نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

الحلقة العشرون والأخيرة

قصة أم هاني بنت عبد المطلب- رضي الله عنها

هي أم عبد الله وأخيها علي بن أبي طالب رضي الله تعالي عنهما.
اختلف في اسمها هل هو فاختة أم فاطمة أم هند أم عاتكة والأصح فاختة بنت أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم القرشية الهاشمية، ابنة عم الرسول صلى الله عليه وسلم وأخت علي وجعفر وعقيل أبناء أبي طالب، وأبوها أبو طالب بن عبد المطلب شيخ بني هاشم في عهده، وأمها فاطمة بنت أسد بن هاشم، فهي هاشمية بنت هاشمية، وكنيتها أم هانئ وأم طالب.

ولدت في مكة المكرمة قبل الهجرة بخمسين عاماً فهي أصغر من رسول الله صلى الله عليه وسلم ببضع سنوات، وكانت ذات خلق وفصاحة وجمال، تربت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيت والدها أبي طالب عندما كفله بعد موت جده عبد المطلب، فكان رسول الله عليه السلام يميل إليها ويرغب في الزواج منها، ولما بلغت سن الزواج خطبها عليه السلام إلى أبيها، وخطبها معه هبيرة بن وهب المخزومي أحد أعيان قريش

فتزوجها هبيرة ولما بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم، لم يسلم زوجها وتمادى في شركه، وكذلك لم تسلم أم هانئ مراعاة لزوجها، إلا أنها كانت تحترم رسول الله صلى الله عليه وسلم وتقدره، وكان كثيراً ما يزورها في بيتها وخاصة بعد وفاة عمه أبي طالب وزوجته خديجة رضي الله عنها، وقد أكرمها الله سبحانه وتعالى حين أسري برسول الله صلى الله عليه وسلم من بيتها، وكان صلى فيه العشاء، وأسري به ثم عاد وصلى الفجر، ولما أراد أن يخرج ويخبر قريشاً بقصة إسرائه، قالت له: يا نبي الله، لا تحدث بهذا الناس فيكذبوك ويؤذوك، ولكنه خرج عليه السلام وحدث قومه عن ليلة الإسراء وما حدث له فيها.

ولما هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، بقيت أم هانئ في مكة مع زوجها وأولادها، وكانت تصلها أخبار الرسول عليه السلام، فَتُسَرَّ بأخباره وانتصاراته، وبقيت كذلك حتى كان يوم فتح مكة سنة 8هـ، وظهور الإسلام في مكة، فلما سمع زوجها هبيرة بالخبر فر من مكة هارباً إلى نجران ولم يسلم، بينما أسلمت أم هانئ وأسلم معها أبناؤها، وقد أكرم رسول الله صلى الله عليه وسلم أم هانئ في هذا اليوم فدخل بيتها وصلى عندها الضحى ثماني ركعات، وقد استجار بها يوم الفتح الحارث بن هشام المخزومي، الذي أهدر رسول الله صلى الله عليه وسلم دمه بسبب عداوته للإسلام، فأجارته أم هانئ، فغضب أخوها علي بن أبي طالب وأراد قتله، فدخل عليهما رسول الله صلى الله عليه وسلم وعرف بالخبر

فقال عليه السلام : قد أجرنا من أجرت، وأمنا من أمنت ، وحينئذ وقد فرق الإسلام بين أم هانئ المسلمة وزوجها المشرك، خطبها رسول الله صلى الله عليه وسلم لنفسه، فقالت: والله إن كنت لأحبك في الجاهلية فكيف في الإسلام، ولكني امرأة مصبية (ذات أولاد) وأكره أن يؤذوك. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خير نساء ركبن المطايا نساء قريش، أحناه على ولد في صغره، وأرعاه على زوج في ذات يده.
ثم أقبلت أم هانئ على عبادة ربها وتربية أولادها وتنشئتهم النشأة الإسلامية الصالحة.

صحة القول بأنها رفضت الزواج من الرسول صلى الله عليه وسلم

لم يصِحّ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رغب في الزواج مِن أم هانئ ، وأنها رفضت ؛ لتأخّر إسلام أم هانئ ، وكانت قبل ذلك في ذمّة رجل مُشرِك .

