجليزي هوبس، فالأول يستخدم الكلمة سواء كتابة أو لفظاّ ليقيس بها عقلانية
ومنطقية القضايا المختلفة التي تواجهه في حياته اليومية ولكي يكتشف الحقيقة التي يرغب في نشرها
للآخرين. فهذا النوع من الأفراد لا يغيب عن ذهنه دائما أنّ الكلمة مهما كان وقع رنينها في أذون الآخرين
ما هي أخر الآمر إلا "فيشة"على طاولة اللعب الإنسانية يستعملها أحدنا ليرجح بها أمرا
على أمر أو ليقيس بها قضية بقضية أخرى حتى يخرج بعد ذلك بالاستنتاجات المختلفة التي يرغب
في التحقق منها!
ولكن الأحمق,والحمقى كثيرون, هو من يستخدم الكلمة كأنها عملة نقدية يتحسر كثيرا إذا هو طرحها في
أيادي الآخرين خوفا من الخسارة، فتراه إذا ألقاها طيشا وتهوراً في أحضان الآخرين يعتقد ويؤمن أنه لا
مجال لمناقشتها بعد ذلك فهي في عينيه وفي أذنيه تمثل الحقيقة الكاملة ! وهذا الفرد لا يستعمل الكلمة
المكتوبة أو الملفوظة كما يستعملها الحكماء ولكن سواء بسبب جهله أو قلة خبرته في الأمور التي يتحدث
عنها، لا يعرف معناّ آخر للكلمة سوى أنها عملة ذهبية ما إن تخرج من عقله وتنحدر نزولا إلي لسانه حتى
تصبح ذات قيمة في نفسها! ... وفي هذه الفرضية التافهة يتجلى الحمق "بعينــــه "..
هوبس الإنجليزي كغيره من الحكماء السابقين استعمل الكلمة للتوصل إلى الحقائق المختلفة عن الحالة
الإنسانية في القرن السابع عشر وأراد من وراء ما ذكره في مقولته المشهورة فتح أبوب النقاش بين
معاصريه ورغب من ورائها أيضا تفتيت سيطرة "الخزعبلات" التي أسستها كلمات بعض الحمقى وأثرت
في عقول الكثير من معاصريه آنذاك فهوبس لم يؤمن بقداسة الكلمة إذا هي لم تعكس الحقيقة بالنسبة إليه!
فترى هوبس يطرح الكلمة كأداة قياس بسيطة للتأكد من صدق الاستنتاجات المختلفة حول الكون والخيال
والواقع الإنساني.. هوبس الإنجليزي بمقولته تلك عكس نوعا معينا من التفكير الإنساني الذي يندر تواجده
هذه الأيام في عالمنا العربي المعاصر حيث أصبحت الكلمة نفسها مهما كانت تافهة ومظللة وغير مستندة
على أي دليل عقلاني أو منطقي أو علمي تصنع الحقيقة نفسها وليس العكس!
وكما قالوا " أن الجنون بداية الحكمة "
و" أن الهذيان يمكن أن يكشف لنا الواقع "
نحن نرى "أن الثرثرة كلمة على كلمة بطريقة منتظمة تكون لنا حـكمـة "
![]()
تحـياتي مع العذر عمـّا بَدَرَ أعلاه