الطريق
قال : الطريقُ قريبةٌ مـن هـا هنـا=قلتُ : استقلّ خواطري ونهايتي
وسنينَ غَرْثـى لـم تـزلْ مشـدودةً=أقتابُها بصدى الحديثِ الباهتِ
فأثرتُ تُرْبَ الروحِ بيـن جوانحـي=وسقيتُ حرفي أَسْتَردُّ حكايتي
فلقـدْ مشيـتُ ولـم أزلْ متأبـطـاًً= عَزْمي وخَطْوي وانكفاءَ بدايتي
أروي الصباحَ كهولتـي وملامحـي= وأبيحُ من وَجَعِ المسيرِ عباءتي
فضرمْتُ- رَغْمَ البينِ- نشوةَ أخمصي= ودلقْتُ عمري فوقَ نَصْلِ مَفَازتي
ورميـتُ ذاكـرةَ العثـارِ بقفرهـا= وأنرْتُ من نَقْعِ الطريقِ مسافتي
ونسيتُ بَعْضي في الطريـق لعلّنـي= أَدْنُو قريباً من صباح لَذَاذتي
سُمْتُ الزوادَ عسى الطريقُ تقودنـي= وعرضْتُ ظِلي باخساً وإداوتي
وظننْـتُ أَنّـي ماتـحٌ مـن دربـهِ= شيئاً ولكنْ عُدْتُ في سَبّابتي
أتوسّـدُ القيـظَ الخصيـبَ مراحـلاً= وأخيطُ من صَفْوِ الهجير مُلاءتي
وألملـمُ الخَطَـواتِ رَجْـوَ هُطولِهـا= فــَـنـــَمـَتْ صــحـاري الــقـحـطِ في حـــَمّـالــتي
فأعدتُ ذكرى القافليـن ومـا تـرى= إلا ســكــونـاً قــــــد أنــــاخ بــــــســـاعــــــتــي
فحثثتُ خيلَ العمرِ ظامئـةَ الخطـى= وســـقـــيـــتُهــا بـــوحـــا ًتــســــوّرَ رايـــــتـــي
ولفظـتُ وقْـعْ التيْـهِ مـن موّالِهـا= وأشــعــتُ لــحـنَ الـــذاهـبــــيـنَ بــســاحــــــتـي
فـإذا ريـاحُ العابـريـن سـوافـرٌ= تغتالُ ركضيَ وافْتِرار صباحتي
وتهيلُ من شَعَـثِ الطريـقِ سؤالَهـا= وتَفُتُّ قَدْحَ العادياتِ بِقَامتي
فأقلْتُ ضَبْحَ الروحِ أسْرجـتُ المنـى= لـكـنْ كــَـبــــَــوْتُ وفي يــديَّ ســمـــــاوتي
فغرستُ شَـطْءَ العمـرِ فـي بيدائـهِ= ووأدْتُ رأسي في انتظارِ عِـمامتي
يـا ذا الطريـق تؤزُّنـا لغـوايـةٍ= خـــصـفــتْ بلـيـــلِ الــــسَفْر نـعْــلَ مـــتاهـــتي
وَحَثَتْ عليَّ سمومَها وحسُومَها= وغَدَتْ تُسافِرُ في ظِلالِ سآمتي
يا أنـتَ مشكـاةُ الحيـاةِ طريقُهـا= فاشعـلْ خطــــاك وقــُدْ دروب مـقـــالــــــتــــي
وابْعـثْ غُبـاركَ واسْتعـدْهُ نهايـةً= مــابـــــدؤُهــــــا إلا مــــخـــاضُ نـــهـايــــةِ
هـذي الطريـقُ وذاك آخـرُها هُـنـا= فاطْلقْْ بياضَكَ إنْ أردْتَ بدايتي