بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أولاً أتقدم بالشكر الجزيل للمهندس عبدالله سبتان الحمدي
على تشريفه لي بأن اختارني بلبلاً لهذا المساء الذي يفوح
بعبق الوفاء ويضيءُ بمصابيح الإنتماء ...
أبا محمد إبراهيم الجبيلي .. مدير مشفى صامطة العام
يقولون أنَّها الستة والثلاثون عاماً يقصدون خدمتكم في الطِّب
أنا كفرتُ كفراً بواحاً بهذه المدة الزمنية وآمنتُ أنَّها الأربعون
عاماً فالشَّاعرُ يرى مالا يراهـُ غيرهـ ..
الأربعون والنُّور
الأربعونَ إلى الضِّياءِ تسافرُ
وأنا وكلُّ الحاضرين نُفاخرُ
وورائنا الدُّنيا يُلَوِّحُ كفُّها
ويهيمُ خفَّاقٌ ويرنو ناظرُ
الأربعونَ توضـأت من طهرِها
الماضياتُ ويومُنا والحاضرُ
الأربعونَ مسيـرةٌ من عزَّةٍ
تعلو وكـلُّ عظيمةٍ تتقاصرُ
الأربعونَ مليحةٌ وجميعُنا
في لاعجِ الشَّوقِ العظيمِ مُثابرُ
الأربعونَ حكايةٌ لن تنتهي
ستُعيدُ أوَّلَها التَّليدَ أواخرُ
الأربعونَ حديقـةٌ فواَّحَةٌ
وأبو محمدٍ الشَّذى والطَّائرُ
ماذا أحدِّثُ إنَّني في حيرةٍ
والصَّمتُ يملؤني به ويُحاصرُ
لكنَّ قدركـَ هزَّني فاساقطت
لغةُ الفصاحةِ واستلذَّ الشَّاعرُ
وأتى إليكـَ بشعرِهـِ من قلبهِ
يُهديكـَ نبضَ مودَّةٍ ويؤازِرُ
ويمدُّ كفاًّ للوفاءِ ويحتفي
بأبٍ حنونٍ كالنَّدى يتقاطرُ
ماذا أحدِّثُ والجُبيلي ذكرُهـُ
فوقَ اليراعِ وما احتوتهُ دفاترُ
رجلٌ له في كلِّ قلبٍ موطنٌ
وسفيرهـُ وجهٌ بشوشٌ طاهرُ
أهدى لمشفانا ربيعَ حياته
من دون ما ثمنٍ وطاب الخاطرُ
وأحسَّ بالمرضى كأنَّ لقلبهِ
عيناً ترى مالا يراهـُ النَّاظرُ
ومضى الحياةَ مكافحاً بأمانةٍ
واللهُ من فوقِ السِّماءِ يناصرُ
ماكان في باريس يحضرُ حفلةً
بل كان في غرفِ { الطَّوارِ } يُباشِرُ
من كالجبيلي يارفاقُ فإنَّه
متفردٌّ في المكرماتِ ونادرُ
ماعاد للطَّائيِّ بعد عطائهِ
من صفحة التَّاريخِ إلاَّ الداَّبرُ
فذٌّ ويجتاز الصِّعابَ وماكبت
يوماً بفارسها الأصيلِ حوافرُ ؟
نادى عليهِ الدَّهرُ يعلنُ أنَّه
في معصم الهمم الجِسامِ أساورُ
أبوابُ مكتبه تروقُ إذا دنا
منها المريضُ وما جفاها الزاَّئر
آهـٍ على الكرسيِّ هيبته مضت
بعد النَّديمِ وكلُّ ركنٍ فاترُ
ياكلَّ مشفى في ربوعِ بلادِنا
مشفى الجنوبِ حبيبُه سيغادرُ
أبصرتُهُ يذوي , يلمُّ ضلوعَهُ
وعلى الجروحِ النَّازفاتِ يكابرُ
من أرضِ صامطةٍ تعالى صوتُه
وجعاً وهل كالبعدِ شيءٌ جائرُ ؟
أريتِ كيف تفاقمت أوجاعهُ
وتفجَّرت عند الوداعِ محاجرُ
وكلاهما حين التَّقاعدِ شاردٌ
في إلفهِ والأمنياتُ عواقرُ
رحلا معاً للذِّكرياتِ وأيقظا
زهو الخيالِ فدندنتهُ مآثرُ
أو لم يكونا في المحبَّة آيةً
والوصلُ بينهما دواماً عامرُ
رويالُ ياقصر الفخامةِ من هنا
اشتعلَ الحنينُ وأجَّجتهُ محابرُ
انظر بعينكـَ فالجموعُ تدفَّقت
كرماً كأنَّ الجمعَ بحرٌ ثائرُ
ملؤوا المكانَ محبَّةً وتبسَّموا
لكنَّ جرحَ البعدِ فيهم غائرُ
فاحفظ لهم بعد الغيابِ مودةً
أهدوكـَ إيَّاها وأنتَ تغادرُ
وعسى الذي سيحُلُّ بعد غيابِكم
كفؤٌ لحملِ العِبءِ لا يتقاصرُ
وإذا سألتَ عن القصيدةَ إنَّها
قمرٌ على أنوارهـِ نتسامرُ
وإذا سألتَ عن الذي يحلو لنا
هو أن نظلَّ , فقل غداً نتزاورُ
فحقيقةُ الدُّنيا كظلِّ شُجيرَةٍ
فيه استظلَّ من العناءِ مسافرُ
لاخير في الدُّنيا فإنَّ نعيمَها
واهٍ وفي الأخرى نعيمٌ وافرُ
ولقد أعزَّ ا للهُ جلَّ جلالُهُ
وطني بشرعٍ خيرهـُ يتكاثرُ
وكفاهـُ بعد اللهِ أنَّ مليكَهُ
ليثٌ هصورٌ في النِّزالِ وكاسرُ
أكرم به ملِكاً تجذَّرَ حبُّهُ
في شعبهِ لمَّا سقتهُ مشاعرُ
وختامها صلى الإله على الذي
تاقت له في القبلتينِ منابرُ
.........
كلمات الشَّاعر الإنسان .. يحيى المشعل فارس الكلمة
منتديات صامطة الثقافية الشعر الفصيح