ما ذنبي أنا
امرأة تلوح بيدها وتقول : سائق الأجرة قف قف
سائق الأجرة يتوقف
تمشي المرأة بخطوات متسارعة إليه ،
المرأة : هل توصلني إلى شاطئ البحر ؟
السائق : أجل فهذا هو عملي
ركبت المرأة ، وانطلق بها يقصد البحر ، في أثناء السير إلى البحر ، لم تنبس بحرف ، وظل الهدوء حاضرا معهما لا سيما أنها كانت غارقة في بحر عميق .
عند الوصول ترجلت لنزول ، أخذت خاتما من ذهب لتعطيه أجرة إيصاله لها .
استغرب السائق من الخاتم وقال : أجرتي أقل بكثير من الخاتم
فلم ترد عليه وذهبت إلى الشاطئ
شك السائق في المرأة وقال في نفسه : هناك شيء تخفيه عني لماذا لا أراقبها .
فأوقف سيارته وبدأ بمراقبتها
توجهت إلى البحر لترمي نفسها فيه ، عندما توغلت في البحر ، وبدأ البحر يغطي رأسها ، حينها
أحست بأن قواها تبدأ في الإنهيار ، و أنفاسها تكاد أن تنقطع من عمق البحر ،
تدخل السائق لإنقاذها ،
فبدأ
يسبح إلى أن وصل إليها ، فانتشلها من براثن الموت ، ليخرجها ويبدأ بإسعافها ،
حتى عاد نفسها من جديد،
سألها أنتي مجنونه لماذا تقتلين نفسك ؟
فقالت :
أريد أن أرتاح من عذاب استمر لستة عشر عاما
فقال :
ترتاحين من العذاب لتذهبين إلى عذاب الآخرة
فقالت :
لقد نفذ صبري ، وأنا لم أذق طعم الراحة ولو للحظات محدودة
فقال :
هل من الممكن أن تحكين لي قصة عذابك ؟
فقالت :
قصة عذابي بدأت منذ نعومة أظفاري ، وأنا كنت طفلة لم أتجاوز السادسة من عمري ،
فكنت ألهو في مخزن بيتنا، وكنت ألعب بعود الثقاب ، أشعلها ثم أطفأها ،
ونسيت إحداها
وخرجت من المخزن
وماذا بعد ؟
العود أحرق القش ، وبدأت النيران تلتهم كل ما في المخزن ، فلم يأتوا الجيران
إلا والمخزن قد أحترق بأكمله
وهل احتراق المخزن له علاقة بقصة عذابك ؟
تنهمر الدموع عليها وتقول:
نعم فلقد مات
طفلهم من الحريق ، حينها جاءني العذاب من أبيه وأمه
ألم تذهبِ إلى الشيوخ ليقرؤوا عليك ؟
بلى ، وتكلم الشيخ معهم ، ليقول لهم : ما الذنب الذي اقترفته حتى
تعاقبوها بهذه القساوة ؟
فتكلمت أم الجني المتوفى : لقد أحرقت كبدي بموت طفلي الوحيد ، وأنا
سوف أذيقها مرارة
فقداني بولدي ،
ألا تعلمين أنها لا تعلم بوجودكم ، وأنها طفلة لم تبلغ الحلم
هذا لا يهمني سواء كانت طفلة أم لا ، إن ما يهمني أن أشفي غليلي ، وأن لا
أدعها تتذوق طعم
الراحة طيلة حياتها كلها .
ألا تؤمنين بالقدر ، لا سيما أن ابنك مقدر له أن يموت بذلك السبب
عندما يسيطر الحقد على قلبي ، فأنا لا أفكر فيما تقول ، لأبقى في معركة
هدفها الانتصار وبأي
طريقة كانت
وهل عذابها يعتبر لك انتصارا ؟
نعم فأنا أستلذ بعذابها وأطمح إلى عذاب آخر ، لا سيما أن زوجي يساعدني
في ذلك ، فلا نتركها
ترتاح لا في الليل ولا في النهار
ألا توجد لديكم مشاغل غير عذاب هذه الفتاة ؟
توجد لدينا ، فنحن نتناوب عليها
أنتم من الجن المسلمة ؟
نعم
الإسلام ينزع الأحقاد ويزرع التسامح والله عزوجل يقول : (فمن عفا وأصلح فأجره على الله)
لا تحاول معي ، فأنا مصرة على السير في طريقي
خرجنا من عند الشيخ بلا فائدة ترجى ، فلم ايأس وحفظت القرآن لكي أرقي نفسي بنفسي ،
وأداوم على الأذكار ، أقوم أنصاف الليالي أحييها بالصلاة وقراءة القرآن
وأدعو الله أن يرقق قلوبهم ويتركوني ، كل الطرق والوسائل طرقتها لكنهم ماضون في طريق تعذيبي
هل ذهبت إلى السحرة ؟
لا ولن أذهب إليهم ، فأنا لست مسحورة ، كى يفكوا السحر مني ، إنما المسألة انتقام
أنا أدرك حقيقة عذابك ، وسأساعدك في الحل ، لكن عديني بأنك لن تكرري الإنتحار
أعدك ، فأرجوك أنقذني بالحل
