
نبذة عن القات :
يعـتبر القـات ( Catha Edulis) نباتاً من فصيلة المنشطات الطبيعية ، ويعد من أقدم النباتات المخدرة في العالم وإن كان أقل شهـرة مـن غيره ، نظراً لأنه لا يعرف في البلاد المتقدمة , ويقتصر استعماله على مناطق معينة من بلاد العام الثالث.
وينتشر القات على نطاق واسع في كل من الصومال وجيبوتي وأرتيريا واثيوبيا وكينيا وتنزانيا وأوغندا وجنوب أفريقيا واليمن ، كما وجد القات في أفغانستان وتركستان.
و تزرع شجرة القات عادةً على المرتفعات الجبلية والهضاب الرطبة البالغ ارتفاعها (800م) من سطح البحر ويصل طول الشجرة ما بين 2- 4 م نظراً لتقليمها المستمر ، وقد يصل طول الشجرة إذا تركت بدون تقليم إلى 25متراً ، وتعتبر شجرة القات من النباتات المعمرة دائمة الخضرة .
وأوراق القـات هي الجـزء المستهلك من النبات ، وطول الورقة عادة من 0.5 -12.5 سم ، وعرضها من 1 – 5 سم ، وهي ذات عنق طوله 3-10 ملم ، والأوراق ذات القمة الحادة التي تحمل اللون البني المحمر هي الأكثر تفضيلاً للمستهلك، ويعرف القات ويستعمل أساساً كمنبه ، فكلما كانت الأوراق غضة وعصيرية زاد الأثر المنبه لها.
لمحة تاريخية عن القات:
يُعتقد بأن القات كان معروفاً منذ العصور القديمة في شرق أفريقيا ، وقد ذكر المؤلف الإغريقي هومر بأن الإسكندر الأكبر قد أمر جيشه باستعمال القات للعلاج من الوباء الذي اجتاح الجيش ، كما أن المؤلف نجيب الدين السمرقندي ذكر في كتاب الأقربازين الذي طبع عام 1237م وجوده في اليمن واستعماله كعلاج للكآبة والحزن (والكتاب منقول عن المخطوطة رقم 134 الموجودة بالمكتبة الوطنية في باريس) وتحدث المقريزي (1364 – 1442م) عن وجود القات في بلاد الصومال.
كما ذكر المؤلف روشيه دي هيريكورت أنه تم إدخال القات إلى اليمن من أثيوبيا في عام 1429م بينما تحدث شهاب الدين أحمد بن عبد القادر وهو من منطقة جازان بالمملكة العربية السعودية من مواليد (1580م) في كتابه فتوح الحبشة عن استعمال القات في اليمن وأنه زرع على يد على بن عمر الشادلي عام 1424م،كما تشير بعض المصادر إلى أن القات دخل اليمن قبل الإسلام عندما غزى الأحباش اليمن.
وأول عالم نباتي أعطى وصفا للقات هو العالم السويدي بي فورسكال الذي دعاه كاتاأديوليس ، وقد تم نشر وصفه بعد وفاته في الفلورا العربية المصرية وقد سمي النبات كاتا أديوليس فورسكال تخليداً لذكرى هذا العالم.
طريقة استخدام القات:
بعد قطف القات مباشرة يتم تحضير الفروع والسيقان الطرية على شكل حزم , وتغلف بإحكام بأوراق الموز وذلك من أجل حفظها بشكل طازج , وهذا الإجراء يعتبر مهماً وأساسياً حيث أن الأوراق القديمة والجافة تفقد جزءاً عظيماً من تأثيراتها المحتملة , بسبب كون بعض المركبات الرئيسية تخضع لتفاعل التفكك .
وفي بعض البلدان التي تنتشر فيها ظاهرة تعاطي القات تصبح هذه العادة نوعاً من العـرف الاجتماعي حيث تقام مجالس تعاطي القات في الحفلات , كما يجتمع الأصدقاء في هذه المجالس بعد العمل ، وتكون مثل هذه الحفلات للرجال فقط وهذا الأمر الأكثر شيوعاً , إلا أنه يصادف بعض الأحيان أن يشاهد حفلات مختلطة بزوجين أو أكثر من الرجال والنساء يجلسون مع بعضهم في مجالس تعاطي القات ( وهذا فيه ما فيه من محذورات شرعية ) أو يكون للنساء جلسة منفصلة في نفس الوقت .
وكمية القات المستعمل مختلفة عادة , وتعتمد على المستهلك , ومدة المناسبة التي يستعمل من أجلها ومعدل الكمية التي يستعملها الشخص الواحد تقريباً حزمة من القات ، تمضغ منها فقط الأوراق الطرية والسيقان السهلة المضغ, وهذا يقدر بأكثر من (50 غ ) في المادة الطازجة , تبلع العصارة مع اللعاب وأما البقايا فلا تبصق حالاً إنما تخزن (تجمع) في جانب أحد الخدين , ويبقى كذلك محفوظاً طوال مدة المضغ , ويسبب هذا التراكم بلا شك بروزاً مميزاً في خدود بعض المستهلكين, ويتم تناول كميات كبيرة من السوائل ( شاي ، أو أشربة أخرى ) خلال مضغ القات , فالحاجة إلى السوائل تعود إلى أن بعض العناصر الفعالة في القات تحدث جفافاً في الفم .
أذكر أنني سمعت من طبيب مختص بمعالجة الإدمان قوله بأنّ الإدمان على المشروبات الكحولية أخطر و عصيّ أكثر بكثير على العلاج من إدمان مواد كالهيرويين و الكوكايين و أخواتهما ، و ذلك لأنّه من السهل جداً أن يحصل الكحولي الذي أتمّ علاجه على زجاجة ويسكي أو كونياك ربّما - دون أن يكون مضطراً إلى رحلة بحث قد تعطيه وقتاً للتراجع كما يحدث مع مدمن المخدرات الذي إضافة إلى ذلك يكون عالماً بالعواقب القانونية التي تترتب على عودته لتعاطي هذا النوع من المخدرات .
هذا بالطبع في دول لا تجرّم تعاطي الكحول و تفعل بالنسبة للمخدرات ..
هل تعدّ المواظبة على تعاطي القات إدماناً ؟
هذا السؤال سنجيب عليه ما إن ننظر بداية في أسباب انتشاره كظاهرة سهل معها حصول ( المخزن ) على حاجته من هذه النبتة .
لخّص البعض الأسباب بالآتي :
- عدم وجود سياسة واضحة للتعامل مع القات / هذا البند غير دقيق بالنسبة لبعض البلدان كالمملكة العربية السعودية التي حدّدت سياستها التشريعية و بالتالي القانونية تجاه المادة المذكورة .
- العائد الكبير من زراعته بالمقارنة مع المحاصيل الأخرى.
-تحمَل القات للجفاف وتدني خصوبة التربة.
-نجاح زراعته في الأراضي الهامشية.
-متطلباته المحدودة من المدخلات الزراعية.
-سهولة خدمته وحاجته لعمالة أقل.
- توفَر أسواق جاهزة لتصريفه.
-وجود أسعار لأنواع القات ترضي مختلف فئات المجتمع.
-إمكانية الحصول على أكثر من قطفة من وحدة المساحة في العام.
-ارتباط القات بالأنشطة الاجتماعية (صارت جلسات القات أماكن للقاءات وحل المشاكل).
-تأثير القات المنشط الذي أدى إلى انتشار مضغه بين أوساط الشباب والطلاب والعمال .
نحن إذاً أمام نبتة مغرية للمزارع بكلّ المقاييس ، و متوفرة للمستهلك الذي كان يفترض مع ازدياد العرض أن يحصل على مبتغاه بأسعار منخفضة جداً لولا الضوابط القانونية في بعض المناطق و الأعرافية في سواها .
و عودة إلى السؤال حول الإدمان ، فإن الإجابة عليه تتطلب الاضطلاع على تعريف الإدمان اصطلاحياً ، و هو كالتالي :
(( الإدمان Addiction يقصد به التعاطي المتكرر لمادة مخدرة أو لمواد أو عقاقير نفسية لدرجة يصبح معها المتعاطي Addict متسماً بانشغال شديد بالتعاطي ، عاجزاً عن الانقطاع عنه ، و يؤثر تعاطيه للمادة المخدرة على نشاطاته الأخرى .))
لكن منظمة الصحة العالمية استبدلت عام 1988 مصطلح الإدمان بمصطلح الإعتماد Dependence عرّفته بأنّه (( الحالة النفسية أو العضوية التي تنتج عن التفاعل بين العقار المخدر و جسم الانسان ، أي التفاعل الذي يتم بين الكائن الحيّ و المادة النفسية ينتج عن ذلك أنماط سلوكية و استجابات مختلفة تشمل دائماً الرغبة الملحة في التعاطي المتواصل للعقار ، أو غير المتواصل / الدوري . ))
هذا يعني أن من يتعاطى القات بشكل منتظم أو دوري هو مدمن ، لأن القات يدخل في قائمة المواد الطبيعية المخدرة حسب منظمة الصحة العالمية و معاهد الدراسات التي حدّدت تركيبه الكيميائي بـ مركبات عضوية أهمها "الكاثين" و"النوربسيدو إفيدرين" وهي مواد تتشابه في تركيبها مع الأمفيتامين، ولهذه المواد تأثير على الجهاز العصبي، حيث تتسبب إفراز بعض المواد الكيميائية التي تعمل على تحفيز الخلايا العصبية مما يقلل الشعور بالإجهاد والتعب، ويزيد القدرة على التركيز في الساعات الأولى للتعاطي، ثم يعقب ذلك شعور بالاكتئاب والقلق.
وتناول تقرير صادر عن منظمة الصحة العالمية عام 1979 القات جاء فيه أن باحثيها توصلوا إلى حصر أربعين مادة من أشباه القلويات في نبتة القات، صنفوها ضمن مجموعة الكاثيديولين، ومعظمها يتشابه مع الكوكايين والأمفيتانيات في تأثيرها على المتعاطي، تؤدي هذه المواد إلى زيادة ضربات القلب والنشاط الحركي وزيادة استهلاك الأوكسجين.
