قراءة في نظام هيئة البيعة
انتقال السلطة .. بآليات دستورية محكمة
رئيس تحرير عكاظ
** دخلت المملكة في الثامن والعشرين من شهر رمضان المبارك 1427هـ الموافق للعشرين من شهر أكتوبر 2006م.. مرحلة جديدة من التنظيم الدستوري.المرتكز إلى أحكام الكتاب والسنة وذلك في إطار التوجه الإصلاحي البناء نحو ترسيخ دعائم الحكم على أسس من الثبات والاستقرار. والتنمية السياسية الشاملة وبناء دولة المؤسسات.. وذلك بصدور نظام هيئة البيعة..النظام الذي سوف يطبق في المرحلة التالية لحكم الملك عبدالله بن عبدالعزيز وولي العهد الحالي الأمير سلطان بن عبدالعزيز تضمن أسس وقواعد ومعايير البيعة للملك واختيار ولي العهد وتسلسل هرم السلطة في القيادة، تجنباً لأي فراغ دستوري أو أسئلة مفتوحة ومنعاً لأي اجتهادات من شأنها أن تؤدي إلى المساس بالدولة أو التأثير على الوحدة الوطنية ومصالح الشعب لا سمح الله. ويعتبر النظام الجديد حلقة إضافية أخرى ساهمت في استكمالها تراكم الخبرات.. وضرورات الحاجة الملحة.. وصدق الرغبة في تعزيز قدرة هذا الكيان على المضي في أداء مهامه بتماسك كافٍ.. وتكامل كلي.. وتعاون كامل بين كل من أفراد الأسرة المالكة أنفسهم.. وبينهم وبين الشعب الذي وجد فيهم كل مقومات الحرص والإخلاص والتفاني والحرص على أداء المسؤولية في ظل مخافة الله، وتأمين سلامة الوطن وحفظ حقوق المواطن.
* تكوين الهيئة : ملامح جديدة
** ومنذ البداية فإن الهيئة تتشكل وفقاً للمادة الأولى من أبناء الملك عبدالعزيز وهو الأساس الأول الذي قام عليه مبدأ التوارث وإن كان محكوماً بعاملين أساسيين هما: الصلاح والكفاية.. كمقومين هامين للحكم وتحمل المسؤولية والإمساك بمقاليد الأمور.. فالصلاح مسألة قيمية أخلاقية توفر درجة ملائمة من المثالية والنزاهة وتحقق العدالة.. أما الكفاية فإنها صفة ترتبط بالقدرة على إدارة شؤون البلاد والعباد وهي تجمع بين رجوح العقل وتوفر الحكمة وسعة الصدر والعدل بين الناس.
لكن هذا النظام أضاف إلى أبناء الملك عبدالعزيز أبناء المتوفين منهم وفاء لآبائهم وتقديراً لأعمالهم الجليلة في خدمة الوطن وتطوير شؤونه سواء أكانوا ملوكاً.. أو أعضاء في الأسرة الحاكمة قدر لهم أن يشاركوا في تحمل أعباء المسؤولية بطريقة أو بأخرى..
كما شمل الاختيار أبناء المعتذرين لأسباب يقدرونها هم أنفسهم العاجزين لأسباب صحية يحددها تقرير طبي..
ذلك أن دخول الأبناء في هذه الهيئة فوق أنه يشكل التفاتة حكيمة ووفاء معهوداً في الأسرة تجاه بعضها البعض فإنه يأخذ بعنصر الزمن وضرورة تجديد الدماء وتنوع الخبرة وتجدد الرؤية وإكساب الهيئة زخماً من الآراء والحيوية والتطوير المستمر.. فضلاً عن أنه يحقق مبدأ الاستمرارية لدعم النظام وتواصل عطائه بالقوة والقدرة الكافيتين كما أن الإضافة الثالثة التي انطوت عليها المادة الأولى في هذا النظام تتمثل في تعيين الملك اثنين أحدهما من أبنائه والآخر من أبناء ولي العهد وهي إضافة تمثل التوازن في القيادة والجمع بين كافة الأطراف المشاركة في تحمل المسؤولية سواء من داخل مؤسسة الحكم أو من خارجه.
ومن الطبيعي أن يمثل هرما السلطة في هذه الهيئة تحقيقاً للتكامل وتغطية لكافة الأطراف وشمولاً لكافة عناصر السلطة.. وقد وضع لاختيارهما شرط واحد هو توفر عنصري الصلاح والكفاية سواء اقترنا بالسن أو لم يقترنا..
