لونك المفضل

المنتديات الثقافية - Powered by vBulletin
 

النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: آآآآهـ هـ هـ ... * عبــــده خـــال *

  1. #1
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية علي أبوطالب
    تاريخ التسجيل
    07 2005
    المشاركات
    1,651

    Exclamation آآآآهـ هـ هـ ... * عبــــده خـــال *

    هذه ليست المرة الأولى ..لقد حدث ذلك مرارا،وفى أمكنة متفرقة ومتباعدة،والذي يدهشني أو بالأصح يحيل حياتي إلى كابوس مرير هذا التصرف الأرعن المستهجن ..أكان لابد أن أوقف كل شخص وأسأله:
    - ما الذي يضحكك ؟!
    لو حدث ذلك فعلى أن أوقف كل العابرين،وبالتأكيد لن أخرج بالجواب الشافي،يحدث هذا مع كل من قابلته،فبمجرد أن يراني حتى يستحيل إلى موجة عاتية من الضحك المقزز – وبلا سبب كما يظهر لي - .
    أول مرة حدث لي هذا الموقف حينما كنت في زيارة لأختي فقد قطعت زيارتها لوقت طويل وانشغلت بأعمالي التي لا تنتهي وقد ذكرتني بانقطاعي عبر مهاتفة سكبت فيها الدموع والعتاب الحار،فاعتذرت منها خجلا ووعدتها بزيارة قريبة،ولهذا السبب قطعت مواعيدا عديدة كنت مرتبطا بها،ومررت بالسوق لشراء هدية لأبنها الصغير وقد احترت أمام بائع الملابس في تحديد مقاسه أو عمره،مما حمل البائع على كتم ضحكاته وتوارى خلف (بترينة) كانت تفصلني عنه فكنت أسمع خشخشة ضحكاته المكتومة مما زادني ارتباكا،فاعتذرت مرتبكا:
    - عذرا لعدم معرفتي لمقاسه أو عمره،فأنت تعلم أن الأبناء يكبرون في غفلة منا.
    وصلني شهيق متقطع،ولكي لا أدخل في إحراجات إضافية فقد قررت أن أمنح ابن أختي مبلغا من المال وأعتذر لها طالبا منها أن تشترى له هدية نيابة عنى، لذلك أسرعت في التوجه إلى شقتها،ودققت الجرس متوقعا أن تفاجأ بسرعة تلبيتي لزيارتها،وما فتحت الباب حتى استلقت ضاحكة وهى تمد يدها صوب وجهي،وأمام هذا التصرف المفاجئ اعتراني الارتباك،وأخذت أتطلع حولي وأتحسس وجهي براحة يدي علني أتعرف ما يضحكها ولكن محاولاتي كلها ذهبت عبثا ،وعندما عجزت عن معرفة سبب ضحكها المفرط حاولت أن أعرف السبب وراء ضحكها لكنها لم تتوقف بل سالت دموعها وكلما حاولت ابتلاع شهقاتها المرتفعة ومسح دموعها السائلة على خدها الناعم غلبتها كركرتها فتعاود الضحك المرتفع وإمساك بطنها الذي انتفخ من قهقهاتها المتواصلة،فتركتها والدموع تتقافز من عينيها ويدها تحاول كبح ضحكاتها المتلاحقة .
    كان يمكن أن أتناسى هذه الحادثة بسهولة لولا أن حارس العمارة - وهو رجل
    عابس على الدوام لا يزكى وجهه بابتسامة أبدا - ما رأنى هابطا من المصعد حتى انفجرت أساريره وقذفني بضحكة عميقة مقززة أثارتني كثيرا،فأطبقت على حلقه وهويت بقبضتي على فكه الذي وسع ضحكته،ولم أجد بدا من إسقاطه من يدي تاركا نزيفه وضحكاته تسيل في الممر الطويل .
    شيء ما يحرك هذا الضحك الأرعن فكلما أطليت بوجهي في آي اتجاه وجدت تلك الضحكات تتسع وتتمدد ..تتمدد وتستحيل إلى أزيز ينخر رأسي وعبثا حاولت معرفة سر تلك الضحكات .
