سيرته العلمية والعملية


درس الطنطاوي الابتدائية والثانوية في مدينة دمشق،
وعمل في التعليم الابتدائي، وفي المدارس الأهلية، وفي المدارس الحكومية،
وفي الصحافة، في 1928 دعاه خاله محب الدين الخطيب للقدوم إلى مصر
وكان قد أصدر مجلة "الفتح" قبل ذلك بعامين فسافر علي الطنطاوي
إلى مصر للدراسة في كلية دار العلوم،
وكان زميلاً للأستاذ الشهيد سيد قطب؛







ولكن الطنطاوي لم يتم الدراسة فيها،
وعاد إلى دمشق، ودخل معهد الحقوق بدمشق،
وتخرج فيه سنة 1933م وظل يعمل في سلك التعليم إلى سنة 1935م
ثم انتقل إلى العراق سنة 1936م للتدريس في الثانوية المركزية بغداد،
ودار العلوم الشرعية بالأعظمية، ثم في المدرسة الثانوية في كركوك،
ثم في ثانوية البصرة، وبقي في العراق إلى سنة 1939م
ثم عاد إلى دمشق.





وفي سنة 1941م، التحق بسلك القضاء، حيث عيّن قاضياً ثم قاضياً ممتازاً،
ثم مستشاراً لمحكمة النقض في القاهرة أيام الوحدة مع مصر،
وقد أسهم في إعداد قانون الأحوال الشخصية،
وتعديل قانون الأوقاف، ومناهج المدارس الثانوية.






رحلته إلى المملكة العربية السعودية


وفي سنة 1963م، بعد الانقلاب العسكري،
وإعلان حالة الطوارئ غادر سورية إلى المملكة العربية السعودية،
فعمل في التدريس في كلية اللغة العربية وكلية الشريعة في الرياض
ثم انتقل إلى التدريس في كلية الشريعة في مكة المكرمة
ثم تفرغ للعمل في مجال الإعلام
وقدم برنامجاً إذاعياً يومياً بعنوان "مسائل ومشكلات"
وبرنامجاً تلفزيونياً أسبوعياً بعنوان "نور وهداية".





والطنطاوي له برامج إذاعية منذ أوائل الثلاثينيات،
في إذاعة الشرق الأدنى التي كانت تبث من "يافا"
وبرامج من إذاعة بغداد سنة 1937م
وبرامج من إذاعة دمشق سنة 1942م،
وهو من الكتاب والأدباء الذين أسهموا في
أكثر من جريدة ومجلة على مستوى العالم العربي :

حيث كانت أول مقالة له سنة 1926م في جريدة
" المقتبس "
ولم ينقطع عن النشر
فكان يكتب في مجلتي
"الفتح"
و"الزهراء"
وجرائد
"فتى العرب"
و"ألف باء"
و"الأيام"
التي كان مدير تحريرها،
وجريدتي "الناقد"
و"الشعب"
ومجلة "الرسالة"
التي رأس تحريرها حين مرض مؤسسها،
و"المسلمون"
و"حضارة الإسلام"
و"النصر" و"الحج"
وفي جريدتي
"المدينة"
و"الشرق الأوسط".
كما شارك في الكثير من المؤتمرات
في البلاد العربية والإسلامية وأوروبا،
فضلاً عن المحاضرات والندوات والحلقات الدراسية.





وظل طوال تنقله بين عواصم العالم الإسلامي يحن إلى دمشق
ويشده إليها شوق متجدد.
وكتب في ذلك درراً أدبية يقول في إحداها:
(وأخيراً أيها المحسن المجهول،
الذي رضي أن يزور دمشق عني،
حين لم أقدر أن أزورها بنفسي،
لم يبق لي عندك إلا حاجة واحدة،
فلا تنصرف عني، بل أكمل معروفك،
فصلّ الفجر في "جامع التوبة"
ثم توجه شمالاً حتى تجد أمام "البحرة الدفاقة"
زقاقاً ضيقاً جداً،
حارة تسمى "المعمشة"
فادخلها فسترى عن يمينك نهراً،
أعني جدولاً عميقاً على جانبيه من الورود والزهر
وبارع النبات ما تزدان منه حدائق القصور،
وعلى كتفه ساقية عالية،
اجعلها عن يمينك وامش في مدينة الأموات،
وارع حرمة القبور فستدخل أجسادنا مثلها.
دع البرحة الواسعة في وسطها
وهذه الشجرة الضخمة ممتدة الفروع،
سر إلى الأمام حتى يبقى بينك وبين جدار
المقبرة الجنوبي نحو خمسين متراً،
إنك سترى إلى يسارك قبرين متواضعين من الطين
على أحدهما شاهد باسم
الشيح أحمد الطنطاوي،
هذا قبر جدي، فيه دفن أبي
وإلى جنبه قبر أمي فأقرئهما مني السلام،
واسأل الله الذي جمعهما في الحياة،
وجمعهما في المقبرة، أن يجمعهما في الجنة،
{رب اغفر لي ولوالدي}
{رب ارحمهما كما ربياني صغيراً}
رب ارحم بنتي واغفر لها،
رب وللمسلمين والمسلمات






ويُعد الشيخ علي الطنطاوي أحد رموز
الدعوة الإسلامية المعاصرة،
الذين كان لهم الدور الكبير في الدعوة إلى الله،
وإصلاح المجتمع،
وهداية الناس إلى طريق الحق،
والوقوف في وجه المؤامرات
التي يحيكها أعداء الإسلام
وتلامذتهم من العملاء
والمأجورين ضد الإسلام والمسلمين
في كل مكان،
وبخاصة الاستعمار الفرنسي في سورية والجزائر،
والاستعمار الإنجليزي والصهيوني في فلسطين.




وكانت له وقفات شجاعة،
وتحديات جسورة،
جعلت الكثير من الخصوم
ينكمشون ويتضاءلون
أمام هذا الداعية الصلب في
مقارعة الباطل وأهله،
في الوقت الذي كان فيه يتبع
أسلوب التشويق الجميل الجذاب
لهداية الناس وتقريبهم إلى جادة الصواب،
وإعانتهم على الالتزام بمنهج الإسلام،
عقيدة ونظاماً ومنهج حياة.




وكانت جهوده تشمل ميادين الإصلاح
في كل جوانبها :
التشريعية والسياسية والاجتماعية
والتربوية والتعليمية والدعوية والفقهية،
ومحاربة البدع والخرافات والعادات
والتقاليد البالية التي لا يقرها الشرع،
والسلوكيات التي تتنافى مع مبادئ الإسلام وقيمه،
ويدعو للاعتزاز باللغة العربية،
لغة القرآن الكريم،
ويتصدى لأعدائها.





ومن هنا كان الطنطاوي متعدد الجوانب،
غزير العطاء،
وافر العلم،
يقتحم الميادين،
ويغوص في غمار المعارك،
ويلج كل الأبواب،
ليصل إلى الناس،
ويسمعهم كلمة الحق،
ويعرّفهم بدين الإسلام،
ويجمعهم على الخير والتعاون
والحب في الله،
والعمل في مرضاة الله،
وقد مُنح جائزة الملك فيصل العالمية سنة 1990م.






هذا كان الجزء الثاني من سيرة شيخنا الفاضل
علي الطنطاوي (( رحمه الله ))
سعدتُ بتواجدكم بالجزء الاول
ويُشرفني حضوركم هنا