الحلقة السادسة عشر
قصة أم حرام بنت ملحان
رضي الله تعالي عنها
إنها حميدة البر ، شهيدة البحر ، التواقة إلى مشاهدة الجنان ، أم حرام بنت ملحان
فهي من "آل ملحان" الأنصار الأخيار الذين تذوقوا حلاوة الإيمان ، فسرت في نفوسهم محبة الله ورسوله ، وتغذوا بلبان الإسلام فعاشوا سعداء في حياتهم ونالوا بإذن الله حسن الثواب في الدار الآخرة ، فهم من السابقين الأولين إلى الإسلام .
وهي "أم حرام بنت ملحان بن خالد الأنصارية النجارية" خالة الصحابي المشهور أنس بن مالك وهي زوج الصحابي الجليل عبادة بن الصامت م جميعاً ، كما أنها إحدى خالات الرسول من الرضاع . أسلمت وبايعت الرسول - صلى الله عليه وسلم -
أمنيتها
هذه أمنية أم حرام ويالروعة الأمنية .أنها تسأل النبي أن يدعوا لها ليس لحاجة لهل من حاجات الدنيا الفانية !! بل علي العكس تماماً لقد ضاقت الدنيا وصغرت أمام عينيها ولم تعد تري ألا الاّخرة وسعتها وما فيها من نعيم سرمدي ..أمنية أم حرام تخرج من قلب عامر بالإيمان وحب الله ورسوله وهاهو أنس يخبرنا عن أمنيتها وكان لها ما تمنت وأرادت..
• وعن أنس بن مالك رضي الله تعالي عنه قال : ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدخل على أم حرام بنت ملحان فتطعمه وكانت أم حرام تحت عبادة بن الصامت فدخل عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما فأطعمته ثم جلست تفلي رأسه فنام رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم استيقظ وهو يضحك قالت فقلت ما يضحكك يا رسول الله قال ناس من أمتي عرضوا علي غزاة في سبيل الله يركبون ثبج هذا البحر ملوكا على الأسرة أو مثل الملوك على الأسرة يشك أيهما قال قالت فقلت يا رسول الله ادع الله أن يجعلني منهم فدعا لها ثم وضع رأسه فنام ثم استيقظ وهو يضحك قالت فقلت ما يضحكك يا رسول الله قال ناس من أمتي عرضوا علي غزاة في سبيل الله كما قال في الأولى قالت فقلت يا رسول الله ادع الله أن يجعلني منهم قال أنت من الأولين فركبت أم حرام بنت ملحان البحر في زمن معاوية فصرعت عن دابتها حين خرجت من البحر فهلكت)-متفق عليه
قال النووي في شرح مسلم مايلي :
قوله : ( إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدخل على أم حرام بنت ملحان فتطعمه وتفلي رأسه , وينام عندها ) اتفق العلماء على أنها كانت محرما له صلى الله عليه وسلم , واختلفوا في كيفية ذلك فقال ابن عبد البر وغيره : كانت إحدى خالاته من الرضاعة , وقال آخرون : بل كانت خالة لأبيه أو لجده ; لأن عبد المطلب كانت أمه من بني النجار . قوله : ( تفلي ) بفتح التاء وإسكان الفاء , فيه : جواز فلي الرأس وقتل القمل منه , ومن غيره , قال أصحابنا : قتل القمل وغيره من المؤذيات مستحب . وفيه : جواز ملامسة المحرم في الرأس وغيره مما ليس بعورة , وجواز الخلوة بالمحرم والنوم عندها , وهذا كله مجمع عليه .انتهي ) .
روايتها
روت عن النبي خمسة أحاديث وروى عنها أجلاء الصحابة والتابعين ، منهم زوجها عبادة بن الصامت ، وعمير بن الأسود ، وعطاء ابن يسار ، ويعلى بن شداد بن أوس .
كان رسول الله يأتي مسجد قباء ماشياً أو راكباً فيصلى ركعتين كما ذكر ذلك ابن عمر ما ..