    في كل مكان أقف فيه تقابلني الضحكات..تلك الضحكات المستهجنة آلتي تنخر قحف جمجمتي ولا أجد لها سببا واضحا،ولا أستطيع تحملها فأخلى لها المكان وسيل القهقهات يتبعني صاخبا .
    وقفت أمام المرآة طويلا وتفحصت وجهي..كان وجها صقيلا لامعا تتقافز منه ملاحة لذيذة،فالأنف مستقيم باستقامة رهيفة يطل زاهيا على شارب كث وفم مغلق لا يتسع للقمتين في آن واحد وله وجنتان منبسطتان كأرض ممهدة تقف في أعلاها جمجمة مستوية يهفهف من فوقها شعر ناعم غارق في لونه البني الداكن،وثمة عينان يشع منهما ذكاء حاد يشي أن صاحبه يخترق الحياة بيسر وثقة..فردت قامتي الفارعة ومشيت كسهم لايعرف الانحناءات..كل مابى لايدعو لتلك الضحكات المنثورة في طريقي باستهجان :
    -إذا لماذا كل هذا الضحك ؟!
    كان يقف هذا السؤال في ذاكرتي كلما عبرت أحد أولئك الضاحكين،فأتطلع في المحيطين بي فأجدهم غارقين في الضحك ولا أن يتطلعون إلى مباشرة،فالعنهم جميعا وأغادر المكان وبفعل هذه النزوة غير المسؤولة فقدت طعم الحياة،وأقلعت عن الذهاب إلى العمل بعد تلك الحادثة:
    حاولت جاهدا أن أقبر نفسي بين تلك الأوراق المتناثرة فوق مكتبي بينما كان الزملاء يقتعدون مكاتبهم وضحكاتهم الطائشة تموج في دهاليز الإدارة ولم أستطع أن أتمالك أعصابي أكثر مما مضى فقذفت أوراقي ولعنتهم واحدا واحدا إلا أن ثورة غضبى لم تثر أيا منهم ولم يعيروني أدنى اهتمام فقد كانوا يمسكون بطونهم ودموعهم تنز على وجوههم ويضربون بأيديهم طاولاتهم وكأنهم يستحثون أفواههم على إطلاق مزيد من تلك الضحكات المرتفعة في سباق مميت،ولم أجد بدا من كتابة (عرض حال) لمدير الإدارة أتضرر فيه مما لحقني من أذى نفسي بسبب تلك الضحكات المتواصلة،فكتبت معروضى شارحا لسعادته كل ماأجده من ضيق وراجيا منه إنصافي ومساءلة زملائي عن سر تلك الضحكات المستهجنة وقد أقسمت له أنني لاأثير الضحك أبدا،ولا أمقت شيئا كمقتي الضحك،وذكرته بالعام المنصرم حينما منحتني الإدارة (علاوة) استثنائية نظير عملي المخلص الدؤوب،وظرفت (معروضى) بعناية واتجهت إلى مكتبه بينما زملائي كانوا يواصلون ضحكهم المخزي،وقبل أن أدخل عليه تعاركت مع سكرتيره الذي ما رأنى حتى استلقى على مكتبه ضاحكا بمرارة،وفكرت في إلحاقه بأسماء من تأذيت منهم لكنني تراجعت خشية أن يظن بي المدير العام الظنون لمعرفته أن لاعلاقة تربطني بسكرتيره إضافة إلى قرابته المتينة منه لذلك دفعت الباب مستعجلا ودخلت عليه مبديا تذمري بينما كان وجهي يكفح بعبوس طاغ ،ومددت خطواتي في تلك الغرفة العريضة وعندما وجدني أقف على رأسه مادا معروضى،رفع رأسه عن الأوراق التي كان يتطلع إليها ونهض على غير عادة،ولأول مرة أراه يتخلى عن وقاره وينخرط في ضحكة مجلجلة هزت أعماقي لم أتمالك نفسي حيال ضحكاته،فقفزت عاليا وألصقت يدي - بكل قوة - بوجنته اليمنى فأحسست معها أن فكه سيسقط على الأرض لكنه لم يوقف ضحكاته العميقة أو يثأر لنفسه،فانكببت أكتب استقالتي وخرجت راكضا بينما كانت الضحكات تتبعني كالسيل المنهمر .
