أخي العزيز...جريح العشق
شكراً على إطلالتك ومشاركتك.
كلماتيسمعني.. حين يراقصني
كلماتٍ .. ليست كالكلمات
يأخذني من تحت ذراعي
يزرعني في إحدى الغيمات
والمطر الأسود في عيني
يتساقط زخاتٍ .. زخات
يحملني معه .. يحملني
لمساء وردي الشرفات
وأنا كالطفلة في يده
كالريشة تحملها النسمات
يحمل لي سبعة أقمار
بيديه .. وحزمة أغنيات
يهديني شمساً .. يهديني
صيفاً .. وقطيع سنونوات
يخبرني.. أني تحفته
وأساوي آلاف النجمات
وبأني كنز .. وبأني
أجمل ما شاهد من لوحات
يروي أشياء .. تدوخني
تنسيني المرقص والخطوات
كلمات .. تقلب تاريخي
تجعلني امرأة في لحظات
يبني لي قصراً من وهم
لا أسكن فيه سوى لحظات
وأعود .. أعود لطاولتي
لا شيء معي .. إلا كلمات![]()
نزيف قلب
مهرجة
أتريدين إذ وجدت العشيقا
أتريدين أن أكون صديقا
وتقولينها بكل غبــاء
بؤبؤا جامدا . . ووجها صفيقا
موقفي تعرفينه .. فتواري
عن طريقي يا من أضعتي الطريقا
مضحك ما اقترحت .. يا بهلوانا
يستحق الرثاء .. لا التصفيقا
أصديق .. وبعد خمس سنين
كنت فيها الشذا وكنت الرحيقا
يا له من منطق النساء .. أمثلي
يقبل الآن أن يكون صديقــا
أسالي ....... عن بصماتي
كل ....... أشعلت فيه حريقا
هكذا بين ليلة وضحاهـــا
نتلاقى شقيقة .. وشقيقـــا
فكأني لم أملأ الصدر لوزا
وعلى الثغر ما سكبت العقيقا
إطمئني .. فلن ازور نفسي
قدر النسر أن يظل طليقــا
ابدا .. لن أكون قطا أليفا
تستضيفينه .. وثوبا عتيقا
سيدا كنت .. في مقاصير حبي
ومن الصعب أن أصير رقيقا
جريح العشق...يبدو أنك
الرفيق هنا وكم أنا سعيد
بصحبتك يا صديقي...
مدخل
إذا تصفحت يوماً يا بنفسجتي
هذا الكتاب الذي لا يشبه الكتبا
تباركي بحروفي ..كل فاصلة
كتبتها عنكِ يوماً .. أصبحت أدبا
سواي بالضوء عن عينيكِ قد كتبا ؟
وكنتِ مجهولة حتى أتيت أنا ..
أرمي على صدركِ الأفلاكَ والشهبا
أنا .. أنـا ..بانفعالاتي وأخيلتي
تراب نهديكِ قد حولته ذهبا ..![]()
جسمـك خارطتي
زيديني عِشقاً.. زيديني
يا أحلى نوباتِ جُنوني
يا سِفرَ الخَنجَرِ في أنسجتي
يا غَلغَلةَ السِّكِّينِ..
زيديني غرقاً يا سيِّدتي
إن البحرَ يناديني
زيديني موتاً..
علَّ الموت، إذا يقتلني، يحييني..
جسمكِ خارطتي.. ما عادت
خارطةُ العالمِ تعنيني..
أنا أقدمُ عاصمةٍ للحبّ
وجُرحي نقشٌ فرعوني
وجعي.. يمتدُّ كبقعةِ زيتٍ
من بيروتَ.. إلى الصِّينِ
وجعي قافلةٌ.. أرسلها
خلفاءُ الشامِ.. إلى الصينِ
في القرنِ السَّابعِ للميلاد
وضاعت في فم تَنّين
عصفورةَ قلبي، نيساني
يا رَمل البحرِ، ويا غاباتِ الزيتونِ
يا طعمَ الثلج، وطعمَ النار..
ونكهةَ شكي، ويقيني
أشعُرُ بالخوف من المجهولِ.. فآويني
أشعرُ بالخوفِ من الظلماء.. فضُمّيني
أشعرُ بالبردِ.. فغطّيني
إحكي لي قصصاً للأطفال
وظلّي قربي..
غنِّيني..
فأنا من بدءِ التكوينِ
أبحثُ عن وطنٍ لجبيني..
عن حُبِّ امرأة..
يكتُبني فوقَ الجدرانِ.. ويمحوني
عن حبِّ امرأةٍ.. يأخذني
لحدودِ الشمسِ..
نوَّارةَ عُمري، مَروحتي
قنديلي، بوحَ بساتيني
مُدّي لي جسراً من رائحةِ الليمونِ..
وضعيني مشطاً عاجياً
في عُتمةِ شعركِ.. وانسيني
أنا نُقطةُ ماءٍ حائرةٌ
بقيت في دفترِ تشرينِ
زيديني عشقاً زيديني
يا أحلى نوباتِ جنوني
من أجلكِ أعتقتُ نسائي
وتركتُ التاريخَ ورائي
وشطبتُ شهادةَ ميلادي
وقطعتُ جميعَ شراييني...
أريدك أنثى
أريدك أنثى
ولا أدعي العلم في كيمياء النساء
ومن أين يأتي الرحيق بالأنوثه
وكيف تصير الضباء .. ضباء ؟؟
وكيف العصافير تتقن فن الغناء ؟؟
أريدك أنثى
ويكفي حضورك كي لا يكون المكان
ويكفي مجيئك كي لا يجيء الزمان
وتكفي ابتسامة عينيك كي يبدأ المهرجان
فوجهـك تأشيرتي لدخول بلاد الحنان
أريدك أنثى
كما جاء في كتب الشعر منذ ألوف السنين
وما جاء في كتب العشق والعاشقين
وما جاء في كتب الماء .. والورد .. والياسمين ..
