رحمه الله

ابتكر محفوظ الاسلوب الشفاف الذي لا تشعر بكيانه اللغوى ولا تصطدم بجسده المجازى، وهو على سبيل المثال لم يستخدم العامية في اى مشهد من الحوار او السرد في ثلاثيته، وان امتلك اللغة الشفافة النضرة الحيوية التي تغمرك بروح الشعب دون ان تعوق رؤيتك، واكد فضل ان محفوظ ابن الثقافة العربية المفعمة بعبق الشعر والتكوينات البلاغية الساحرة لم يلبث في اعماله التالية للمرحلة الواقعية ان انتقل الى صياغة اسلوب ثالث مختلف عن تجاربه السابقة في الاسلوبين الفخيم والشفيف، اذ اخذ ينقش شعريته الخاصة في لون من " الارابيسك" المكثف المتميز، فبلغ ذروة اتقانه في درته الكبرى " الحرافيش " التي لم يكتف فيها باعادة اكتشاف شعرية اللغة العربية، بل غازل اسرار الشعر الفارسى المنشد في التكايا لإضفاء مسحة صوفية رائقة على المواقف المصورة، اما المرحلة الرابعة في اسلوب محفوظ، وهى الاخيرة عمليا، والخلاصة المقطرة المكثفة لعتاقة تجربته الجمالية في اللغة، وهى مرحلة ماسية تتوهج بتلك القطع الفريدة النادرة المفعمة بالحكمة والاشارات الرمزية التي اصبحت فيها الكأس جسد الفن الثمين وقيمته الغالية باكثر مما يتراءى من شراب، ويتجلى ذلك في احلام فترة النقاهة والتجارب التالية لها..

كتبه / الدكتور والناقد الكبير صلاح فضل