تثاقلت تلك الهموم والأحزان بداخله حتى ضاق الطوق حول عنق أحلامه مغلفا بلحظات تمضي شجى وتومض شجنا ...انه طوق أحلامه الوئيدة في سويعات لم تر فيها النور بعد.
لم يشعر بعجلات سيارته وهي تندفع اندفاعا الى حيث يرمي بهموم أثقلت مشارف أيامه وبثت حزنا وليدا في أعماقه يحتفل ذلك الحزن بذكرى ميلاده البالغة ثلاث سنوات هي فترة اصطدام الحلم بالواقع...استمرت تلك العجلات التائهة تسابق بعضها بعضا في طريق انتهى به أمام أمام شاطئ البحر...تذكر فجأة أنها قابعة في المقعد المجاور له لم يحاول حتى النظر اليها..كان الصمت يخيم على المكان
نزل من سيارته ومشى بخطوات متثاقلة يجر قدميه للأمام..تقدم نحو الشاطئ غاصت تلكماالقدمان في الماء..لحظات الغروب أرسلت قليلا من الدفء الى أعماقه الظمأى لقطرة ارتياح ..آآآآه ...خرجت تلك الآهه تحمل معها قطرات من قلبه الذي يعتصر ألما وحسرة .أطلق بصره للأمام،تعلق ذلك البصر الحائر بتلك الأمواج وكأنما هو ينتظر منها أن تغسل كل ماعلق بداخل نفسه من بقايا نزف المشاعر ..آآآه ياللعجب ماله لايبصر في تلك الأمواج ارتفاعا كعادتها..عاد يراقب لحظات الغروب...تنهد من الأعماق، ماللحظات الغروب غير قادرة على ايقاف نزف مشاعره كما تعود منها دائما!..مالقرص الشمس طال حلوله اليوم وضع يده على قلبه وكأنما هو يخشى على ذلك القلب أن تتوقف نبضاته فجأة..
أخيرا صمم على تنفيذ مانوى فعله..عاد الى السيارةأشعل سيجارا ونفث دخانه ببطؤ كأنما هو يريد أن يستجمع شجاعته.. نظر اليها من طرف خفي ..رآها قابعة بسكون وقد أرخت بصرها خيل اليه أنه يراها ترتجف وكأنما هي قد قرأت مايدور بخلده.. أراد أن يتراجع عن تلك الفكرة ولكنها لم تترك له مجالا للتراجع فلطالما كانت غاية مناه ومنتهى رضاه لقد بذل الغالي والنفيس لتصبح في متناول يده سهر ليال طويلة وهو يحلم بها وعندما امتلكها ...لم يستطع أن يكمل تصوراته..فبعد أن كانت الحبيبة التي يحلم بوجودها،أصبح وجودها أكبر هم في حياته..انها لاتستحق الا الموت نعم الموت هو الجزاء العادل لخيانتها ..انتظر قليلا حتى يحل الظلام ليستتر خلفه ويخبئ آثار الجريمة التي قرر ارتكابها ضاربا بكل مشاعره عرض الحائط ،،،تلفت حوله يمنة ويسرة حتى تأكد من خلو المكان ...نزل من السيارة بكل هدوء ذهب الى الجانب الآخر فتح الباب وأمسك بها...أحس بها ترتجف ولكنه داس على مشاعره سحبها بعنف ،خيل اليه أنه يسمع صوت أنفاسها المكتومة المتهدجة ...ولكنه تحاشا النظر الى عينيها حتى لا تثنيه تلكما العينين الجميلتين عن عزمه .مشى وهو يجرها خلفه متسترا بظلام الليل .لم يشعر بوخز الضمير أبدا ؛مشى وهو ممسكا بها وكان يحكم القبضة حتى لا تساورها نفسها في التفكير في الهرب ..لم تكن حتى تقاومه وكأنما هي تريد أن توقع الجزاء على نفسها فلطالما عذبته بصمت ...توسط أخيرا ذلك الجسر المقام فوق البحر ؛نظر الى الأسفل ...كانت الأمواج تهدر بصوت مفزع وكأنما هي تنتظر تلك المسكينة ...نظر الى عينيها مباشرة تحت ضوء القمر ؛كان يستشعر بكل خلية بداخله أن هذه النظرة هي الأخيرة ...دمعت عيناه بشده ..رمى بها بكل قسوة الى أحضان البحر ..لم يشعر بذرة ندم بالرغم من أنه كان يراها وهي تعلو وتهبط فوق الأمواج كان يشعر باستغاثاتها المختنقة ولكن وكأنما الرحمة قد انتزعت من قلبه انتزاعا لم يشعر بذرة ندم بل على العكس لقد تنهد بارتياح فلقد رمى بها ورمى معها كل أيامها السوداء..قتلها وقتل معها كل لحظة شقاء وألم عكرت عليه صفو حياته ..لقد نالت ماتستحق ..لقد جعلها تغوص أمامه غير آسف...نعم رمى بهارمى بوثيقة تخرجه بعد أن عجزمعها عن الحصول على وظيفة لمدة ثلاث سنوات