أريدكـ وادعـة كـ حمامة ..
وصافية كمياه الغمامة ..
وشارده كـ الغزاله
مابين نجــد .. وتهامـه ..
أريدكـ أنثى
لتبقى الحياة على أرضنا ممكنة
وتبقى القصائد في عصرنا ممكنة
وتبقى الكواكب والأزمنة
وتبقى المراكب .. والبحر .. والأحرف الأبجدية ..
فما دمتِ أنثى فنحن بخير ..
أريدكـ أنثى
لأن الحضارة أنثى
ولأن القصيدة أنثى
ولأن سنبلة القمح أنثى
وقارورة العطر أنثى
وباريس بين المدائن أنثى
وبيروت تبقى بـ رغم الجراحات أنثى
فبإسم الذين يريدون أن يكتبوا الشعر كوني أنثى
وبإسم الذين يريدون أن يصنعوا الحب كوني أنثى
وعدتك أن لا أحبك
وعدتك أن لا أحبك ....
ثم أمام القرار الكبير ...جبنت ..
وعدتك أن لا أعود ..وعدت ...
وعدتك أن لا أموت إشتياقا ...ومت ..
وعدت مرارا ..وقررت أن أستقيل ... مرارا ..
ولا أذكر أني إستقلت ..
وعدت بأشياء أكبر مني ...فماذا غدا ستقول الجرائد عني ..
أكيد .. ستكتب أني جننت ..أكيد ... ستكتب أني إنتحرت ...
وعدتك أن لا أكون ضعيفا ..وكنت ...
وعدتك أن لا أقول بعينيك شعرا ..وقلت ..
وعدت ...بأن لا ... وأن لا ..وأن لا ...
وحين إكتشفت غبائي ...ضحكت ...
وعدتك أن لا أبالي ...بشعرك حين يمر أمامي ...
وحين تدفق كالليل فوق الرصيف ...صرخت ..
وعدتك أن أتجاهل عينيك ...مهما دعاني الحنين ..
وحين رأيتهما تمطران نجوما ...شهقت ..
وعدتك أن لا أوجه ..أية رسالة حب إليك ..
ولكنني رغم أنفي ... كتبت ...
وعدتك أن لا أكون بأي مكان ...تكونين فيه ..
وحين عرفت بأنك مدعوة للعشاء ..ذهبت ..
وعدتك أن لا أحبك ...كيف ؟... وأين ؟ ...
وفي أي يوم وعدت ؟؟؟...
لقد كنت أكذب ..من شدة الصدق ...
والحمدلله أني كذبت ...
وعدت بكل برود .. وكل غباء ...بإحراق كل الجسور ورائي ...
وقررت بالسر ..قتل جميع النساء ...
وأعلنت حربي عليك ...وحين رأيت يديك المسالمتين ...إختجلت ...
وعدت ...بأن لا ... وأن لا ...
وكانت جميع وعودي ...دخانا وبعثرته في الهواء ...
وعدتك أن لا أتلفن ليلا ...وأن لا أفكر فيك إذا تمرضين ...
وأن لا أخاف عليك ....وأن لا أقدم وردا ..
وأن لا أبوس يديك ..وتلفنت ليلا على الرغم مني ...
وأرسلت وردا على الرغم مني ...وبستك من بين عينيك ...حتى شبعت ...
وعدت ..بأن لا ...وأن لا ..وحين إكتشفت غبائي ...ضحكت ...
وعدت بذبحك خمسين مرة ....وحين رأيت الدماء تغطي ثيابي ..
تأكدت بأني الذي ...قد ذبحت ...
فلا تأخذيني على محمل الجد ...
مهما غضبت ... ومهما إنفعلت ...
ومهما إشتعلت ... ومهما إنطفأت ..
لقد كنت أكذب .. من شدة الصدق ..
والحمد لله أني كذبت ...
وعدتك أن أحسم الأمر فورا ..وحين رأيت الدموع ..
تهرهر من مقلتيك ...
إرتبكت ..
وحين رأيت الحقائب في الأرض ...أدركت أنك لا تقتلين ...بهذه السهوله ..
فأنت البلاد ... وأنت القبيله ..وأنت القصيدة قبل التكون ..أنت الطفوله ...
وعدت بإلغاء عينيك ...من دفتر ذكرياتي ..
ولم أكن أعلم ..أني ألغي حياتي ..
ولم أكن أعلم أنك ...رغم الخلاف الصغير أنا ..وأنني أنت ...
وعدتك أن لا أحبك ...ياللحماقة ..ماذا بنفسي فعلت ..
لقد كنت أكذب من شدة الصدق ...
والحمدلله أني كذبت ..
وعدتك أن لا أكون هنا ...بعد خمس دقائق ..
ولكن إلى أين أذهب ؟؟ ..إن الشوارع مغسولة بالمطر ...
إلى أين أدخل ؟؟..إن مقاهي المدينة ...مسكونة بالضجر ..
إلى أين أبحر وحدي ؟؟...وأنت البحار ...
وأنت القلوع ..وأنت السفر ...
فهل من الممكن أن أظل ...لعشر دقائق أخرى ...
لحين إنقطاع المطر ...
أكيد بأني سأرحل ...
بعد رحيل الغيوم ..
وبعد هدوء الرياح ...
وإلا فسأنزل ضيفا عليك ...
إلى أن يجيء الصباح ...
وعدتك أن لا أحبك ...مثل المجانين ...فى ... المرة الثانية
وأن لا أهاجم مثل العصافير ...أشجار تفاحك العالية ..
وأن لا أمشط شعرك ..حين تنامين ...
ياقطتي الغالية ...
وعدتك أن لا أضيع ...بقية عقلي ..
إذا ماسقطت على جسدي ...نجمة حافية ...