أعرف شيخا متمكن يدعى بسالم ، لعل أن تجدي عنده الحل ، وسنذهب إليه
برفقة أخيك أو أبيك إليه في مساء الغد
سوف أوكل أمري على الله ، وأدعوا الله بأنن يجعل هذا الشيخ سببا لخروجي من هذه الأزمة ،
والآن أريد منك هل تستطيع
أن تعيدني إلى بيتي فأنا حقا متعبة
على الرحب والسعة وخذي خاتمك هذا فأنا لا أريده
سأحتفظ به فإن أخرجني الشيخ من أزمتي فسوف أهبك هذا الخاتم نظير ما تقوم به لأجلي
لا أريده ، إنما أبتغي الأجر من الله
إن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول : ( من لايشكر الناس لا يشكره الله ) وهذا تعبير عن شكري وامتناني لك
إذا على بركة الله والآن
سننطلق إلى بيتك
في المساء اتجه السائق والمرأة برفقة أخيها إلى الشيخ سالم
الشيخ سالم : ما اسمك أيها الجني ؟
اسمي زعتور
واسم زوجتك
قفلة
ومن أي قبيلة أنتم ؟
الشباطرة
الشيخ يشير إلى أخيها بأن يخرجها ويعود إليه
يا ولدي الكلام معهم لا يجدي نفعا ، وأنا سأتكلم مع شيخ قبيلتهم ، فأنا
أعرفه حق المعرفه وهو لن يرد لي طلبا
حسنا ، سأنتظر النتيجة
نحن نعمل بالأسباب والتوفيق بيد الله
حينها عادت المرأة إلى بيتها
وفي اليوم التالي ذهب الشيخ إلى شيخ قبيلة الشباطرة
الشيخ سالم : السلام عليكم ورحمة الله
شيخ قبيلة الشباطرة : وعليكم السلام ورحمة الله ، أهلا وسهلا بك يا شيخ
سالم في ديارنا
شكرا لترحيبك بي
لقد تقت للقائك ، وتقت لسماع تلاوتك ، فلماذا تغيب عني كل هذه الفتره
مشاغل الدنيا ، وأسأل الله أن لا يشغلنا عن طاعته
نعم صدقت ، لكن لم أتعود منك أن تنقطع مني بهذا الشكل ، فأخبرني عن سبب انقطاعك عني ؟
البحوث والفتاوى
أعانك الله على نصرة الدين ووفقك لهذا الطريق
أريد أن أطلب منك يا شيخ وأتمنى أن لا تخذلني ؟
تفضل فكلي آذان صاغية لك
إحدى بناتي تعرضت للتعذيب من قبل أفرادكم ، وأريد منك أن تأمرهم بأن يكفوا عن تعذيبها
سأفعل ذلك ، لكن أخبرني ما سبب تعذيبهم لها ؟
فقص له قصتها ، ثم قال : ما أحزنني أنها فكرت بالإنتحار وهي ترمي بنفسها في البحر للخلاص من العذاب ، و الحمدلله أنقذها صديقي ، والآن أخبرني أيرضيك ذلك
لا والله لا يرضيني وهذا قدر الله والطفلة لم تبلغ الحلم حتى تحاسب ، و الآن سوف أستدعيهم أمامك وأتحقق من ذلك بنفسي
شيخ القبيلة ينادي مساعده صيدم ويأمره بإحضار زعتور وزوجته ، ذهب صيدم لاستدعائهم
لماذا تعذبون المرأة الإنسية ؟
زعتور : لقد قتلت طفلي الوحيد ، وهي تشعل النار في المخزن
وهل أحرقت المخزن متعمدة أم كانت طفلة تلعب وتلهو ؟
لا بل كانت طفلة تلعب وتلهو
آمرك بأن تترك تعذيبك لها ، وإلا ستنالين عقابي
قفله : يا شيخ لا لن أتركها ، فهي حرمتني من فرحتي بطفلي
وهل كانت تعلم بوجودكم حتى تتعمد أن تقتل طفلك ؟
لا
إذاً هذا قدر الله ،فعليك أن تكوني مؤمنة صابرة ، والله له حكمة في أن يموت ، فربما قد يكون ولدا عاقا لكِ ، وأيضا أعرف كيف كان حجم غضبك على موت ابنك ، وأريد أن أسألك أليس لها أما وتتعذب مثلما تتعذبين ، وتبكي مثلما تبكين ، والأمر من ذلك ، أنها ترى نفسها عاجزة عن مساعدتها ،
قفلة وهي تبكي : رب اغفر لي ، فلقد أذنبت وأنا أعذب هذه المسكينة بدون أي وجه حق ،
و الحمد الله على قضائه وقدره
هذا ما أريده منكِ ، وأتمنى أن لا يعود الشيخ سالم يشتكي بأنكم عدتم لتعذيبها مرة أخرى
لا لن أعذبها بعد هذا اليوم ، وأرجوك أن تخبر الشيخ سالم بأن يطلب منها أن تسامحنا
حسنا سوف أخبره بما تطلبين
عادت المرأة إلى حياتها ، وغفرت لقفلة و زعتور عن عذابهم لها .