وقال ابن مَرْدُويه : حدثنا أحمد بن كامل ، حدثنا موسى بن هارون ، حدثنا يحيى بن الحُمَّاني ، حدثنا قيس بن الربيع ، عن إسماعيل بن سَلْمان ، عن أبي عمر البَزّار ، عن ابن الحنفية ، عن علي [رضي الله عنه] (7) قال : نزلت هذه الآية على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو قائم عَشِيَّةَ عرفة : { الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ }
وقال ابن جرير : حدثنا أبو عامر إسماعيل بن عمرو السَّكُوني ، حدثنا هشام (1) بن عمار ، حدثنا بن عياش ، حدثنا عمرو بن قيس السكوني : أنه سمع معاوية بن أبي سفيان على المنبر ينتزع بهذه الآية : { الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ } حتى ختمها ، فقال : نزلت في يوم عرفة ، في يوم جمعة.
وروى ابن مَرْدُويه ، من طريق محمد بن إسحاق ، عن عمر بن موسى بن وجيه ، عن قتادة ، عن الحسن ، عن سَمُرَة قال : نزلت هذه الآية : { الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسْلامَ دِينًا } يوم عرفة ورسول الله صلى الله عليه وسلم واقف على الموقف. (2)
فأما ما رواه ابن جرير وابن مردويه ، والطبراني من طريق ابن لَهيعَة ، عن خالد بن أبي عمران ، عن حَنَش بن عبد الله الصنعاني ، عن ابن عباس قال : ولد نبيكم صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين ، [ونبئ يوم الاثنين] (3) وخرج من مكة يوم الاثنين ، ودخل المدينة يوم الاثنين ، وأنزلت سورة المائدة يوم الاثنين : { الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ } ورفع الذكر يوم الاثنين ، فإنه أثر غريب (4) وإسناده ضعيف.
وقد رواه الإمام أحمد : حدثنا موسى بن داود ، حدثنا ابن لَهيعة ، عن خالد بن أبي عمران ، عن حَنَش الصنعاني ، عن ابن عباس قال : ولد النبي صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين ، واستنبئ يوم الاثنين ، وخرج مهاجرا من مكة إلى المدينة يوم الاثنين ، وقدم المدينة يوم الاثنين ، وتوفي يوم الاثنين ، ووضع (5) الحجر الأسود يوم الاثنين.
هذا لفظ أحمد ، ولم يذكر نزول المائدة يوم الاثنين (6) فالله أعلم. ولعل ابن عباس أراد أنها نزلت يوم عيدين اثنين كما تقدم ، فاشتبه على الراوي ، والله أعلم.
[و] (7) قال ابن جرير : وقد قيل : ليس ذلك بيوم معلوم عند الناس ، ثم روي من طريق العَوْفِيِّ عن ابن عباس في قوله : { الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ } يقول : ليس ذلك بيوم معلوم عند الناس قال : وقد قيل : إنها نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسِيره إلى حجة الوداع. ثم رواه من طريق أبى جعفر الرازي ، عن الربيع بن أنس.
قلت : وقد روى ابن مَرْدُويه من طريق أبي هارون العَيْدي ، عن أبي سعيد الخدري ؛ أنها أنزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم غَدِير خُم (8) حين قال لعلي : "من كنتُ مولاه فَعَليٌّ مولاه". ثم رواه عن أبي هريرة (9) وفيه : أنه اليوم الثامن عشر من ذي الحجة ، يعني مرجعه عليه السلام (10) من حجة الوداع.
ولا يصح هذا ولا هذا ، بل الصواب الذي لا شك فيه ولا مرية : أنها أنزلت يوم عرفة ، وكان يوم جمعة ، كما روى ذلك أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ، وعلي بن أبي طالب ، وأول ملوك الإسلام معاوية بن أبي سفيان ، وترجمان القرآن عبد الله بن عباس ، وسَمُرَة بن جندب ، رضي الله عنهم ، وأرسله [عامر] (1) الشعبي ، وقتادة بن دعامة ، وشَهْر بن حَوْشَب ، وغير واحد من الأئمة والعلماء ، واختاره ابن جرير الطبري ، رحمه (2) الله.