وعدت بكبح جماح جنوني ...
ويسعدني أنني لا أزال ..شديد التطرف حين أحب ..
تماما كما كنت ..
في السنة الماضية ..وعدتك أن لا أخبئ ...وجهي بغابات شعرك ...
طيلة عام ..
وأن لا أصيد المحار ...على رماد عينيك ...
طيلة عام ...
فكيف أقول كلاما سخيفا ...كهذا الكلام ...
وعيناك داري ...
ودار سلام ..
وكيف سمحت لنفسي ...بجرح شعور الرخام ...
وبيني وبينك ...خبز ... وملح ..وشدو حمام ..
وأنت البداية في كل شيء ...ومسك الختام ...
وعدتك أن لا أعود ...وعدت ...
وأن لا أموت إشتياقا ....ومت...
وعدت بأشياء أكبر مني ...فماذا بنفسي فعلت ...
لقد كنت أكذب ...من شدة الصدق ..
والحمد لله ...
أنني كذبت
قصيدة اعجبتني ,
فيها تلقائية مدهشه
نزيف قلب ...ولمن ينزف القلب إن لم ينزف لكلمات نزار وخصوصاً هذه
رسالـة من تحت المــاء
إن كنتَ صديقي.. ساعِدني
كَي أرحَلَ عَنك..
أو كُنتَ حبيبي.. ساعِدني
كَي أُشفى منك
لو أنِّي أعرِفُ أنَّ الحُبَّ خطيرٌ جِدَّاً
ما أحببت
لو أنِّي أعرفُ أنَّ البَحرَ عميقٌ جِداً
ما أبحرت..
لو أنِّي أعرفُ خاتمتي
ما كنتُ بَدأت...
إشتقتُ إليكَ.. فعلِّمني
أن لا أشتاق
علِّمني كيفَ أقُصُّ جذورَ هواكَ من الأعماق
علِّمني كيف تموتُ الدمعةُ في الأحداق
علِّمني كيفَ يموتُ القلبُ وتنتحرُ الأشواق
صامطية
استراتيجية
القتالُ معـك .. بينَ الحين والحينْ
والإشتباكُ معَ نهديك
بالسلاح الأبيض
ضرورة ٌ استراتيجية ..
حتى تظل شرايينُ الحب مفتوحة
وحتى لا يُصابَ القـلبُ
بجلطةٍ عاطفية .. !
وجهُكِ محفورٌ على ميناء ساعتي
محفورٌ على عقرب الدقائق..
وعقرب الثواني..
محفورٌ على الأسابيع..
والشهور.. والسَنَواتْ..
لم يعد لي زمنٌ خصوصيّ
أصبحتِ أنتِ الزمنْ.
*
إنتهتْ معكِ..
مملكةُ شؤوني الصغيرة.
لم يعد لديَّ أشياء أملكها وحدي.
لم يعد عندي زهورٌ أنسّقها وحدي.
لم يعد عندي كُتُبٌ
أقرؤها وحدي..
أنتِ تتدخّلين بين عيني وبين وَرَقتي.
بين فمي ، وبين صوتي.
بين رأسي ، وبين مخدَّتي.
بين أصابعي ، وبين لُفافتي.
*
طبعاً..
أنا لا أشكو من سُكْناكِ فيّْ..
ومن تدخّلك في حركة يدي..
وحركة جفني.. وحركة أفكاري
فحقولُ القمح لا تشكو من وفرة سنابلها
وأشجارُ التين لا تضيق بعصافيرها
والكؤوس لا تضيق بسكنى النبيذ الأحمر فيها.
كلُّ ما أطلبه منكِ يا سيّدتي
أن لا تتحرّكي في داخل قلبي كثيراً..
حتى لا أتوجّع..
شُكراً لكم ..
شُكراً لكم . .
فحبيبتي قُتِلَت .. وصار بوُسْعِكُم
أن تشربوا كأساً على قبر الشهيدهْ
وقصيدتي اغْتِيلتْ ..
وهل من أُمَّـةٍ في الأرضِ ..
- إلا نحنُ - تغتالُ القصيدة ؟
بلقيسُ ...
كانتْ أجملَ المَلِكَاتِ في تاريخ بابِِلْ
بلقيسُ ..
كانت أطولَ النَخْلاتِ في أرض العراقْ
كانتْ إذا تمشي ..
ترافقُها طواويسٌ ..
وتتبعُها أيائِلْ ..
بلقيسُ .. يا وَجَعِي ..
ويا وَجَعَ القصيدةِ حين تلمَسُهَا الأناملْ
هل يا تُرى ..
من بعد شَعْرِكِ سوفَ ترتفعُ السنابلْ ؟
يا نَيْنَوَى الخضراءَ ..
يا غجريَّتي الشقراءَ ..
يا أمواجَ دجلةَ . .
تلبسُ في الربيعِ بساقِهِا
أحلى الخلاخِلْ ..
قتلوكِ يا بلقيسُ ..
أيَّةُ أُمَّةٍ عربيةٍ ..
تلكَ التي
تغتالُ أصواتَ البلابِلْ ؟
أين السَّمَوْأَلُ ؟
والمُهَلْهَلُ ؟
والغطاريفُ الأوائِلْ ؟
فقبائلٌ أَكَلَتْ قبائلْ ..
وثعالبٌ قَتَـلَتْ ثعالبْ ..
وعناكبٌ قتلتْ عناكبْ ..
قَسَمَاً بعينيكِ اللتينِ إليهما ..
تأوي ملايينُ الكواكبْ ..
سأقُولُ ، يا قَمَرِي ، عن العَرَبِ العجائبْ
فهل البطولةُ كِذْبَةٌ عربيةٌ ؟
أم مثلنا التاريخُ كاذبْ ؟.
بلقيسُ
لا تتغيَّبِي عنّي
فإنَّ الشمسَ بعدكِ
لا تُضيءُ على السواحِلْ . .
سأقول في التحقيق :
إنَّ اللصَّ أصبحَ يرتدي ثوبَ المُقاتِلْ
وأقول في التحقيق :
إنَّ القائدَ الموهوبَ أصبحَ كالمُقَاوِلْ ..
وأقولُ :
إن حكايةَ الإشعاع ، أسخفُ نُكْتَةٍ قِيلَتْ ..
فنحنُ قبيلةٌ بين القبائِلْ
هذا هو التاريخُ . . يا بلقيسُ ..
كيف يُفَرِّقُ الإنسانُ ..
ما بين الحدائقِ والمزابلْ
بلقيسُ ..
أيَّتها الشهيدةُ .. والقصيدةُ ..
والمُطَهَّرَةُ النقيَّةْ ..
سَبَـأٌ تفتِّشُ عن مَلِيكَتِهَا
فرُدِّي للجماهيرِ التحيَّةْ ..
يا أعظمَ المَلِكَاتِ ..
يا امرأةً تُجَسِّدُ كلَّ أمجادِ العصورِ السُومَرِيَّةْ
بلقيسُ ..
يا عصفورتي الأحلى ..
ويا أَيْقُونتي الأَغْلَى
ويا دَمْعَاً تناثرَ فوق خَدِّ المجدليَّةْ
أَتُرى ظَلَمْتُكِ إذْ نَقَلْتُكِ
ذاتَ يومٍ .. من ضفاف الأعظميَّةْ
بيروتُ .. تقتُلُ كلَّ يومٍ واحداً مِنَّا ..
وتبحثُ كلَّ يومٍ عن ضحيَّةْ
والموتُ .. في فِنْجَانِ قَهْوَتِنَا ..
وفي مفتاح شِقَّتِنَا ..
وفي أزهارِ شُرْفَتِنَا ..
وفي وَرَقِ الجرائدِ ..
والحروفِ الأبجديَّةْ ...
ها نحنُ .. يا بلقيسُ ..
ندخُلُ مرةً أُخرى لعصرِ الجاهليَّةْ ..
ها نحنُ ندخُلُ في التَوَحُّشِ ..
والتخلّفِ .. والبشاعةِ .. والوَضَاعةِ ..
ندخُلُ مرةً أُخرى .. عُصُورَ البربريَّةْ ..
حيثُ الكتابةُ رِحْلَةٌ
بينِ الشَّظيّةِ .. والشَّظيَّةْ
حيثُ اغتيالُ فراشةٍ في حقلِهَا ..
صارَ القضيَّةْ ..
هل تعرفونَ حبيبتي بلقيسَ ؟
فهي أهمُّ ما كَتَبُوهُ في كُتُبِ الغرامْ
كانتْ مزيجاً رائِعَاً
بين القَطِيفَةِ والرخامْ ..
كان البَنَفْسَجُ بينَ عَيْنَيْهَا
ينامُ ولا ينامْ ..
بلقيسُ ..
يا عِطْرَاً بذاكرتي ..
ويا قبراً يسافرُ في الغمام ..
قتلوكِ ، في بيروتَ ، مثلَ أيِّ غزالةٍ
من بعدما .. قَتَلُوا الكلامْ ..
بلقيسُ ..
ليستْ هذهِ مرثيَّةً
لكنْ ..
على العَرَبِ السلامْ
بلقيسُ ..
مُشْتَاقُونَ .. مُشْتَاقُونَ .. مُشْتَاقُونَ ..
والبيتُ الصغيرُ ..
يُسائِلُ عن أميرته المعطَّرةِ الذُيُولْ
نُصْغِي إلى الأخبار .. والأخبارُ غامضةٌ
ولا تروي فُضُولْ ..
بلقيسُ ..
مذبوحونَ حتى العَظْم ..
والأولادُ لا يدرونَ ما يجري ..
ولا أدري أنا .. ماذا أقُولْ ؟
هل تقرعينَ البابَ بعد دقائقٍ ؟
هل تخلعينَ المعطفَ الشَّتَوِيَّ ؟
هل تأتينَ باسمةً ..
وناضرةً ..
ومُشْرِقَةً كأزهارِ الحُقُولْ ؟
بلقيسُ ..
إنَّ زُرُوعَكِ الخضراءَ ..
ما زالتْ على الحيطانِ باكيةً ..
وَوَجْهَكِ لم يزلْ مُتَنَقِّلاً ..
بينَ المرايا والستائرْ
حتى سجارتُكِ التي أشعلتِها
لم تنطفئْ ..
ودخانُهَا
ما زالَ يرفضُ أن يسافرْ
بلقيسُ ..
مطعونونَ .. مطعونونَ في الأعماقِ ..
والأحداقُ يسكنُها الذُهُولْ
بلقيسُ ..
كيف أخذتِ أيَّامي .. وأحلامي ..
وألغيتِ الحدائقَ والفُصُولْ ..
يا زوجتي ..
وحبيبتي .. وقصيدتي .. وضياءَ عيني ..
قد كنتِ عصفوري الجميلَ ..
فكيف هربتِ يا بلقيسُ منّي ؟..
بلقيسُ ..
هذا موعدُ الشَاي العراقيِّ المُعَطَّرِ ..
والمُعَتَّق كالسُّلافَةْ ..
فَمَنِ الذي سيوزّعُ الأقداحَ .. أيّتها الزُرافَةْ ؟
ومَنِ الذي نَقَلَ الفراتَ لِبَيتنا ..
وورودَ دَجْلَةَ والرَّصَافَةْ ؟
بلقيسُ ..
إنَّ الحُزْنَ يثقُبُنِي ..
وبيروتُ التي قَتَلَتْكِ .. لا تدري جريمتَها
وبيروتُ التي عَشقَتْكِ ..
تجهلُ أنّها قَتَلَتْ عشيقتَها ..
وأطفأتِ القَمَرْ ..
بلقيسُ ..
يا بلقيسُ ..
يا بلقيسُ
كلُّ غمامةٍ تبكي عليكِ ..
فَمَنْ تُرى يبكي عليَّا ..
بلقيسُ .. كيف رَحَلْتِ صامتةً
ولم تَضَعي يديْكِ .. على يَدَيَّا ؟
بلقيسُ ..
كيفَ تركتِنا في الريح ..
نرجِفُ مثلَ أوراق الشَّجَرْ ؟
وتركتِنا - نحنُ الثلاثةَ - ضائعينَ
كريشةٍ تحتَ المَطَرْ ..
أتُرَاكِ ما فَكَّرْتِ بي ؟
وأنا الذي يحتاجُ حبَّكِ .. مثلَ (زينبَ) أو (عُمَرْ)
بلقيسُ ..
يا كَنْزَاً خُرَافيّاً ..
ويا رُمْحَاً عِرَاقيّاً ..
وغابَةَ خَيْزُرَانْ ..
يا مَنْ تحدَّيتِ النجُومَ ترفُّعاً ..
مِنْ أينَ جئتِ بكلِّ هذا العُنْفُوانْ ؟
بلقيسُ ..
أيتها الصديقةُ .. والرفيقةُ ..
والرقيقةُ مثلَ زَهْرةِ أُقْحُوَانْ ..
ضاقتْ بنا بيروتُ .. ضاقَ البحرُ ..
ضاقَ بنا المكانْ ..
بلقيسُ : ما أنتِ التي تَتَكَرَّرِينَ ..
فما لبلقيسَ اثْنَتَانْ ..
بلقيسُ ..
تذبحُني التفاصيلُ الصغيرةُ في علاقتِنَا ..
وتجلُدني الدقائقُ والثواني ..
فلكُلِّ دبّوسٍ صغيرٍ .. قصَّةٌ
ولكُلِّ عِقْدٍ من عُقُودِكِ قِصَّتانِ
حتى ملاقطُ شَعْرِكِ الذَّهَبِيِّ ..
تغمُرُني ،كعادتِها ، بأمطار الحنانِ
ويُعَرِّشُ الصوتُ العراقيُّ الجميلُ ..
على الستائرِ ..
والمقاعدِ ..
والأوَاني ..
ومن المَرَايَا تطْلَعِينَ ..
من الخواتم تطْلَعِينَ ..
من القصيدة تطْلَعِينَ ..
من الشُّمُوعِ ..
من الكُؤُوسِ ..
من النبيذ الأُرْجُواني ..
بلقيسُ ..
يا بلقيسُ .. يا بلقيسُ ..
لو تدرينَ ما وَجَعُ المكانِ ..
في كُلِّ ركنٍ .. أنتِ حائمةٌ كعصفورٍ ..
وعابقةٌ كغابةِ بَيْلَسَانِ ..
فهناكَ .. كنتِ تُدَخِّنِينَ ..
هناكَ .. كنتِ تُطالعينَ ..
هناكَ .. كنتِ كنخلةٍ تَتَمَشَّطِينَ ..
وتدخُلينَ على الضيوفِ ..
كأنَّكِ السَّيْفُ اليَمَاني ..
بلقيسُ ..
أين زجَاجَةُ ( الغِيرلاَنِ ) ؟
والوَلاّعةُ الزرقاءُ ..
أينَ سِجَارةُ الـ (الكَنْتِ ) التي
ما فارقَتْ شَفَتَيْكِ ؟
أين (الهاشميُّ ) مُغَنِّيَاً ..
فوقَ القوامِ المَهْرَجَانِ ..
تتذكَّرُ الأمْشَاطُ ماضيها ..
فَيَكْرُجُ دَمْعُهَا ..
هل يا تُرى الأمْشَاطُ من أشواقها أيضاً تُعاني ؟
بلقيسُ : صَعْبٌ أنْ أهاجرَ من دمي ..
وأنا المُحَاصَرُ بين ألسنَةِ اللهيبِ ..
وبين ألسنَةِ الدُخَانِ ...
بلقيسُ : أيتَّهُا الأميرَةْ
ها أنتِ تحترقينَ .. في حربِ العشيرةِ والعشيرَةْ
ماذا سأكتُبُ عن رحيل مليكتي ؟
إنَ الكلامَ فضيحتي ..
ها نحنُ نبحثُ بين أكوامِ الضحايا ..
عن نجمةٍ سَقَطَتْ ..
وعن جَسَدٍ تناثَرَ كالمَرَايَا ..
ها نحنُ نسألُ يا حَبِيبَةْ ..
إنْ كانَ هذا القبرُ قَبْرَكِ أنتِ
أم قَبْرَ العُرُوبَةْ ..
بلقيسُ :
يا صَفْصَافَةً أَرْخَتْ ضفائرَها عليَّ ..
ويا زُرَافَةَ كبرياءْ
بلقيسُ :
إنَّ قَضَاءَنَا العربيَّ أن يغتالَنا عَرَبٌ ..
ويأكُلَ لَحْمَنَا عَرَبٌ ..
ويبقُرَ بطْنَنَا عَرَبٌ ..
ويَفْتَحَ قَبْرَنَا عَرَبٌ ..
فكيف نفُرُّ من هذا القَضَاءْ ؟
فالخِنْجَرُ العربيُّ .. ليسَ يُقِيمُ فَرْقَاً
بين أعناقِ الرجالِ ..
وبين أعناقِ النساءْ ..
بلقيسُ :
إنْ هم فَجَّرُوكِ .. فعندنا
كلُّ الجنائزِ تبتدي في كَرْبَلاءَ ..
وتنتهي في كَرْبَلاءْ ..
