النظرة الضيقة :
عندما يمرض الشخص فإنه يذهب إلى الطبيب المختص سواء طبيب العيون أم العظام أم الباطنية ، ويشتكي له ما يشعر به من ألم ولو سأله أحد الأصدقاء عن مرضه لأجابه بكل صراحة وصدق ولا يخفي ذلك ولا يشعر بالخجل من ذكر مرضه والدواء الذي وصفه له الطبيب ومدة العلاج وغير ذلك ، ونجد أن الكثير من المصابين بأمراض جسدية يعترفون بها ولا يخجلون من ذكرها 00 بينما نجد أن المصاب بمرض نفسي لا يذكر أنه مصاب بمرض نفسي بل ويخجل من ذكر ذلك والاعتراف به ، خشية أن يطلق عليه أنه مجنون بل ولا يعترف أنه قد ذهب إلى طبيب نفسي أو أخصائي نفسي وربما يتردد في الذهاب إلى الطبيب النفسي لو قيل له إنك بحاجة إلى أن تذهب إلى الطبيب النفسي 0
فيا ترى ما هي أسباب ذلك ؟! 00وأرى أن السبب المباشر أن لا يطلق عليه أنه مجنون لأن الناس قد زرع في أذهانهم أن من ذهب إلى الطبيب النفسي أنه مجنون والمجنون غير مقبول اجتماعيا بل وحتى أهله ربما يودعوه المصحات النفسية ولا يعودون لأخذه منها مرة ثانية كما قيل لنا أثناء زيارتنا لبعض المصحات النفسية ، حينما أخبرنا الأطباء والإختصاصيون النفسيون 00وقد لمست هذا بنفسي حينما كنت أعمل أخصائيا نفسيا بمستشفى للصحة النفسية في فترة التربية الميدانية أيام تخرجي من الجامعة0ونسي الكثير من الناس أن النفس تمرض مثلما يمرض الجسد والمخ والأعصاب كذلك تمرض ، وأن هناك فرقا بين الأمراض النفسية والأمراض العقلية ، والضغوط النفسية والعوارض النفسية والمشكلات النفسية التي قد يتسبب فيها بعض المشكلات الأسرية أو العملية ولا يستطيع البعض حلها بمفرده إلا بمساعدة من أخصائي نفسي ، وربما قد تتطور هذه المشكلات والعوارض فتتسبب في حدوث بعض الأمراض النفسجسمية والتي تنتشر في الوقت الحاضر بشكل رهيب 00والبعض قد يذهب إلى بعض المشعوذين والدجالين من أجل طلب الشفاء والدواء وترك أهل الاختصاص ، إن صورة الطب النفسي بل وعلم النفس قد شوهت بشكل كبير ولا زال الكثير ينظر إلى هذا العلم من منظار ضيق ، وأسباب ذلك يعود لما يشاهده بعض الناس في بعض الأفلام والمسلسلات حينما يكون بها طبيب نفسي ويراجعه المريض أن الطبيب هو بحاجة إلى العلاج وليس المريض ، وكذلك بعض الأطباء حينما يأتي إليه مريض يقوم بصرف أدوية وهو لا يستحق دواء ولا تستدعي حالته تناول دواء وبعض هذه الأدوية قد تضر المريض أو المراجع ، كذلك هناك نقطة أخرى وهي أن الكثير من المتخرجين من الجامعات وتخصصهم في علم النفس لا يجدون عملا حكوميا أو في مؤسسات خاصة ومن هنا بدأ الكثير ينظر إلى هذا العلم أنه لا أهمية له ولا فائدة فيه 00 والحقيقة ومع التطور الحاصل وانفتاح العالم على بعضه وتداخل الثقافات والأفكار وأصبح العالم أشبه بالقرية الكل يحتاج إلى هذا العلم والكل يجب أن يعرف عنه فالمؤسسات التربوية والأمنية والاجتماعية وحتى الأندية الرياضية بحاجة إليه ، فمتى يتم ذلك ، وحل النظرة الواقعية والمنطقية محل النظرة القاصرة والضيقة ؟؟؟؟!!!!