عاش عمر حالة من البحث عن الذات منذ أن كان في العاشرة من عمره ..كان يشعر بأن الوقت والمكان لايمت له بأي صلة يشعرفي ناحية من نفسه أنه مسئول أ و هكذا أقنع نفسه ..فأمه المريضه تتهاوى أمام عينيه فلذلك كان ملازما لها في عشتها الصغيرة ولأنه بارعا في كتم أحزانه كان يعتبر أكثر الحاضرين توازنا ..الكل يعلم أن الأم تعاني من سكرات الموت ماعدا عمر الذي بعثه والده إلى السوق لشراء تفاحات للأم وكان التفاح في ذلك الوقت نادر الوجود..أراد فقط أن يخرجه من العشة التي ازدحمت بالحاضرين والحاضرات ..عمر كان فرحا لأن أمه تحدثت له ظهر اليوم وكذلك ابتسمت له وسرعان ماعدا الصبي الصغير حاملا بيده اليمنى صندوقا صغيرا أربع تفاحات واليد الأخرى كان ممسكا بطرف قميصه حتى لايقع ويكون الجري أسهل .. وقف قريبا من باب العشة لم يسمع غير صراخ خالته مريم التي احتضنته هي تبكي ..تناثرت من يمناه كل التفاحات وشيئا ما داخل قلبه قد تحطم ..تيقن الآن أن الأرض تدور وأن كل الأسئلة التي في مخيلته ماتت بلا جواب...استجمع كل قواه ودخل.. لابد أن يرشف من رائحة أمه.لابد أن يقبلها ويلقي النظرة الأخيرة على وجههاعندما كان يسير كانت همسات الآخرين تسير معه وصل إلى أمه بكل ثبات التقط تفاحة هاربة من الأرض تدحرجت حتى وصلت بالقرب من سرير الأم المسجاة لكن زمام ثباته بدأ بالتلفت ارتمى على جثتها وبدأ بالنحيب حتى عندما وضعها في القبر كان يزيح عنها التراب و يبكي و يعاتب أخوته كيف يضعون التراب على أمهم...مضى على وفاتها الآن سبع سنوات وكلما تذكرعمر رحيل أمه الأثيرة ينتابه نوعا من الحزن.. كانت ثمة قرارات لابد أن يتخذها كان يريد أن يقذف بنفسه في الواقع الذي قد يلقى مصرعه فيه...ولأنه كان فقيرا معدما قرر أن يرعى الغنم وكان في كل مرة يلتقي بفتاة تحمل جرة تستقر على كتفيها يحيط برأسها غطاء زادها جمالا.لم تكن تلك الفتاة سوى عائشة بنت العم أحمد البسيطة في كل شيء...بسيطة في ظفيرتيها وثوبها الذي يبرز بعض مفاتنها وكذلك في حديثها . .عائشة شهية في كل حالاتها
..كان عمر يلتقي بهافي ارض جده و خاصة في موسم الخضير وتدوربينهما أحاديث شتى وينتهي اللقاء بضحكات.. لم يتوقع عمر أن يتسلل الحب إلى قلبه بهذه السرعة.. قرر عمر أن يفاتح والده من أجل أن يزوجه عائشة.. وفي الليل لم ينم عمر كما ينبغي فقلب عمر بدأ يحدثه عن الخوف كيف سيفاتح والده بأمر عائشة..كان عمر يصغي لقلبه أكثر من إصغائه للواقع ..في اللحظة التي أراد أن يفاتح والده كانت القرية تشيع جثمان عائشة ..هكذا الموت في قريتنا يأتي سريعاو في أي وقت,كتم عمر كل صرخاته وللمرة الثانية يشعر بالعجز.كانت هناك قرارات متزاحمة تريد الإنطلاق كان يؤمن بأن القرار هو بداية لأمر ما...كان أول قرار له هو الرحيل ..لم يجد ما يحمله في سفره غير حزن مخبأ منذ رحيل أمه وبدرغير مكتمل سافر عمر بعيدا حيث لاحياة ولا أوجه تشبه وجه عائشة ..