لَنْ أقرأَ التاريخَ بعد اليوم
إنَّ أصابعي اشْتَعَلَتْ ..
وأثوابي تُغَطِّيها الدمَاءْ ..
ها نحنُ ندخُلُ عصْرَنَا الحَجَرِيَّ
نرجعُ كلَّ يومٍ ، ألفَ عامٍ للوَرَاءْ ...
البحرُ في بيروتَ ..
بعد رحيل عَيْنَيْكِ اسْتَقَالْ ..
والشِّعْرُ .. يسألُ عن قصيدَتِهِ
التي لم تكتمِلْ كلماتُهَا ..
ولا أَحَدٌ .. يُجِيبُ على السؤالْ
الحُزْنُ يا بلقيسُ ..
يعصُرُ مهجتي كالبُرْتُقَالَةْ ..
الآنَ .. أَعرفُ مأزَقَ الكلماتِ
أعرفُ وَرْطَةَ اللغةِ المُحَالَةْ ..
وأنا الذي اخترعَ الرسائِلَ ..
لستُ أدري .. كيفَ أَبْتَدِئُ الرسالَةْ ..
السيف يدخُلُ لحم خاصِرَتي
وخاصِرَةِ العبارَةْ ..
كلُّ الحضارةِ ، أنتِ يا بلقيسُ ، والأُنثى حضارَةْ ..
بلقيسُ : أنتِ بشارتي الكُبرى ..
فَمَنْ سَرَق البِشَارَةْ ؟
أنتِ الكتابةُ قبْلَمَا كانَتْ كِتَابَةْ ..
أنتِ الجزيرةُ والمَنَارَةْ ..
بلقيسُ :
يا قَمَرِي الذي طَمَرُوهُ ما بين الحجارَةْ ..
الآنَ ترتفعُ الستارَةْ ..
الآنَ ترتفعُ الستارِةْ ..
سَأَقُولُ في التحقيقِ ..
إنّي أعرفُ الأسماءَ .. والأشياءَ .. والسُّجَنَاءَ ..
والشهداءَ .. والفُقَرَاءَ .. والمُسْتَضْعَفِينْ ..
وأقولُ إنّي أعرفُ السيَّافَ قاتِلَ زوجتي ..
ووجوهَ كُلِّ المُخْبِرِينْ ..
وأقول : إنَّ عفافَنا عُهْرٌ ..
وتَقْوَانَا قَذَارَةْ ..
وأقُولُ : إنَّ نِضالَنا كَذِبٌ
وأنْ لا فَرْقَ ..
ما بين السياسةِ والدَّعَارَةْ !!
سَأَقُولُ في التحقيق :
إنّي قد عَرَفْتُ القاتلينْ
وأقُولُ :
إنَّ زمانَنَا العربيَّ مُخْتَصٌّ بذَبْحِ الياسَمِينْ
وبقَتْلِ كُلِّ الأنبياءِ ..
وقَتْلِ كُلِّ المُرْسَلِينْ ..
حتّى العيونُ الخُضْرُ ..
يأكُلُهَا العَرَبْ
حتّى الضفائرُ .. والخواتمُ
والأساورُ .. والمرايا .. واللُّعَبْ ..
حتّى النجومُ تخافُ من وطني ..
ولا أدري السَّبَبْ ..
حتّى الطيورُ تفُرُّ من وطني ..
و لا أدري السَّبَبْ ..
حتى الكواكبُ .. والمراكبُ .. والسُّحُبْ
حتى الدفاترُ .. والكُتُبْ ..
وجميعُ أشياء الجمالِ ..
جميعُها .. ضِدَّ العَرَبْ ..
لَمَّا تناثَرَ جِسْمُكِ الضَّوْئِيُّ
يا بلقيسُ ،
لُؤْلُؤَةً كريمَةْ
فَكَّرْتُ : هل قَتْلُ النساء هوايةٌ عَربيَّةٌ
أم أنّنا في الأصل ، مُحْتَرِفُو جريمَةْ ؟
بلقيسُ ..
يا فَرَسِي الجميلةُ .. إنَّني
من كُلِّ تاريخي خَجُولْ
هذي بلادٌ يقتلُونَ بها الخُيُولْ ..
هذي بلادٌ يقتلُونَ بها الخُيُولْ ..
مِنْ يومِ أنْ نَحَرُوكِ ..
يا بلقيسُ ..
يا أَحْلَى وَطَنْ ..
لا يعرفُ الإنسانُ كيفَ يعيشُ في هذا الوَطَنْ ..
لا يعرفُ الإنسانُ كيفَ يموتُ في هذا الوَطَنْ ..
ما زلتُ أدفعُ من دمي ..
أعلى جَزَاءْ ..
كي أُسْعِدَ الدُّنْيَا .. ولكنَّ السَّمَاءْ
شاءَتْ بأنْ أبقى وحيداً ..
مثلَ أوراق الشتاءْ
هل يُوْلَدُ الشُّعَرَاءُ من رَحِمِ الشقاءْ ؟
وهل القصيدةُ طَعْنَةٌ
في القلبِ .. ليس لها شِفَاءْ ؟
أم أنّني وحدي الذي
عَيْنَاهُ تختصرانِ تاريخَ البُكَاءْ ؟
سَأقُولُ في التحقيق :
كيف غَزَالتي ماتَتْ بسيف أبي لَهَبْ
كلُّ اللصوص من الخليجِ إلى المحيطِ ..
يُدَمِّرُونَ .. ويُحْرِقُونَ ..
ويَنْهَبُونَ .. ويَرْتَشُونَ ..
ويَعْتَدُونَ على النساءِ ..
كما يُرِيدُ أبو لَهَبْ ..
كُلُّ الكِلابِ مُوَظَّفُونَ ..
ويأكُلُونَ ..
ويَسْكَرُونَ ..
على حسابِ أبي لَهَبْ ..
لا قَمْحَةٌ في الأرض ..
تَنْبُتُ دونَ رأي أبي لَهَبْ
لا طفلَ يُوْلَدُ عندنا
إلا وزارتْ أُمُّهُ يوماً ..
فِراشَ أبي لَهَبْ !!...
لا سِجْنَ يُفْتَحُ ..
دونَ رأي أبي لَهَبْ ..
لا رأسَ يُقْطَعُ
دونَ أَمْر أبي لَهَبْ ..
سَأقُولُ في التحقيق :
كيفَ أميرتي اغْتُصِبَتْ
وكيفَ تقاسَمُوا فَيْرُوزَ عَيْنَيْهَا
وخاتَمَ عُرْسِهَا ..
وأقولُ كيفَ تقاسَمُوا الشَّعْرَ الذي
يجري كأنهارِ الذَّهَبْ ..
سَأَقُولُ في التحقيق :
كيفَ سَطَوْا على آيات مُصْحَفِهَا الشريفِ
وأضرمُوا فيه اللَّهَبْ ..
سَأقُولُ كيفَ اسْتَنْزَفُوا دَمَهَا ..
وكيفَ اسْتَمْلَكُوا فَمَهَا ..
فما تركُوا به وَرْدَاً .. ولا تركُوا عِنَبْ
هل مَوْتُ بلقيسٍ ...
هو النَّصْرُ الوحيدُ
بكُلِّ تاريخِ العَرَبْ ؟؟...
بلقيسُ ..
يا مَعْشُوقتي حتّى الثُّمَالَةْ ..
الأنبياءُ الكاذبُونَ ..
يُقَرْفِصُونَ ..
ويَرْكَبُونَ على الشعوبِ
ولا رِسَالَةْ ..
لو أَنَّهُمْ حَمَلُوا إلَيْنَا ..
من فلسطينَ الحزينةِ ..
نَجْمَةً ..
أو بُرْتُقَالَةْ ..
لو أَنَّهُمْ حَمَلُوا إلَيْنَا ..
من شواطئ غَزَّةٍ
حَجَرَاً صغيراً
أو محَاَرَةْ ..
لو أَنَّهُمْ من رُبْعِ قَرْنٍ حَرَّروا ..
زيتونةً ..
أو أَرْجَعُوا لَيْمُونَةً
ومَحوا عن التاريخ عَارَهْ
لَشَكَرْتُ مَنْ قَتَلُوكِ .. يا بلقيسُ ..
يا مَعْشوقتي حتى الثُّمَالَةْ ..
لكنَّهُمْ تَرَكُوا فلسطيناً
ليغتالُوا غَزَالَةْ !!...
ماذا يقولُ الشِّعْرُ ، يا بلقيسُ ..
في هذا الزَمَانِ ؟
ماذا يقولُ الشِّعْرُ ؟
في العَصْرِ الشُّعُوبيِّ ..
المَجُوسيِّ ..
الجَبَان
والعالمُ العربيُّ
مَسْحُوقٌ .. ومَقْمُوعٌ ..
ومَقْطُوعُ اللسانِ ..
نحنُ الجريمةُ في تَفَوُّقِها
فما ( العِقْدُ الفريدُ ) وما ( الأَغَاني ) ؟؟
أَخَذُوكِ أيَّتُهَا الحبيبةُ من يَدِي ..
أخَذُوا القصيدةَ من فَمِي ..
أخَذُوا الكتابةَ .. والقراءةَ ..
والطُّفُولَةَ .. والأماني
بلقيسُ .. يا بلقيسُ ..
يا دَمْعَاً يُنَقِّطُ فوق أهداب الكَمَانِ ..
عَلَّمْتُ مَنْ قتلوكِ أسرارَ الهوى
لكنَّهُمْ .. قبلَ انتهاءِ الشَّوْطِ
قد قَتَلُوا حِصَاني
بلقيسُ :
أسألكِ السماحَ ، فربَّما
كانَتْ حياتُكِ فِدْيَةً لحياتي ..
إنّي لأعرفُ جَيّداً ..
أنَّ الذين تورَّطُوا في القَتْلِ ، كانَ مُرَادُهُمْ
أنْ يقتُلُوا كَلِمَاتي !!!
نامي بحفْظِ اللهِ .. أيَّتُها الجميلَةْ
فالشِّعْرُ بَعْدَكِ مُسْتَحِيلٌ ..
والأُنُوثَةُ مُسْتَحِيلَةْ
سَتَظَلُّ أجيالٌ من الأطفالِ ..
تسألُ عن ضفائركِ الطويلَةْ ..
وتظلُّ أجيالٌ من العُشَّاقِ
تقرأُ عنكِ . . أيَّتُها المعلِّمَةُ الأصيلَةْ ...
وسيعرفُ الأعرابُ يوماً ..
أَنَّهُمْ قَتَلُوا الرسُولَةْ ..
قَتَلُوا الرسُولَةْ ..
مـايــا
الركبة الملساء .. والشفة الغليظة ..
والسراويل الطويلة والقصيره
إني تعبت من التفاصيل الصغيره ..
ومن الخطوط المستقيمة .. والخطوط المستديره ..
وتعبت من هذا النفير العسكري
إلى مطارحة الغرام
النهد .. مثل القائد العربي يأمرني :
تقدم للأمام ..
والفلفل الهندي في الشفتين يهتف بي :
تقدم للأمام ..
والأحمر العنبي فوق أصابع القدمين
يصرخ بي :
تقدم للإمام ..
إني رفعت الراية البيضاء ، سيدتي
بلا قيد ولا شرط ،
ومفتاح المدينة تحت أمرك ..
فادخليها في سلام ..
جسدي المدينة ..
فادخلي من أي باب شئت أيتها الأميره ..
وتصرفي بجميع ما فيها .. ومن فيها ..
وخليني أنام ..
2
الركبة البيضاء .. والحمراء .. والخضراء ..
كيف أميز الألوان ؟
إن زجاجة الفودكا تحيل ثقافتي صفراً ..
وترجعني إلى جهل العشيره ..
وتضخم الإحساس بالأشياء ..
ترميني عليك كأنك الأنثى الأخيره ..
3
مايا تغني - وهي تحت الدوش -
أغنية من اليونان رائعة ..
وتضحك دونما سبب ..
وتغضب دونما سبب
وترضى دونما سبب
ويدخل نهدها الذهبي في لحم المرايا ..
مايا تناديني ..
لأعطيها مناشفها ..
واعطيها مكاحلها ..
وأعطيها خواتمها الملونة المثيره
مايا تقول بأنها لم تبلغ العشرين بعد ..
وأنها ما قاربت أحداً سوايا ..
وأنا أصدق كل ما قال النبيذ ..
وكل ما قالته مايا ..
4
مايا على ( الموكيت ) حافية ..
وتطلب أن أساعدها على ربط الضفيره
وأنا أواجه ظهرها العاري ..
كطفل ضائع ما بين آلاف الهدايا ..
الشمس تشرق دائماً من ظهر مايا ..
5
من أين أبدأ رحلتي ؟
والبحر من ذهب .. ومن زغب ..
وحول عمودها الفقري أكثر من جزيره
من يا ترى اخترع القصيده والنبيذ وخصر مايا ..
مايا لها إبطان يخترعان عطرهما ..
ويكتشفان رائحة الطريده ..
مايا تسافر في انحناءات النبيذ ..
وفي انحناءات الشعور ..
وفي إضاءات القصيده ..
وأنا أسافر في أنوثتها وضحكتها ..
وأرسو كل ثانية على أرض جديده ..
مايا تقول بأنني الذكر الوحيد ..
وإنها الأنثى الوحيده ..
وأنا أصدق كل ما قال النبيذ ..
وكل ما قالته مايا ..
6
مايا لها نهدان شيطانان همهما مخالفة الوصايا ..
مايا مخربة .. وطيبة ..
وماكرة .. وطاهرة ..
وتحلو حين ترتكب الخطايا ..
الحر في تموز يجلدني على ظهري ..
فكيف يمارس الانسان فن الحب في عز الظهيرة ؟
والموت في عز الظهيره ..؟
7
مايا وراء ستارة الحمام واقفة كسنبلة ..
وتروي لي النوادر والحكايا ..
وأنا أرى الأشياء ثابتة .. ومائلة ..
وحاضرة .. وغائبة ..
وواضحة .. وغامضة ..
فتخذلني يدايا ..
مايا مبللة وطازجة كتفاح الجبال ..
وعند تقاطع الخلجان قد سالت دمايا ..
مايا تكرر أنها ما لامست أحداً سوايا ..
وأنا لا أصدق كل ما قال النبيذ ..
ونص ما قالته مايا ..
8
مايا مهيأة كطاووس ملوكي ..
وزهرة جلنار ..
مايا تفتش عن فريستها كأسماك البحار ..
فمتى سأتخذ القرار ؟
9
هذي شواطيء حضرموت ..
وبعدها .. تأتي طريق الهند ..
إن مراكبي داخت ..
وبين الطحلب البحري والمرجان ..
تنفتح احتمالات كثيره ..
ماذا اعتراني ؟
إن إفريقيا على مرمى يدي ..
ومجاهل البنغال أخطر من خطيره ..
مايا تناديني ..
فتنفجر المعادن ..
والفواكه ..
والتوابل ..
والبهار ..
هذا النبيذ أساء لي جداً ..
وأنساني بدايات الحوار ..
فمتى سأتخذ القرار .؟
10
مايا تغني من مكان ما ..
ولا أدري على التحديد أين مكان مايا ..
كانت وراء ستارة الحمام ساطعة كلؤلؤة ..
وحولها النبيذ إلى شظايا ..
11
مايا تقول بأنها امرأتي ..
ومالكتي ..
ومملكتي ..
وتحلف أنها ما ضاجعت أحداً سوايا ..
وأنا أصدق كل ما قال النبيذ ..
وربع ما قالته مايا
تصورت حبك ..
طفحاً خفيفاً على سطح جلدي ..
أداويه بالماء .. أو بالكحول
وبررته باختلاف المناخ ..
وعللته بانقلاب الفصول ..
وكنت إذا سألوني ، أقول :
هواجس نفس ..
وضربة شمس ..
وخدش صغير على الوجه .. سوف يزول ..
تصورت حبك .. نهراً صغيراً ..
سيحيي المراعي .. ويروي الحقول ..
ولكنه اجتاح بر حياتي ..
فأغرق كل القرى ..
واتلف كل السهول ..
وجر سريري ..
وجدران بيتي ..
وخلفني فوق أرض الذهول ..
تصورت في البدء ..
أن هواك يمر مرور الغمامه
وأنك شط الأمان
وبر السلامه ..
وقدرت أن القضية بيني وبينك ..
سوف تهون ككل القضايا ..
وأنك سوف تذوبين مثل الكتابة فوق المرايا ..
وأن مرور الزمان ..
سيقطع كل جذور الحنان
ويغمر بالثلج كل الزوايا
تصورت أن حماسي لعينيك كان انفعالاً ..
كأي انفعال ..
وأن كلامي عن الحب ، كان كأي كلام يقال
وأكتشف الآن .. أني كنت قصير الخيال
فما كان حبك طفحاً يداوى بماء البنفسج واليانسون ..
ولا كان خدشاً طفيفاً يعالج بالعشب أو بالدهون ..
ولا كان نوبة برد ..
سترحل عند رحيل رياح الشمال ..
ولكنه كان سيفاً ينام بلحمي ..
وجيش احتلال ..
وأول مرحلة في طريق الجنون .!