في ليلة الجمعة الموافق التاسع من شهر ذي القعدة لعام 1435
كنا والقدر على موعد مع الفراق الأبدي الذي كان ينتظر والدتي الغالية
وماهي إلا لحظات حتى فارقت الحياة تاركةً بذلك حزناً في قلوب أبنائها ومحبيها
فأسأل الله العظيم أن تكون ممن يدخلون الجنة ويرفلون ويتمتعون بخضرتها وزعفرانها وغرفاتها وانهارها برحمة الله تعالى
إلى ذلك النور الذي لا ولن يستطيع الموت حجبه من فؤادي أهدي هذه الأبيات
أطوفُ بالدارِ علِّي أن ألاقيها
وأكتمُ الدمعَ في قلبي وأبكيها
ورحتُ أبحثُ في الحجراتِ أسألها
عن الذي كان يوماً ساكناً فيها
فما وجدتُ سوى الحيطان باكيةً
وكدتُ أُبصرُ دمعاً في مآقيها
أسائلُ الدارَ عن أمّي فتسألني؟
جدرانها الصمُ واهتزت أعاليها
حتى الممراتُ تبكي وهي صامتةٌ
فما وجدتُ سوى ذكرى أناجيها
ونخلةٌ في فناءِ الدار تسألني؟
عن الذي كل صبحٍ كان يسقيها
والطيرُ شاديةٌ في الجو ناعيةٌ
تلك التى من فتاتِ الخبز تعطيها
رجعتُ والحزنُ في الأعماقِ يعصرني
كذا دموعي جفون الصبرِ تخفيها
وسرتُ في الدارِ والأقدامُ مثقلةٌ
حتى سمعتُ نداءً في نواحيها
لم تنكرِ الصوتَ أذني حينَ تسمعهُ
فتلك أُمي وهل أنسى لياليها؟؟
ألملمُ النفسَ أشلاءً مبعثرةً
وتنكرُ العينُ بعضاً من دياجيها
حينَ التفتُ وجدتُ الدارَ حالكةً
فالنورُ غاب كذا قد غاب راعيها
مازلتُ المحُ ذاكَ النور يسكنني
مازلتُ اسمعُ بعضاً من حكاويها
مازلتُ المحها في الركن ساجدةً
تسبح الله في صمتٍ أياديها
وترفعُ الكفَ للرحمن في طلبٍ
فحقق اللهُ في الدنيا أمانيها
هنا عباءتُها تبدو معلقةً
وفي الخزانة بعضاً من كساويها
تفوحُ عطراً إذا ما جئتُ أخرجها
تضوّع العطرُ في أقصى نواحيها
جف المدادُ ودمعُ العينِ منهمرٌ
وفي الفؤاد جروح من يداويها؟؟
من ذا سيسمعُ أناتي إذا احتبست
واستوطنَ الحزنُ في نفسي ليطويها
أومن يحاولُ تضميد الجراحِ إذا
حلّ القضاءُ فلا طبٌ يداويها
فأمُ صبّار حلت بين أعيننا
حتى القصائدَ أبكتني قوافيها
أمّاهُ يا جنةً مازلتُ أبصرها
وإن توارت عن الدنيا مرائيها
لم أعرفِ اليتمَ إلا حينَ فارقني
ذاك الحنان الذي قد عشته فيها
قوامة الليلِ ما الأقدارُ حائلةٌ
بيني وبينك دعوى كنت أدعيها
صوامةُ الدهرِ ما الأيامُ ناسيةٌ
دعاءك اللهَ في أحقابِ ماضيها
ذاك المصير طريق الناس قاطبةً
هي الحياةُ وربُ الخلقِ يفنيها
ما كنتُ أحسبني أحثو التراب على
عظيمةِ القدرِ في الدنيا وأرثيها
واريتها التربَ في الأجداثِ فأنطفأت
شموعُ داري فلا نورٌ يضاهيها
وعدتُ للدار مسكيناً يكبله
فقرُ الأمومةِ لا حيٌ يساويها
إن غيّبَ الموتُ أمي في الدنا فهنا
تظلُ شمساً بروحي لستُ أخفيها
يا ليلةَ الجمعةِ الغراءِ يا أملاً
ياليلةً في الورى فاقت لياليها
أتتك ياربُ داء البطنِ أنهكها
بجنةِ الخلد يارباه جازيها
ياربُ آنس بذاك القبرِ وحشتها
واجعله يارب روضاً من رياضيها
واجعله ياربُ نوراً ساطعاً وبه
إلى جنانك درباً ليس يخطيها
ورحمةً منك يارباه تدركها
نحو الجنان ومكنها أعاليها
اطعمها يارب من خيراتها كرماً
تمشي وتمرح في أغلى مراعيها
وشربة منك لا يأتي بها ظمأٌٌ
من حوض خير عباد الله تسقيها
أنت الكريمُ ومن تقضي حوائجنا
فأجعلها ياربُ ممن خُلّدوا فيها
مكي حداد
وكيل متوسطة الملك فهد بأبي عريش
,,,,,,,,
رحمها الله وأسكنها الفردوس الأعلى وألهمكم الصبر والسلوان