وقد أجرى الخبراء تجاربا على الفئران لمعرفة تأثير الكاثينون فوجدوها تعيش حالة من المرح الصاخب لمدة 24 ساعة عقب تناول الجرعة، ثم تعقبها حالة من الاكتئاب والخمول والشعور بالأرق والقلق بعد ذلك، وهي حالات مشابهة لما يشعر به مدمنو القات.
وفي أوائل الثمانينيات اكتشف الباحثون في منظمة الصحة العالمية مادة جديدة في الأوراق أطلقوا عليها اسم "الكاثينون" أو "أمينو بروبريوفينون" تتشابه كذلك معه مجموعة الأمفيتامينات في تأثيرها المنبه على الجهاز العصبي.
تأثير القات على الأداء الجنسي
لا زال هناك كثيرون ممن لا يعون حقيقة تأثير الحبة الزرقاء / الفياغرا على الأداء الجنسي ، فيقبلون عليها ظنّاً منهم أنّها تؤثر على مراكز الرغبة أو النشوة في الدماغ و هذا غير صحيح أبداً ، و يقتصر نفعها على الأشخاص الذين يعانون من عجز انتصاب تامّ أو جزئي .
هذا الخلط / اللبس يقع في مثله المدافعون عن نبتة القات الذين يعتقدون ( و للوهم الذي يستتبعه تواتر المعلومة الدور الأكبر ) أنّ القات نبتة محفّزة للطاقة الجنسية و محسّنة للأداء الجنسي ، و هذا غير صحيح إطلاقاً ، و الصحيح هو ما أعلنت عنه جامعة كينجز كوليج في بريطانيا ، و هو احتواء هذه النبتة على مادة كيماوية مسؤولة عن زيادة قوة الحيوانات المنوية ، أي الخصوبة ، و لا علاقة للخصوبة من قريب أو بعيد بالأداء الجنسي أو الرعشة الجنسية المصاحبة للذروة ( الأورغازم ) .
هذا و مهم جداً الاشارة إلى أن تعاطي هذه النبتة على المدى البعيد يؤدي إلى نتيجة معكوسة تماما من ناحية الخصوبة ( و بدرجة أكبر بالنسبة للمرأة ) و بالنسبة للرجال على مستوى الخصوبة و الأداء ، و هنا المفارقة .
**
آثار فيزيولوجية و نفسية
صعوبة التبول، والإفرازات المنوية اللإرادية بعد التبول وفي أثناء المضغ، وذلك لتأثير القات على البروستاتة والحويصلة المنوية، وما يحدثه من احتقان وتقلص، كذلك يتحدث الأطباء عن الضعف الجنسي كأحد نتائج إدمان القات.
كذلك يؤدي إدمان القات إلى زيادة نسبة السكر في الدم، مما يجعل متعاطيه أكثر عرضة للإصابة بمرض السكري، كما يقلل نسبة البروتين في الدم، مما يؤثر على نمو الجسم، ولعل هذا ما يفسر الهزال وضعف البنية لدى غالبية المتعاطين في اليمن على سبيل المثال.
ويؤثر على الجهاز الهضمي، وهومسبب رئيسي في عمليات عسر الهضم، وأمراض البواسير، بسبب وجود مادة التانين، ويعزى السبب كذلك إليه في فقدان الشهية وسوء التغذية لدى المتعاطين.
وقد لاحظ الأطباء ارتباطاً بين ازدياد حالات سرطانات الفم والفك وبين إدمان هذا النبات المخدر، خاصة في السنوات الخمس الأخيرة إذ انتشرت عمليات استخدام مواد كيميائية غير مسموح بها عالمياً ترش على هيئة بودرة أثناء زراعته.
أما عن آثاره النفسية فيلاحظ على ماضغي القات ميلاً للكسل الذهني بعد ساعات من الإدمان، ثم سرعان ما يبدأ شعور بالقلق المصحوب بالاكتئاب، ونوم متقطع.
**
التأثيرات الاقتصادية
بالنسبة للمواطن و للاقتصاد الوطني فإن القات يؤثر سلباً من ناحيتين :
- نظرا لسهولة زراعته و قلة تكلفته و الطلب عليه و نظراً تبعاً لذلك - لإقبال المزارع على زراعته ، تأثرت زراعة باقي المحاصيل و صار بعضها إلى انقراض خصوصاً في الدول التي لا تجرّم هذه الزراعة .
- يعتبر القات في المناطق التي ينتشر فيها المسؤول الأول عن تدهور أوضاع سكّانها المادية ، و بالتالي عن مشاكل تنموية يواجهها كل من المواطن و الدولة .
منقول لكم من أكاديمية قامات الثقافة...
وهذا هو الرابط...
http://www.qamat.net/vb/showthread.php?t=1561
أخي الحبيب...M_BRHAM2000
شكراً جزيلاً لك على الموضوع المهم...
لعلّ القوم يطلعون على ما كـُـتب هنا
ويهديهم الله ويتركوا هذه العادة السيئة..
تحياتي لك