    ما الذي طرأ على هيئتي حتى أصبح مثارا لكل هذه الضحكات المتعالية،أأكون أحدثت شيئا تذكرهم طلعتى به..أو أن بملابسي شيئا يدعو لكل هذا الصخب،لابد وأن شيئا حدث دون أن تنبه له..فما هذا الشيء ؟؟!!
    لم يعد أمامي إلا أسئلة أنشئها وأنقضها،فأغلقت كل المنافذ التي توصلني إلى الخارج فبعد متابعتي للتلفاز أيقنت أن مؤامرة تحاك ضدي،فقد كان فم المذيع يفتر عن ضحكة صامتة كلما تلاقت عينانا بالرغم من أنه كان يتلو فاجعة حلت بإحدى العواصم..ساعتها أيقنت بأنني دخلت مرحلة خطيرة وأن عناكب تغزل هواجسا وتشرعها أمام بصري وأيقنت بأنني مقدم على انهيار عصبي سيؤدى بما تبقى لدى من جلد .
    في بادئ الأمر كذبت عيني وأخذت أتربص بالمذيع بين فترة وأخرى فلمحته يمد لسانه ويرفع يديه إلى أذنيه ويهزهما كجناحي عصفور يهم بالتحليق فأسرعت غالقا التلفاز وكدت أن أجهش بالبكاء ولكنني تمالكت نفسي وأخذت أتحدث بصوت مرتفع لاقناعها بأن مايحدث أوهام عشعشت وشاخت بمخيلتي لا غير،ولكي لايتجدد يقيني فقد امتنعت عن مشاهدة التلفاز وأصبحت حبيس جدران غرفتي وان امتدت قدماي إلى الشارع فإنها تصل بي إلى أقرب مكتبة لأختطف جريدة واقذف ثمنها قبل أن تمتد ضحكة صاحب المكتبة وأعود مسرعا إلى غرفتي،لأتصفح صفحاتها وأرى أولئك الضاحكين يتابعونني صامتين عبر تلك المفارقات العظيمة بين أسطرهم فأقذف الجريدة وأوقن تماما أن مؤامرة تحاك ضدي وبلا هدى ركضت صوب طبيب نفسي لأودعه وساوسي ورعبي ولم يكن أفضل حالا ممن قابلتهم فما أن رأنى حتى سال فمه بضحكة طويلة لم تمهلني لأن أقتعد كرسيه فغادرته قبل أن يسترجع أنفاسه .
    وجالست الصمت ..صمت أقتاته ويقتاتني،أصل إلى أبعد نقطة فيه ويصل إلى عقلي (ينغشه) ويعبث به يجزئه ويسحقه وينثره في الهواء وأمضى الليل أجمعه،وفى النهار أبسطه مرة أخرى .
    ذات صباح اشتقت لرؤية الشارع ..اشتقت لسماع كلمة ..أي كلمة إلا ذاك الضحك،فمددت يدي إلى دولاب أمي وعبثت بمحتوياته فوجدت عباءة مهترئة - لأمي التي تركتها وتلحفت بالتراب – ومستعجلا ارتديتها وعبرت الشوارع واثقا وكم كانت مفاجئتي عظيمة حينما وجدت الكل لازال يهرب ضحكاته الجافة في وجه كل من يراه،فقذفت العباءة جانبا وانطلقت أوزع ضحكاتي في وجه كل من أراه .

  2. #2
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية أميرة الوله
    تاريخ التسجيل
    09 2005
    الدولة
    حيث لا نرى بالأبصار!
    المشاركات
    438

    مشاركة: آآآآهـ هـ هـ ... * عبــــده خـــال *

    قرأت هنا أشياء كثيرة ,, متداخلة ,, متشابكة ,, لكنها جميلة ومحملة بالعمق !
    .
    .
    سأعود إن شاء لي القدرشكراً يا علي على هذا النقل الرائع
    أتحفنا بالمزيد

  3. #3
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية علي أبوطالب
    تاريخ التسجيل
    07 2005
    المشاركات
    1,651

    مشاركة: آآآآهـ هـ هـ ... * عبــــده خـــال *

    صحيح !
    .
    .
    .
    شكراً عبورك من هنا
    .
    .
    لي عودة -كالمعتاد- أخرى !

    .
    .

    و القادم أرقى !

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •