وقال البخاري : حدثنا أبو مَعْمَر ، حدثنا عبد الوارث ، حدثنا يحيى بن أبي إسحاق قال : سمعت أنسا يقول : خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من المدينة إلى مكة ، فكان يصلي ركعتين ركعتين ، حتى رجعنا إلى المدينة. قلت : أقمتم بمكة شيئا ؟ قال : أقمنا بها عَشْرًا.
وهكذا أخرجه بقية الجماعة من طرق عن يحيى بن أبي إسحاق الحضرمي ، به (2).
وقال الإمام أحمد : حدثنا وَكِيع ، حدثنا سُفْيان ، عن أبي إسحاق ، عن حارثة بن وهب الخُزَاعي قال : صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم الظهر والعصر بمنى - أكثر ما كان الناس وآمنه - ركعتين.
ورواه الجماعة سوى ابن ماجه من طرق ، عن أبي إسحاق السَّبِيعي ، عنه ، به (3) ولفظ البخاري : حدثنا أبو الوليد ، حدثنا شعبة ، أنبأنا أبو إسحاق ، سمعت حارثة بن وهب قال : صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم آمن ما كان بمنى ركعتين.
وقال البخاري : حدثنا مُسَدَّد ، حدثنا يحيى ، حدثنا عبيد الله ، أخبرنا نافع ، عن عبد الله بن عمر قال : صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم ركعتين ، وأبي بكر وعمر ، ومع عثمان صدرا من إمارته ، ثم أتمها.
وكذا رواه مسلم من حديث يحيى بن سعيد القطان [الأنصاري] (4) به (5).
وقال البخاري : حدثنا قتيبة ، حدثنا عبد الواحد ، عن الأعمش ، حدثنا إبراهيم ، سمعت عبد الرحمن بن يزيد يقول : صلى بنا عثمان بن عفان ، رضي الله عنه ، بمنى أربع ركعات ، فقيل في ذلك لعبد الله بن مسعود فاسترجع ، ثم قال : صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنى ركعتين ، وصليت مع أبي بكر بمنى ركعتين ، وصليت مع عمر بن الخطاب بمنى ركعتين ، فليت حظي مع (6) أربع ركعات ركعتان متقبلتان.
ورواه البخاري أيضا من حديث الثوري ، عن الأعمش ، به. وأخرجه مسلم من طرق ، عنه. منها عن قتيبة كما تقدم (7).
فهذه الأحاديث دالة صريحا على أن القصر ليس من شرطه وجود الخوف ؛ ولهذا قال من قال من العلماء : إن المراد من القصر هاهنا إنما هو قصر الكيفية لا الكمية. وهو قول مجاهد ، والضحاك ، والسدي كما سيأتي بيانه ، واعتضدوا أيضا بما رواه الإمام مالك ، عن صالح بن كيسان ، عن عروة بن
الزبير ، عن عائشة ، رضي الله عنها ، أنها قالت : فرضت الصلاة ركعتين ركعتين في السفر والحضر ، فَأقرَّت صلاة السفر ؛ وَزِيد في صلاة الحضر.