قال ابن عبد البر : كان إسلام أم هانئ يوم الفتح . اهـ .
وكذلك قال الذهبي في " سير أعلام النبلاء " .

وفَتْح مكة كان في سنة ثمان من الهجرة النبوية .

وقبل ذلك نَزَل على رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله تعالى : (لا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ وَلا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إِلاَّ مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ) .
روى ابن جرير في تفسيره عن الحسن – قال : وهو قول قتادة – قال : لَمَّا اخْتَرْن الله ورسوله شَكَرهنّ الله على ذلك ، فقال : (لا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ وَلا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ) ، فَقَصَره الله عليهنّ ، وهُنّ التسع اللاتي اخترن الله ورسوله .

وقال البغوي في تفسيره : قوله تعالى: (وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ) ، يعني : ليس لك أن تُطَلِّق أحدا مِن نسائك وتَنْكح بَدَلها أخرى ولو أعجبك جمالها . قال ابن عباس: يعني أسماء بنت عميس الخثعمية امرأة جعفر بن أبي طالب ، فلما استشهد جعفر أراد رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أن يخطبها فَنُهِي عن ذلك . اهـ .
واستشهاد جعفر رضي الله عنه كان في أول سنة ثمان ، وكان ذلك في غزوة مؤتة ، وغزوة مؤتة قبل فَتْح مكة . وكان إسلام أم هانئ يوم الفتح.

موقف مع الرسول صلى الله عليه وسلم

في يوم فتح مكة مع النبي تقول أم هانئ: ذهبت إلى رسول الله عام الفتح فوجدته يغتسل وفاطمة ابنته تستره فسلمت عليه فقال: "من هذه". فقلت: أنا أم هانئ بنت أبي طالب, فقال: "مرحبًا بأم هانئ". فلما فرغ من غسله قام فصلى ثماني ركعات ملتحفًا في ثوب واحد, فلما انصرف, قلت: يا رسول الله, زعم ابن أمي أنه قاتل رجلاً قد أجرته فلان بن هبيرة, فقال رسول الله : "قد أجرنا من أجرت يا أم هانئ". قالت أم هانئ: وذاك ضحى.
وعن أم هانئ قالت: كنت قاعدة عند النبي فأتي بشراب فشرب منه ثم ناولني فشربت منه فقلت: إني أذنبت فاستغفر لي، فقال: "وما ذاك؟" قالت: كنت صائمة فأفطرت, فقال: "أمن قضاء كنت تقضينه؟" قالت: لا, قال: "فلا يضرك".
وفي أحد الأيام قال الرسول الله لأم هانئ: "هل عندك طعام آكله", وكان جائعًا فقلت: إن عندي لكسر يابسة وإني لأستحي أن أقربها إليك, فقال: "هلميها", فكسرتها ونثرت عليها الملح, فقال: "هل من إدام؟" فقالت: يا رسول الله, ما عندي إلا شيء من خل, قال: "هلميه", فلما جئته به صبه على طعامه فأكل منه ثم حمد الله تعالى ثم قال: "نعم الإدام الخل, يا أم هانئ لا يفقر بيت فيه خل".

من الأحاديث التي روتها أم هانئ عن الرسول :

عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: ما أخبرني أحد أنه رأى النبي يصلي الضحى إلا أم هانئ فإنها حدثت أن رسول الله دخل بيتها يوم فتح مكة فاغتسل فسبح ثمان ركعات ما رأيته صلى صلاة قط أخف منها غير أنه كان يتم الركوع والسجود.
وعن أم هانئ رضي الله عنها أنها ذهبت إلى النبي يوم الفتح فوجدته يغتسل وفاطمة تستره بثوب فسلمت فقال: "من هذه؟" قلت: أم هانئ فلما فرغ من غسله قام فصلى ثماني ركعات في ثوب ملتحفًا به.

وعن أم هانئ: أن رسول الله اغتسل هو وميمونة من إناء واحد في قصعة فيها أثر العجين.

