لونك المفضل

المنتديات الثقافية - Powered by vBulletin
 

النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: مَوْعِدٌ مَعَ الشَّمْسِ

  1. #1
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية صهيل
    تاريخ التسجيل
    01 2005
    الدولة
    في حضن الماء
    المشاركات
    48

    مَوْعِدٌ مَعَ الشَّمْسِ



    " كانت بوقعِ الأحلامِ حاضرة ، وحين أدركتنا إفاقة الواقع ، عُدنا معاً نجترُّ الذكريات - هي أحداث قديمة عشناها يقيناً ورسمناها واقعاً - فصُفعنا بـ حقيقةِ كونه حلم .. حتى أن الأحـلام قد صوّرت صوراً - سأضعها في عودتي الآتية "

    مَوْعِدٌ مَعَ الشَّمْسِ

    في ذاكرتِها عدةُ وعودٍ تحتَ سقفِ حُلْمٍ .

    هو لم يتركْ لها فرصةً لمزيدٍ من التفاصيل حول لوحة الحياة ولا لقراءةٍ عميقةٍ في برها وبحرها – في نهارها وليلها .

    كان وعده حقيقةً تسلل إلى روحها واستقرّ رحابة تصوّرها وهي صاحبة التخيّل في تكوين الصور لكلِّ وعدٍ .

    كان نبيلٌ يعي أن التخيّل مهما كان عذباً جميلاً فلن يكون بروعةِ ولا جمالِ ولا شفافيةِ وعفويةِ الواقع .
    لذا كانت الوعوُد عناوينَ لحدثٍ آتٍ بقدرة الله ومشيئته .

    هاهي تشعر بوقعِ وعدٍ يُنعشُ أفق ذاكرتها .

    تطفئ كلَّ أضواءِ ظلمتها ! تُغمضُ عينيها برفقٍ وتتنهدُ ببطء وتأتي التفاصيل ..

    تستيقظ باكراً – تتوضأ وتصلي وتدعو الله كالعادة بالخيرِ والصلاحِ الدائمِ ثم تطوي سجادتها وتطوي معها دموعها التي بللت جسد السجادة .

    تقفُ وتسترقُ النظر صوب السماء – فتباغتها ابتسامة رقيقة كرقة قلبها .

    حان وقت الإفطار سأذهب للمطبخ – هل أيقظ نبيل الآن أم بعد إعداد الإفطار ؟ هكذا رددت بينها وبين نفسها .

    وفي طريقها للمطبخ تلتفتُ صوبَ سريرهما فإذا به غاطٌ في النوم ..

    لا بأس سأتركه ينام قليلاً ريثما أنتهي من التحضير .

    تنهي كل شيء .

    تدخل – تقف فجأةً وتتأملُ ملامحَ وجههِ ... تسير ببطء وتقف عند رأسه وبباطن كفها الدافئ تُمرر يدها على تفاصيل وجهه .. تدنو منه فتترك أثراً لقبلة تشرق من جبينه ..

    يفتح عينيه بتردد – وببطء شديد .. تتعانق نظراتهما ويستنشقان معاً أنفاس الصباح .

    يسأل نبيل : أليس اليومُ يومَ أجازة ؟

    فتجيبُ : بلى .

    ولِمَ إذن توقظيني باكراً ؟

    تقصف حاجبيها – وتنكسر نظرتها السابقة .. تهمُّ بفتح فيها فيضع سبابته على شفتيها فيذيب العتب .
    تبتسم وتقول : هيا فالإفطار ينتظرك !

    حسناً – ولكن هل الإفطار الوحيد الذي ينتظرني ؟

    تحمرُّ وجنتاها ويلبسها الخجل فتقرصه في كتفه .. ليصحو نشطاً .

    نعم فقد أصبحت القرصة وجبة يومية ولا مانع من تكرارها متى دعت الحاجة .

    استحم وارتدى ما راق له من ملابس .. وهناك من تنتظر قدومه .

    هاهو .. أتى واختار المقعد المقابل ..

    تصمت هي فيبتسم هو .

    تقول : سأفتح النافذة فالصباح اليوم بديعٌ ورائع .

    دعنا نسمع عزفَ العصافير ونشتم رائحة الصباح .

    تفتحُ النافذةَ وتعود ..

    يواجهها بابتسامة .. تقول في نفسها مابه يسخر !!

    أتوقع يا نبيل أن يكون الليل جميل كالنهار .

    فيرد ببرود : أنا لا أتوقع ..

    ماهذا الاستفزاز وماهذا التبلد – أهي مداعبة أم تهميش ؟

    قالت : بجدٍّ – هل تعني ذلك ؟

    فيجيب نبيل العلم عند الله ولكن الشاعر قد قال :

    حسناً ماذا قال الشاعر يا نبيل ؟

    قال الشاعر :

    إن بدا الإصباحُ رسماً يُنتشى = به الفؤادُ وتهتويه النظائرُ
    فاعلم يقيناً أن ليلك حالكٌ = منه الجمال مشردٌ يتضورُ


    فترد بغرابة : أي شاعرٍ قال هذا ؟ وهل أكيدٌ أنت من سلامتها وزناً ؟

    يرد نبيل : لا أعرف ولكنه قال .

    تخاطب نفسها : سيتعبني حتى يفهم – أو ربما هو لا يريد أن يفهم .

    الحمدلله ينطقها نبيل بعد أن أنهى إفطاره .. أما هي فلم تأكل شيئاً – فقد اكتفت بالتلميح .
    تلملم ما تبقى من إفطار ومعه تلملم عبرتها وتحتسي دموعها .

    تسير صوب السرير – وترمي ببدنها في نومٍ فارقها ليلة كاملة وهي تخطط وترتب أحداث الوادي والشمس والطبيعة ساعة ليل .

    نامت متعبة .

    يعلم أنها لم تنم ليلة البارحة .

    يتركها لتنام .. يقترب منها يقبّل جبينها فتنتقل من نومةٍ إلى أخرى ويغطيها بغطائها .. يطفئ النور ويخرج .

    في ساعةٍ لبس الليل أروع رداء – وتعطّر برائحة الطبيعة الخلاّبة وسط ضجيج المارّة يركض صوب الحجرة ويصل إلى السرير ..

    يقترب .. تشعر هي بكفٍ دافئة تجوب ملامحَ وجهها ... تفيق ويقابلها بابتسامة ...

    كم الساعة الآن ؟ كان هذا سؤالها .

    فيُجيب نبيل : لا يُهم كم الساعة الآن – المهم أن الليل حلّ ولم يكن الشاعر موفقاً فيما اعتقد ، فالليل فاق روعة الصباح ونسمات الهواء عليلة تهفهف هنا وهناك و ................ تُخرس بقايا حروفه بإصبعها فتتسلل قبلة حميمة كفيلة بإيصال كل ما يريد قوله .

    تتخلل أصابعه بين أصابعها ويشدّها صوبه ويطوّقها بذراعه الأخرى ويحملها إلى النافذة ..

    هناك يقفان ..

    يسألها بهدوء .

    ما رأيكِ بالليل ؟

    فتجيبه بسرعة ... إن أخذ منك جمال الصبح ما أخذ – فقد ترك منك ما تبقى لروعة الليل .

    يقول نبيل : لا مجال الآن ... هناك بجانب الوادي بمحاذاة الجبل تحت ضوء القمر مع رائحة هذا الليل سننسج معلقات عشق ..

    حسناً يا نبيل لا تُغادر النافذة فمنك الليل يكتسي الجمال .

    سأحمل معي ما أعددته لهذا الموعد – يجيب لكنني أخذت كل شيء .

    تبتسم – سأبدّل ملابسي وأعود ..

    يحملان كتلة حبهما .. يُطفئان الأنوار – يوصدان الأبواب ويخرجان .

    كان نبيل قد جهّز أغنية اعتادا على سماعها .

    فترافقهما الدموع المغلفة بابتساماتٍ إلى حيث يُريدان .

    يصلان ... ونشوات تجوب قلبيهما – ولوحات الجمال تُحيط بهما .

    يمدَّانِ الحصيرَ ويُنزلانِ ما يحتاجانه .

    يتنفسان الليل – يغفوان بين حلمٍ وحقيقة .

    هانحن .. نسرقُ الليلَ من العالمِ ونعيشه كيفما أردنا .

    دموع الفرح تبلل أرضهما .

    يمدُ يده وتمد يدها ويمسحان لبعضيهما ما يتدفق من دموع .

    تسكب له وسط تلك النشوات كأس شاي فتسقط إحدى دمعاتها العالقة داخل الكأس دون أن تعلم .. ولكنه لمح الدمعة وهي تمتطي سطح الشاي ثم تذوب وتذوب ..

    تمد بيديها والشاي في حضن كفيها يلسعها . وتقول أعلم أنك لا تحبه ولكن اتفقنا أن تشربه في موعدنا هذا ثم أنه بالليمون الذي تحب .

    فيرد نبيل ليس الوعد لوحده هو الذي دافعٌ لأشربه وليس للَّيمون شأنٌ بقبولي – ففي الكأس شيءٌ ثمين .
    يمد شفاهه على حواف الكأس ويحتسي ماحواهُ ويبتسمان معاً ..

    يُبقي في قعر الكاس قليلاً من الشاي – يمد يده لغصن شجرة صغير ويغمس به في الكأس ويكتب على ظهر الورقة عبارات ، ويمد بالورقة لها .

    تقول باستغراب لا شيء مكتوب !!

    يرد نبيل : أعلم ولكن مع شروق الشمس ومع حرارتها سيظهر ما كتبت .

    كانا يخبئان خلفيهما إحدى هداياهما القديمة ..

    يأتي الوادي من خلفهمها خلسةً ويتسلل ليسرق الهدايا .

    يطبطبان خلفيهما .. لا شيء ؟!

    أين ما أحضرته ؟

    وهي تقول وأين ما أحضرته أنا ؟

    يلتفتان خلفهما إذا بالهديتين تطفوان على سطح الوادي .

    يُرددان معاً – سنحضر غيرهما – ما فائدة الذكرى إن كنا معاً !

    ينبلج الفجر ويأتي خافتاً ليسرق الظلمة ويُحيل الساعات التي قضياها إلى ثوانٍ .

    تبدأ الطيور بمصافحة الهواء – تزقزق فترقص الدنيا بأكملها .

    تتنتظر الشمس بشغفٍ وينتظر ردة فعلها .

    تشرق الشمس فتفرد جوانب ورقتها – وتمدها صوب أشعة الشمس ..

    ما أن تبدأ الحروف بالظهور ..

    حتى يذوبان معاً تحت الشمس .

    تفيق من ذاكرتها لتحبو على أطلال وعدٍ آخر وموعدٍ آخر ..


    " انتهت "


    أعذب تحية ..
    صهيل




  2. #2
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية صهيل
    تاريخ التسجيل
    01 2005
    الدولة
    في حضن الماء
    المشاركات
    48

    مشاركة: مَوْعِدٌ مَعَ الشَّمْسِ



    أضحى موعداً مع الغياب !!

    كما أنها صفحة قد طُويتْ قضاءً وقدرا ، هي قصة طُويتْ وحُجبتْ ..

    أعذب تحية ..

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •