نشر يوم الجمعة 1 شعبان 1427 خبر نقلته كل وسائل الإعلام السعودية عن العلاقات العامة بالرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي تصرح فيه بنتائج ما خرجت به لجنة تشكلت بتوجيه من صاحب السمو الملكي الأمير عبد المجيد بن عبد العزيز أمير منطقة مكة المكرمة، مكونة من إمارة منطقة مكة المكرمة والرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي ومعهد خادم الحرمين الشريفين لأبحاث الحج. وهذه النتائج خاصة بتنظيم جديد لمواقع صلاة النساء في الحرم المكي الشريف. وخرجوا فيه بالتوصية بنقل صلاة النساء من صحن المطاف إلى مساحتين أخريين على بعد غير محدد لكنه يقع في الشرفة الشمالية للدور الأرضي، ووفق قولهم إن هاتين المنطقتين أكبر مساحة من المساحة التي كانت مخصصة للنساء في صحن المطاف. وقد برر أعضاء اللجنة هذا الاقتراح بأنه "بعيد عن أماكن الزحام والحركة، ويحقق السلامة والخصوصية والإطلالة على الكعبة المشرفة، وعدم التضييق على الطائفين، ويعد أكثر وجاهة للنقل عبر التلفاز والفضائيات".
""""""""""""""""""""
بالرغم من أن الإسلام نزل إلى بني آدم بجنسيه الذكر والأنثى
وعلى الرغم من أن النساء مساويات للرجال في الثواب والعقاب ومكلفات مثلهن مثل الرجال
وعلى الرغم من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم "لا تمنعوا إماء الله مساجد الله" إلا أننا نجد أن الاتجاه العام للتنظيم في الحرمين يدعو لتقييد صلاة النساء وتحديد أماكنهن وكأنهن كائن مزعج غير مناسب وجوده في هذا المكان، يضيّق على الخلق، أي الرجال، ويعكر صفو نقل التلفاز والفضائيات، من الأولى لو قعد في بيته، ونرى ترويج أحاديث لا ندري مدى صحتها عن أن صلاة المرأة في بيتها خير من صلاتها في مكان آخر، وكأن الحرمين مكان هو أدنى من بيت المرأة. وكثيراً ما يُشق على النساء الزائرات الحرم النبوي ويُضايقن ويُضيق على أماكن صلاتهن فلا يتسع لهن سوى مقدار بضعة أشبار من الروضة الشريفة بضعة من نهار وتُستبقى المساحة الكاملة للرجال طوال الوقت، هذا فضلاً عن حرمانهن تماماً من مقابلة قبر الرسول الكريم عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، وقصرهن على المساحات الجانبية للقبر ومقابر سيدينا أبا بكر وعمر، رضي الله عنهما. وفي كل الأحوال لا يمكن القبول بأن وجود النساء في الحرم مضيق على المصلين أو الطائفين أو الزائرين فهذه مقولة لا تقال عن الرجال ووجودهم في الحرم أو عن صلاتهم في الصحن أو الروضة الشريفة، فهل صلاة الرجال خير من صلاة النساء؟
إن التوجيه الوحيد الخاص بالنساء في المساجد هو ألا يصلين وخلفهن رجال
وفي هذه الحال بالإمكان بكل بساطة تخصيص مساحة متصلة لصلاة النساء تبدأ من الكعبة المشرفة وحتى المسعى، ويمكن توسيع عرض هذه المساحة حسب متوسط نسبة النساء المصليات في الحرم بناء على الدراسات الميدانية والرصد الذي يقوم به معهد خادم الحرمين لأبحاث الحج.
.
""""""""""""""""
إن الضرر الرئيس من هذا الاقتراح هو حرمان النساء من الصلاة في مكان مشروع ومطلوب من كل مسلم ومسلمة، وهو أقدس بقاع الأرض، محيط الكعبة المشرفة، والتشرف بمشاهدتها عياناً، حيث الدعاء مستجاب وحيث الخشوع أدعى وأقرب، وهو ما يميز الصلاة في الحرم عن الصلاة في أي من الفنادق المطلة على الكعبة والحرم اليوم. وهذه كما نعرف من قراءة التاريخ تعد سابقة لم يعرفها التاريخ الإسلامي بطوله أن حرمت النساء من الصلاة في صحن المطاف أو حتى في أي مكان من الحرمين الشريفين، ونجد أن كثيراً من التحديدات والتقييدات لصلاة النساء طرأت حديثاً جداً، وما هذا الاقتراح إلا دليلاً على ذلك.
فكيف تتحقق المساواة وبيننا من يفرق ويحرّم ويحلل حيث يسعى بعض رجال الدين في المملكة إلى فرض قيود على أداء النساء للصلاة حول الكعبة المشرفة ؟
فهل للمرأة ان تطعن في قرار هذه اللجنة الذي يعتبر مضرا لها ولمن ترفع طعنها هذا؟
منقول بتصرف عن مقال د. هتون أجواد الفاسي