رسالتي إليك أيها المعلم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى لآله وصحبه أجمعين .
أيها الأخوة مما لا شك فيه أن العلم شرف ونور وفضيلة ، وأن الجهل شر وبلاء ورذيلة ، وأن العلم النافع مصدر الفضائل وينبوعها ، وأن الجهل ممكن الرذائل وبؤرتها ، وأن العلم أعذب الموارد ومجمع الشوارد ، وأنه بالعلم النافع يتحقق للأفراد والمجتمعات ، بناء الأمجاد وتشييد الحضارات ، كما أنه بالجهل تتزعزع الأركان ، ويتصدع عامر البنيان ، ويحل الدمار ببني الإنسان .
لذلك كله ولما للعلم من شرف المكانة وعظيم المنزلة جاء ديينا الإسلامي الحنيف بالحث على العلم والترغيب فيه والتشجيع على سلوك سبيله ، صح عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال ( من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل الله له به طريقاً إلى الجنة )
وأنتم أيها المدرسون يا من حملتم أمانة التعليم والتربية لفلذات أكباد المسلمين اتقوا الله فيهم واعلموا أنكم مسؤلون عنهم أمام الله فكونوا قدوة لهم وخير مثل يحتذى في الخلق والاستقامة واعتنوا بتربيتهم تربية إسلامية صحيحة لتسير العملية التعليمية والتربوية بخطى سليمة فأنتم مربون قبل أن تكونوا ملقنين .
أيها المعلم أنت بيت القصيد ومحط الركب ، أنت أكثر الناس اتصالاً بالطلاب من غيرك ، تتردد عليهم في اليوم مرة أو مرتين وقد تزيد ، ينظرون إلى شخصك ويصغون إلى قولك ، فقدر ذلك رعاك الله ، فعلمك رسالة ، وشخصك قدوة في قوله وفعله ومظهره ، فكن عند حسن الظن بك ، فالمعلم يقوم بعمل شاق ومهمة صعبة ورسالة نبيلة فهو حجر الزاوية وركن الأساس ، هو الذي يصنع الأمة ويبني أجيال المستقبل ويصوغ الغد المشرق بإذن الله ، وعلى قدر ما يحمل في رأسه من علم وفي سلوكه من عمل وفي قلبه من إيمان برسالته ومحبة لتلاميذه يكون نجاحه وإبداعه ..
هل تعلم منزلتك أيها المعلم ؟؟
إنك تقوم مقام الرسول صلى الله عليه وسلم في هداية البشرية إلى الحق وتعليمهم ما ينفعهم ، فعن أبي أمامة الباهلي رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( إن الله وملائكته وأهل السموات والأرضيين حتى النملة في جحرها وحتى الحوت ليصلون على معلم الناس الخير )
وحين يدعو المعلم للخير والهدى ويعلم الناشئين سنن المصطفى صلى الله عليه وسلم فله مثل أجر من تبعه ، فعن أبي هريرة رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً )
أيها المعلم إن الشباب المسلم اليوم يعيش في دوامة الأفكار والمذاهب ، تتجاذبه تيارات براقة ، ومذاهب هدامة ، ويعايش برامج فضائية ، لذا وجب عليك أيها المعلم أن تنهض لتحمل الأمانة وتعيد تشييد سدود المناعة ، وتنير في الأرض الخصبة بذور الإنبات ، وتغرس فيها الإيمان والإسلام ، وتتعهدها بالسقي والعناية
أحي في القلوب محبة الله وتعظيمه ومحبة رسوله صلى الله عليه وسلم ، بين أخلاقه وأخلاق أصحابه الكريمة ، وما قاموا به من العبادات الجليلة والأعمال العظيمة ، علم طلابك الصدق في القول والعمل وإذا حدثتهم فلا تكذب ، وإذا وعدتهم فلا تخلف ، أغرس في قلوبهم محبة المؤمنين ، وأن الواجب على المسلمين أن يكونوا أمة واحدة ليشبوا على الألفة والمحبة والاتحاد .
حذرهم من قراءة الكتب الضارة التي تخل بالعقيدة والأخلاق ، حذرهم من قراءة المجلات الضالة التي تتضمن الشدة والتشكيك ، لتبقى صدورهم منابع صافيه غير مشوبة بملوثات فكرية أو شبهات دينية .
إن وضيفتك أن تحتضن كل شارد وتائه عن النهج القويم لترده إلى جادة الرشاد ونهج الاعتدال بلا إفراط ولا تفريط ، واجبك أيها المعلم أن تحمل أبنائك على العمل بمعاني الإسلام مع ترغيب قلبي لصياغة سلوكهم بها وتطبيقها علماً وعملاً .
أيها الأخوة هذه إشارات يسيرة في مهمة عظيمة ، أرجوا أن يكون طرحها بمناسبة بدء العام الدراسي الجديد حافز للهمم ، وأن يعي كل واحد منا دوره ليتم لمجتمعاتنا المسلمة ما تصبوا إليه من عزة ومنعة ونصرة .
والله نسأل أن يرزق الجميع العلم النافع مع العمل الصالح ، إنه جواد كريم .