وعندما يمثل الملك وولي العهد في هذه الهيئة فإنهما سيمثلان بذلك رأس السلطة من جهة، كما يمثلان نفسيهما وجيلهما وتجربتها ورؤيتهما الخاصة وبما يحقق التفاعل الكافي مع بقية عناصر الهيئة في اتخاذ القرارات الهامة المتصلة بالبيعة وإجراءاتها.
* مرجعية الهيئة: تطور في الرؤية
** وتخضع هذه الهيئة لحكم الكتاب والسنة كمرجعية (عقدية) أساسية مطلقة باعتبارهما المصدر الشرعي للحكم في المملكة، ثم تأتي بعد ذلك تبعية هذه الهيئة من الناحية النظامية المعتمدة على نظام الهيئة نفسه والنظام الأساسي للحكم الصادر عام (1412هـ) وفقاً للمادة الثانية من نظام الهيئة وتحدد المادة الثالثة المرجعية المطلقة لهذه الهيئة ممثلة في الكتاب والسنة باعتبارهما المصدرين الأساسيين للحكم.. كما تحدد المرجعية الأساسية بعد ذلك والمتمثلة في الملك.. باعتباره الممثل للنظام ورأس السلطة فيه..
أما بالنسبة للغايات التي التزمت الهيئة بها في جميع مراحل عملها فإن هذه المادة قد حصرتها في:
- الالتزام بكتاب الله وسنة رسوله.
- المحافظة على كيان الدولة.
- المحافظة على وحدة الأسرة المالكة وتعاونها وعدم تفرقها.
- المحافظة على الوحدة الوطنية.
- المحافظة على مصالح الشعب.وفي ذلك عدة دلالات هامة..
فالالتزام بالعقيدة أساس مطلق في العمل السياسي للدولة السعودية وإن أضيفت إليه في هذا النظام أسس أخرى من شأنها أن تكرس مفهوم السيادة والاستقلال والحقوق المشروعة للشعب (كما ورد آنفاً) وهي مجتمعة تمثل مقومات السلامة الحقيقية للدولة إذ لا يمكن لها أن تعمل بمنأى عن المعتقد.. كما لا تستطيع أن تنهض بمسؤولياتها إن هي لم تعمل على تأمين سلامة الدولة والعمل على تماسك الكيان.. وذلك يتحقق بدءًا بتوفر الوحدة بين أفراد الأسرة نفسها بعيداً عن الاختلاف أو الفرقة أو التباين في المواقف والرؤى، كمنطلق للقوة الحقيقية لهذا النظام والذي امتازت به الأسرة منذ قيام الدولة وحتى اليوم.. وحافظت معه على وحدة البلاد وطمأنينة العباد وأمن واستقرار الوطن كله، في الوقت الذي تمثل الوحدة الوطنية أساساً هاماً وضرورياً لاستمرار القوة والمنعة للنظام.. وذلك باجتماع كلمة المواطنين على اختلاف مذاهبهم وأطيافهم وعروقهم وانتماءاتهم وتوجهاتهم ورؤاهم، وفي ذلك تأكيد على ما هو قائم وموجود ومخدوم عبر وسائط وأساليب مختلفة وفي مقدمتها الحوار الوطني المتواصل..
أما بالنسبة لمصالح الشعب فإن النص عليها هنا.. واختتام المادة بها يؤكد أن الملك معني بالشعب باعتباره القاعدة الأساسية والمنطلق الأول في بناء الدولة المتماسكة من جهة، وباعتباره المرجع الذي لا يغفل دوره في إسناد النظام بالقوة والدعم القائمين على الولاء والعمل البناء.
وبمعنى آخر فإن هذه الهيئة تستمد سلطاتها من كتاب الله وسنة رسوله.. ثم من الملك.. ومن بعد من الشعب.. وهي تراتبية تجسد معنى التطور في مفهوم الحكم وفي تسلسل المرجعية واستمرار الشرعية لنظام الحكم القوي في هذه البلاد.
* الإجراءات : التأكيد على الوحدة
** وفي المادة الرابعة من النظام تحدد الديوان الملكي (وليس غيره) مكاناً لعقد اجتماعات الهيئة (شرط موافقة الملك).. ويمكن أن تعقد في أي مكان آخر يحدده الملك أيضاً.. باعتباره مرجع هذه الهيئة..
** أما المادة الخامسة فقد اختصت بأداء القسم وتؤديه ثلاثة عناصر هي رئيس الهيئة الأكبر سناً.. وأعضاء الهيئة المختارون بموجب المادة الأولى.. وأمين الهيئة العام.. باعتباره الجهة الإدارية المنظمة لأعمال الهيئة من خارج عناصرها..
ويلاحظ في القسم أنه يشدد على «الحرص على وحدة الأسرة المالكة وتعاونها.. وكذلك على الوحدة الوطنية» وهما عاملان هامان في الالتزام بأداء الأمانة بالإضافة إلى توفر عناصر الصدق والأمانة والإخلاص والعدل، كمقومات أساسية معروفة.
* آليات اختيار ولي العهد
** وتعتبر المادة السادسة هي بداية التنظيم لآليات اختيار ولي العهد وفقاً للمعايير الدستورية القائمة على التشاور والتصويت وتحديد الفترات الزمنية بما لا يدع مجالاً لأي فراغ دستوري من أي نوع كان..
فعند وفاة الملك تقوم الهيئة (عبر أمانتها العامة) بالدعوة إلى مبايعة ولي العهد ملكاً.. وفقاً لسياسة التوارث المتبعة منذ الملك عبدالعزيز يرحمه الله.. وبدوره يقوم الملك (بعد مبايعته) وبعد التشاور مع أعضاء الهيئة (كتوجه منظم لعملية الاختيار وتسلسلها) باختيار واحد أو اثنين أو ثلاثة ممن يراه لولاية العهد.. وبعرض هذا الاختيار على الهيئة (في الخطوة الثانية) وعلى الهيئة بعد ذلك أن تقبل ترشيح الواحد.. أو تعمد إلى ترشيح أحد المرشحين الاثنين أو الثلاثة الذين اختارهم الملك بالتوافق. والتوافق هنا يفترض تحقق الأغلبية في الأصوات كقاعدة أساسية في الاختيار النهائي على افتراض أن الاتفاق الكامل قد لا يتحقق وهي مسألة طبيعية وقاعدة أساسية توفرها الأنظمة الدستورية المتطورة، فإذا لم يقع الاتفاق أو التوافق على أي من الثلاثة من قبل أعضاء الهيئة، فقد أعطوا حق ترشيح شخص آخر (يوافق عليه الملك)..
على أن الفقرة (ب) من المادة (السابعة) تعطي الملك حق طلب ترشيح من تراه الهيئة لولاية العهد (في أي وقت) وتقوم الهيئة بدورها باتخاذ الإجراءات الكفيلة بالترشح وفقاً للآليات السالف ذكرها لاسيما أن ولاية العهد تمثل مسؤولية مشتركة بين الملك والهيئة.. وإن كان الملك في النهاية هو صاحب القرار وفقاً لمقتضيات المصلحة العامة للدولة. إذ إنه في حالة عدم موافقة الملك على من رشحته الهيئة، فإن الملك يقوم باختيار واحد، وعندها تقوم الهيئة بالتصويت على مرشح الهيئة ومرشح الملك ويفوز من يحصل منهما على أكثر الأصوات، وهي عملية ديمقراطية، شديدة الدقة.. وتجسد مدى الحرص على أن يتم الاختيار بشكل موضوعي ومتوازن وعادل ومقبول من قبل جميع الأطراف النهاية، وهذا في حد ذاته يمثل تطوراً في الآليات من شأنه أن يكفل الحد المطلوب من الشراكة المسؤولة في هذا الشأن.
ومن المؤكد أن مبدأ التصويت.. والارتهان في الاختيار النهائي لأصوات الأغلبية في الاختيار.. إنما يمثلان قاعدتين أساسيتين في العمل السياسي المرتكز إلى مبادئ العدل والمصلحة العليا.. وتقاسم المسؤولية.. وهي آلية تختلف عما جاء في نص الفقرة (جـ) من المادة الخامسة من نظام الحكم والتي تقول (يختار الملك ولي العهد.. ويعقبه بأمر ملكي).
** وتخضع المادة الثامنة من نظام الهيئة الاختيار لولي العهد للشروط المنصوص عليها في الفقرة «ب» من المادة الخامسة من نظام الحكم.. والتي تنص على ما يأتي: «يكون الحكم في أبناء الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود وأبناء الأبناء.. ويبايع الأصلح منهم للحكم على كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
ولم يتم تحديد مهام ولي العهد في هذا النظام مما يعني الاكتفاء بما تحدد في النظام الأساسي للحكم وتحديداً في الفقرة (د) وتنص على أن «يكون ولي العهد متفرغاً لولاية العهد.. وما يكلفه به الملك من أعمال» وكذلك الفقرة (هـ) وتنص على أنه «يتولى ولي العهد سلطات الملك عند وفاته حتى تتم البيعة».
** ولم يغفل نظام الهيئة مسألة هامة تتعلق بتحديد المدة التي يتم فيها البت في اختيار ولي العهد.. حيث نصت المادة السابعة من نظام الهيئة على أن الاختيار يتم في مدة لا تزيد عن ثلاثين يوماً من تاريخ مبايعة الملك، وهي فترة يرى المشرع أنها كافية.. ولا يجب تجاوزها استيفاء لشروط اكتمال أداء السلطة العليا لمهامها.
* مؤسسات النظام: هيكلية محكمة
** على أن المادة العاشرة انتقلت إلى مسألة جوهرية هامة، هدفها الحيلولة دون حدوث فراغ دستوري ولاسيما عند وفاة الملك وولي العهد معاً.. وذلك بالنص على تشكيل مجلس مؤقت للحكم يتكون من (5) من أعضاء الهيئة مهمته إدارة شؤون الدولة بصفة مؤقتة. والمجلس وإن لم تحدد طريقة اختيار أعضائه الخمسة وإن كانت محسومة بحكم التراتبية المرتبطة بالسن والصلاح والكفاية (كما ورد في هذا النظام وفي النظام الأساسي للحكم) إلا أنه سوف يمارس مسؤوليات الملك خلال (7) أيام وفقاً للمادة الثالثة عشرة من هذا النظام..
ومن الواضح أن مؤسسات النظام بهذه الصورة تتكون من:
أ - هيئة البيعة (كمظلة عامة).
ب- مجلس الحكم المؤقت.
جـ- اللجنة الطبية.
د- الأمانة العامة..
** ووفقاً لنظام الهيئة فإن مجلس الحكم لا يملك أي صلاحية لتعديل أي نظام من أنظمة الدولة وفي مقدمتها هذا النظام أو النظام الأساسي للحكم.. وعليه أن يؤدي المهام التالية خلال المدة الانتقالية التي يمارس فيها مهامه:
1- المحافظة على وحدة الدولة.
2- المحافظة على مصالحها الداخلية والخارجية.
3- المحافظة على أنظمتها السائدة.
وبمعنى آخر فإن المجلس المؤقت سوف يتصدى لمسؤولية الحكم في جانبها التسييري والوقائي كضمان وصمام أمان للدولة وتأمين سلامة الوطن وأهله..
* انتقال السلطة : عنصر الزمن
** وتناولت المواد الحادية عشرة والثانية عشرة والثالثة عشرة آليات انتقال السلطة واختيار الملك في ظل الظروف الصحية أو الظروف الطارئة.
** فالمادة الحادية عشرة أشارت إلى أنه «في حالة توفر القناعة لدى الهيئة بعدم قدرة الملك على ممارسة سلطاته لأسباب صحية تقوم الهيئة بتكليف اللجنة الطبية بإعداد تقرير طبي عن حالته، سواء كانت حالة مؤقتة تنقل السلطة مؤقتاً إلى ولي العهد أو كانت حالته الصحية حالة دائمة تشير إلى عدم قدرته على ممارسة سلطاته، عندئذ تدعو الهيئة لمبايعة ولي العهد ملكاً على البلاد.. على أن تتم تلك الإجراءات في مدة لا تتجاوز (24) ساعة..
** أما في حالة توفر القناعة لدى الهيئة بعدم قدرة الملك وولي عهده على ممارسة سلطاتهم لأسباب صحية.. تقوم الهيئة بتكليف اللجنة الطبية بإعداد تقرير طبي عن حالتهما الصحية وتقوم الهيئة بإعداد محضر إثبات بذلك يترتب عليه قيام مجلس الحكم المؤقت بتحمل مسؤولية الحكم وإدارة شؤون الدولة ورعاية مصالح الشعب لحين شفاء أي منهما (وفقاً لما نصت عليه المادة الثانية عشرة).. والتي نصت أيضاً على أنه (إذا أثبت التقرير الطبي عدم قدرة الملك وولي العهد على ممارسة سلطاتهما كحالة دائمة فإن الهيئة تقوم بإعداد محضر إثبات ويتولى مجلس الحكم المؤقت إدارة شؤون الدولة خلال مدة لا تتجاوز سبعة أيام.. تقوم خلالها الهيئة باختيار الأصلح للحكم من أبناء الملك عبدالعزيز وأبناء الأبناء والدعوة إلى مبايعته ملكاً على البلاد..
** وهذا يعني أن مجلس الحكم المؤقت وإن كان مسؤولاً عن تسيير أمور الدولة.. إلا أنه لا يلغي وجود هيئة البيعة، فهو يتكامل معها لأنها تظل تمارس دورها التشريعي والتنظيمي وتشرف على إتمام العملية الدستورية من متابعة أعمال اللجنة الطبية واتخاذ قرارات نقل السلطة وإتمام عملية المبايعة، جبناً إلى جنب المجلس المؤقت للحكم.
** وكما سبق أن أشرنا فإن المادة الثالثة عشرة من النظام التي تختص بمعالجة الوضع «في حالة وفاة الملك وولي العهد في وقت واحد». تنيط بالهيئة مسؤولية اختيار الأصلح للحكم خلال سبعة أيام.. يدير فيها المجلس المؤقت للحكم شؤون الدولة لحين مبايعة الملك.. باعتباره سلطة تنفيذية يتكامل دورها مع السلطة التشريعية (الهيئة) لتأمين سلامة البلاد والعباد.
** ومن الواضح أن النظام قد عالج قضايا عديدة.. بعضها يتعلق بغياب ولي العهد وتوقف دوره.. والبعض الآخر بغياب الملك وعدم قدرته على ممارسة سلطاته.. أو بغيابهما معاً في ظروف صحية أو أمنية وسواها.. وهي معالجات فرضتها تجارب عديدة.. وساهمت في بلورتها رغبة صادقة في تجنب تعريض البلاد لأي طارئ (لا سمح الله) وذلك باتخاذ الإجراءات الفورية والعاجلة والكفيلة بضمان استمرار الدولة في أداء مسؤولياتها بنفس الكفاءة والاقتدار وعدم الارتهان لأي اعتبارات أخرى من شأنها أن تؤثر في حسم الأمور وتمكين النظام من السير بأمان وانتظام وكفاءة.
* اللجنة الطبية: أداة علمية
** وتعتبر اللجنة الطبية بمثابة الأداة العلمية التي تعتمد عليها الهيئة في اتخاذ قرار انتقال السلطة بصورة مؤقتة أو دائمة.. فقد تم اختيار هذه اللجنة من عناصر مسؤولة وخبيرة يتم اختيارهم من قبل الهيئة -كما نصت على ذلك المادة الرابعة عشرة من النظام.
ومن الملاحظ أن يتم اختيار ثلاثة من عمداء كليات الطب في المملكة إلى جانب المسؤول الطبي عن العيادات الملكية والمدير الطبي لمستشفى الملك فيصل التخصصي.. وهو اختيار للوظيفة وليس لشخص العميد المختار تحسباً لتغير العمداء وفقاً لطبيعة مدة التكليف بمسؤولية العمادة.. وبالتالي فإن التشكيل قد يتغير تبعاً لتغير المكلفين سواء بمهام المسؤول الطبي عن العيادات الملكية أو المدير الطبي لمستشفى الملك فيصل التخصصي أو لعمداء كليات الطب الثلاثة..
** لكن الأهم من ذلك هو: أن اللجنة تقوم بمهام أساسية على درجة قصوى من الأهمية بالتعاون مع من تستعين بهم، لأنها تتولى وبمسؤولية تحديد الوضع الصحي لمن يتولون القيادة وبما يؤدي إلى اتخاذ قرارات هامة حول مستقبل البلاد وانتقال السلطة إلى الأقدر والأكفأ والأصلح وهي ولا شك مسؤولية ضخمة ومفصلية.. ستقود إلى اختيار دقيق لمن يتحملون هذا العبء عندما تحين مرحلة تشكيل الهيئة وهيئتها العامة ولجنتها الطبية.