لونك المفضل

المنتديات الثقافية - Powered by vBulletin
 

النتائج 1 إلى 7 من 7

الموضوع: خطبة جمعة (إصلاح القلوب وحياتها)

  1. #1
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية أبو حذيفة
    شاعر سعودي
    تاريخ التسجيل
    07 2005
    المشاركات
    498

    خطبة جمعة (إصلاح القلوب وحياتها)

    إصلاح القلوب وحياتها

    30/3/1435هــ


    الحمد لله الذي بين إصبعيه قلوب العباد يقلبها كيف يشاء ، أحمده سبحانه جعل القلوب عنوان الحياة وسر البقاء وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له له الحمد والشكر والثناء ، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله أفضل الأولين والآخرين وسيد الرسل و الأنبياء وعلى آله وصحابته الأتقياء الأصفياء وعلى التابعين وتابعيهم وعنا معهم بفضلك ورحمتك يا واسع العطاء .
    أما بعد :

    أيها المسلمون: اتقوا الله - تعالى - فلا سعادة ولا نجاة ولا فوز إلا بالتقوى ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70، 71]. يقول الفضيل بن عياض رحمه الله: من عرف أنه عبدٌ لله وراجعٌ إليه فليعلم أنه موقوف. ومن علم أنه موقوف فليعلم أنه مسؤول، ومن علم أنه مسؤول فليُعد لكل سؤال جواباً. قيل: يرحمك الله فما الحيلة؟ قال: الأمر يسير. تحسن فيما بقي يغفر لك ما مضى. فإنك إن أسأت فيما بقي أخذت بما مضى وما بقي.عباد الله : أيها المؤمنون : في وقتٍ قست فيه القلوب وضعف فيه الإيمان واشتغل الناس في الدنيا وأعرضوا عن الآخرة....

    يطيب لنا أن نتحدث عن عضو هو سيد الأعضاء به تصلح وتفسد
    ألا وهو القلب وكيف يكون حيا يقظا يسعى بصاحبه إلى مرضاة الله وطلب الفوز بالدار الآخرة.


    عباد الله : ينتاب القلب أمراضٌ حسيّة وأمراضٌ معنوية، والأمراض الحسيّة تؤدي إلى الموت وفقدان الدنيا .
    أما الأمراض المعنوية - وهي أشد خطورةً - تؤدي إلى خسران الدنيا والآخرة ﴿ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ ﴾ [الحج: 11]
    وللأسف أن الناس في هذا الزمان يهتمون بعلاج الأمراض الحسيّة أكثر من اهتمامهم بالأمراض المعنوية.

    عباد الله: القلب يمرض كما يمرض البدن وشفاؤه بالتوبة، والقلب يصدأ كما تصدأ المرآة وجلاؤه بالذكر، والقلب يعرى كما يعرى الجسم وزينته ولباسه التقوى، والقلب يظمأ ويجوع كما يظمأ ويجوع البدن وطعامه وشرابه المعرفة بالله ومحبته والتوكل عليه، ولم تخلق النار إلا لإذابة القلوب القاسية، بل أعظم عقوبة على العبد هي قسوة القلب والبعد عن الله تعالى.

    أيها المؤمنون: هذه أصولٌ نفيسة وأسبابٌ دافعة نافعة ٌفي إصلاح القلوب:-

    الأصل الأول: القلب موضع نظر الله تعالى: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (إن الله تعالى لا ينظر إلى صوركم واموالكم ولكن ينظر إلى قلوبكم واعمالكم) رواه مسلم. فالله تعالى يوم القيامة لا ينظر إلى كم رصيدك أو ما هو منصبك ورتبتك، ولا ينظر إلى كم لديك من الأولاد والقصور والعقار،
    ولكن الله ينظر إلى هذا القلب وما فيه من خيرٍ أو شر، لذا ينبغي علينا أن نهتم بهذا العضو ونزيّنه بزينة الإيمان والتوبة والإنابة،،، الله تعالى انزل لباسين:
    لباسًا ظاهرًا يواري العورة ويسترها ولباسًا باطنًا من التقوى يجمّل العبد ويستره، فإذا انكشف هذا الغطاء انكشفت عورته الباطنة كما تنكشف عورته الظاهرة بنزع ما يسترها من لباس..