وعن أم هانئ قال لها النبي : "اتخذي غنمًا يا أم هانئ فإنها تروح بخير وتغدو بخير".

وعن أم هانئ بنت أبي طالب قالت: قال رسول الله : "إن الله تعالى فضل قريشًا بسبع خصال لم يعطها أحدًا قبلهم, ولا يعطيها أحدًا بعدهم, فيهم النبوة وفيهم الحجابة وفيهم السقاية, ونصرهم على الفيل, وهم لا يعبدون إلا الله, وعبدوا الله عشر سنين لم يعبده غيرهم, ونزلت فيهم سورة لم يشرك فيها غيرهم (لإيلاف قريش)"

جاء في “أسد الغابة في معرفة الصحابة” لابن الأثير المؤرخ:
” أم هانئ بِنْت أبي طالب عَبْد مناف القُرَشِيَّة الهاشمية، بِنْت عم النَّبِيّ صلّى الله عليه وسلّم، وأخت علي بن أبي طالب، أمها فاطِمَة بِنْت أسد. واختلف في اسمها، فقيل: هِنْد. وقيل: فاطِمَة، وقيل: فاختة. كانت تحت هُبيرة بن أبي وهب بن عَمْرو بن عائذ بن عُمران بن مخزوم المخزومي. أسلمت عام الفتح. فلما أسلمَتْ وفتح رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مَكَّة، هرب هُبيرة إلى نجران، وقال حين فرّ معتذراً من فراره:

لعُمركَ ما ولَّيْتُ ظهري مُحَمَّـداً وأصحابَه جُبناً، ولا خِيفَةَ القتـلِ

ولكنني قلَّبتُ أمري فـلـم أجـدْ لسيفي غَنَاءَ إنْ ضربتُ ولا نَبْلي

وقفتُ فلمّا خِفتُ ضِيقةَ موقفـي رجعتُ لعودٍ كالهِزَبْرِ أبي الشِّبْلِ

قال خلف الأحمر: أبيات هبيرة في الاعتذار خير من قول الحَارِث بن هشام، يعني قوله:

الله يعلمُ ما تركْتُ قتـالـهـم حتى عَلَوا فَرسي بأشقرَ مُزْبِدِ

وقال الأصمعي: أحسن ما قيل في الاعتذار من الفرار قول الحَارِث بن هشام.

أخبرنا عُبَيْد الله بن أحمد بإسناده عن يونس بن بُكير، عن ابن إسحاق، أن هُبيرة أقام بنجران فلما بلغه إسلام أم هانئ وكانت تحته قال أبياتاً منها:

وعاذَلَةٌ هبَّتْ بليلٍ تـلـومـنـي وتعذُلُني بالليلِ، ضلَّ ضلالُـهـا

وتزعُمُ أنّي إنْ أطعتُ عشيرتـي سأردى، وهل يُردينَ إلا زوالها؟

فإنْ كنتِ قد تابَعْتِ دِينَ مُحَـمَّـد وقطَّعَتِ الأرحام منكِ حِبالُـهـا

فكوني على أعلى سَحيقٍ بهَضبةٍ مُلْمَلَمَةٍ غَبراءَ يُبْسٍ بِـلالـهـاوفاة أم هانئ :

لم تذكر المصادر بشكل دقيق تاريخ وفاة أم هانئ ولكن المتفق عليه أن أم هانئ عاشت إلى بعد سنة خمسين


وختاماً .. لا يزال هناك نساء خالدات خلود الإسلام .. وقصص وعبر وصور مشرفة
إلا أن الوقت لم يسعفني للإستمراية في سردهن خاصة ونحن مقبلين على العشر الأواخر جعلنا الله وإياكم ممن
تعتق رقابهم من النار .. أسأل الله العلي القدير أن يكتب لنا أجر هذه الحلقات في هذه الأيام المباركة
وان يبلغكم مابقي من هذا الشهر الفضيل .. شاكر لكم الإهتمام والمتابعة
والله أرجو أن نلتقى في في مواضيع أخرى قادمة
دمتم في حفظ الله ورعايته .. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته