46- الْقَلْبُ لَهُ قُوَّتَانِ: الْعِلْمُ وَالْقَصْدُ، كَمَا أَنَّ لِلْبَدَنِ الْحِسَّ وَالْحَرَكَةَ الْإِرَادِيَّةَ . (1/95)

47-
فَكَمَا أَنَّهُ مَتَى خَرَجَتْ قُوَى الْحِسِّ وَالْحَرَكَةِ عَنْ الْحَالِ الْفِطْرِيِّ الطَّبِيعِيِّ فَسَدَتْ، فَإِذَا خَرَجَ الْقَلْبُ عَنْ الْحَالِ الْفِطْرِيَّةِ الَّتِي يُولَدُ كُلُّ مَوْلُودٍ، وَهِيَ أَنْ يَكُونَ مُقِرًّا لِرَبِّهِ مُرِيدًا لَهُ فَيَكُونُ هُوَ مُنْتَهَى قَصْدِهِ وَإِرَادَتِهِ،و َذَلِكَ هِيَ الْعِبَادَةُ، إذْ الْعِبَادَةُ كَمَالُ الْحُبِّ بِكَمَالِ الذُّلِّ، فَمَتَى لَمْ تَكُنْ حَرَكَةُ الْقَلْبِ وَوَجْهُهُ وَإِرَادَتُهُ لِلَّهِ -تَعَالَى- كَانَ فَاسِدًا.
(1/95)

48
- الْقِصَاصُ فِي الضَّرْبَةِ وَاللَّطْمَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، عَدَلَ عَنْهُ طَائِفَةٌ مِنْ الْفُقَهَاءِ إلَى التَّعْزِيرِ لِعَدَمِ إمْكَانِ الْمُمَاثَلَةِ فِيهِ، وَاَلَّذِي عَلَيْهِ الْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ وَغَيْرُهُمْ مِنْ الصَّحَابَةِ وَهُوَ مَنْصُوصُ أَحْمَدَ، مَا جَاءَتْ بِهِ سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ ثُبُوتِ الْقِصَاصِ بِهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ أَقْرَبُ إلَى الْعَدْلِ وَالْمُمَاثَلَة ِ. فَإِنَّا إذَا تَحَرَّيْنَا أَنْ نَفْعَلَ بِهِ مِنْ جِنْسِ فِعْلِهِ، وَنُقَرِّبَ الْقَدْرَ مِنْ الْقَدْرِ، كَانَ هَذَا أَمْثَلَ مِنْ أَنْ نَأْتِيَ بِجِنْسٍ مِنْ الْعُقُوبَةِ تُخَالِفُ عُقُوبَتَهُ جِنْسًا وَقَدْرًا وَصِفَةً. (1/99)

49- وَهَذَا النَّظَرُ أَيْضًا فِي ضَمَانِ الْحَيَوَانِ وَالْعَقَارِ وَنَحْوِ ذَلِكَ بِمِثْلِهِ تَقْرِيبًا أَوْ بِالْقِيمَةِ، كَمَا نَصَّ أَحْمَدُ عَلَى ذَلِكَ فِي مَوَاضِعِ ضَمَانِ الْحَيَوَانِ وَغَيْرِهِ.
(1/99)

50-
وَنَصَّ الشَّافِعِيُّ فِيمَنْ خَرَّبَ حَائِطَ غَيْرِهِ أَنَّهُ يَبْنِيهِ كَمَا كَانَ. (1/99)