3 - ما اللمسة البيانية في قوله تعالى في سورة الجمعة ( وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْواً انفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِماً قُلْ مَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ مِّنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ )؟
هذه الآية نزلت بينما كان الرسول - صلى الله عليه وسلم - يخطب بعد صلاة الجمعة فجاءت العير بتجارة وكانت سنة شديدة فانفضّ الناس بسبب التجارة وليس بسبب اللهو لأنه كان هناك غلاء في الأسعار فعندما نودي أن القافلة وصلت انفضّ الناس عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - ولهذا قدّم التجارة في أول الآية ( وإذا رأوا تجارة ). ثم في نهاية الآية قدّم تعالى اللهو على التجارة لأنه ليس كل الناس ينشغلون بالتجارة عن الصلاة فكثير ينشغلون باللهو وما عند الله تعالى خيرٌ من اللهو ومن التجارة لذا قدّم اللهو على التجارة.
وقوله تعالى ( والله خير الرازقين ) لأن التجارة مظنّة الرزق فوضع التجارة بجانب قوله تعالى ( والله خير الرازقين ) فليس لائقاً ولا مناسباً أن يقول تعالى (الله خير الرازقين) بجانب اللهو وفي اللغة عادة تترقّى من الأدنى إلى الأعلى فذكر الأدنى (اللهو) ثم الأعلى (التجارة).
وهناك أمر آخر وهو تكرار ( من ) في قوله تعالى ( من اللهو ومن التجارة ) لأنه لو قال ( من اللهو والتجارة ) لأفاد أن الخيرية لا تكون إلا باجتماعهما أي اللهو والتجارة أما قوله تعالى ( من اللهو ومن التجارة ) فهي تفيد أن الخيرية من اللهو على جهة الاستقلال ومن التجارة على جهة الاستقلال أيضاً فإن اجتمعا زاد الأمر سوءاً.
يتبع إن شاء الله