    الأصل الثاني: صلاح الجوارح بصلاح القلب: عن النعمان بن بشير - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال (ألا و إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب) فإذا كان القلب صالحًا فتبعًا لذلك تصلح الجوارح فلا ترى العين إلا حلال ولا تسمع الأذن إلا الحلال ولا يقول اللسان إلا ما يرضي الله تعالى، وإذا كان القلب فاسدًا فتبعًا لذلك تفسد الجوارح فترى العين تنظر إلى الحرام والقنوات المحرمة والأذن يسمع الغناء والحرام وكذلك اللسان تجده يفري في اعراض الناس صباح مساء يقول - صلى الله عليه وسلم -: (لا يستقيم إيمانُ عبدٍ حتى يستقيم قلبه ولا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه).

    الأصل الثالث: القلب كثيرُ التقلّب: يقول - صلى الله عليه وسلم - (لقلب ابن آدم أشد انقلابًا من القدر إذا استجمعت غليًا) ويقول - صلى الله عليه وسلم - (إن هذا القلب كريشةٍ بفلاةٍ من الأرض يُقيمها الريح ظهرًا لبطن) وفي هذا دليلٌ على أن القلب كانه ريشه لخفته وسرعة تأثره بالفتن وهو كالثوب الأبيض يؤثر فيه ادنى أثر هو كذلك مثل المرآة الصافية يؤثر فيها ادنى شيء.

    الأصل الرابع: القلبُ عُرضةٌ للفتن: يقول - صلى الله عليه وسلم - ( تُعرض الفتن على القلوب كعرض الحصير عودًا عودًا فأيّ قلبٍ أُشربها نكتت فيه نكتةُ سوداء وأيّ قلبٍ انكرها نكتت فيه نكتةٌ بيضاء، حتى تعود القلوب على قلبين: قلبٌ أسود مربادًّا كالكوز مجخيًّا، لا يعرف معروفًا ولا يُنكر منكرًا إلا ما اُشرب من هواه، وقلبٌ أبيض فلا تضره فتنةٌ ما دامت السماوات والأرض )؛ رواه مسلم.
    فالقلب الأول يُصاب بمرضين خطيرين هما:
    1- لا يعرف معروفًا ولا يُنكر منكرًا وربما اشتبه عليه المعروف بالمنكر والمنكر بالمعروف وأصبحت السنة بدعة والبدعة سنة والحق باطلًا والباطل حقًّا
    وهذا هو قلب المنافق وهو أشر قلوب الخلق.
    2- تحكيمه هواه وانقياده للهوى..

    أما القلب الثاني فهو قلبٌ عرف الحق وقبله واحبه وآثره على غيره، قلبٌ قد أشرق فيه نور الإيمان ينكر فتن الشهوات والشبهات ولا يقبلها البتة

    .والقلوب – أيها المسلمون – أربعة:
    قلب تقي نقي فيه سراج منير فذلك قلب المؤمن، وقلب أغلف مظلم؛ فذلك قلب الكافر: وَقَالُواْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَل لَّعَنَهُمُ ٱللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَقَلِيلاً مَّا يُؤْمِنُونَ [البقرة:88].
    وقلب مرتكس منكوس؛ فذلك قلب المنافق، عرف ثم أنكر، وأبصر ثم عمي: فَمَا لَكُمْ فِى ٱلْمُنَـٰفِقِينَ فِئَتَيْنِ وَٱللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُواْ [النساء:88].
    وقلبٌ تمده مادتان؛ مادة إيمان، ومادة نفاق فهو لِما غلب عليه منهما.
    وقد قال الله في أقوام: ( هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلإيمَـٰنِ ) [آل عمران:167].

    الأصل الخامس: الأعمالُ تتفاضلُ بتفاضلِ ما في القلوب: فقد تكون صورة العملين واحدة كالصلاة مثلًا وبينهما في التفاضل كما بين السماء والأرض والسبب أن الأول مقبلٌ بقلبه على ربه والقلب الثاني سارحٌ في هذه الدنيا بعيدًا غافلًا عن الله تعالى؛
    يقول - صلى الله عليه وسلم - ( ما من مسلمٍ يتوضأ فيحسن الوضوء ثم يقوم فيصلي ركعتين مقبلٌ عليهما بقلبه ووجهه إلا وجبت له الجنة )؛ رواه مسلم.
    إذًا العبرة بأعمال القلوب لا بأعمال الجوارح؛ يقول الله تعالى: ﴿ الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ﴾ [الملك: 2] وهنا قال الله: أحسن عملًا ولم يقل أكثر عملًا، ولهذا كان الصالحون من هذه الأمة لا يهتمون بكثرة العمل. وعلى هذا الأصل فإن "عبودية القلب اعظم من عبودية الجوارح".

    الأصل السادس: القلبُ هدفٌ للشيطان: لمّا علم الشيطان – عدو الله – أن مدار النجاة على القلب أجلب عليه بالوسواس والشهوات والشبهات وزيّن له الباطل ونصب له المصايد والحبائل حتى يُفسد هذا القلب ويجعله بعيدًا عن ربه ومولاه غارقًا في بحر الفتن.

    الأصل السابع: أمراض القلب خفيّة وإهمالها يؤدي إلى الهلاك: مثل الرياء والعجب والكبر والشهرة وغيرها، وهذه امراض خفية قد لا يعرفها صاحب هذا القلب وهذا قد يؤدي به إلى الهلاك والعياذ بالله تعالى، وهؤلاء اهتموا بالأعمال الظاهرة، وأهملوا أعمال القلوب ولم يراقبوا الله في خلواتهم؛
    فعن سهل بن سعد الساعدي قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ( إن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة فيما يبدو للناس وهو من اهل النار، وإن الرجل ليعمل بعمل أهل النار فيما يبدو للناس وهو من أهل الجنة ) وخاتمة السوء تكون بسبب دسيسة باطنة للعبد لا يطّلع عليها الناس؛
    يقول الحسن البصري - رحمه الله -: (النفاق اختلاف السر والعلانية والقول والعمل) ويقول بلال بن سعد (لا تكن وليًّا لله - عز وجل - في العلانية وعدوًّا له في السر).
    أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
    { أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ } (46) سورة الحـج
    أقول ما تسمعون واستغفر الله لي ولكم ولعموم المسلمين من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم


    الخطبة الثانية

    الحمد لله على إحسانه والشكر له على توفيقه وامتنانه وأشهد ألا اله إلا الله وحده لا شريك له تعظيمًا لشانه وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه صلى الله وسلم عليه وعلى آله وأصحابه صلاة دائمةً إلى يوم القيامة.. أما بعد،،. يقول الله تعالى ﴿ يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ﴾ [الشعراء: 88، 89] نسأل الله أن يرزقنا وإياكم قلوبًا سليمة،
    والقلب السليم له علامات ودلالات ومن هذه العلامات:
    العلامة الأولى: أن يكون القلب سليمًا من محبة ما يكرهه الله تعالى من الشرك الخفي والجلي والأهواء والبدع والفسوق والمعاصي كبيرها وصغيرها ظاهرها وباطنها،
    قيل يا رسول الله: أي الناس أفضل؟ قال - صلى الله عليه وسلم - ( كلُ مخموم القلب صدوق اللسان ) قالوا: صدوق اللسان نعرفه فما مخموم القلب؟
    قال ( هو التقي النقي لا إثم فيه ولا بغي ولا غِلّ ولا حسد ) هذا القلب أفضل القلوب إلى الله وأحبها إليه.
    العلامة الثانية: أن يرتحل هذا القلب من الدنيا وطلبها وينزل بمنازل الآخرة ويحل بها حتى كأنه من أهلها، والناس في هذا الزمان وإلى الله المشتكى سافروا في طلب الدنيا وقعدوا عن الآخرة وطلبها.
    العلامة الثالثة: أنه لا يزال يضرب على صاحبه حتى يُنيب إلى الله ويتعلق به تعلق المُحب إلى حبيبه، لذا ترى صاحب هذا القلب كلما فعل ذنبًا تراه يسرع بالتوبة والاستغفار وكما قال أحد السلف (أفضل عباد الله إلى الله رجلٌ اجترح ذنبًا فكلما ذكر ذنبه استغفر ربه).
    العلامة الرابعة: أنه لا يفتر عن ذكر الله تعالى ولا يسأم من الأنس به، فذكر الله عنده أحلى من العسل وأشهى من الماء العذب الصافي لدى العطشان في اليوم الصائف،
    كيف لا والرسول - صلى الله عليه وسلم - يقول ( لا يزال لسانك رطبًا من ذكر الله ).
    العلامة الخامسة: هذا القلب إذا عُرضت عليه الفتن والقبائح والشهوات والشبهات نفر منها بطبعه وأبغضها ولم يلتفت إليها وحياؤه يمنعه من الوقوع في هذه المعاصي والمخالفات ويحميه من الفتن.
    العلامة السادسة: القلب السليم عندما تفوته طاعة من الطاعات أو وردٌ من القران وجد لفواتها ألمٌ عظيم، رحم الله ابن القيّم ما عساه أن يقول فيمن ليس له وردٌ يومي، بل ما عساه أن يقول فيمن تفوته الصلاة ولا يجد لفواتها ألم أو حسرة، يقول - صلى الله عليه وسلم - ( من فاتته صلاة العصر فكأنما وتر أهله وماله ) أيّ فقد اهله وماله.
    العلامة السابعة: أنه يشتاق إلى طاعة ربه كما يشتاق الجائع إلى الطعام والشراب، فتراه يشتاق إلى الصلاة بعد الصلاة والصيام بعد الصيام والطاعة بعد الطاعة...
    وهكذا بقية العبادات والطاعات.
    العلامة الثامنة: أن القلب السليم يُصبح ويُمسي وليس له همٌ غير رضا الله تعالى وأيّ حياةٌ اطيب وأجمل من هذه الحياة، وفي الحديث ( من أصبح والدنيا همّه شتت الله عليه شمله وجعل الله فقره بين عينيه ولم يأته من الدنيا إلا ما قُدر له، ومن أصبح والآخرة همّه جمع الله عليه شمله وجعل غناه في قلبه واتته الدنيا وهي راغمه ).
    العلامة التاسعة: أنه يكون أشحّ بوقته أن يذهب ضائعًا أكثر من شحّ الناس بمالهم وأهل التجارة بتجاراتهم، والوقت رأس مال العبد المؤمن ويجب عليه ألا يقضي أنفاسه إلا في طاعة ربه ومولاه، وإضاعة الوقت في غير فائدة أشد من الموت، لأن الموت يقطع من الدنيا أما إضاعة الوقت فتقطع من الدنيا والآخرة والعياذ بالله من هذا حاله.
    العلامة العاشرة: أن يكون اهتمامه بتصحيح العمل أعظم من اهتمامه بالعمل نفسه، فيعمل وهو يستحضر الإخلاص والصدق والمتابعة والإحسان والاقتداء..
    رزقنا الله وإياكم الإخلاص والصدق.

    وإذا كان الأمر كذلك أيها الأحبة. فاعلموا أن صاحب القلب الحي يغدو ويروح، ويمسي ويصبح وفي أعماقه حسٌ ومحاسبة لدقات قلبه، وبصر عينه، وسماع أذنه، وحركة يده، وسير قدمه، إحساس بأن الليل يدبر، والصبح يتنفس، والكون في أفلاكه يسبح بقدرة العليم وتدبير الحكيم؛ كُلٌّ يَجْرِى لاجَلٍ مُّسَمًّـى [لقمان:29].
    قلب حي تتحقق به العبودية لله على وجهها وكمالها، أحب الله وأحب فيه. يترقى في درجات الإيمان والإحسان فيعبد الله على الحضور والمراقبة،
    يعبد الله كأنه يراه، فيمتلئ قلبه محبةً ومعرفةً، وعظمةً ومهابةً وأُنساً وإجلالاً. ولا يزال حبه يقوى، وقربه يدنو حتى يمتلئ قلبه إيماناً وخشية، ورجاء وطاعة، وخضوعاً وذلة؛ ((ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه)) كلما اقترب من ربه اقترب الله منه: ((من تقرب إليّ شبراً تقربتُ إليه ذراعاً)). فهو لا يزال رابحاً من ربه أفضل مما قدم، يعيش حياة لا تشبه ما الناس فيه من أنواع الحياة: قريب من الله ، حبيب لله فَٱذْكُرُونِى أَذْكُرْكُمْ [البقرة:152]. ((من ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، ومن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منه)) من بذل شيئاً لله عوضه الله خيراً منه، وجازاه أفضل ما قدم.

    أصحاب القلوب الحية صائمون قائمون، خاشعون قانتون، شاكرون على النعماء، صابرون في البأساء، لا تنبعث جوارحهم إلا بموافقة ما في قلوبهم، تجردوا من الأثرة والغش والهوى. اجتمع لهم حسن المعرفة مع صدق الأدب، وسخاء النفس مع مظانة العقل. هم البريئة أيديهم، الطاهرة صدورهم، متحابون بجلال الله، يغضبون لحرمات الله،
    أمناء إذا ائتمنوا، عادلون إذا حكموا، منجزون ما وعدوا، موفون إذا عاهدوا، جادون إذا عزموا، يهشون لمصالح الخلق، ويضيقون بآلامهم، في سلامة من الغل،
    وحسن ظن بالخلق، وحمل الناس على أحسن المحامل. كسروا حظوظ النفس، وقطعوا الأطماع في أهل الدنيا.

    القلب الميت: الهوى إمامه، والشهوة قائده، والغفلة مركبه، لا يستجيب لناصح، يتَّبع كل شيطان مريد. الدنيا تُسخطه وترضيه، والهوى يصمه ويعميه. ماتت قلوبهم
    ثم قبرت في أجسادهم، فما أبدانهم إلا قبور قلوبهم. قلوب خربة لا تؤلمها جراحات المعاصي، ولا يوجعها جهل الحق. لا تزال تتشرب كل فتنة حتى تسود وتنتكس،
    ومن ثم لا تعرف معروفاً ولا تنكر منكراً.

    عباد الله. غفلة القلوب عقوبة، والمعصية بعد المعصية عقوبة،
    والغافل لا يحس بالعقوبات المتتالية ولكن ما الحيلة؟

    فلا حول ولا قوة إلا بالله .

    ثم اعلموا رحمكم الله تعالى أن ربكم المولى جل وعلا قد أمركم بالصلاة والسلام على نبي الرحمة والهدى فقال جل من قائل {إن الله وملائكته يصلون على النبي ياأيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما } وقد قال صلى الله عليه وسلم ( من صلى علي صلاة واحدة صل الله عليه بها عشرا )
    اللهم صل وسلم وبارك على خير خلقك وخاتم رسلك سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحابته أجمعين وتابعيهم وتابع تابيعهم ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ، وعنا معهم بمنك وكرمك ورحمتك يا أرحم الرحمين .
    اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين ودمر أعداء الدين واجعل هذا البلد آمنا رخاء سخاء وسائر بلاد المسلمين عامة يا رب العالمين .
    اللهم آمنا في أوطاننا ، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا واجعل اللهم ولا يتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك برحمتك يا أرحم الراحمين
    اللهم وفق إمامنا وقائدنا خادم الحرمين الشريفين لما تحب وترضى ، واللهم وخذ بناصيته وناصية ولي عهده والنائب الثاني للبر والتقوى ، اللهم أرهم الحق حقا وارزقهم اتباعه وأرهم الباطل باطلا وارزقهم اجتنابه يا رب العالمين
    اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات ، اللهم نور على أهل القبور من المؤمنين قبورهم ، اللهم واغفر للأحياء ويسر لهم أمورهم ، اللهم تب على التائبين واغفر ذنوب المذنبين ، واقض الدين عن المدينين ، واشف مرضى المسلمين ، واكتب الصحة والعافية والسلامة والتوفيق والهداية لنا ولكافة المسلمين في برك وبحرك أجمعين.
    اللهم ادفع عنا الغلا والوبا والربا والزنا والزلازل والمحن وسوء الفتن ما ظهر منها وما بطن عن بلدنا هذا خاصة وعن سائر بلاد المسلمين عامة يارب العالمين .
    عباد الله إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى ، وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون، فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون



  2. #2
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية أبوإسماعيل
    المشرف العام
    تاريخ التسجيل
    06 2003
    الدولة
    صامطة
    المشاركات
    28,321

    رد: خطبة جمعة (إصلاح القلوب وحياتها)

    استمعت اليوم إلى هذه الخطبة البليغة المؤثرة
    وقد وقعت مني موقعا ليس باليسير لعظم موضوعها وأهميته ودقته وحساسيته
    القلوب وما يعتريها من تقلب ووساوس وهواجس وميول وهوى ونوايا ومقاصد لا يعلمها إلا الله وحده

    والله يا إخوتي إنه موضوع حساس جدا وخطير جدا
    والمسلم الكيس الفطن هو من يتنبه له ويستشعره

    قبل أيام شاهدت هذا الفديو يتكلم فيه هذا الشاب جزاه الله خيرا
    عن دعوة كان دائما يدعوا بها الإمام والشيخ الجليل بن باز رحمه الله
    وهي قوله : ( اللهم أصلح لي قلبي )



    تفكرت كثيرا في هذه الدعوة وبهذه الثلاث كلمات فقط وكان الشيخ أيضا في موقف عظيم
    يوم عرفة لا يدعوا إلا بها ولا يكرر غيرها ( اللهم أصلح لي قلبي )
    وقفت عند العبارة كثيرا كلما خلوت بنفسي فوجدت أنها عظيمة جدا
    وأخذت أدعوا بها وأكررها في سجودي وكلما دعوت بها أكثر استشعرتها أكثر

    لا أريد أن أطيل الكلام
    فقط أتمنى أن تتأملوها
    وتقرؤوا خطبة الشيخ أبو حذيفة بتمعن
    وستجدون الخير كله بإذن الله
    القلب ثم القلب ثم القلب

    اللهم أصلح قلوبنا ونقها من كل شائبة يا كريم

    أستاذنا وشيخنا أبا حذيفة
    جزاك الله خير الجزاء
    وأثابك الله على كل حرف كتبته ونطقته

    والحمد لله رب العالمين

    بعد إّذن الزميلين مشرفي القسم
    الموضوع مثبت ليستفد منه أكثر شريحة ممكنة
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  3. #3
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية أبحر بأفكآري ~

    الصوتيات والمرئيات
    تاريخ التسجيل
    02 2012
    العمر
    35
    المشاركات
    20,836

    رد: خطبة جمعة (إصلاح القلوب وحياتها)

    يجزاك كل الخير أخي
    ...

  4. #4
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية دلال

    المنتدى العام

    سُقيَا الغَمَامْ
    تاريخ التسجيل
    02 2011
    الدولة
    في قلبي أمي وأبي
    المشاركات
    26,267

    رد: خطبة جمعة (إصلاح القلوب وحياتها)

    اللهم اصلح لي قلبي.

    جزاكم الله الجنة .
    .نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي.

  5. #5
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية أبو حذيفة
    شاعر سعودي
    تاريخ التسجيل
    07 2005
    المشاركات
    498

    رد: خطبة جمعة (إصلاح القلوب وحياتها)

    شكرا يا أبا إسماعيل على الثناء العاطر
    وجزاك الله خيرا على التعليق المفيد
    وأسأل الله أن ينفع بالخطبة كل من قرأها
    حفظك الله

  6. #6
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية اللحيدان
    تاريخ التسجيل
    04 2014
    المشاركات
    133

    رد: خطبة جمعة (إصلاح القلوب وحياتها)

    بارك الله فيكم .

  7. #7
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية تركرك
    تاريخ التسجيل
    06 2008
    الدولة
    السعودية
    المشاركات
    57

    رد: خطبة جمعة (إصلاح القلوب وحياتها)

    بارك الله فيكم .

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •