لونك المفضل

المنتديات الثقافية - Powered by vBulletin
 

صفحة 38 من 39 الأولىالأولى ... 2836373839 الأخيرةالأخيرة
النتائج 741 إلى 760 من 771

الموضوع: حلقات تفسير سور القران

  1. #741
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية خالد معافا

    منتدى الحياة الفطرية
    تاريخ التسجيل
    03 2011
    المشاركات
    11,808

    رد: حلقات تفسير سور القران

    وقوله : { إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الأرْضِ } أي : سافرتم ، { فَأَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ } وهذان شرطان لجواز استشهاد الذميين عند فقد المؤمنين ، أن يكون ذلك في سفر ، وأن يكون في وصية ، كما صرح بذلك شريح القاضي.
    قال ابن جرير : حدثنا عمرو بن علي ، حدثنا أبو معاوية ووَكِيع قالا حدثنا الأعمش ، عن إبراهيم ، عن شريح قال : لا تجوز شهادة اليهودي والنصراني (3) إلا في سفر ، ولا تجوز في سفر إلا في وصية.
    ثم رواه عن أبي كُرَيْب ، عن أبي بكر بن عياش ، عن أبي إسحاق السَّبِيعي قال : قال شريح ، فذكر مثله.
    وقد روي مثله عن الإمام أحمد بن حنبل ، رحمه الله تعالى. وهذه المسألة من إفراده ، وخالفه الثلاثة فقالوا : لا تجوز شهادة أهل الذمة على المسلمين. وأجازها أبو حنيفة فيما بين بعضهم بعضًا.
    وقال ابن جرير : حدثنا عمرو بن علي ، حدثنا أبو داود ، حدثنا صالح بن أبي الأخضر ، عن الزهري قال : مضت السنّة أنه لا تجوز شهادة كافر في حضر ولا سفر ، إنما هي في المسلمين. (4)
    وقال ابن زيد : نزلت هذه الآية في رجل توفي وليس عنده أحد من أهل الإسلام ، وذلك في أول الإسلام ، والأرض حرب ، والناس كفار ، وكان الناس يتوارثون بالوصية ، ثم نُسخت الوصية وفرضت الفرائض ، وعمل الناس بها.
    رواه ابن جرير ، وفي هذا نظر ، والله أعلم.
    وقال ابن جرير : اختلف في قوله : { شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ } هل المراد به أن يوصي إليهما ، أو يشهدهما ؟ على قولين :
    أحدهما : أن يوصي إليهما ، كما قال محمد بن إسحاق ، عن يزيد بن عبد الله بن قُسَيط قال : سئل ابن مسعود ، رضي الله عنه ، عن هذه الآية قال (1) هذا رجل سافر ومعه مال ، فأدركه قدره ، فإن وجد رجلين من المسلمين دفع إليهما تركته ، وأشهد عليهما عدلين من المسلمين.
    رواه ابن أبي حاتم وفيه انقطاع.
    والقول الثاني : أنهما يكونان شاهدين. وهو ظاهر سياق الآية الكريمة ، فإن لم يكن وصي ثالث معهما اجتمع فيهما الوصفان : الوصاية والشهادة ، كما في قصة تَمِيم الداري ، وعَدِيّ بن بَدَّاء ، كما سيأتي ذكرها آنفًا ، إن شاء الله وبه التوفيق.
    وقد استشكل ابنُ جرير كونهما شاهدين ، قال : لأنا لا نعلم حُكْمًا يَحْلِفُ فيه الشاهد. وهذا لا يمنع الحكم الذي تضمنته هذه الآية الكريمة ، وهو حكم مستقل بنفسه ، لا يلزم أن يكون جاريًا على قياس جميع الأحكام ، على أن هذا حكم خاص بشهادة خاصة في محل خاص ، وقد اغتفر فيه من الأمور ما لم يغتفر في غيره ، فإذا قامت قرائن الريبة حلف هذا الشاهد بمقتضى ما دلت عليه هذه الآية الكريمة.
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    kkm.rzeg سابقاً

  2. #742
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية خالد معافا

    منتدى الحياة الفطرية
    تاريخ التسجيل
    03 2011
    المشاركات
    11,808

    رد: حلقات تفسير سور القران

    وقوله تعالى : { تَحْبِسُونَهُمَا مِنْ بَعْدِ الصَّلاةِ } قال [العوفي ، عن] (2) ابن عباس : يعني صلاة العصر. وكذا قال سعيد بن جبير ، وإبراهيم النَّخَعِي ، وقتادة ، وعِكْرِمة ، ومحمد بن سيرين. وقال الزهري : يعني صلاة المسلمين ، وقال السدي ، عن ابن عباس : يعني صلاة أهل دينهما.
    والمقصود : أن يقام هذان الشاهدان (3) بعد صلاة اجتمع الناس فيها بحضرتهم ، { فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ } أي : فيحلفان (4) بالله { إِنِ ارْتَبْتُمْ } أي : إن ظهرت لكم منهما ريبة ، أنهما قد خانا أو غلا فيحلفان حينئذ بالله { لا نَشْتَرِي بِهِ } أي : بأيماننا. قاله مُقاتِل بن حيان { ثَمَنًا } أي : لا نعتاض عنه بعوض قليل من الدنيا الفانية الزائلة ، { وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى } أي : ولو كان المشهود عليه قريبًا إلينا لا نحابيه ، { وَلا نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللَّهِ } أضافها إلى الله تشريفًا لها ، وتعظيمًا لأمرها.
    وقرأ بعضهم : "ولا نكتم شهادة آلله" مجرورًا على القسم. رواها ابن جرير ، عن عامر الشعبي.
    وحَكَي عن بعضهم أنه قرأ : "ولا نَكْتُمُ شهادةً الله" ، والقراءة الأولى هي المشهورة.
    { إِنَّا إِذًا لَمِنَ الآثِمِينَ } أي : إن فعلنا شيئًا من ذلك ، من تحريف الشهادة ، أو تبديلها ، أو تغييرها (1) أو كتمها بالكلية.
    ثم قال تعالى : { فَإِنْ عُثِرَ عَلَى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْمًا } أي : فإن اشتهر وظهر وتحقق من الشاهدين الوصيين ، أنهما خانا أو غَلا شيئًا من المال الموصى به إليهما ، وظهر عليهما بذلك { فَآخَرَانِ يَقُومَانِ مَقَامَهُمَا مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الأوْلَيَانِ } هذه قراءة الجمهور : "اسْتُحِقَّ عليهم الأوليان". ورُوي عن علي ، وأُبيّ ، والحسن البصري أنهم قرؤوها : { اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الأوْلَيَانِ }.
    وقد روى الحاكم في المستدرك من طريق إسحاق بن محمد الفَرْوِي ، عن سليمان بن بلال ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن عبيد الله بن أبي رافع ، عن علي بن أبي طالب ؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ : { مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الأوْلَيَانِ } ثم قال : صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه. (2)
    وقرأ بعضهم ، ومنهم ابن عباس : "من الذين استحق عليهم الأوَّلِين". وقرأ الحسن : "من الذين استحق عليهم الأوَّلان" ، حكاه ابنُ جرير.
    فعلى قراءة الجمهور يكون المعنى بذلك : أي متى تحقق ذلك بالخبر الصحيح على خيانتهما ، فليقم اثنان من الورثة المستحقين للتركة وليكونا من أوْلى من يرث ذلك المال { فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ لَشَهَادَتُنَا أَحَقُّ مِنْ شَهَادَتِهِمَا } أي : لقولنا : إنهما خانا أحقُّ وأصح وأثبت من شهادتهما المتقدمة { وَمَا اعْتَدَيْنَا } أي : فيما قلنا من الخيانة { إِنَّا إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ } أي : إن كنا قد كذبنا عليهما.
    وهذا التحليف للورثة ، والرجوع إلى قولهما والحالة هذه ، كما يحلف أولياء المقتول إذا ظهر لَوْث (3) في جانب القاتل ، فيقسم المستحقون على القاتل فيدفع برمته إليهم ، كما هو مقرر في باب "القسامة" من الأحكام.
    وقد وردت السنة بمثل ما دلت عليه هذه الآية الكريمة ، فقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا الحسين بن زياد ، حدثنا محمد بن سلمة ، عن محمد بن إسحاق ، عن أبي النضر ، عن باذان - يعني : أبا صالح مولى أم هانئ بنت أبي طالب - عن ابن عباس ، عن تميم الداري في هذه الآية : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ } قال : بَرئ الناس منها غيري وغير عَديّ بن بَدَّاء. وكانا (4) نصرانيين ، يختلفان إلى الشام قبل الإسلام ، فأتيا الشام لتجارتهما وقدم عليهما مولى لبني سهم ، يقال له : بُدَيْل بن أبي مريم ، بتجارة ومعه جام من فضة يريد به الملك ، وهو عُظْم (5) تجارته. فمرض فأوصى إليهما ، وأمرهما أن يبلغا ما ترك أهله - قال تميم : فلما مات أخذنا ذلك الجام ، فبعناه
    بألف درهم ، ثم اقتسمناه أنا وعدي بن بدّاء. فلما قدمنا إلى أهله دفعنا إليهم ما كان معنا. وفقدوا الجام فسألونا عنه ، فقلنا : ما ترك غير هذا ، وما د فع إلينا غيره - قال تميم : فلما أسلمت بعد قدوم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة تأثمت من ذلك ، فأتيت أهله فأخبرتهم الخبر ، ودفعت (1) إليهم خمسمائة درهم ، وأخبرتهم أن عند صاحبي مثلها ، فوثبوا إليه (2) أن يستحلفوه بما يعظم به على أهل دينه ، فحلف فأنزل الله { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ } إلى قوله : { فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ لَشَهَادَتُنَا أَحَقُّ مِنْ شَهَادَتِهِمَا } فقام عمرو بن العاص ورجل آخر منهم فحلفا ، فنزعتْ الخمسمائة من عَدي بن بَدَّاء.
    وهكذا رواه أبو عيسى الترمذي وابن جرير كلاهما عن الحسن بن أحمد بن أبي شعيب الحَرَّاني ، عن محمد بن سلمة ، عن محمد بن إسحاق ، به فذكره (3) - وعنده : فأتوا به رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألهم البينة فلم يجدوا ، فأمرهم أن يستحلفوه بما يُعَظَّم به على أهل دينه ، فحلف فأنزل الله : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ } إلى قوله : { أَوْ يَخَافُوا أَنْ تُرَدَّ أَيْمَانٌ بَعْدَ أَيْمَانِهِمْ } فقام عمرو بن العاص ورجل آخر ، فحلفا. فَنزعَتْ الخمسمائة من عدي بن بَدَّاء.
    ثم قال : هذا حديث غريب ، وليس إسناده بصحيح ، وأبو النضر الذي روى عنه محمد بن إسحاق هذا الحديث هو عندي محمد بن السائب الكلبي ، يكنى أبا النضر ، وقد تركه أهل العلم بالحديث ، وهو صاحب التفسير ، سمعت محمد بن إسماعيل يقول : محمد بن السائب الكلبي ، يكنى أبا النضر ، ثم قال : ولا نعرف لسالم أبي النضر رواية عن أبي صالح مولى أم هانئ ، وقد رُوي عن ابن عباس شيء من هذا على الاختصار من غير هذا الوجه.
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    kkm.rzeg سابقاً

  3. #743
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية خالد معافا

    منتدى الحياة الفطرية
    تاريخ التسجيل
    03 2011
    المشاركات
    11,808

    رد: حلقات تفسير سور القران

    حدثنا سفيان بن وَكِيع ، حدثنا يحيى بن آدم ، عن ابن أبي زائدة ، عن محمد بن أبي القاسم ، عن عبد الملك بن سعيد بن جُبَير ، عن أبيه ، عن ابن عباس قال : خرج رجل من بني سهم مع تميم الداريّ وعديّ بن بَدّاء ، فمات السهمي بأرض ليس فيها مسلم ، فلما قدما بتركته فقدوا جامًا من فضة مُخَوّصًا بالذهب ، فأحلفهما رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ووجدوا الجام بمكة ، فقيل : اشتريناه من تميم وعديّ. فقام رجلان من أولياء السهمي فحلفا بالله لشهادتنا أحق من شهادتهما ، وأن الجام لِصَاحبهم. وفيهم نزلت : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ }
    وكذا رواه أبو داود ، عن الحسن بن علي ، عن يحيى بن آدم ، به. ثم قال الترمذي : هذا حديث حسن غريب ، وهو حديث ابن أبي زائدة. (4)
    ومحمد بن أبي القاسم ، كوفي ، قيل : إنه صالح الحديث ، وقد ذكر هذه القصة مرسلة غيرُ واحد من التابعين منهم : عكرمة ، ومحمد بن سيرين ، وقتادة. وذكروا أن التحليف كان بعد صلاة العصر ،
    رواه ابن جرير. وكذا ذكرها مرسلة : مجاهد ، والحسن ، والضحاك. وهذا يدل على اشتهارها في السلف وصحتها.
    ومن الشواهد لصحة هذه القصة أيضا (1) ما رواه أبو جعفر بن جرير :
    حدثني يعقوب ، حدثنا هُشَيْم ، أخبرنا زكريا ، عن الشعبي ؛ أن رجلا من المسلمين حضرته الوفاة بدَقُوقا ، قال : فحضرته الوفاة ولم يجد أحدًا من المسلمين يشهده على وصيته ، فأشهد رجلين من أهل الكتاب. قال : فقدما الكوفة ، فأتيا الأشعري - يعني : أبا موسى الأشعري ، رضي الله عنه - فأخبراه (2) وقدما بتركته ووصيته ، فقال الأشعري : هذا أمر لم يكن بعد الذي كان في عهد النبي صلى الله عليه وسلم قال : فأحلفهما بعد العصر : بالله ما خانا ولا كذبا ولا بَدّلا ولا كتما ولا غيرا ، وإنها لوصية الرجل وتركته. قال : فأمضى شهادتهما.
    ثم رواه عن عمرو بن علي الفَلاس ، عن أبي داود الطيالسي ، عن شعبة ، عن مغيرة الأزرق ، عن الشعبي ؛ أن أبا موسى قضى بدقوقا. (3) (4)
    وهذان إسنادان صحيحان إلى الشعبي ، عن أبي موسى الأشعري.
    فقوله : "هذا أمر لم يكن بعد الذي كان في عهد (5) رسول الله صلى الله عليه وسلم" الظاهر - والله أعلم - أنه إنما أراد بذلك قصة تميم وعديّ بن بَدّاء ، قد ذكروا أن إسلام تَمِيم بن أوْسٍ الداري ، رضي الله عنه ، كان في سنة تسع من الهجرة فعلى هذا يكون هذا الحكم متأخرًا ، يحتاج مدعي نسخه إلى دليل فاصل في هذا المقام ، والله أعلم.
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    kkm.rzeg سابقاً

  4. #744
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية خالد معافا

    منتدى الحياة الفطرية
    تاريخ التسجيل
    03 2011
    المشاركات
    11,808

    رد: حلقات تفسير سور القران

    وقال ابن جرير : اختلف في قوله : { شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ } هل المراد به أن يوصي إليهما ، أو يشهدهما ؟ على قولين :
    أحدهما : أن يوصي إليهما ، كما قال محمد بن إسحاق ، عن يزيد بن عبد الله بن قُسَيط قال : سئل ابن مسعود ، رضي الله عنه ، عن هذه الآية قال (1) هذا رجل سافر ومعه مال ، فأدركه قدره ، فإن وجد رجلين من المسلمين دفع إليهما تركته ، وأشهد عليهما عدلين من المسلمين.
    رواه ابن أبي حاتم وفيه انقطاع.
    والقول الثاني : أنهما يكونان شاهدين. وهو ظاهر سياق الآية الكريمة ، فإن لم يكن وصي ثالث معهما اجتمع فيهما الوصفان : الوصاية والشهادة ، كما في قصة تَمِيم الداري ، وعَدِيّ بن بَدَّاء ، كما سيأتي ذكرها آنفًا ، إن شاء الله وبه التوفيق.
    وقد استشكل ابنُ جرير كونهما شاهدين ، قال : لأنا لا نعلم حُكْمًا يَحْلِفُ فيه الشاهد. وهذا لا يمنع الحكم الذي تضمنته هذه الآية الكريمة ، وهو حكم مستقل بنفسه ، لا يلزم أن يكون جاريًا على قياس جميع الأحكام ، على أن هذا حكم خاص بشهادة خاصة في محل خاص ، وقد اغتفر فيه من الأمور ما لم يغتفر في غيره ، فإذا قامت قرائن الريبة حلف هذا الشاهد بمقتضى ما دلت عليه هذه الآية الكريمة.
    وقوله تعالى : { تَحْبِسُونَهُمَا مِنْ بَعْدِ الصَّلاةِ } قال [العوفي ، عن] (2) ابن عباس : يعني صلاة العصر. وكذا قال سعيد بن جبير ، وإبراهيم النَّخَعِي ، وقتادة ، وعِكْرِمة ، ومحمد بن سيرين. وقال الزهري : يعني صلاة المسلمين ، وقال السدي ، عن ابن عباس : يعني صلاة أهل دينهما.
    والمقصود : أن يقام هذان الشاهدان (3) بعد صلاة اجتمع الناس فيها بحضرتهم ، { فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ } أي : فيحلفان (4) بالله { إِنِ ارْتَبْتُمْ } أي : إن ظهرت لكم منهما ريبة ، أنهما قد خانا أو غلا فيحلفان حينئذ بالله { لا نَشْتَرِي بِهِ } أي : بأيماننا. قاله مُقاتِل بن حيان { ثَمَنًا } أي : لا نعتاض عنه بعوض قليل من الدنيا الفانية الزائلة ، { وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى } أي : ولو كان المشهود عليه قريبًا إلينا لا نحابيه ، { وَلا نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللَّهِ } أضافها إلى الله تشريفًا لها ، وتعظيمًا لأمرها.
    وقرأ بعضهم : "ولا نكتم شهادة آلله" مجرورًا على القسم. رواها ابن جرير ، عن عامر الشعبي.
    وحَكَي عن بعضهم أنه قرأ : "ولا نَكْتُمُ شهادةً الله" ، والقراءة الأولى هي المشهورة.
    { إِنَّا إِذًا لَمِنَ الآثِمِينَ } أي : إن فعلنا شيئًا من ذلك ، من تحريف الشهادة ، أو تبديلها ، أو تغييرها (1) أو كتمها بالكلية.
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    kkm.rzeg سابقاً

  5. #745
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية أبوابراهيم
    تاريخ التسجيل
    01 2010
    المشاركات
    2,269

    رد: حلقات تفسير سور القران

    جزاك الله خيرا وبارك الله فيك ونفع بك وبعلمك المسلمين

  6. #746
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية خالد معافا

    منتدى الحياة الفطرية
    تاريخ التسجيل
    03 2011
    المشاركات
    11,808

    رد: حلقات تفسير سور القران

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبوابراهيم مشاهدة المشاركة
    جزاك الله خيرا وبارك الله فيك ونفع بك وبعلمك المسلمين


    بارك الله فيك اخي الغالي ابو ابراهيم ورزقكم الله الجنة
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    kkm.rzeg سابقاً

  7. #747
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية خالد معافا

    منتدى الحياة الفطرية
    تاريخ التسجيل
    03 2011
    المشاركات
    11,808

    رد: حلقات تفسير سور القران

    ثم قال تعالى : { فَإِنْ عُثِرَ عَلَى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْمًا } أي : فإن اشتهر وظهر وتحقق من الشاهدين الوصيين ، أنهما خانا أو غَلا شيئًا من المال الموصى به إليهما ، وظهر عليهما بذلك { فَآخَرَانِ يَقُومَانِ مَقَامَهُمَا مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الأوْلَيَانِ } هذه قراءة الجمهور : "اسْتُحِقَّ عليهم الأوليان". ورُوي عن علي ، وأُبيّ ، والحسن البصري أنهم قرؤوها : { اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الأوْلَيَانِ }.
    وقد روى الحاكم في المستدرك من طريق إسحاق بن محمد الفَرْوِي ، عن سليمان بن بلال ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن عبيد الله بن أبي رافع ، عن علي بن أبي طالب ؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ : { مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الأوْلَيَانِ } ثم قال : صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه. (2)
    وقرأ بعضهم ، ومنهم ابن عباس : "من الذين استحق عليهم الأوَّلِين". وقرأ الحسن : "من الذين استحق عليهم الأوَّلان" ، حكاه ابنُ جرير.
    فعلى قراءة الجمهور يكون المعنى بذلك : أي متى تحقق ذلك بالخبر الصحيح على خيانتهما ، فليقم اثنان من الورثة المستحقين للتركة وليكونا من أوْلى من يرث ذلك المال { فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ لَشَهَادَتُنَا أَحَقُّ مِنْ شَهَادَتِهِمَا } أي : لقولنا : إنهما خانا أحقُّ وأصح وأثبت من شهادتهما المتقدمة { وَمَا اعْتَدَيْنَا } أي : فيما قلنا من الخيانة { إِنَّا إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ } أي : إن كنا قد كذبنا عليهما.
    وهذا التحليف للورثة ، والرجوع إلى قولهما والحالة هذه ، كما يحلف أولياء المقتول إذا ظهر لَوْث (3) في جانب القاتل ، فيقسم المستحقون على القاتل فيدفع برمته إليهم ، كما هو مقرر في باب "القسامة" من الأحكام.
    وقد وردت السنة بمثل ما دلت عليه هذه الآية الكريمة ، فقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا الحسين بن زياد ، حدثنا محمد بن سلمة ، عن محمد بن إسحاق ، عن أبي النضر ، عن باذان - يعني : أبا صالح مولى أم هانئ بنت أبي طالب - عن ابن عباس ، عن تميم الداري في هذه الآية : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ } قال : بَرئ الناس منها غيري وغير عَديّ بن بَدَّاء. وكانا (4) نصرانيين ، يختلفان إلى الشام قبل الإسلام ، فأتيا الشام لتجارتهما وقدم عليهما مولى لبني سهم ، يقال له : بُدَيْل بن أبي مريم ، بتجارة ومعه جام من فضة يريد به الملك ، وهو عُظْم (5) تجارته. فمرض فأوصى إليهما ، وأمرهما أن يبلغا ما ترك أهله - قال تميم : فلما مات أخذنا ذلك الجام ، فبعناه
    بألف درهم ، ثم اقتسمناه أنا وعدي بن بدّاء. فلما قدمنا إلى أهله دفعنا إليهم ما كان معنا. وفقدوا الجام فسألونا عنه ، فقلنا : ما ترك غير هذا ، وما د فع إلينا غيره - قال تميم : فلما أسلمت بعد قدوم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة تأثمت من ذلك ، فأتيت أهله فأخبرتهم الخبر ، ودفعت (1) إليهم خمسمائة درهم ، وأخبرتهم أن عند صاحبي مثلها ، فوثبوا إليه (2) أن يستحلفوه بما يعظم به على أهل دينه ، فحلف فأنزل الله { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ } إلى قوله : { فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ لَشَهَادَتُنَا أَحَقُّ مِنْ شَهَادَتِهِمَا } فقام عمرو بن العاص ورجل آخر منهم فحلفا ، فنزعتْ الخمسمائة من عَدي بن بَدَّاء.
    وهكذا رواه أبو عيسى الترمذي وابن جرير كلاهما عن الحسن بن أحمد بن أبي شعيب الحَرَّاني ، عن محمد بن سلمة ، عن محمد بن إسحاق ، به فذكره (3) - وعنده : فأتوا به رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألهم البينة فلم يجدوا ، فأمرهم أن يستحلفوه بما يُعَظَّم به على أهل دينه ، فحلف فأنزل الله : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ } إلى قوله : { أَوْ يَخَافُوا أَنْ تُرَدَّ أَيْمَانٌ بَعْدَ أَيْمَانِهِمْ } فقام عمرو بن العاص ورجل آخر ، فحلفا. فَنزعَتْ الخمسمائة من عدي بن بَدَّاء.
    ثم قال : هذا حديث غريب ، وليس إسناده بصحيح ، وأبو النضر الذي روى عنه محمد بن إسحاق هذا الحديث هو عندي محمد بن السائب الكلبي ، يكنى أبا النضر ، وقد تركه أهل العلم بالحديث ، وهو صاحب التفسير ، سمعت محمد بن إسماعيل يقول : محمد بن السائب الكلبي ، يكنى أبا النضر ، ثم قال : ولا نعرف لسالم أبي النضر رواية عن أبي صالح مولى أم هانئ ، وقد رُوي عن ابن عباس شيء من هذا على الاختصار من غير هذا الوجه.
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    kkm.rzeg سابقاً

  8. #748
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية خالد معافا

    منتدى الحياة الفطرية
    تاريخ التسجيل
    03 2011
    المشاركات
    11,808

    رد: حلقات تفسير سور القران

    حدثنا سفيان بن وَكِيع ، حدثنا يحيى بن آدم ، عن ابن أبي زائدة ، عن محمد بن أبي القاسم ، عن عبد الملك بن سعيد بن جُبَير ، عن أبيه ، عن ابن عباس قال : خرج رجل من بني سهم مع تميم الداريّ وعديّ بن بَدّاء ، فمات السهمي بأرض ليس فيها مسلم ، فلما قدما بتركته فقدوا جامًا من فضة مُخَوّصًا بالذهب ، فأحلفهما رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ووجدوا الجام بمكة ، فقيل : اشتريناه من تميم وعديّ. فقام رجلان من أولياء السهمي فحلفا بالله لشهادتنا أحق من شهادتهما ، وأن الجام لِصَاحبهم. وفيهم نزلت : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ }
    وكذا رواه أبو داود ، عن الحسن بن علي ، عن يحيى بن آدم ، به. ثم قال الترمذي : هذا حديث حسن غريب ، وهو حديث ابن أبي زائدة. (4)
    ومحمد بن أبي القاسم ، كوفي ، قيل : إنه صالح الحديث ، وقد ذكر هذه القصة مرسلة غيرُ واحد من التابعين منهم : عكرمة ، ومحمد بن سيرين ، وقتادة. وذكروا أن التحليف كان بعد صلاة العصر ،
    رواه ابن جرير. وكذا ذكرها مرسلة : مجاهد ، والحسن ، والضحاك. وهذا يدل على اشتهارها في السلف وصحتها.
    ومن الشواهد لصحة هذه القصة أيضا (1) ما رواه أبو جعفر بن جرير :
    حدثني يعقوب ، حدثنا هُشَيْم ، أخبرنا زكريا ، عن الشعبي ؛ أن رجلا من المسلمين حضرته الوفاة بدَقُوقا ، قال : فحضرته الوفاة ولم يجد أحدًا من المسلمين يشهده على وصيته ، فأشهد رجلين من أهل الكتاب. قال : فقدما الكوفة ، فأتيا الأشعري - يعني : أبا موسى الأشعري ، رضي الله عنه - فأخبراه (2) وقدما بتركته ووصيته ، فقال الأشعري : هذا أمر لم يكن بعد الذي كان في عهد النبي صلى الله عليه وسلم قال : فأحلفهما بعد العصر : بالله ما خانا ولا كذبا ولا بَدّلا ولا كتما ولا غيرا ، وإنها لوصية الرجل وتركته. قال : فأمضى شهادتهما.
    ثم رواه عن عمرو بن علي الفَلاس ، عن أبي داود الطيالسي ، عن شعبة ، عن مغيرة الأزرق ، عن الشعبي ؛ أن أبا موسى قضى بدقوقا. (3) (4)
    وهذان إسنادان صحيحان إلى الشعبي ، عن أبي موسى الأشعري.
    فقوله : "هذا أمر لم يكن بعد الذي كان في عهد (5) رسول الله صلى الله عليه وسلم" الظاهر - والله أعلم - أنه إنما أراد بذلك قصة تميم وعديّ بن بَدّاء ، قد ذكروا أن إسلام تَمِيم بن أوْسٍ الداري ، رضي الله عنه ، كان في سنة تسع من الهجرة فعلى هذا يكون هذا الحكم متأخرًا ، يحتاج مدعي نسخه إلى دليل فاصل في هذا المقام ، والله أعلم.
    وقال أسباط عن السُّدِّي : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ } قال : هذا في الوصية عند الموت ، يوصي ويشهد رجلين من المسلمين على ما له وما عليه ، قال : هذا في الحضر ، { أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ } في السفر ، { إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الأرْضِ فَأَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ } هذا الرجل يدركه الموت في سفره ، وليس بحضرته أحد من المسلمين ، فيدعو رجلين من اليهود والنصارى والمجوس ، فيوصي إليهما ، ويدفع إليهما ميراثه فيقبلان به ، فإن رضي أهل الميت الوصية وعرفوا [مال صاحبهم] (6) تركوا الرجلين (7) وإن ارتابوا رفعوهما إلى السلطان. فذلك قوله تعالى : { تَحْبِسُونَهُمَا مِنْ بَعْدِ الصَّلاةِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ } قال عبد الله بن عباس : كأني أنظر إلى العلْجين حين انتُهى بهما إلى أبي موسى الأشعري في داره ، ففتح الصحيفة ، فأنكر أهل الميت وخَوّنوهما (8) فأراد أبو موسى أن يستحلفهما بعد العصر ، فقلت له : إنهما لا يباليان صلاة العصر ، ولكن استحلفهما بعد صلاتهما في دينهما ، فَيُوقَفُ الرجلان بعد صلاتهما في
    دينهما ، فيحلفان : بالله لا نشتري به ثمنًا قليلا ولو كان ذا قربى ، ولا نكتم شهادة الله إنا إذا لمن الآثمين : أن صاحبهم لبهذا أوصى ، وإن هذه لتركته. فيقول لهما الإمام قبل أن يحلفا : إنكما إن كتمتما أو خُنْتُما فَضَحْتُكُما في قومكما ، ولم تجز لكما شهادة ، وعاقبتكما. فإذا قال لهما ذلك ، فإن ذلك أدنى أن يأتوا بالشهادة على وجهها. رواه ابن جرير. (1)
    وقال ابن جرير : حدثنا الحسين ، حدثنا هُشيْم ، أخبرنا مغيرة ، عن إبراهيم وسعيد بن جبير ، أنهما قالا في هذه الآية : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ } الآية ، قالا إذا حضر الرجل الوفاة في سفر ، فليشهد رجلين من المسلمين ، فإن لم يجد رجلين من المسلمين فرجلين من أهل الكتاب فإذا قدما بتركته ، فإن صدقهما الورثة قُبل قولهما ، وإن اتهموهما أحلفا بعد صلاة العصر : بالله ما كتمنا ولا كذبنا ولا خُنَّا ولا غَيَّرنا.
    وقال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس ، في تفسير هذه الآية : فإن ارتيب في شهادتهما استحلفا بعد الصلاة بالله : ما اشترينا بشهادتنا ثمنًا قليلا. فإن اطلع الأولياء على أن الكافرين كذبا في شهادتهما ، قام رجلان من الأولياء فحلفا بالله : أن شهادة الكافرين باطلة ، وإنا لم نعتد ، فذلك قوله : { فَإِنْ عُثِرَ عَلَى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْمًا } يقول : إن اطلع على أن الكافرين كذبا { فَآخَرَانِ يَقُومَانِ مَقَامَهُمَا } يقول : من الأولياء ، فحلفا بالله : أن شهادة الكافرين باطلة ، وإنا لم نعتد ، فترد شهادة الكافرَيْن ، وتجوز شهادة الأولياء.
    وهكذا روى العَوْفي ، عن ابن عباس. رواهما ابن جرير.
    وهكذا قَرَّر (2) هذا الحكم على مقتضى هذه الآية غيرُ واحد من أئمة التابعين والسلف ، رضي الله عنهم ، وهو مذهب الإمام أحمد ، رحمه الله.
    وقوله : { ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهَادَةِ عَلَى وَجْهِهَا } أي : شرعية هذا الحكم على هذا الوجه المرضي من تحليف الشاهدين الذميين وقد استريب بهما ، أقرب إلى إقامتهما الشهادة على الوجه المرضي.
    وقوله : { أَوْ يَخَافُوا أَنْ تُرَدَّ أَيْمَانٌ بَعْدَ أَيْمَانِهِمْ } أي : يكون الحامل لهم على الإتيان بالشهادة (3) على وجهها ، هو تعظيم الحلف بالله ومراعاة جانبه وإجلاله ، والخوف من الفضيحة بين الناس إذا ردت اليمين على الورثة ، فيحلفون ويستحقون (4) ما يدعون ، ولهذا قال : { أَوْ يَخَافُوا أَنْ تُرَدَّ أَيْمَانٌ بَعْدَ أَيْمَانِهِمْ }
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    kkm.rzeg سابقاً

  9. #749
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية خالد معافا

    منتدى الحياة الفطرية
    تاريخ التسجيل
    03 2011
    المشاركات
    11,808

    رد: حلقات تفسير سور القران

    ثم قال : { وَاتَّقُوا اللَّهَ } أي : في جميع أموركم { وَاسْمَعُوا } أي : وأطيعوا { وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ } يعني : الخارجين عن طاعته ومتابعة شريعته.
    يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَا أُجِبْتُمْ قَالُوا لَا عِلْمَ لَنَا إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ (109)
    { يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَا أُجِبْتُمْ قَالُوا لا عِلْمَ لَنَا إِنَّكَ أَنْتَ عَلامُ الْغُيُوبِ (109) }
    وهذا إخبار عما يخاطب الله به المرسلين يوم القيامة ، عما أجيبوا به من أممهم الذين أرسلهم إليهم ، كما قال تعالى : { فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ } [الأعراف : 6] وقال تعالى : { فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ } [الحجر : 92 ، 93].
    وقول الرسل : { لا عِلْمَ لَنَا } قال مجاهد ، والحسن البصري ، والسُّدِّي : إنما قالوا ذلك من هول ذلك اليوم.
    قال عبد الرزاق ، عن الثوري ، عن الأعمش ، عن مجاهد : { يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَا أُجِبْتُمْ } فيفزعون فيقولون : { لا عِلْمَ لَنَا } رواه ابن جرير وابن أبي حاتم.
    وقال ابن جرير : حدثنا ابن حُمَيْد ، حدثنا حَكَّام ، حدثنا عَنْبَسَة قال : سمعت شيخًا يقول : سمعت الحسن يقول في قوله : { يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ } الآية ، قال : من هول ذلك اليوم.
    وقال أسباط ، عن السُّدِّي : { يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَا أُجِبْتُمْ قَالُوا لا عِلْمَ لَنَا } ذلك : أنهم نزلوا منزلا ذهلت فيه العقول ، فلما سئلوا قالوا : { لا عِلْمَ لَنَا } ثم نزلوا منزلا آخر ، فشهدوا على قومهم. رواه ابن جرير.
    ثم قال ابن جرير : حدثنا القاسم ، حدثنا الحسين ، حدثنا الحجاج ، عن ابن جُرَيْج قوله : { يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَا أُجِبْتُمْ } ماذا عملوا بعدكم ؟ وماذا أحدثوا بعدكم ؟ قالوا : { لا عِلْمَ لَنَا إِنَّكَ أَنْتَ عَلامُ الْغُيُوبِ }
    وقال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : { يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَا أُجِبْتُمْ قَالُوا لا عِلْمَ لَنَا إِنَّكَ أَنْتَ عَلامُ الْغُيُوبِ } يقولون للرب ، عز وجل : لا علم لنا ، إلا علم أنت أعلم به منا.
    رواه ابن جرير. ثم اختاره على هذه الأقوال الثلاثة (1) ولا شك أنه قول حسن ، وهو من باب التأدب مع الرب ، عز وجل ، أي : لا علم لنا بالنسبة إلى علمك المحيط بكل شيء ، فنحن وإن كنا قد أجبنا وعرفنا من أجابنا ، ولكن منهم من كنا إنما نطلع على ظاهره ، لا علم لنا بباطنه ، وأنت العليم بكل شيء ، المطلع على كل شيء. فعلمنا بالنسبة إلى علمك كلا عِلْم ، فإنك { أَنْتَ عَلامُ الْغُيُوبِ }
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    kkm.rzeg سابقاً

  10. #750
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية خالد معافا

    منتدى الحياة الفطرية
    تاريخ التسجيل
    03 2011
    المشاركات
    11,808

    رد: حلقات تفسير سور القران

    إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلَى وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدْتُكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنْفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِي وَتُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتَى بِإِذْنِي وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَنْكَ إِذْ جِئْتَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ (110) وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ أَنْ آَمِنُوا بِي وَبِرَسُولِي قَالُوا آَمَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنَا مُسْلِمُونَ (111)
    { إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلى وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدْتُكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلا وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالإنْجِيلَ وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنْفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِي وَتُبْرِئُ الأكْمَهَ وَالأبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتَى بِإِذْنِي وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَنْكَ إِذْ جِئْتَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ إِنْ هَذَا إِلا سِحْرٌ مُبِينٌ (110) وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ أَنْ آمِنُوا بِي وَبِرَسُولِي قَالُوا آمَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنَا مُسْلِمُونَ (111) }
    يذكر تعالى ما امتن به على عبده ورسوله عيسى ابن مريم عليه السلام مما أجراه على يديه من المعجزات وخوارق العادات ، فقال تعالى : { إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ } أي : في خلقي إياك من أم بلا ذكر ، وجعلي إياك آية ودلالة قاطعة على كمال قدرتي على الأشياء { وَعَلى وَالِدَتِكَ } حيث جَعلتُكَ لها برهانًا على براءتها مما نسبه الظالمون الجاهلون إليها من الفاحشة ، { إِذْ أَيَّدْتُكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ } وهو جبريل ، عليه السلام ، وجعلتك نبيًا داعيًا إلى الله في صغرك وكبرك ، فأنطقتك في المهد صغيرًا ، فشهدت ببراءة أمك من كل عيب ، واعترفت لي بالعبودية ، وأخبرت عن رسالتي إياك ودعوتك (1) إلى عبادتي ؛ ولهذا قال تعالى : { تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلا } أي : تدعو إلى الله الناس في صغرك وكبرك. وضمن "تكلم" تدعو ؛ لأن كلامه الناس في كهولته ليس بأمر عجيب.
    وقوله : { وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ } أي : الخط والفهم { وَالتَّوْرَاةَ } وهي المنزلة على موسى بن عمران الكليم ، وقد يَرِدُ لفظ التوراة في الحديث ويُرَاد به ما هو أعم من ذلك.
    وقوله : { وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي } أي : تصوره وتشكله على هيئة الطائر بإذني لك في ذلك فيكون طائرًا بإذني ، أي : فتنفخ في تلك الصورة التي شكلتها بإذني لك في ذلك ، فتكون طيراً ذا روح بإذن الله وخلقه.
    وقوله : { وَتُبْرِئُ الأكْمَهَ وَالأبْرَصَ بِإِذْنِي } قد تقدم الكلام على ذلك (2) في سورة آل عمران بما أغنى عن إعادته.
    وقوله : { وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتَى بِإِذْنِي } أي : تدعوهم فيقومون من قبورهم بإذن الله وقدرته ، وإرادته ومشيئته.
    وقد قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا مالك بن إسماعيل ، حدثنا محمد بن طلحة - يعني ابن مُصَرِّف - عن أبي بِشْر ، عن أبي الهذيل قال : كان عيسى ابن مريم ، عليه السلام ، إذا أراد أن يحيي الموتى صلى ركعتين ، يقرأ في الأولى : { تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ } [سورة الملك] ، وفي الثانية : { الم. تَنزيلُ الْكِتَابِ }
    [سورة السجدة]. فإذا فرغ منهما مدح الله وأثنى عليه ، ثم دعا بسبعة أسماء : يا قديم ، يا خفي ، يا دائم ، يا فرد ، يا وتر ، يا أحد ، يا صمد - وكان إذا أصابته شدة دعا بسبعة أخر : يا حي ، يا قيوم ، يا الله ، يا رحمن ، يا ذا الجلال والإكرام ، يا نور السموات والأرض ، وما بينهما ورب العرش العظيم ، يا رب.
    وهذا أثر عجيب جدًا. (1)
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    kkm.rzeg سابقاً

  11. #751
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية خالد معافا

    منتدى الحياة الفطرية
    تاريخ التسجيل
    03 2011
    المشاركات
    11,808

    رد: حلقات تفسير سور القران

    إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلَى وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدْتُكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنْفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِي وَتُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتَى بِإِذْنِي وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَنْكَ إِذْ جِئْتَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ (110) وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ أَنْ آَمِنُوا بِي وَبِرَسُولِي قَالُوا آَمَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنَا مُسْلِمُونَ (111)
    { إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلى وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدْتُكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلا وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالإنْجِيلَ وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنْفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِي وَتُبْرِئُ الأكْمَهَ وَالأبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتَى بِإِذْنِي وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَنْكَ إِذْ جِئْتَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ إِنْ هَذَا إِلا سِحْرٌ مُبِينٌ (110) وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ أَنْ آمِنُوا بِي وَبِرَسُولِي قَالُوا آمَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنَا مُسْلِمُونَ (111) }
    يذكر تعالى ما امتن به على عبده ورسوله عيسى ابن مريم عليه السلام مما أجراه على يديه من المعجزات وخوارق العادات ، فقال تعالى : { إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ } أي : في خلقي إياك من أم بلا ذكر ، وجعلي إياك آية ودلالة قاطعة على كمال قدرتي على الأشياء { وَعَلى وَالِدَتِكَ } حيث جَعلتُكَ لها برهانًا على براءتها مما نسبه الظالمون الجاهلون إليها من الفاحشة ، { إِذْ أَيَّدْتُكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ } وهو جبريل ، عليه السلام ، وجعلتك نبيًا داعيًا إلى الله في صغرك وكبرك ، فأنطقتك في المهد صغيرًا ، فشهدت ببراءة أمك من كل عيب ، واعترفت لي بالعبودية ، وأخبرت عن رسالتي إياك ودعوتك (1) إلى عبادتي ؛ ولهذا قال تعالى : { تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلا } أي : تدعو إلى الله الناس في صغرك وكبرك. وضمن "تكلم" تدعو ؛ لأن كلامه الناس في كهولته ليس بأمر عجيب.
    وقوله : { وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ } أي : الخط والفهم { وَالتَّوْرَاةَ } وهي المنزلة على موسى بن عمران الكليم ، وقد يَرِدُ لفظ التوراة في الحديث ويُرَاد به ما هو أعم من ذلك.
    وقوله : { وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي } أي : تصوره وتشكله على هيئة الطائر بإذني لك في ذلك فيكون طائرًا بإذني ، أي : فتنفخ في تلك الصورة التي شكلتها بإذني لك في ذلك ، فتكون طيراً ذا روح بإذن الله وخلقه.
    وقوله : { وَتُبْرِئُ الأكْمَهَ وَالأبْرَصَ بِإِذْنِي } قد تقدم الكلام على ذلك (2) في سورة آل عمران بما أغنى عن إعادته.
    وقوله : { وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتَى بِإِذْنِي } أي : تدعوهم فيقومون من قبورهم بإذن الله وقدرته ، وإرادته ومشيئته.
    وقد قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا مالك بن إسماعيل ، حدثنا محمد بن طلحة - يعني ابن مُصَرِّف - عن أبي بِشْر ، عن أبي الهذيل قال : كان عيسى ابن مريم ، عليه السلام ، إذا أراد أن يحيي الموتى صلى ركعتين ، يقرأ في الأولى : { تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ } [سورة الملك] ، وفي الثانية : { الم. تَنزيلُ الْكِتَابِ }
    [سورة السجدة]. فإذا فرغ منهما مدح الله وأثنى عليه ، ثم دعا بسبعة أسماء : يا قديم ، يا خفي ، يا دائم ، يا فرد ، يا وتر ، يا أحد ، يا صمد - وكان إذا أصابته شدة دعا بسبعة أخر : يا حي ، يا قيوم ، يا الله ، يا رحمن ، يا ذا الجلال والإكرام ، يا نور السموات والأرض ، وما بينهما ورب العرش العظيم ، يا رب.
    وهذا أثر عجيب جدًا. (1)
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    kkm.rzeg سابقاً

  12. #752
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية خالد معافا

    منتدى الحياة الفطرية
    تاريخ التسجيل
    03 2011
    المشاركات
    11,808

    رد: حلقات تفسير سور القران

    وقوله : { وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَنْكَ إِذْ جِئْتَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ إِنْ هَذَا إِلا سِحْرٌ مُبِينٌ } أي : واذكر نعمتي عليك في كفي إياهم عنك حين جئتهم بالبراهين والحجج القاطعة على نبوتك ورسالتك من الله إليهم ، فكذبوك واتهموك بأنك ساحر ، وسعوا في قتلك وصلبك ، فنجيتك منهم ، ورفعتك (2) إليَّ ، وطهرتك من دنسهم ، وكفيتك شرهم. وهذا يدل على أن هذا الامتنان كان من الله إليه بعد رفعه إلى السماء الدنيا ، أو يكون هذا الامتنان واقعًا يوم القيامة ، وعبر عنه بصيغة الماضي دلالة على وقوعه لا محالة. وهذا من أسرار الغيوب التي أطلع الله عليها رسوله محمدًا صلى الله عليه وسلم.
    وقوله : { وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ أَنْ آمِنُوا بِي وَبِرَسُولِي } وهذا أيضًا من الامتنان عليه ، عليه السلام ، بأن جعل له أصحابًا وأنصارًا. ثم قيل : المراد بهذا الوحي وحي إلهام ، كما قال : { وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ } الآية [القصص : 7] ، وهذا (3) وحي إلهام بلا خوف ، وكما قال تعالى : { وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ. ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلا } الآية [النحل : 68 ، 69]. وهكذا قال بعض السلف في هذه الآية : { وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ أَنْ آمِنُوا بِي وَبِرَسُولِي قَالُوا آمَنَّا } [أي : بالله وبرسول الله] (4) { وَاشْهَدْ بِأَنَّنَا مُسْلِمُونَ } أي : ألهموا ذلك فامتثلوا ما ألهموا.
    قال الحسن البصري : ألهمهم الله. عز وجل ذلك ، وقال السُّدِّي : قذف في قلوبهم ذلك.
    ويحتمل أن يكون المراد : وإذ أوحيت إليهم بواسطتك ، فدعوتهم إلى الإيمان بالله وبرسوله ، واستجابوا لك وانقادوا (5) وتابعوك ، فقالوا : { آمَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنَا مُسْلِمُونَ }
    إِذْ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ قَالَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (112) قَالُوا نُرِيدُ أَنْ نَأْكُلَ مِنْهَا وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا وَنَعْلَمَ أَنْ قَدْ صَدَقْتَنَا وَنَكُونَ عَلَيْهَا مِنَ الشَّاهِدِينَ (113)
    { إِذْ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنزلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ قَالَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (112) قَالُوا نُرِيدُ أَنْ نَأْكُلَ مِنْهَا وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا وَنَعْلَمَ أَنْ قَدْ صَدَقْتَنَا وَنَكُونَ عَلَيْهَا مِنَ الشَّاهِدِينَ (113) }
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    kkm.rzeg سابقاً

  13. #753
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية خالد معافا

    منتدى الحياة الفطرية
    تاريخ التسجيل
    03 2011
    المشاركات
    11,808

    رد: حلقات تفسير سور القران

    قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنْزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيدًا لِأَوَّلِنَا وَآَخِرِنَا وَآَيَةً مِنْكَ وَارْزُقْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (114) قَالَ اللَّهُ إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ فَمَنْ يَكْفُرْ بَعْدُ مِنْكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَابًا لَا أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ (115)
    { قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنزلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيدًا لأوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِنْكَ وَارْزُقْنَا وَأَنْتَ خَيرُ الرَّازِقِينَ (114) قَالَ اللَّهُ إِنِّي مُنزلُهَا عَلَيْكُمْ فَمَنْ يَكْفُرْ بَعْدُ مِنْكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَابًا لا أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ (115) }
    هذه قصة المائدة ، وإليها تنسب السورة فيقال : "سورة المائدة". وهي مما امتن الله به على عبده ورسوله عيسى ، عليه السلام ، لما أجاب دعاءه بنزولها ، فأنزلها الله آية ودلالة معجزة باهرة وحجة قاطعة.
    وقد ذكر بعض الأئمة أن قصة المائدة (1) ليست مذكورة في الإنجيل ، ولا يعرفها النصارى إلا من المسلمين ، فالله أعلم.
    فقوله تعالى : { إِذْ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ } وهم أتباع عيسى (2) عليه السلام : { يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ } هذه قراءة كثيرين ، وقرأ آخرون : "هل تَسْتَطيع رَبَّك" أي : هل تستطيع أن تسأل ربك { أَنْ يُنزلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ }.
    والمائدة هي : الخوان عليه طعام. وذكر بعضهم أنهم إنما سألوا ذلك لحاجتهم وفقرهم (3) فسألوا أن ينزل عليهم مائدة كل يوم يقتاتون منها ، ويتقوون بها على العبادة.
    قال : { اتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ } أي : فأجابهم المسيح ، عليه السلام ، قائلا لهم : اتقوا الله ، ولا تسألوا هذا ، فعساه أن يكون فتنة لكم ، وتوكلوا على الله في طلب الرزق إن كنتم مؤمنين.
    { قَالُوا نُرِيدُ أَنْ نَأْكُلَ مِنْهَا } أي : نحن محتاجون إلى الأكل منها { وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا } إذا شاهدنا نزولها رزقًا لنا من السماء { وَنَعْلَمَ أَنْ قَدْ صَدَقْتَنَا } أي : ونزداد إيمانًا بك وعلمًا برسالتك ، { وَنَكُونَ عَلَيْهَا مِنَ الشَّاهِدِينَ } أي : ونشهد أنها آية من عند الله ، ودلالة وحجة على نبوتك وصدق ما جئت به.
    { قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنزلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيدًا لأوَّلِنَا وَآخِرِنَا } قال السُّدِّي : أي نتخذ ذلك اليوم الذي نزلت فيه عيدًا نعظمه نحن وَمَنْ بعدنا ، وقال سفيان الثوري : يعني يومًا نصلي فيه ، وقال قتادة : أرادوا أن يكون لعقبهم من بعدهم ، وعن سلمان الفارسي : عظة لنا ولمن بعدنا. وقيل : كافية لأولنا وآخرنا.
    { وَآيَةً مِنْكَ } أي : دليلا تنصبه على قدرتك على الأشياء ، وعلى إجابتك دعوتي ، فيصدقوني فيما أبلغه عنك { وَارْزُقْنَا } أي : من عندك رزقًا هنيئًا بلا كلفة ولا تعب { وَأَنْتَ خَيرُ الرَّازِقِينَ. قَالَ اللَّهُ إِنِّي مُنزلُهَا عَلَيْكُمْ فَمَنْ يَكْفُرْ بَعْدُ مِنْكُمْ } أي : فمن كذب بها من أمتك يا عيسى وعاندها { فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَابًا لا أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ } أي : من عالمي زمانكم ، كقوله : { وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ } [غافر : 46] ، (4) وكقوله : { إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأسْفَلِ مِنَ النَّارِ } [النساء : 145].
    وقد روى ابن جرير ، من طريق عَوْف الأعرابي ، عن أبي المغيرة القوَّاس ، عن عبد الله بن عمرو قال : إن أشد الناس عذابًا يوم القيامة ثلاثة : المنافقون ، ومن كفر من أصحاب المائدة ، وآل فرعون. (1)
    ذكر أخبار رُوِيَت عن السلف في نزول المائدة على الحواريين :
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    kkm.rzeg سابقاً

  14. #754
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية خالد معافا

    منتدى الحياة الفطرية
    تاريخ التسجيل
    03 2011
    المشاركات
    11,808

    رد: حلقات تفسير سور القران

    قال أبو جعفر بن جرير (2) حدثنا القاسم ، حدثنا الحسين ، حدثني حجاج ، عن لَيْث ، عن عقيل ، عن ابن عباس : أنه كان يحدث عن عيسى ابن مريم أنه قال لبني إسرائيل : هل لكم أن تصوموا لله ثلاثين يومًا ، ثم تسألوه فيعطيكم ما سألتم ؟ فإن أجر العامل على من عمل له. ففعلوا ، ثم قالوا : يا معلم الخير ، قلت لنا : إن أجر العامل على من عمل له وأمرتنا أن نصوم ثلاثين يومًا ، ففعلنا ، ولم نكن نعمل لأحد ثلاثين يومًا إلا أطعمنا حين نَفْرُغ طعامًا ، فهل يستطيع ربك أن ينزل علينا مائدة من السماء ؟ قال عيسى : { اتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ. قَالُوا نُرِيدُ أَنْ نَأْكُلَ مِنْهَا وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا وَنَعْلَمَ أَنْ قَدْ صَدَقْتَنَا وَنَكُونَ عَلَيْهَا مِنَ الشَّاهِدِينَ. قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنزلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيدًا لأوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِنْكَ وَارْزُقْنَا وَأَنْتَ خَيرُ الرَّازِقِينَ. قَالَ اللَّهُ إِنِّي مُنزلُهَا عَلَيْكُمْ فَمَنْ يَكْفُرْ بَعْدُ مِنْكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَابًا لا أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ } قال : فأقبلت الملائكة تطير بمائدة من السماء ، عليها سبعة أحوات وسبعة أرغفة ، حتى وضعتها بين أيديهم ، فأكل منها آخر الناس كما أكل منها أولهم.
    كذا رواه ابن جرير (3) ورواه ابن أبي حاتم ، عن يونس بن عبد الأعلى ، عن ابن وَهْبٍ ، عن الليث ، عن عُقَيْل ، عن ابن شِهاب ، قال : كان ابن عباس يحدث ، فذكر نحوه.
    وقال ابن أبي حاتم أيضًا : حدثنا سعد بن عبد الله بن عبد الحكم ، حدثنا أبو زُرْعَة وهب الله بن راشد ، حدثنا عُقَيْل بن خالد ، أن ابن شهاب أخبره عن ابن عباس ؛ أن عيسى ابن مريم قالوا له : ادع الله أن ينزل علينا مائدة من السماء ، قال : فنزلت الملائكة بمائدة يحملونها ، عليها سبعة أحوات ، وسبعة أرغفة ، فأكل منها آخر الناس كما أكل منها أولهم.
    وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا الحسن بن قَزْعَة الباهلي ، حدثنا سفيان بن حبيب ، حدثنا سعيد بن أبي عَرُوبَة ، عن قتادة ، عن خِلاس ، عن عمار بن ياسر ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "نزلت المائدة من السماء ، عليها خبز ولحم ، وأمروا أن لا يخونوا ولا يرفعوا لغد ، فخانوا وادخروا ورفعوا ، فمسخوا قردة وخنازير"
    وكذا رواه ابن جرير ، عن الحسن بن قَزْعَة (4) ثم رواه ابن جرير ، عن ابن بشار ، عن ابن أبي
    عَدِيّ ، عن سعيد ، عن قتادة ، عن خلاس ، عن عمار ، قال : نزلت المائدة وعليها ثمر من ثمار الجنة ، فأمروا ألا يخونوا ولا يخبئوا ولا يدخروا. قال : فخان القوم وخَبئوا وادخروا ، فمسخهم الله قردة وخنازير. (1)
    وقال ابن جرير : حدثنا ابن المثنى ، حدثنا عبد الأعلى ، حدثنا داود ، عن سِمَاك بن حرب ، عن رجل من بني عجل ، قال : صليت إلى جنب عمار بن ياسر ، فلما فرغ قال : هل تدري كيف كان شأن مائدة بني إسرائيل ؟ قال : قلت : لا قال : إنهم سألوا (2) عيسى ابن مريم مائدة يكون عليها طعام يأكلون منه لا ينفد ، قال : فقيل لهم : فإنها مقيمة لكم ما لم تَخْبَؤوا ، أو تخونوا ، أو ترفعوا ، فإن فعلتم فإني معذبكم عذابًا لا أعذبه أحدًا من العالمين ، قال : فما مضى يومهم حتى خبَّؤوا ورفعوا وخانوا ، فعذبوا عذابًا لم يعذبه أحد من العالمين. وإنكم - معشر العرب - كنتم تتبعون أذناب الإبل والشاء ، فبعث الله فيكم رسولا من أنفسكم ، تعرفون حسبه ونسبه ، وأخبركم أنكم ستظهرون على العجم ، ونهاكم أن تكتنزوا الذهب والفضة. وأيم الله ، لا يذهب الليل والنهار حتى تكنزوهما (3) ويعذبكم الله عذابًا أليمًا. (4)
    وقال : حدثنا القاسم ، حدثنا حسين ، حدثني حجاج ، عن أبي مَعْشَر ، عن إسحاق بن عبد الله ، أن المائدة نزلت على عيسى ابن مريم ، عليها سبعة أرغفة وسبعة أحوات ، يأكلون منها ما شاؤوا. قال : فسرق بعضهم منها وقال : "لعلها لا تنزل غدًا". فرفعت.
    وقال العَوْفِي ، عن ابن عباس : نزلت على عيسى ابن مريم والحواريين ، خوان عليه خبز وسمك ، يأكلون منه أينما نزلوا إذا شاؤوا. وقال خَصِيف ، عن عكرمة ومِقْسَم ، عن ابن عباس : كانت المائدة سمكة وأرغفة. وقال مجاهد : هو طعام كان ينزل عليهم حيث نزلوا. وقال أبو عبد الرحمن السلمي : نزلت المائدة خبزًا وسمكًا. وقال عطية العَوْفِي : المائدة سمك فيه طَعْمُ كل شيء.
    وقال وَهْب بن مُنَبِّه : أنزلها من السماء على بني إسرائيل ، فكان ينزل عليهم في كل يوم في تلك المائدة من ثمار الجنة ، فأكلوا ما شاؤوا من ضروب شتى ، فكان يَقْعُدُ عليها أربعة آلاف ، فإذا أكلوا أبدل الله مكان ذلك لمثلهم. فلبثوا على ذلك ما شاء الله عز وجل.
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    kkm.rzeg سابقاً

  15. #755
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية خالد معافا

    منتدى الحياة الفطرية
    تاريخ التسجيل
    03 2011
    المشاركات
    11,808

    رد: حلقات تفسير سور القران

    وقال وهب بن مُنَبِّه : نزل عليهم قرصة من شعير وأحوات ، وحشا الله بين أضعافهن البركة ، فكان قوم يأكلون ثم يخرجون ، ثم يجيء آخرون فيأكلون ثم يخرجون ، حتى أكل جميعهم وأفضلوا.
    وقال الأعمش ، عن مسلم ، عن سعيد بن جبير : أنزل عليها كل شيء إلا اللحم.
    وقال سفيان الثوري ، عن عطاء بن السائب ، عن زاذان ومَيْسَرَة ، وجرير ، عن عطاء ، عن ميسرة
    قال : كانت المائدة إذا وضعت لبني إسرائيل اختلفت عليهم الأيدي بكل طعام إلا اللحم.
    وعن عكرمة : كان خبز المائدة من الأرز. رواه ابن أبي حاتم.
    وقال ابن أبي حاتم : أخبرنا جعفر بن علي فيما كتب إليّ ، حدثنا إسماعيل بن أبي أُوَيْس ، حدثني أبو عبد الله عبد القدوس بن إبراهيم بن عبيد الله بن مِرْدَاس العبدري - مولى بني عبد الدار - عن إبراهيم بن عمر ، عن وهب بن منبه ، عن أبي عثمان النَّهْدِي ، عن سلمان الخير ؛ أنه قال : لما سأل الحواريون عيسى ابن مريم المائدة ، كره ذلك جدا وقال : اقنعوا بما رزقكم الله في الأرض ، ولا تسألوا المائدة من السماء ، فإنها إن نزلت عليكم كانت آية من ربكم ، وإنما هلكت ثمود حين سألوا نبيهم آية ، فابتلوا بها حتى كان بَوَارهم فيها. فأبوا إلا أن يأتيهم بها ، فلذلك قالوا : { نُرِيدُ أَنْ نَأْكُلَ مِنْهَا وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا } الآية.
    فلما رأى عيسى أن قد أبوا إلا أن يدعو لهم بها ، قام فألقى عنه الصوف ، ولبس الشعر الأسود ، وجبة من شعر ، وعباءة من شعر ، ثم توضأ واغتسل ، ودخل مصلاه فصلى ما شاء الله ، فلما قضى صلاته قام قائمًا مستقبل القبلة وصف قدميه حتى استويا ، فألصق الكعب بالكعب وحاذى الأصابع ، ووضع يده اليمنى على اليسرى فوق صدره ، وغض بصره ، وطأطأ رأسه خشوعًا ، ثم أرسل عينيه بالبكاء ، فما زالت دموعه تسيل على خديه وتقطر من أطراف لحيته حتى ابتلت الأرض حيال (1) وجهه من خشوعه ، فلما رأى ذلك دعا الله فقال : { اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنزلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ } فأنزل الله عليهم سُفْرَة حمراء بين غمامتين : غمامة فوقها وغمامة تحتها ، وهم ينظرون إليها في الهواء منقضة من فلك السماء تهوي إليهم ، وعيسى يبكي خوفًا للشروط التي أتخذها الله عليهم - فيها : أنه يعذب (2) من يكفر بها منهم بعد نزولها عذابًا لم يعذبه أحدًا من العالمين - وهو يدعو الله من مكانه ويقول : اللهم اجعلها رحمة ، إلهي لا تجعلها عذابًا ، إلهي كم من عجيبة سألتك فأعطيتني ، إلهي اجعلنا لك شَكَّارين ، إلهي أعوذ بك أن تكون (3) أنزلتها غضبًا وجزاء ، إلهي اجعلها سلامة وعافية ، ولا تجعلها فتنة ومثلة.
    فما زال يدعو حتى استقرت السُّفْرة بين يدي عيسى ، والحواريين وأصحابه حوله ، يَجدون رائحة طيبة لم يجدوا فيما مضى رائحة مثلها قط ، وخَرَّ عيسى والحواريون لله سجدًا شكرًا بما رزقهم من حيث لم يحتسبوا (4) وأراهم فيه آية عظيمة ذات عجب وعبرة ، وأقبلت اليهود ينظرون فرأوا أمرًا عجيبًا أورثهم كمدًا وغمًا ، ثم انصرفوا بغيظ شديد وأقبل عيسى. والحواريون وأصحابه حتى جلسوا حول السفرة ، فإذا عليها منديل مغطى. قال عيسى : من أجرؤنا على كشف المنديل عن هذه السفرة ، وأوثقنا بنفسه ، وأحسننا بلاء عند ربه ؟ فليكشف عن هذه الآية حتى نراها ، ونحمد ربنا ، ونذكر باسمه ، ونأكل من رزقه الذي رزقنا. فقال الحواريون : يا روح الله وكلمته ، أنت أولانا بذلك ، وأحقنا
    بالكشف عنها. فقام عيسى ، عليه السلام ، واستأنف وضوءًا جديدًا ، ثم دخل مصلاه فصلى كذلك ركعات ، ثم بكى بكاء طويلا ودعا الله أن يأذن له في الكشف عنها ، ويجعل له ولقومه فيها بركة ورزقًا. ثم انصرف فجلس (1) إلى السفرة وتناول المنديل ، وقال : "باسم الله خير الرازقين" ، وكشف عن السفرة ، فإذا هو عليها سمكة (2) ضخمة مشوية ، ليس عليها بواسير ، وليس في جوفها شوك ، يسيل السمن منها سيلا قد نضد حولها بقول من كل صنف غير الكراث ، وعند رأسها خل ، وعند ذنبها ملح ، وحول البقول خمسة أرغفة ، على واحد منها زيتون ، وعلى الآخر ثمرات ، وعلى الآخر خمس رمانات.
    فقال شمعون رأس الحواريين لعيسى : يا روح الله وكلمته ، أمن طعام الدنيا هذا أم من طعام الجنة ؟ فقال : أما آن لكم أن تعتبروا بما ترون من الآيات ، وتنتهوا عن تنقير المسائل ؟ ما أخوفني عليكم أن تعاقبوا في سبب نزول هذه الآية! فقال شمعون : وإله إسرائيل ما أردت بها سؤالا يا ابن الصِّدِّيقة. فقال عيسى ، عليه السلام : ليس شيء مما ترون من طعام الجنة ولا من طعام الدنيا ، إنما هو شيء ابتدعه الله في الهواء بالقدرة العالية (3) القاهرة ، فقال له : كن. فكان أسرع من طرفة عين ، فكلوا مما سألتم باسم الله (4) واحمدوا عليه ربكم يُمدكم منه ويَزدكم ، فإنه بديع قادر شاكر.
    فقالوا : يا روح الله وكلمته ، إنا نحب أن تُرينا آية في هذه الآية. فقال عيسى : سبحان (5) الله! أما اكتفيتم بما رأيتم في (6) هذه الآية حتى تسألوا فيها آية أخرى ؟ ثم أقبل عيسى ، عليه السلام ، على السمكة ، فقال : يا سمكة ، عودي بإذن الله حية كما كنت. فأحياها الله بقدرته ، فاضطربت وعادت بإذن الله حية طرية ، تَلَمَّظ كما يتلمظ الأسد ، تدور عيناها لها بصيص ، وعادت عليها بواسيرها. ففزع القوم منها وانحازوا. فلما رأى عيسى ذلك منهم قال : ما لكم تسألون الآية ، فإذا أراكموها ربكم كرهتموها ؟ ما أخوفني عليكم أن تعاقبوا بما تصنعون! يا سمكة ، عودي بإذن الله كما كنت. فعادت بإذن الله مشوية كما كانت في خلقها الأول.
    فقالوا لعيسى : كن أنت يا روح الله الذي تبدأ بالأكل منها ، ثم نحن بعد فقال عيسى : معاذ الله من ذلك! يبدأ بالأكل من طلبها. فلما رأى الحواريون وأصحابهم امتناع نبيهم (7) منها ، خافوا أن يكون نزولها سَخْطة وفي أكلها مَثُلةً ، فتحاموها. فلما رأى ذلك عيسى دعا لها الفقراء والزَّمْنى ، وقال : كلوا من رزق ربكم ، ودعوة نبيكم ، واحمدوا الله الذي أنزلها لكم ، فيكون (8) مَهْنَؤُها لكم ، وعقوبتها على غيركم ، وافتتحوا أكلكم باسم الله ، واختموه بحمد الله ، ففعلوا ، فأكل منها ألف وثلاثمائة إنسان بين رجل وامرأة ، يصدرون عنها كل واحد منهم شبعان يتجشأ ، ونظر عيسى والحواريون فإذا ما عليها كهيئته إذ أنزلت من السماء ، لم ينتقص منها شيء ، ثم إنها رفعت إلى السماء وهم ينظرون ،
    فاستغنى كل فقير أكل منها ، وبرئ كل زَمِنٍ أكل منها ، فلم يزالوا أغنياء صِحَاحًا حتى خرجوا من الدنيا.
    وندم الحواريون وأصحابهم الذين أبوا أن يأكلوا منها ندامة ، سالت منها أشفارهم ، وبقيت حسرتها في قلوبهم إلى يوم الممات ، قال : فكانت المائدة إذا نزلت بعد ذلك أقبلت بنو إسرائيل إليها من كل مكان يسعون يزاحم بعضهم بعضًا : الأغنياء والفقراء ، والصغار (1) والكبار ، والأصحاء والمرضى ، يركب بعضهم بعضًا. فلما رأى ذلك جعلها نوائب ، تنزل يومًا ولا تنزل يومًا. فلبثوا في ذلك (2) أربعين يومًا ، تنزل عليهم غِبًّا عند ارتفاع الضُحَى (3) فلا تزال موضوعة يؤكل منها ، حتى إذا قاموا ارتفعت عنهم. (4) بإذن الله إلى جو السماء ، وهم ينظرون إلى ظلها في الأرض حتى توارى عنهم.
    قال : فأوحى الله إلى نبيه عيسى ، عليه السلام ، أن اجعل رزقي المائدة (5) لليتامى والفقراء والزَّمنَى دون الأغنياء من الناس ، فلما فعل ذلك ارتاب بها الأغنياء من الناس ، وغَمطُوا ذلك ، حتى شَكُّوا فيها في أنفسهم وشككوا فيها الناس ، وأذاعوا في أمرها القبيح والمنكر ، وأدرك الشيطان منهم حاجته ، وقذف وسواسه في قلوب المرتابين (6) حتى قالوا لعيسى : أخبرنا عن المائدة ، ونزولها من السماء أحق ، فإنه قد ارتاب بها بشر منا كثير ؟ فقال عيسى ، عليه السلام : هلكتم وإله المسيح! طلبتم المائدة إلى نبيكم أن يطلبها لكم إلى ربكم ، فلما أن فعل وأنزلها عليكم رحمة ورزقًا ، وأراكم فيها (7) الآيات والعبَر كذَّبْتم بها ، وشككتم فيها ، فأبشروا بالعذاب ، فإنه نازل بكم إلا أن يرحمكم الله.
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    kkm.rzeg سابقاً

  16. #756
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية خالد معافا

    منتدى الحياة الفطرية
    تاريخ التسجيل
    03 2011
    المشاركات
    11,808

    رد: حلقات تفسير سور القران

    وأوحى الله إلى عيسى : إني آخذ المكذبين بشرطي ، فإني معذب منهم من كفر بالمائدة بعد نزولها عذابًا لا أعذبه أحدًا من العالمين. قال فلما أمسى المرتابون بها وأخذوا مضاجعهم في أحسن صورة مع نسائهم آمنين ، فلما كان في آخر الليل مسخهم الله خنازير ، فأصبحوا يتبعون الأقذار في الكناسات.
    هذا أثر غريب جدًا. (8) قَطَّعَه ابن أبي حاتم في مواضع من هذه القصة ، وقد جمعته أنا له ليكون سياقه أتم وأكمل ، والله سبحانه وتعالى أعلم.
    وكل هذه الآثار دالة على أن المائدة نزلت على بني إسرائيل ، أيام عيسى ابن مريم ، إجابة من الله لدعوته ، وكما دل على ذلك ظاهر هذا السياق من القرآن العظيم : { قَالَ اللَّهُ إِنِّي مُنزلُهَا عَلَيْكُمْ } الآية.
    وقد قال قائلون : إنها لم تنزل. فروى لَيْث بن أبي سليم ، عن مجاهد في قوله : { أَنزلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ } قال : هو مثل ضُرب ، ولم ينزل شيء.
    رواه ابن أبي حاتم ، وابن جرير. ثم قال ابن جرير : حدثني الحارث ، حدثنا القاسم - هو ابن سلام - حدثنا حجاج ، عن ابن جُرَيْج ، عن مجاهد قال : مائدة عليها طعام ، أبوها حين عرض عليهم العذاب إن كفروا ، فأبوا أن تَنزل عليهم.
    وقال أيضًا : حدثنا ابن المثنى ، حدثنا محمد بن جعفر ، حدثنا شعبة ، عن منصور بن زاذان ، عن الحسن ؛ أنه قال في المائدة : لم تنزل.
    وحدثنا بِشْر ، حدثنا يزيد ، حدثنا سعيد ، عن قتادة قال : كان الحسن يقول : لما قيل لهم : { فَمَنْ يَكْفُرْ بَعْدُ مِنْكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَابًا لا أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ } قالوا : لا حاجة لنا فيها ، فلم تنزل.
    وهذه أسانيد صحيحة إلى مجاهد والحسن ، وقد يتقوى ذلك بأن خبر المائدة لا تعرفه النصارى وليس هو في كتابهم ، ولو كانت قد نزلت لكان ذلك مما يتوفر الدواعي على نقله ، وكان يكون موجودًا في كتابهم متواترًا ، ولا أقل من الآحاد ، والله أعلم. ولكن الذي عليه الجمهور أنها نزلت ، وهو الذي اختاره ابن جرير ، قال : لأنه تعالى أخبر بنزولها بقوله (1) تعالى : { إِنِّي مُنزلُهَا عَلَيْكُمْ فَمَنْ يَكْفُرْ بَعْدُ مِنْكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَابًا لا أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ } قال : ووعد الله ووعيده حق وصدق.
    وهذا القول هو - والله أعلم - الصواب ، كما دلت عليه الأخبار والآثار عن السلف وغيرهم. وقد ذكر أهل التاريخ أن موسى بن نصير نائب بني أمية في فتوح بلاد المغرب ، وجد المائدة هنالك مرصعة باللآلئ وأنواع الجواهر ، فبعث بها إلى أمير المؤمنين الوليد بن عبد الملك ، باني جامع دمشق ، فمات وهي في الطريق ، فحملت إلى أخيه سليمان بن عبد الملك الخليفة بعده ، فرآها الناس وتعجبوا منها كثيرًا لما فيها من اليواقيت النفيسة والجواهر اليتيمة. ويقال إن هذه المائدة كانت لسليمان بن داود ، عليهما السلام ، فالله أعلم.
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    kkm.rzeg سابقاً

  17. #757
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية خالد معافا

    منتدى الحياة الفطرية
    تاريخ التسجيل
    03 2011
    المشاركات
    11,808

    رد: حلقات تفسير سور القران

    وقد قال الإمام أحمد : حدثنا عبد الرحمن ، حدثنا سفيان ، عن سلمة بن كُهَيْل ، عن عمران بن الحكم ، عن ابن عباس قال : قالت قريش للنبي صلى الله عليه وسلم : ادع لنا ربك أن يجعل لنا الصفا ذهبًا ونؤمن بك قال : "وتفعلون ؟" قالوا : نعم. قال : فدعا ، فأتاه جبريل فقال : إن ربك يقرأ عليك السلام ، ويقول لك : إن شئت أصبح لهم الصفا ذهبًا ، فمن كفر منهم بعد ذلك عذبته عذابًا لا أعذبه أحدًا من العالمين ، وإن شئت فتحت لهم باب التوبة والرحمة. قال : " بل باب التوبة والرحمة".
    وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ (116) مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (117) إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (118)
    ثم رواه أحمد ، وابن مردويه ، والحاكم في مستدركه ، من حديث سفيان الثوري ، به. (1)
    { وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلامُ الْغُيُوبِ (116) مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (117) إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (118) }
    هذا أيضًا مما يخاطب الله تعالى به عبده ورسوله عيسى ابن مريم ، عليه السلام ، قائلا له يوم القيامة بحضرة من اتخذه وأمه إلهين من دون الله : { وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ } ؟ وهذا تهديد للنصارى وتوبيخ وتقريع على رؤوس الأشهاد. هكذا قاله قتادة وغيره ، واستدل قتادة على ذلك بقوله تعالى : { هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ }
    وقال السُّدِّي : هذا الخطاب والجواب في الدنيا.
    قال ابن جرير : هذا هو الصواب ، وكان ذلك حين رفعه الله إلى سماء الدنيا. واحتج ابن جرير على ذلك بمعنيين :
    أحدهما : أن الكلام لفظ المضي.
    والثاني : قوله : { إِنْ تُعَذِّبْهُمْ } و { إِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ }
    وهذان الدليلان فيهما نظر ؛ لأن كثيرًا من أمور يوم القيامة ذكر بلفظ المضي ، ليدل على الوقوع والثبوت. ومعنى قوله : { إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ } الآية : التبري منهم ورد المشيئة فيهم إلى الله ، وتعليق ذلك على الشرط لا يقتضي وقوعه ، كما في نظائر ذلك من الآيات.
    والذي (2) قاله قتادة وغيره هو الأظهر ، والله أعلم : أن ذلك كائن يوم القيامة ، ليدل على تهديد النصارى وتقريعهم وتوبيخهم على رؤوس الأشهاد يوم القيامة. وقد روي بذلك حديث مرفوع ، رواه الحافظ ابن عساكر في ترجمة أبي عبد الله ، مولى عمر بن عبد العزيز ، وكان ثقة ، قال : سمعت أبا بردة يحدث عمر بن عبد العزيز عن أبيه أبي موسى الأشعري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "إذا كان يوم القيامة دعي بالأنبياء وأممهم ، ثم يُدْعَى بعيسى فيذكره الله نعمته عليه ، فيقِر بها ، فيقولُ : { يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلى وَالِدَتِكَ } الآية [المائدة : 110] ثم يقول : { أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ } ؟ فينكر أن يكون قال ذلك ، فيؤتى بالنصارى فيسألون ، فيقولون : نعم ، هو
    أمرنا بذلك ، قال : فيطول شعر عيسى ، عليه السلام ، فيأخذ كل ملك من الملائكة بشعرة من شعر رأسه وجسده. فيجاثيهم بين يدي الله ، عز وجل ، مقدار ألف عام ، حتى ترفع عليهم الحجة ، ويرفع لهم الصليب ، وينطلق بهم إلى النار" ، وهذا حديث غريب عزيز. (1)
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    kkm.rzeg سابقاً

  18. #758
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية خالد معافا

    منتدى الحياة الفطرية
    تاريخ التسجيل
    03 2011
    المشاركات
    11,808

    رد: حلقات تفسير سور القران

    وقوله : { سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ } هذا توفيق للتأدب في الجواب الكامل ، كما قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا ابن أبي عمر ، حدثنا سفيان ، عن عمرو ، عن طاوس ، عن أبي هريرة قال : يلقى عيسى حجته ، ولقَّاه الله في قوله : { وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ } ؟ قال أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم فلقاه الله : { سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ } أي آخر الآية.
    وقد رواه الثوري ، عن مَعْمَر ، عن ابن طاوس ، عن طاوس ، بنحوه.
    وقوله : { إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ } أي : إن كان صَدَرَ مني هذا فقد علمته يا رب ، فإنه لا يخفى عليك شيء مما قلته ولا أردته في نفسي ولا أضمرته ؛ ولهذا قال : { تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلامُ الْغُيُوبِ * مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ } بإبلاغه { أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ } أي : ما دعوتهم إلا إلى الذي أرسلتني به وأمرتني بإبلاغه : { أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ } أي : هذا هو الذي قلت لهم ، { وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ } أي : كنت أشهد على أعمالهم حين كنت بين أظهرهم ، { فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ }
    قال أبو داود الطيالسي : حدثنا شُعْبَة قال : انطلقت أنا وسفيان الثوري إلى المغيرة بن النعمان فأملاه علي سفيان وأنا معه ، فلما قام انتسخت من سفيان ، فحدثنا قال : سمعت سعيد بن جبير يحدث عن ابن عباس قال : قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بموعظة ، فقال : "يا أيها الناس ، إنكم محشورون إلى الله ، عز وجل ، حفاة عراة غُرْلا كما بدأنا أول خلق نعيده ، وإن أول الخلائق يُكْسى إبراهيم ، ألا وإنه يجاء برجال من أمتي فيؤخذ بهم ذات الشمال فأقول : أصحابي. فيقال : إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك. فأقول كما قال العبد الصالح : { وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ * إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ } فيقال : إن هؤلاء لم يزالوا مرتدين على أعقابهم منذ فارقتهم".
    ورواه البخاري عند هذه الآية عن الوليد ، عن أبي شعبة - وعن محمد بن كثير ، عن سفيان الثوري ، كلاهما عن المغيرة بن النعمان ، به. (2)
    وقوله : { إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ } هذا الكلام يتضمن رد المشيئة إلى الله ، عز وجل ، فإنه الفعال لما يشاء ، الذي لا يسأل عما يفعل وهم يسألون. ويتضمن
    التبري من النصارى الذين كذبوا على الله ، وعلى رسوله ، وجعلوا لله ندًا وصاحبة وولدًا ، تعالى الله عما يقولون علوًا كبيرًا ، وهذه الآية لها شأن (1) عظيم ونبأ عجيب ، وقد ورد في الحديث : أن رسول الله (2) صلى الله عليه وسلم قام بها ليلة حتى الصباح يرددها.
    قال الإمام أحمد : حدثنا محمد بن فُضَيْل ، حدثني فُليَت العامري ، عن جَسْرة العامرية ، عن أبي ذر ، رضي الله عنه ، قال : صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليلة فقرأ بآية حتى أصبح ، يركع بها ويسجد بها : { إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ } فلما أصبح قلت : يا رسول الله ، ما زلت تقرأ هذه الآية حتى أصبحت تركع بها وتسجد بها ؟ قال : "إني سألت ربي ، عز وجل ، الشفاعة لأمتي ، فأعطانيها ، وهي نائلة إن شاء الله لمن لا يشرك بالله شيئًا".
    3
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    kkm.rzeg سابقاً

  19. #759
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية خالد معافا

    منتدى الحياة الفطرية
    تاريخ التسجيل
    03 2011
    المشاركات
    11,808

    رد: حلقات تفسير سور القران

    طريق أخرى وسياق آخر : قال أحمد : حدثنا يحيى ، حدثنا قُدَامة بن عبد الله ، حدثتني جَسْرة بنت دجاجة : أنها انطلقت معتمرة ، فانتهت إلى الربذة ، فسمعت أبا ذر يقول : قام رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة من الليالي في صلاة العشاء ، فصلى بالقوم ، ثم تخلف أصحاب له يصلون ، فلما رأى قيامهم وتخلفهم انصرف إلى رحله ، فلما رأى القوم قد أخلوا المكان رجع إلى مكانه فصلي ، فجئت فقمت خلفه ، فأومأ إليَّ بيمينه ، فقمت عن يمينه. ثم جاء ابن مسعود فقام خلفي وخلفه ، فأومأ إليه بشماله ، فقام عن شماله ، فقمنا ثلاثتنا يصلي كل واحد منا بنفسه ، ويتلو من القرآن ما شاء الله أن يتلو. وقام بآية من القرآن يرددها حتى صلى الغداة. فلما أصبحنا أومأت إلى عبد الله بن مسعود : أن سله ما أراد إلى ما صنع البارحة ؟ فقال ابن مسعود بيده : لا أسأله عن شيء حتى يحدث إليّ ، فقلت : بأبي أنت وأمي ، قمت بآية من القرآن ومعك القرآن ، لو فعل هذا بعضنا لوجدنا عليه ، قال : "دعوت لأمتي". قلت : فماذا أَجِبْتَ ؟ - أو ماذا رُدَّ عليك ؟ - قال : "أجبت بالذي لو اطلع عليه كثير منهم طلْعة تركوا الصلاة". قلت : أفلا أبشر الناس ؟ قال : "بلى". فانطلقتُ مُعْنقًا قريبًا من قَذْفة بحجر. فقال عمر : يا رسول الله ، إنك إن تبعث إلى الناس بهذا نَكَلوا عن العبادة. فناداه أن ارجع فرجع ، وتلك الآية : { إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ } (4)
    وقال ابن أبي حاتم : حدثنا يونس بن عبد الأعلى ، حدثنا ابن وَهْب ، أخبرني عمرو بن الحارث ، أن بكر بن سوادة حدثه ، عن عبد الرحمن بن جبير ، عن عبد الله بن عمرو بن العاص ؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم تلا قول عيسى : { إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ } فرفع يديه فقال : "اللهم أمتي". وبكى ، فقال الله : يا جبريل ، اذهب إلى محمد - وربك أعلم - فاسأله : ما يبكيه ؟ فأتاه جبريل ، فسأله ، فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم بما قال ، فقال الله : يا جبريل ، اذهب إلى محمد فقل :
    قَالَ اللَّهُ هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (119) لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا فِيهِنَّ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (120)
    إنا سنرضيك في أمتك ولا نسوؤك. (1)
    وقال الإمام أحمد : حدثنا حسن ، حدثنا ابن لَهِيعَة ، حدثنا ابن هُبَيْرة (2) أنه سمع أبا تميم الجَيْشاني يقول : حدثني سعيد بن المسيب ، سمعت حذيفة بن اليمان يقول : غاب عنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يومًا فلم يخرج ، حتى ظننا أن لن يخرج ، فلما خرج سجد سجدة ظننا أن نَفْسه قد قبضت فيها ، فلما رفع رأسه قال : "إن ربي ، عز وجل ، استشارني في أمتي : ماذا أفعل بهم ؟ فقلت : ما شئت أي رب هم خلقك وعبادك. فاستشارني الثانية ، فقلت له كذلك ، فقال : لا أخزيك في أمتك يا محمد ، وبشرني أن أول من يدخل الجنة من أمتي معي سبعون ألفًا ، مع كل ألف سبعون ألفا ، ليس عليهم حساب ، ثم أرسل إليّ فقال : ادع تُجب ، وسل تُعْطَ". فقلت لرسوله : أومعطي ربي سؤلي ؟ قال : ما أرسلني إليك إلا ليعطيك ، ولقد أعطاني ربي ولا فخر ، وغفر لي ما تقدم من ذنبي وما تأخر ، وأنا أمشي حيًا صحيحًا ، وأعطاني ألا تجوع أمتي ولا تغلب ، وأعطاني الكوثر ، وهو نهر في الجنة يسيل في حوضي ، وأعطاني العز والنصر والرعب يسعى بين يدي أمتي شهرًا ، وأعطاني أني أول الأنبياء يدخل الجنة ، وطيّب لي ولأمتي الغنيمة ، وأحل لنا كثيرًا مما شُدد على من قبلنا ، ولم يجعل علينا في الدين من حرج". (3)
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    kkm.rzeg سابقاً

  20. #760
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية خالد معافا

    منتدى الحياة الفطرية
    تاريخ التسجيل
    03 2011
    المشاركات
    11,808

    رد: حلقات تفسير سور القران

    { قَالَ اللَّهُ هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (119) لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَمَا فِيهِنَّ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (120) }
    يقول تعالى مجيبًا لعبده ورسوله عيسى ابن مريم (4) فيما أنهاه إليه من التبري من النصارى الملحدين ، الكاذبين على الله وعلى رسوله ، ومن رد المشيئة فيهم إلى ربه ، عز وجل ، فعند ذلك يقول تعالى : { هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ }
    قال الضحاك ، عن ابن عباس يقول : يوم ينفع الموحدين توحيدهم.
    { لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا } أي : ماكثين فيها لا يَحُولون ولا يزولون ، رضي الله عنهم ورضوا عنه ، كما قال تعالى : { وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ } [التوبة : 72].
    وسيأتي ما يتعلق بتلك الآية من الحديث.
    وقد روى ابن أبي حاتم هاهنا حديثًا فقال : حدثنا أبو سعيد الأشَجُّ ، حدثنا المحاربي ، عن لَيْث ، عن عثمان - يعني ابن عُمَيْر أبو اليقظان - عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "ثم يتجلى لهم الرب
    تعالى فيقول : سلوني سلوني أعطكم". قال : "فيسألونه (1) الرضا ، فيقول : رضاي أحلكم داري ، وأنالكم كرامتي ، فسلوني أعطكم. فيسألونه الرضا" ، قال : "فيشهدهم أنه قد رضي عنهم". (2)
    وقوله : { ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ } أي : هذا هو الفوز الكبير الذي لا أعظم منه ، كما قال تعالى : { لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ } [الصافات : 61] ، وكما قال : { وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ } [المطففين : 26].
    وقوله : { لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَمَا فِيهِنَّ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } أي : هو الخالق للأشياء ، المالك لها ، المتصرف فيها القادر عليها ، فالجميع ملْكه وتحت قهره وقدرته وفي مشيئته ، فلا نظير له ولا وزير ، ولا عديل ، ولا والد ولا ولد ولا صاحبة ، فلا إله غيره ولا رب سواه.
    قال ابن وَهْب : سمعت حُيَيّ بن عبد الله يحدث ، عن أبي عبد الرحمن الحُبُلي ، عن عبد الله بن عَمْرو قال : آخر سورة أنزلت سورة المائدة. (3)
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    kkm.rzeg سابقاً

صفحة 38 من 39 الأولىالأولى ... 2836373839 الأخيرةالأخيرة

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •