وقال ابن المنذر : حدثنا علي بن عبد العزيز ، حدثنا الأثرم ، عن أبي عبيدة قوله : { اللاتِي فِي حُجُورِكُم } قال : في بيوتكم.
وأما الربيبة في ملك اليمين فقد قال الإمام مالك بن أنس ، عن ابن شهاب : أن عمر بن الخطاب سُئلَ عن المرأة وبنتها (3) من ملك اليمين توطأ إحداهما بعد الأخرى ؟ فقال عمر : ما أحب أن أخبرهما جميعًا. يريد أن أطَأهُمَا جميعا بملك يميني. وهذا منقطع.
وقال سُنَيد بن داود في تفسيره : حدثنا أبو الأحوص ، عن طارق بن عبد الرحمن عن قيس قال : قلت لابن عباس : أيقع الرجل على امرأة وابنتها مملوكين (4) له ؟ فقال : أحلتهما آية وحرمتهما آية ، ولم (5) أكن لأفعله.
قال الشيخ أبو عُمَر بن عبد البر ، رحمه الله : لا خلاف بين العلماء أنَّه لا يحل لأحد أن يطأ امرأة وابنتها (6) من ملك اليمين ، لأن الله حرم ذلك في النكاح ، قال : { وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ } وملك اليمين هم (7) تبع للنكاح ، إلا ما روي عن عُمَر وابن عباس ، وليس على ذلك أحد من أئمة الفتوى ولا من تبعهم. وروى (8) هشام عن قتادة : بنت الربيبة وبنت ابنتها لا تصلح وإن كانت أسفل ببطون كثيرة. وكذا قال قتادة عن أبي العالية.
ومعنى قوله تعالى : { اللاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ } أي : نكحتموهن. قاله ابن عباس وغير واحد.
وقال ابن جريج عن عطاء : هو أن تهدى إليه فيكشف ويفتش ويجلس بين رجليها. قلت : أرأيت إن فعل ذلك في بيت أهلها. قال : هو سواء ، وحسبه قد حرم ذلك عليه ابنتها.
وقال ابن جرير : وفي إجماع الجميع على أن خلوة الرجل بامرأته لا يُحرم (1) ابنتها عليه إذا طلقها قبل مسيسها ومُبَاشرتها أو قبل (2) النظر إلى فرجها بشهوة ، ما يدل على أن معنى ذلك هو الوصول إليها بالجماع.
وقوله : { وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ } أي : وحُرمت عليكم زوجات أبنائكم الذين ولدتموهم من أصلابكم ، يحترز بذلك عن الأدعياء الذين كانوا يَتَبَنَونهم في الجاهلية ، كما قال تعالى : { فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ [إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا] (3) } الآية [الأحزاب : 37 ].
وقال ابن جُرَيْج : سألت عطاء عن قوله : { وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ } قال : كنا نُحَدِّث ، والله أعلم ، أن رسول الله (4) صلى الله عليه وسلم لما نكح امرأة زيد ، قال (5) المشركون بمكة في ذلك ، فأنزل الله [عز وجل] (6) { وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ } ونزلت : { وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ } [الأحزاب : 4]. ونزلت : { مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ } [الأحزاب : 40].
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو زرعة ، حدثنا محمد بن أبي بكر المقدمي ، حدثنا الجرح (7) بن الحارث ، عن الأشعث ، عن الحسن بن محمد (8) أن هؤلاء الآيات مبهمات : { وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمُ } { أُمَّهَاتُ نِسَائِكُم } ثم قال : وروي عن طاوس وإبراهيم والزهري ومكحول نحو ذلك.
قلت : معنى (9) مبهمات : أي عامة في المدخول بها وغير المدخول ، فتحرم (10) بمجرد العقد عليها ، وهذا متفق عليه. فإن قيل : فمن أين تحرم امرأة ابنه من الرضاعة ، كما هو قول الجمهور ، ومن الناس من يحكيه إجماعا وليس من صلبه ؟ فالجواب من قوله صلى الله عليه وسلم : "يَحْرُم من الرّضاع (11) ما يحرم من النسب".