وفي قباء بنى المسجد الذي أسس على التقوى الذي نزلت فيه الآية الكريــمة { لَمَسجد أسس على التقوى من أول يوم أحقّ أن تقوم فيه } ..
وفي هذه البقعة المباركة قباء ، كانت أم حرام تقيم فيها وتعد من أهلها وكان لها منزلة معتبرة عند رسول الله فقد ورد أنه كان يكرمها ويزورها في بيتها ويقيل عندها ويصلى أحيانا.
أخرج مسلم بسنده عن أنس قال: « دخل النبي علينا ، وما هو إلا أنا وأمي وأم حرام خالتي ..
فقال : قوموا فلأصلي بكم ـ في غير وقت صلاة ـ فصلى بنا ، ثم دعا لنا أهل البيت بكل خير من خير الدنيا والآخرة »
فأي خير أعظم من زيارة النبي لها والدعاء لها بخير الدنيا والآخرة ؟!
وروى عنها ابن عساكر بسنده عنها أنها سمعت النبي يقول : « أول جيش من أمتي يغزون البحر قد أوجبوا وجبت لهم الجنة ، قالت أم حرام : يا رسول الله أنا فيهم ؟ قال أنت فيهم »
مواقف مع الرسول صلى الله عليه وسلم
وفي واحدة من الزيارات النبوية لأم حرام ، صنعت له طعاماً فأطعمته ، ثم جلست تفلي رأسه الشريف، فنام عندها ثم استيقظ وهو يضحك وبشرها بالشهادة ، فأصبحت تدعى الشهيدة ، فقد أخرج الترمذي عن أنس بن مالك قال : « كان رسول الله يدخل على أم حرام بنت ملحان - خالته من الرضاع - فتطعمه ، وكانت أم حرام تحت - أي زوجة - عبادة بن الصامت فدخل عليها رسول الله يوماً فأطعمته ، وجلست تفلي رأسه ، فنام رسول الله ثم استيقظ وهو يضحك ، قالت فقلت : ما يضحكك يا رسول الله ؟
قال : ناس من أمتي يركبون ثبج وسط هذا البحر ملوكاً على الأسرة أو مثل الملوك على الأسرة قلت : يا رسول الله ادعالله أن يجعلني منهم ، فدعا لها ثم وضع رأسه فنام ، ثم استيقظ وهو يضحك قالت فقلت : ما يضحكك يا رسول الله ؟ قال ناس من أمتي عرضوا على غزاة في سبيل الله يركبون وسط هذا البحر ملوكاً على الأسرة أو كالملوك على الأسرة ـ نحو ما قال في الأول ـ قالت : فقلت : يا رسول الله ادع الله أن يجعلني منهم ، قال : أنت من الأولين »
وباتت أم حرام تنتظر ركب الغزاة لتكون معهم وتوفي رسول الله وهو راض عنها ولم تزل تنتظر البشارة النبوية إلى أن تحققت في وقت غير بعيد .
تحقق الحلم بالشهادة
ففي خلافة عثمان بن عفان سنة (27هـ) ركبت أم حرام البحر في جيش جهزه بقيادة معاوية بن سفيان لغزو جزيرة قبرص فصرعت عن دابتها حتى خرجت من البحر فماتت ودفنت هناك ا وتحقق قول النبي صلى الله عليه سلم لها أنت من الأولين وهكذا كان أم حرام من الأولين وتحققت أحلامها بالشهادة ، وكتبت في سجل الأوائل فيه أول مجاهدة في البحر وأول من غزا في البحر الأبيض من النساء .
وقد حباها الله سبحانه وتعالى بمكارم جمة بعد أن استشهدت منها : ما ذكره هشام بن الغاز فقال : رأيت قبر أم حرام بنتملحان بقبرص ، وهم يقولون هذا قبر المرأة الصالحة .
يجمعنا اللقاء بكم بمشيئة الله في الحلقة القادمة