عندما باح الـ «دربي» بالأسرار
منيرة القحطاني
الجولة الـ10 من الدوري كان لقاء الهلال بالنصر فيها أكبر من مجرد جولة وأكثر من ثلاث نقاط، إذ حملت ما تنوء بحمله قبل أن يحل أوانها وكانت لدى البعض مسألة حياة أو موت، لذا استخدمت فيها وسائل تنافس غير نزيهة وأساليب استفزاز عفّى عليها الزمن، ولكنها وجدت إعلاماً تجاوزه الزمن ظل يدندن بها حتى بعد نهاية المباراة ويعزف فيها على وتر بات مهترئاً ولم يعد يصدر إلا الصوت النشاز.
في البدء كانت المنشطات والتخاذل عن أداء مهمة وطنية لغواً من الحديث، لكنها وجدت من يلمع أصحابها ويتلقفهم في البرامج باحثاً عن مشاهدة أكثر وصخب أعلى... وظلت الأجواء مشحونة حتى يوم المباراة التي حملت عنواناً كبيراً يتضمن رفض لاعبي النصر الأجانب تمثيل الفريق مالم تُستوف مستحقاتهم المتأخرة، فكان أن طار الإعلام في العجة بإظهار صورة الرئيس البطل والإدارة القوية التي لا يلوي ذراعها أحد على رغم أن الحقيقة تقول إن الحقوق المالية حق مشروع لا منة فيه لأحد ولا فضل حتى لو سلم في يوم موعده لأن هذا هو الأصل في العقود، فكيف يتأخر وكيف تصبح المطالبة به من أساليب لي الذراع؟! ولو كان لدى اللاعب السعودي الوعي نفسه بحقوقه والجرأة في المطالبة بها لتوقف نصف الفريق - إن لم نقل بأكمله - عن اللعب حتى تستوفى الرواتب المتأخرة، لكنهم لأجل (تكفون اصبروا علينا) أضاعوا حقوقهم ثم ذهبوا يتباكون لدى لجنة الاحتراف، والدليل ما لديها من قضايا ستزيد في الفترة الشتوية وستعصف بأكثر الأندية.
وفي أثناء المباراة انكشف دفاع الهلال الهش وحراسته البدائية في شكل مخجل لا يليق بفريق كالهلال، ذلك أنه عندما عجز هجوم النصر عن التسجيل تولى الدفاع والحارس المهمة بنجاح بتقديم هدايا ثمينة لا يردها حتى أنصاف المهاجمين، فكيف بمحمد السهلاوي المحظوظ أمام شباك الهلال؟ وهو ما حصل عندما قبلها وسجلها لتكون الخسارة الأقسى إيلاماً كونها تمت بأيد هلالية، وهو ما قد يعجل بإعادة النظر في عناصر الفريق في الحراسة والدفاع والمحاور إذ ثبت أنها جميعها معطوبة.
وفي أثناء المباراة بل الجهاز الطبي للمنتخب تقريره الخاص بحاجة الحارس عبد الله العنزي إلى العلاج وشرب ماءه، وهو يتألق ويذود ببسالة من لم يصب ولم يعان، ولكن أحداً لم يقل إنه تخاذل في خدمة المنتخب أو أن هناك تواطؤاً لإراحته على رغم جاهزيته طبياً وفنياً.
بعد المباراة سمعنا أن الفرحة عادية ولكننا شاهدنا العبرات تسكب والقلوب تكاد تتفطر والعدسات الخاصة تنقل صوراً جميلة تظهر فيها الروح الرياضية بعناق المدربين، في مقابل أخرى غريبة مستهجنة تنم عن العنجهية والكبر، وهذه أخلاق حديثي النعمة والفوز ممن لم يسبق أن جربوا أن يعشوا فرحة تجعلهم يطبقون فعل الفرسان بالتواضع عند الفوز.
بعد المباراة المدرب الشجاع وحده من بقي في وجه كل القوى.. والرئيس مازال في رحلة استجمام.