وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم قد أفرد في اثنى عشر رجلا من أصحابه ، كما قال الإمام أحمد : حدثنا حسن بن موسى ، حدثنا زُهَير ، حدثنا أبو إسحاق أن البراء بن عازب قال : جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم على الرماة يوم أحد - وكانوا خمسين رجلا - عبد الله بن جُبير قال : ووضعهم موضعًا وقال : "إنْ رَأَيْتُمُونَا تَخَطَّفَنَا الطَّيْرُ فَلا تَبْرَحُوا حَتَّى أُرْسِلَ إلَيْكُمْ وَإنْ رَأيْتُمُونَا ظَهَرنَا عَلَى الْعَدُوّ وأوَطأناهُمْ فَلا تَبْرَحُوا حَتَّى أُرسِلَ إلَيْكُمْ قال : فهزموهم. قال : فأنا والله رأيت النساء يَشْتددن (7) على الجبل ، وقد بدت أسْؤُقُهنّ وخَلاخلُهُن رافعات ثيابهُن ، فقال أصحاب عبد الله : الغَنِيمة ، أي قوم الغنيمة ، ظهر أصحابكم فما تنتظرون (8) ؟ قال عبد الله بن جبير : أنسيتم (9) ما قال لكم رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقالوا : إنا والله لَنَأتيَن الناس فَلنُصِبيَنَّ من الغنيمة. فلما أتوهم صرفت وجوههم فأقبلوا منهزمين ، فذلك الذي يدعوهم الرسول في أخراهم ، فلم يبق مع رسول الله صلى الله عليه وسلم غير اثنى عشر رجلا فأصابوا منا سبعين ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابُه أصابوا من المشركين يوم بَدْر أربعين ومائة : سبعين أسيرًا وسبعين قتيلا. قال أبو سفيان : أفي القوم محمد ؟ أفي القوم محمد ؟ أفي القوم محمد ؟ - ثلاثا - قال : فنهاهم رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أن يجيبوه ، ثم قال : أفي القوم ابن أبي قُحَافة ؟ أفي القوم ابن أبي قحافة ؟ أفي القوم ابن الخطاب ؟ أفي القوم ابن الخطاب ؟ ثم أقبل على أصحابه فقال : أما هؤلاء فقد قتلوا ، قد كُفيتُمُوه. فما ملك عُمَر نفسَه أن قال : كذبتَ والله يا عدو الله ، إن الذين عَدَدْتَ لأحياء كلهم ، وقد بَقى لك ما يسوؤك. فقال (10) يوم بيوم بدر ، والحرب سِجَال ، إنكم ستجدون في القوم مَثُلَةً لم آمر بها ولم تسؤني (11) ثم أخذ يرتجز ، يقول : اعلُ هُبَلْ. اعل هُبَلْ. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "ألا تُجِيبُوه (12) ؟" قالوا : يا رسول الله ، ما نقول ؟ قال : "قُولُوا : الله أعلى وأجل". قال : لنا العُزَّى ولا عزَّى لكم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "ألا تُجِيبُوهُ ؟". قالوا : يا رسول الله ، وما نقول ؟ قال : "قُولُوا : اللهُ مَوْلانَا وَلا مَوْلَى لَكُمْ" (13).

وقد رواه البخاري من حديث زُهَير بن معاوية مختصرا ، ورواه من حديث إسرائيل ، عن أبي

إسحاق بأبسط من هذا ، كما تقدم. والله أعلم.