نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

من مفكرة عاشق دمشقي...


فرشتُ فوقَ ثراكِ الطاهـرِ الهدبـا= فيا دمشـقُ... لماذا نبـدأ العتبـا؟
حبيبتي أنـتِ... فاستلقي كأغنيـةٍ =على ذراعي، ولا تستوضحي السببا
أنتِ النساءُ جميعاً.. ما من امـرأةٍ =أحببتُ بعدك..ِ إلا خلتُها كـذبا
يا شامُ ، إنَّ جراحي لا ضفافَ لها =فمسّحي عن جبيني الحزنَ والتعبا
وأرجعيني إلى أسـوارِ مدرسـتي =وأرجعيني الحبرَ والطبشورَ والكتبا
تلكَ الزواريبُ كم كنزٍ طمرتُ بها= وكم تركتُ عليها ذكرياتِ صـبا
وكم رسمتُ على جدرانِها صـوراً =وكم كسرتُ على أدراجـها لُعبا
أتيتُ من رحمِ الأحزانِ... يا وطني= أقبّلُ الأرضَ والأبـوابَ والشُّـهبا
حبّي هـنا.. وحبيباتي ولـدنَ هـنا =فمـن يعيـدُ ليَ العمرَ الذي ذهبا؟
أنا قبيلـةُ عشّـاقٍ بكامـلـها= ومن دموعي سقيتُ البحرَ والسّحُبا
فكـلُّ صفصافـةٍ حّولتُها امـرأةً= و كـلُّ مئذنـةٍ رصّـعتُها ذهـبا
هـذي البساتـينُ كانت بينَ أمتعتي= لما ارتحلـتُ عـن الفيحـاءِ مغتربا
فلا قميصٌ من القمصـانِ ألبسـهُ =إلا وجـدتُ على خيطانـهِ عنبا
كـم مبحـرٍ.. وهمومُ البرِّ تسكنهُ =وهاربٍ من قضاءِ الحبِّ ما هـربا
يا شـامُ ، أيـنَ هما عـينا معاويةٍ =وأيـنَ من زحموا بالمنكـبِ الشُّهبا
فلا خيـولُ بني حمـدانَ راقصـةٌ= زُهــواً... ولا المتنبّي مالئٌ حَـلبا
وقبـرُ خالدَ في حـمصٍ نلامسـهُ =فـيرجفُ القبـرُ من زوّارهِ غـضبا
يا رُبَّ حـيٍّ.. رخامُ القبرِ مسكنـهُ =ورُبَّ ميّتٍ.. على أقدامـهِ انتصـبا
يا ابنَ الوليـدِ.. ألا سيـفٌ تؤجّرهُ؟= فكلُّ أسيافنا قد أصبحـت خشـبا
دمشـقُ ، يا كنزَ أحلامي ومروحتي =أشكو العروبةَ أم أشكو لكِ العربا؟
أدمـت سياطُ حزيرانَ ظهورهم= فأدمنوها.. وباسوا كفَّ من ضربا
وطالعوا كتبَ التاريخِ.. واقتنعوا =متى البنادقُ كانت تسكنُ الكتبا؟
سقـوا فلسطـينَ أحلاماً ملوّنةً=وأطعموها سخيفَ القولِ والخطبا
وخلّفوا القدسَ فوقَ الوحلِ عاريةً= تبيحُ عـزّةَ نهديها لمـن رغِبـا..
هل من فلسطينَ مكتوبٌ يطمئنني= عمّن كتبتُ إليهِ.. وهوَ ما كتبا؟
وعن بساتينِ ليمونٍ ، وعن حلمٍ =يزدادُ عنّي ابتعاداً.. كلّما اقتربا
أيا فلسطينُ.. من يهديكِ زنبقةً؟= ومن يعيدُ لكِ البيتَ الذي خربا؟
شردتِ فوقَ رصيفِ الدمعِ باحثةً =عن الحنانِ، ولكن ما وجدتِ أبا
تلفّـتي... تجـدينا في مَـباذلنا..= من يعبدُ الجنسَ، أو من يعبدُ الذهبا
فواحـدٌ أعمـتِ النُعمى بصيرتَهُ =فللخنى والغـواني كـلُّ ما وهبا
وواحدٌ ببحـارِ النفـطِ مغتسـلٌ =قد ضاقَ بالخيشِ ثوباً فارتدى القصبا
وواحـدٌ نرجسـيٌّ في سـريرتهِ= وواحـدٌ من دمِ الأحرارِ قد شربا
إن كانَ من ذبحوا التاريخَ هم نسبي =على العصـورِ.. فإنّي أرفضُ النسبا
يا شامُ، يا شامُ ، ما في جعبتي طربٌ =أستغفرُ الشـعرَ أن يستجديَ الطربا
ماذا سأقرأُ مـن شعري ومن أدبي؟= حوافرُ الخيلِ داسـت عندنا الأدبا
وحاصرتنا.. وآذتنـا.. فلا قلـمٌ =قالَ الحقيقةَ إلا اغتيـلَ أو صُـلبا
يا من يعاتبُ مذبوحـاً على دمـهِ =ونزفِ شريانهِ، ما أسهـلَ العـتبا
من جرّبَ الكيَّ لا ينسـى مواجعهُ= ومن رأى السمَّ لا يشقى كمن شربا
حبلُ الفجيعةِ ملتفٌّ عـلى عنقي =من ذا يعاتبُ مشنوقاً إذا اضطربا؟
الشعرُ ليـسَ حمامـاتٍ نـطيّرها= نحوَ السماءِ، ولا ناياً.. وريحَ صَبا
لكنّهُ غضـبٌ طـالت أظـافـرُهُ= ما أجبنَ الشعرَ إن لمْ يركبِ الغضبا